المحتوى الرئيسى

لطفي بوشناق: نحن عالة على العالم.. وأحارب بصوتي (حوار)

04/12 21:38

حقق الفنان التونسى الكبير لطفى بوشناق، العديد من النجاحات على مدار تاريخه الفنى، وامتلأت مسيرته بالمواقف المشرفة على جميع الأصعدة، فهو صاحب فن أصيل وعازف عود أطربت ألحانه جميع العرب من المحيط إلى الخليج، كما أنه صاحب الأغنية المميزة التى تغنت بها شعوب العالم العربى بأكمله، «أنا المواطن». وبرغم أن فن بوشناق لم يقف عند حدود الجغرافيا ولم تمنعه حدود وطنه من الوصول إلى مختلف بقاع الأرض فإنه ظل مخلصا لفنه لم يلتفت إلى جمع المال، وفى حواره لـ«الدستور» كشف لنا عن فلسفته وأفكاره، وبعض أسرار حياته الشخصية والمهنية، فإلى نص الحوار:

■ لماذا يهتم لطفى بوشناق بالسياسة برغم ابتعاد معظم الفنانين عنها؟

- لا أعتبر غنائى سياسة، وإنما قضية، نحارب لها، ونحمل بها أوجاع الأوطان، نحن صوت الشعب، والفن صوت الحرية، والتطورات والأوضاع التى نعيشها تجبر المثقفين عموما على الاهتمام بالأوضاع المحيطة، وأنا أثير بغنائى القضايا التى تهم الوطن والمواطن، أحارب بصوتى، وهذه هى رسالة الفنان أن يحمل هموم زمانه، ويحارب لأجل قضيته.

■ لكن كثير من الفنانين لا يشاركونك الرأى، ويركزون فى أنواع أخرى من الغناء.. كيف ترى ذلك؟

- فى رأيى، يجب أن يتحمل الفنان مسئوليته بكل أمانة، فالفنان العربى الذى يتخطى عمره الخمسين، ولا يتغنى إلا بالحب، ويركب السيارات الفارهة، ويستمتع بالنساء، أتمنى أن يذهب «فى ستين داهية»، مش كل شىء الحب، عندنا قضايا أكثر أهمية، والله أنا أستحى أن أنظر فى عين الناس لو عملت فيديو كليب عاطفى فى سنى هذه، ومعى فتاة داخل سيارة فارهة، لا.. النخوة العربية تجبرنى على الالتزام الأخلاقى، مهما اختلف معى الآخرون، فأنا مثل «جذع» شجرة، أصل ثابت وواقف فى الأرض، مهما حدث.

■ لكنك بهذه الفلسفة قد تتورط فى دعم أفكار أو تيارات معينة.. ما رأيك؟

- لا.. أنا لا أنتمى إلى حزب أو تيار بعينه، فقط أحب أن أشتغل بكلام هادف، يوما ما.. سألنى ابنى عن معنى السياسة؟ قلت له: السياسة هى الحرية، هى الوطن، هى ما يحفز على الجهد والعمل وفتح أبواب الحوار بين المواطنين والرؤساء، السياسة نظام، وحرب ضد المفاسد، لا تمسك بالكراسى والمناصب، السياسة دفاع عن الأمة وقضاياها والمواطن وهمومه، هذه هى السياسة من وجهة نظرى، بعيدا عن الأحزاب والتيارات.

■ فى أغنيتك «أنا المواطن».. من كنت تقصد بالمواطن؟

- كنت أقصد كل من يهمه الأمر، كل من يرى نفسه معنيا بالأغنية، عندما يباع كل شىء، ونخسر كل شىء، لا يبقى أغلى من الوطن، فليأخذوا المناصب والمكاسب والأموال، فكل شىء زائف إلا التاريخ والأرض والوطن.

هنا فى مصر مثلا.. يأتيكم مستثمرون أجانب يريدون شراء شرم الشيخ لأهداف معروفة، وكأن أرض الوطن تباع وتشترى، أنتم ترفضون بيعها، فنحن غلابة وطيبون، لكن ما عندنا غير الأرض والتاريخ والوطن، فلا نفرط فيها.

■ بمناسبة ذكر شرم الشيخ، كنت هناك مؤخرا على هامش أحد المهرجانات، حدثنا عن هذه الزيارة.

- فى الحقيقة كانت زيارتى الأولى لشرم الشيخ، وفوجئت بجمال المدينة وروعتها، وعموما أنا أحضر كل الفعاليات الفنية والثقافية التى تسهم فى دعم هويتنا العربية، إضافة إلى أن هذه الزيارة كان هدفها دعم السياحة فى مصر، وبصفة شخصية، أنا أرى أن مساندة مصر فى ظروفها الحالية واجب على كل فنان عربى.

ويجب أن يعرف الجميع أن دول العالم العظمى تستمد قوتها من الثقافة والعلم، وسبب ظهور الإرهاب فى الوطن العربى هو ضعف الثقافة وعدم الاهتمام بها، وهو ما يتسبب فى استقطاب الشباب للتنظيمات الإرهابية.

■ من المسئول من وجهة نظرك عن تردى الوضع الفنى والثقافى؟

- كلنا مسئولون، أنا وأنت، فإذا أردنا الحياة الكريمة فيجب أن ندفع الثمن، وننمى من ثقافتنا لنتطور، فرنسا احتاجت 60 سنة بعد ثورتها لتصبح ما عليه من علم وتقدم، أخلاقنا وقيمنا تحتاج إلى بذل جهد لتنميتها، فى اليابان لا يتعلم التلميذ الصغير فى المدرسة ألف باء، بل يتعلم معنى الوطن وأخلاق السير فى الطريق واحترام المرور والشارع ورمى القمامة فى أماكنها، يتعلمون احترام المعلم والأم والأب والبلد.

■ ما الذى يمنع الدول العربية من الاهتمام بالثقافة ودعمها بالشكل الكافى؟

- للأسف، أصبحنا عالة على العالم بسبب قلة الإنتاج فى العموم، وضعف موقفنا فى العالم سببه ضعف الثقافة، فنحن لا نبدع فى أى مجال، حتى أبسط أدواتنا الشخصية والبسيطة أصبحنا نستوردها من الخارج، وهنا يجب أن أقول إن على مصر بالتحديد أن تبذل دورا أكبر من الباقى، للخروج من هذه الحالة.

■ لماذا يقع عبء النهضة الثقافية على مصر بالتحديد؟

- مصر هى منبع الغناء العربى الصحيح وصاحبة الطفرة فى تطور الموسيقى، ومركزنا الثقافى، ويجب علينا كفنانين ومبدعين عرب أن نستغل ذلك، ونتواصل مع العالم من خلال نشر ثقافتنا المتنوعة فى جميع المجالات، فأنا سافرت إلى أغلب دول العالم، وقمت بالغناء فى اليابان 5 مرات وفى الصين 14 مرة وفى ماليزيا وإندونيسيا وأمريكا وأوروبا، ولكن تبقى مصر هى مصر.

■ بمناسبة زياراتك لدول العالم.. كيف تتجاوب الشعوب غير العربية مع أغنياتك؟

- «بعد ضحكة قصيرة».. توجهت ذات مرة لليابان لإقامة حفل هناك، واتفقت مع الفرقة وقلت لهم «بلاش نعمل حاجات فيها سيكا وربع تون القريب من الشرقى عموما، عشان نقرب من أذهانهم، لأن إيقاعاتنا الشرقية صعبة عليهم وتقيلة»، وعندما جلست مع المخرج ومهندسى الإضاءة والصوت، لمدة ساعتين للاستقرار على الأغانى وتوظيف أدوات العمل، بدأت الغناء بأربعة أشياء مودرن جديدة.

كانت المفاجأة قبل بدء الحفل فى طوكيو أن التلاميذ الصغار سألونا عن الإيقاعات الشرقية «المحجر والسماعى والموشح والمونولوج»، وفوجئت بأن كلهم مهتمون بالموسيقى العربية ويعرفونها جيدا، نظرت إلى الفرقة، وقلت لهم «اقلبوا البرنامج كله من مودرن لشرقى»، فهناك شعوب مثقفة، «بيعرفوا إزاى يسمعوا».

■ إذا كانوا فى اليابان يهتمون بالموسيقى الشرقية الأصيلة فلم تغيب الأغانى الطربية عن ساحتنا الفنية؟

- الإعلاميون يتحملون المسئولية، فلابد أن يكافحوا من أجل الموسيقى الأصيلة، فالمستوى متدن حاليا، وشركات الإنتاج تتجه لجنى المال، والربح الأسرع والأقوى، السوق الآن تمتلئ بالفنون الزائلة، وليست الباقية والراسخة، مع احترامى طبعا للذين يستحقون الاحترام، الإعلام هنا ذو مسئولية كبيرة، وخطيرة، وعليه أن يواجه التوجه الخطأ.

■ وماذا عن مكانتك أنت على الساحة الفنية كمدافع عن الفن الأصيل؟

- أنا لا أبحث عن موقع على الساحة الفنية بقدر ما أبحث عن موقف يذكره التاريخ، لا أحب أن أكون ظاهرا ونجما على حساب نفسى ومبادئى ومواقفى، وأتجاهل ما يحدث من حولى، المهم ضميرى، وما يهمنى من إيصاله للناس.

■ وماذا عن أعمالك الجديدة؟

- انتهيت من عمل أغنيتين «القبر الأبيض المتوسط»، و«المسلمين والأقباط»، ولكن للأسف، لم تخرجا للنور حتى الآن، ولا أعرف السبب، وأناشد المنتجين أن يظهروا الأغانى، فأنا والله منتظر الإذاعة أكثر منكم، حتى ولو لمرة واحدة.

■ سمعنا أنك تخطط لأعمال مسرحية فى الفترة القادمة، فهل هذا حقيقى؟

- «متنهدًا» ياريت.. أنا كل يوم أسأل «فين المسرح»؟! قدمت عملا من مدة على مسرح الشارقة وكان روعة، ودائما أسأل عن مهرجان المسرح الغنائى، فمن مسئولية الفنان أن يكون واعيًا لفنه، وأن يقدم أعمالًا تليق بالمسرح.

ماذا عن الأزمة مع تامر حسنى بعد تقديمه أغنية لك مع إضافات له؟

- تامر ابنى وأخى الصغير، هو أحب الأغنية، وارتاح إليها، وهو حر فى التصرف بها، الله يوفقه، لا أحب أن أدخل معه فى قضايا، فأنا لا أنحاز لكلام الإعلام، ولن أقاضيه، المهم أنه نجح، وأنا أتمنى له كل الخير، فأنا لا أحمل أى ضغائن لأى شخص داخل الوسط، بالعكس أتمنى الخير للكل.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل