المحتوى الرئيسى

دقيقة فقهية|الحكم الشرعى للإعتداء على الكنائس ودور العبادة أو استهدافها بالهدم والتفجير | أسايطة

04/13 16:33

الرئيسيه » حاجات تهمك » دقيقة فقهية|الحكم الشرعى للإعتداء على الكنائس ودور العبادة أو استهدافها بالهدم والتفجير

تقدم “الأسايطة”، إجابات فتاوى لقرائها الأعزاء وما يشغل بالهم في أمور الدين والدنيا، وسؤال اليوم عن الحكم الشرعي فيمن يعتدي على الكنائس ودور العبادة أو استهدافها بالهدم والتفجير؟

يجيب عن هذا السؤال الشيخ مرتجي عبد الرؤوف شعبان، واعظ أول وعضو لجنة الفتوي بمنطقة وعظ أسيوط، ويقول: يحرم شرعًا هدم الكنائس أو تفجيرها أو قتل من فيها أو ترويع أهلها، بل إن القرآن الكريم جعل تغلُّبَ المسلمين وجهادهم لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكينَ الله تعالى لهم في الأرض سببًا في حفظ دور العبادة من الهدم، وضمانًا لأمنها وسلامة أصحابها؛ فقال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.. [الحج: 40-41]، وكَتَبَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لأسْقُف بني الحارث بن كعب وأساقِفة نجران وكهنتهم ومَن تبعهم ورهبانهم أنَّ: «لهم على ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بِيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم» أخرجه ابن سعد في “الطبقات” وغيرُه.

والناظر في التاريخ يرى مصداق خبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث رحب أقباطُ مصر بالمسلمين الفاتحين وفتحوا لهم صدورهم، وعاشوا معهم في أمان وسلام؛ لتصنع مصر بذلك أعمق تجربة تاريخية ناجحة من التعايش والمشاركة في الوطن الواحد بين أصحاب الأديان المختلفة.

كما أن في هذه الأعمال وهذه التهديدات مخالفةً لما أمر به الشرع على سبيل الوجوب من المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كل الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال.

فمن الجليِّ أنها تَكرُّ على بعض هذه المقاصد الواجب صيانتها بالبطلان؛ منها مقصد حفظ الدين كما هو بيّن من الآية السابقة، ومنها حفظ النفوس؛ فالمقتول مواطن غافل لا جريرة له، وله نفس مصونة يَحرم التعدي عليها ويجب صيانتُها، وقد عظم اللهُ من شأن النفس الإنسانية؛ فقال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.. [المائدة: 32]، ومنها مقصد حفظ الأموال التي شدد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حرمتها في قوله: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟»، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا؛ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ».. رواه البخاري.

وأما قول بعض المرجفين بأن العهد الذي كان بيننا وبينهم إنما هو عهد الذمة، وقد زال هذا العهد فلا عهد لهم عندنا، فهو كلام باطل لا علاقة له بالإدراك والفقه؛ فالمواطنة مبدأ إسلامي أقرَّته الشريعة الإسلامية منذ نشأتها، وهو ما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وثيقة المدينة المنورة التي نصَّت على التعايش والمشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد دون النظر إلى الانتماء الديني أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبارات أخرى، ومن ثَمَّ فهذا العقد من العقود والعهود المشروعة التي يجب الوفاء بها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل