المحتوى الرئيسى

الخريطة الكاملة لفلول داعش فى مصر

04/13 11:36

-غالبية العناصر الإرهابية تكمن فى الدروب الجبلية والصحراوية بسيناء وبعض قرى العريش والشيخ زويد ورفح وعلى رأسها الحمراوى والجورة والنصرانية والمهدية وأبو طبل والطويلة والزهور

-عشماوى وفرقته بقيادة نصر وعبد الحميد «مرابطون» على الحدود مع ليبيا.. والأمن يطارد فلول إرهابيى جبل الحلال فى صحراء العياط

-ضربات القوات المسلحة والأمن قضت على نصف حجم التنظيم.. وعدد المنتمين له هبط إلى ما بين 3 آلاف و1500 عنصر فقط

-قائد التنظيم العراقى يواصل الاختفاء.. وفرق «المتعاطفين» من الصبية والمراهقين تتضاعف وكلمة السر «الرشاوى المالية» و«الثأر»

-الجيش قضى على الكثير من العناصر القتالية المدربة فى التنظيم.. وخبرة الإرهابيين فى استهداف الأكمنة «مستوردة»

كشف النعى الذى أعلنه تنظيم الدولة الإسلامية، وتحديدًا فرعه الأكثر نشاطًا بمصر «ولاية سيناء»، فى أعقاب مقتل أحد مؤسسيه، ويدعى سالم سلمى الحمادين الملقب بـ«أبو أنس الأنصارى»، على يد قوات الجيش منتصف الشهر الماضى، ربما ولأول مرة، عن طبيعة ما تبقى من المقاتلين المتطرفين المنضوين تحت لواء الكيان الإرهابى المسلح.

لعل أبرزها أن التنظيم الذى تأسس تحت اسم «أنصار بيت المقدس»، قبل أن يبايع قبل أكثر من عامين، يملك تصنيفات بعينها لمختلف كوادره، وأنه يمتن للصفوة منها، ومن ثم ضمن إعلان خسارته للأنصارى، بنشره صورته، فضلًا عن نسج سيرة ذاتية للرجل، تمنحه قداسة كبيرة، ربما قصد منها رفع الروح المعنوية فى صفوف القواعد، بعد سلسلة من الهزائم الفادحة التى كان تلقوها على مدار الشهور الماضية على يد القوات المسلحة.

رسم التنظيم الأنصارى هذا، كأب للمقاتلين، حيث صاروا يتامى من بعده، حسب تعبير مجلة النبأ الإلكترونية الناطقة باسم داعش، فيما وُصف كذلك بأنه كان أقرب لمسؤول شؤون الأفراد بولاية سيناء، ناهيك بتولى مهام الشؤون الاجتماعية من إعاشات وزيجات لهم، إلى جانب مهامه الشرعية والدينية كإمامة الصلاة أو الأذان لها، وكذا اضطلاعه بمهام قتالية كرصد حركة طيران الجيش فوق سيناء، وهى المهمة التى لقى على أثرها حتفه فى قصف جوى استهدفه ونحو 16 آخرين.

عبر السيرة الذاتية التى كشفها الدواعش ونشرتها نوافذهم الإعلامية على نطاق واسع، يتضح كذلك أن هناك مجتمعا خاصا لأمراء وقيادات التنظيم، وهو ما انعكس فى التأكيد على أن كبارهم كانوا حريصين على حياة الأنصارى بشدة، ومن ثم كثيرا ما أثنوه عن تقدم الصفوف فى العمليات، ناهيك بإشارة توزيع مهامه على عدد غير قليل منهم بعد رحيله، بما يدلل على أهميته وثقله التنفيذى قبل اغتياله.

دلالة أخرى عكستها السيرة الذاتية المتداولة داعشيا للأنصارى، وهى أنه وغالبية المقاتلين والقادة، ينحدرون فى الأغلب من تنظيم التوحيد والجهاد صاحب البصمة الدموية الشهيرة فى تفجيرى طابا وشرم الشيخ عامى 2004 و2006، قبل أن يلتحقوا بأنصار بيت المقدس عقب 25 يناير 2011، ناهيك بكونهم نزلاء سابقين بالسجون، على خلفية انتماءاتهم الفكرية التكفيرية المتشددة، بينما قيادى التنظيم المقتول كان من المحظوظين الذين عفا عنهم الرئيس الإخوانى الأسبق، محمد مرسى، ضمن زمرة المنتمين للتيارات الدينية التى أفرج عنها إبان حكم جماعته.

من العلامات الجديرة بالتوقف عندها كذلك، أن أمراء التنظيم من ذوى الخبرات العسكرية، وخصوصا أولئك المنتمين لجنسيات أجنبية، كالغزاويين، وهم على الأرجح، كوادر سابقة بكتائب عز الدين القسام الحمساوية، انشقت وارتبطت بفكر السلفية الجهادية، قبل أن تعبر إلى مصر للانضمام إلى ولاية سيناء، أو كمحطة ترانزيت استعدادًا للانتقال إلى ليبيا.

على هذا ىالنحو، يبدو استهداف الأكمنة الثابتة أو المتحركة للعناصر الأمنية والعسكرية، فعلًا استراتيجيا مألوفًا لبيت المقدس/ ولاية سيناء، على أساس انتقال تلك الخبرة إلى التنظيم من قبل الغزاويين أو العراقيين، ممن يقاتلون فى صفوفه، ولديهم سابق خبرة بمثل تلك الضربات فى بلادهم الأم.

ولا شك أن تغيير الخطة الأمنية والعسكرية المصرية فى مواجهة الإرهاب بسيناء، بعد العملية الفاشلة لإعلان دولة داعشية فى الشيخ زويد فى الأول من يوليو 2015، بحيث اعتمدت عمليات حق الشهيد التى قادها الجيش فى ما بعد على الضرب النوعى المبنى على المعلومات ويستهدف مراكز أعصاب الكيانات المتشددة بأوكارهم ومخازن أسلحتهم وملاذاتهم الآمنة، قد ساهم فى القضاء على المئات من العناصر الأجنبية المقاتلة على أرض الفيروز، لتصبح الغلبة داخل التنظيم للمصريين من السيناوية.

بيد أن العدد المرجح لمختلف عناصره، وبعد الأخذ فى الاعتبار نجاح الجيش والشرطة وحسب بياناتهما فى تصفية ما يقرب من 1700 منهم على مدار عامى 2015 و2016، وإذا ما سلمنا وفق الإحصاءات العالمية بقدرات وكفاءة الكيانات الأمنية، فإن هذا الرقم قد يمثل ما بين 30 إلى 50% من حجم الدواعش كلهم، أى إن ما تبقى من فلولهم ربما يتراوح ما بين 1500 إلى 3 آلاف عنصر على أقصى تقدير..

مع ملاحظة، أن فئات المتعاونين، قد تضاعف دورها فى التنظيم، بينما الشريحة الأكبر فيها من الصبية والمراهقين ممن ينخرطون فى جمع المعلومات لحساب عناصر ولاية سيناء أو حتى اختصاصهم بمد الدواعش بالدعم اللوجيستى من أغذية ووسائل حياتية فى مخابئهم.

الباحث أحمد كامل البحيرى، الخبير بالجماعات الدينية المسلحة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية، يجزم بأن توسيع قاعدة المتعاونين فى بيت المقدس/ ولاية سيناء، إنما يعود للنقص الحاد فى عدد العناصر المدربة عسكريا على أثر استهدافهم الناجح من الجيش، ناهيك بأن انضمام صغار السن لكتائب مساعدة الدواعش، إنما يتم كذلك تعويضًا عن خسارة كثيرين منهم لمصادر كسب الأموال الطائلة التى كانوا يتحصلون عليها من تجارة الأنفاق مع قطاع غزة، وذلك بعد شروع مصر الجاد فى هدمها على مدار السنوات الثلاث الماضية، أى إنهم ينخرطون فى دائرة الدم برشاوى مالية واضحة.

إضافة إلى تقدم بعضهم للعمل بجانب داعش ولحسابه ثأرًا لمقتل أحد أفراد أسرته ممن كان يعمل تحت لواء التنظيم، وفق بحيرى أيضًا.

ولا يزال العشرات من فلول داعش نشطين فى سيناء، وهؤلاء كامنون على الأرجح فى مناطق كانت قبل عامين خاضعة لتأثير ونفوذ التنظيم، حسب رصد بحيرى لمناطق العمليات الإرهابية الأكثر تكرارًا أو لتلك التى استهدفت فيها قوات الجيش عناصر متشددة، وتحديدًا فى الشيخ زويد ورفح والعريش، مثل قرى ومناطق الحمراوى، والحمدين، والجورة، والخوربة، والنصرانية، والمقاطعة، والمهدية، والبرص، ونجع شيبانة، وأبو طبل، والعقدة، والطويلة، والزهور، والعبور. إضافة إلى الفارين من جبل الحلال بعد مداهمته بعملية تمشيطية وعمليات تطهيره الناجحة من قبل الجيش إلى تخوم المدن، أو إلى الصحارى، كما جرى مع العناصر المطاردة حاليا فى محيط صحراء ودروب العياط.

هناك عناصر داعشية أخرى كانت بدرنة الليبية على الحدود المصرية الغربية، ولا تزال تكمن فى الدروب الصحراوية، على أثر فرارها من ضربات طيران قوى غربية عدة فضلًا عن الجيش الوطنى وطردها من هناك، وهى تمثل خطرًا قابعا لا شك على بوابة مترامية الأطراف لبلاد النيل.

من هؤلاء هشام عشماوى، أبو مهند، وهو ضابط صاعقة مصرى مفصول، وكان القائد الميدانى المؤثر فى أنصار بيت المقدس، قبل أن يعلن انشقاقه عنه بعد البيعة لداعش فى نوفمبر 2014، ومن ثم كون تنظيم «المرابطون»، والذى انضم إليه عدد من أهم العناصر الإرهابية، التى كانت خرجت بدورها من عباءة الكيان السيناوى رغبة فى الحفاظ على بيعة القاعدة وأيمن الظواهرى وعدم الانصياع لخلافة أبو بكر البغدادى المزعومة.

من بين تلك العناصر المصاحبة لعشماوى، يأتى عماد عبد الحميد وهو ضابط مفصول أيضًا ويعرف حركيا باسم رمزى، ومحمد نصر، الزعيم السابق لكتائب الفرقان التى استهدفت المجرى الملاحى لقناة السويس وسفنه العابرة بالآر بى جى غير مرة، إضافة إلى أسماء من شاكلة محمد السنقر وأحمد سيد بركات وشريف عبد السميع ورائض عويض وأحمد سالم سليمان، وجميعهم على قوائم الرصد والمطاردة الأمنية المصرية، رغم نقلهم النشاط الدموى إلى ليبيا.

وكان التنظيم الإرهابى بسيناء قد فقد العديد من عناصره المؤثرين خلال السنتين الماضيتين جراء الضربات الناجحة للجيش، لعل أبرزهم وغالبيتهم من السيناوية، توفيق فريج زيادة، وكمال علام، والمتحدث السابق باسم التنظيم أبو أسامة المصرى، وراشد محمد أبو القاسم، علاوة على أحمد محمد زايد الجهينى (أبو سليمان)، والأخير هذا ترجح بعض المصادر أنه هو أبو أنس الأنصارى، وليس المدعو سالم سلمى الحمادين.

على الضفة الأخرى خارج سيناء، تحولت عناصر إخوانية شابة عدة، وخصوصا تلك العابرة من بوابة جناح قيادى التنظيم المقتول محمد كمال، ممن التحقوا بخلايا العنف النشطة، كحسم ولواء الثورة واللجان النوعية وغيرها، إلى حاضنة للمتسربين من التنظيمات الداعشية والقاعدية والسلفية الجهادية وحازمون، ناهيك بالمقاتلين المحليين العائدين من مناطق وبؤر الصراع بسوريا وليبيا والعراق وغيرها.

إذ تلاشت الفوارق الفكرية والسياسية والاستراتيجية بين التنظيمات الإرهابية، كما أن الضربات الموجعة من قبل الجيش لولاية سيناء، الفرع الداعشى المصرى الأشرس، دفع بكوادر عدة منها إلى عبور قناة السويس صوب العاصمة والدلتا وعدد من محافظات الصعيد، لتدخل فى معية جماعات هجين تتعاون فيها كوادر البغدادى مع لجان الإخوان النوعية مع حازمون والسلفية الجهادية وما تبقى من كوادر القاعدة وغيرها، بينما شعار الجميع: كلنا معًا لضرب نظام الحكم بسلاح الترويع والعنف والإرهاب والطائفية والمساومات السياسية والتكلفة الاقتصادية الباهظة.

ويبقى أن رأس التنظيم الداعشى السيناوى أبو هاجر الهاشمى لا يزال طليقًا وإن كان مختفيًا.. ناهيك بكونه غير معروف أو محدد الهوية حتى الآن.

المفاجأة الأكبر أن أبو هاجر المجهول هذا، على الأرجح غير مصرى.. كنيته تشير إلى ذلك: «الهاشمى».

التسريبات الصحفية التابعة لتنظيم داعش، كإصدار النبأ الإلكترونى، تجزم بالفرضية السابقة، مدعية أن أبو هاجر عراقى الجنسية، حيث كان ضابطًا سابقًا فى جيش صدام حسين، قبل أن توكل إليه مهمة قيادة الجناح الداعشى المصرى، عقب مقتل أبو دعاء الأنصارى، الذى يرجح أنه هو ذاته محمد فريج زيادة.

فرضية مثيرة للانتباه والاستغراب، لكنها ربما تستند إلى أصل، إذ إن الخبرة بعجلة العنف التى تدور فى سيناء بعد 25 يناير 2011 بصفة عامة، ومنذ إزاحة حكم الإخوان فى 30 يونيو/ 3 يوليو 2013 بصفة خاصة، تؤشر بوضوح إلى وجود مقاتلين أجانب فى سيناء على طول الخط من جنسيات عدة منها العراقية والفلسطينية والجزائرية والشيشانية والأفغانية والألمانية وغيرها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل