المحتوى الرئيسى

مصطفى أمين.. سجين الصحافة

04/13 13:46

"استعرض صُحَفنا فأجد فيها نقصًا يذهلني.. صُحَفنا لاينقصها الكتابات ولكن تنقصها الشجاعة.. أقلامنا لاتنقصها العبقرية ولكن تنقصها الحرية.. عندما تختفي الحرية يختفي معها الحماس في الخلق والابتكار والتجديد.. تُصبح الصحف صورًا متشابهة بأسماء مختلفة.. يتحول الكُتاب إلى حملة قماقم في جنازة الحرية"... تلك الكلمات التي تركها الصحفي مصطفى أمين، ظلت عالقة بأذهان كل صحفي وكاتب، وجعلتهم دومًا يتقون للبحث عن الحرية وأن يكون القلم سلاحهم.

ولم تكن تلك الكلمات إرثًا لكل صحفي فحسب، بل كتباها مصطفى أمين لتكون فرسه الذي يرمح به في ميدان الصحافة، ويقول بها كلمة حق، واليوم ونحن نحتفل بذكرى وفاته 41، علينا أن نعمل بوصيته ونردد دائمًا كلماته: "الصحافة الحرة تقول للحاكم ما يريده الشعب، وليس أن تقول للشعب ما يريده الحاكم". 

هذه الكلمات لم تأتي من فراغ، بل من شغفه وولعه بالصحافة، ولعل رجع هذا لتنشئته السياسية حيث ترعرع في "بيت الأمة" وهو منزل خاله الزعيم الوطني سعد زغلول. 

وعمره لم يتعد 16 عامًا، التحق مصطفى أمين، بالعمل الصحفي وليخطو بقلمه على الورق عام 1930 بمجلة روز اليوسف، لتفرض موهبته وجرئته نفسها ويعين نائبًا لرئيس تحريرها وهو ما زال طالبًا في المرحلة الثانوية.

لكن اضطرته دراسته الجامعية لترك العمل الصحفي، ليسافر مصطفى أمين إلى أمريكا يلتحق بجامعة جورج تاون، وحصل على ماجستير العلوم السياسية مع مرتبة الشرف الأولى عام 1938، ثم عاد إلى مصر وعمل مدرسًا للصحافة بالجامعة الأمريكية، وأصدر عددًا من المجلات والصحف منها "مجلة الربيع " و"صدى الشرق" وغيرها. 

ولأنه صاحب كلمة حق ولا يخشى لومة لائم، أصدرت الحكومة قرارها بوقف الصحف والمجلات التي يصدرها، بسبب نقده لسياستهم.

“لست أضيق بالحياة حتى وأنا في زنزانتي، ولست أملّها فأنا أعلم أنها تحبني وأنا كذلك أحبها، أعطتني وأخذت، ولكن أعطتني أضعاف أضعاف ما أخذت، وضعت في بنك الحياة جهدي وعرقي وفكري ودمي،  فأعطاني البنك أكثر مما تمنيت، لذا فأنا لا أسخط على الدنيا، فأنا هو الدنيا فكيف أسخط على نفسي"..

كان مصطفى أمين سجين لحب الصحافة، فتعرض  للاعتقال في 23 يوليو عام 1952 في أعقاب الثورة، لكن السلطة لم توجه له أي اتهام وخرج يمارس العمل الصحفي فى أخبار اليوم،   لكنها لم تكن المرة الأولي ففي عام 1939 حكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ بتهمة العيب في ذات "الأمير محمد علي" ولي العهد وقد ألغي الحكم عام 1942 في عهد وزارة مصطفى النحاس باشا.

وعام 1965 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التجسس لحساب الولايات المتحدة الأمريكية وأفرج عنه عام 1973، وعاد إلى الكتابة فى صحيفة "الأخبار" يكتب عمود "فكرة" التي كان يكتبها شقيقه على أمين، توأمه ورفيق دربه في مهنة البحث عن المتاعب.

و تعود القضية التى اتهم فيها مصطفى أمين بأنه كان مكلفًا من جمال عبد الناصر باستمرار الإتصال بالولايات المتحدة، وكانت القيادة تمده بما ينبغى أن يقوله لمندوبي أمريكا، وأن ينقل إلى "جمال عبد الناصر" ما يقوله الأمريكيون، وعندما ساءت العلاقات بين مصطفى أمين وعبد الناصر وغيره من القيادات قبضوا عليه وحاكموه بالمعلومات التي كانوا قد أعطوها له سلفًا ليسلمها إلى المندوبين الأمريكيين، وصدر عليه الحكم بالسجن 9 سنوات قضاها مصطفى أمين فى السجن وقضاها على أمين خارج مصر.

جمعت صداقة قوية بين كل من مصطفى أمين والفنان عبد الحليم حافظ، كان حليم ينظر له نظرة الأب والأستاذ، ويستشيره في كل شيء سواء في أغانيه أو في حياته الشخصية، و أثناء فترة اعتقاله فكان  العندليب يؤكد دائماً على براءته، وبذل الكثير من الجهد من أجل الحصول على تصريح لزياراته في السجن.

علاقة غامضة جمعت الراحل مصطفى أمين، وكوكب الشرق "أم كلثوم"، فكان من أقرب الصحفيين إليها، وكان يسبق الجميع بأخبارها، ولذلك تردد الكثير من الشائعات حول زواجهما. 

وقالت المؤرخة الموسيقية رتيبة الحفني، إن "أم كلثوم" تزوجت من مؤسس صحيفة "أخبار اليوم"، وأمضت معه 11 عامًا، وكان عقد زواجها في يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

خرجت فكرة الاحتفال بعيد الأم، من مكتب مصطفى أمين، وذلك عندما زارته أحدى الأمهات لمكتب مصطفى أمين، وقصت عليه حكايتها بأنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تمامًا.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل