السحابة السوداء تطبع كل صحف مصر | المصري اليوم

نعم.. السحابة السوداء هى التى ستطبع كل الصحف المصرية وكذا المجلات!!.

موضوع غريب.. ولكنه قديم جداً.. تاريخه طويل.

عندما غزا نابليون بونابرت مصر فى أوائل القرن الماضى حمل معه مطبعة.. لأنه كعادة فرنسا الاستعمارية تريد أن تحتل الأرض والشعب معاً.. تحتل الأرض بالقوات المسلحة والشعب باحتلال العقل.. البندقية مع الثقافة الفرنسية.. لذلك امتلأت السوق بالصحف الفرنسية!!، ومنذ متى؟؟ منذ 1826 حينما صدرت أول جريدة فرنسية اسمها «لوفيجارو» وكلمة لوفيجارو معناها «الحلاق»!! ثم توالى صدور الصحف الفرنسية مثل «ليموند» المسائية!! ثم «البروجريه».. ثم جاء ادجار جلاد باشا ليصدر «الجورنال ليجيبت» - بمعنى جريدة مصر؟!.. وحدث الغزو الثقافى الفرنسى.. هنا تحركت السفارة البريطانية وبدأت تحتضن إعلام الصحافة فى ذلك الوقت.. يعقوب صروف وفارس نمر باشا وشاهين ماكريوس.. وهنا صدرت جريدة «المقطم» العربية وأيضاً بالإنجليزية عام 1889.. ثم صدرت جريدة «الجازيت» الإنجليزية.. فصدرت أمامها جريدة «البورص» المسائية الفرنسية!!.

كانت حرباً «ثقافية» بين فرنسا وإنجلترا.. وصدرت «الأهرام» وسط هذه «الهوجة» الإعلامية فى ديسمبر 1875.

كانت كل هذه الصحف تستخدم فى البداية مطبعة نابليون فى ميدان المنشية بالإسكندرية.. وانتقلت معظم الصحف إلى القاهرة.. وانتقلت «الأهرام» إلى شارع مظلوم وسط القاهرة.. وتطورت الطباعة واحتاجت الصحف إلى «بوبين الورق الفخم المستدير» بعد أن اشترت الدور الصحفية المطابع الحديثة بدلاً من «مطبعة رمى الفرخ».. كانت الصحف تطبع على ورق ماركة «الفرخ» ورقة ورقة يتم رميها على المطبعة «وش وضهر» ثم يتم تدبيس كل عدد.. حكاية بدائية للغاية.

لم تكن مصر تملك هذا النوع من «الورق البوبين الضخم» فبدأ الاستيراد.. وبعد فترة قصيرة قامت الحرب العالمية الثانية فى سبتمبر 1939 فى أوروبا وأصبح الاستيراد مشكلة خلال الحرب!! الطائرات الحربية تحلق فوق البحر الأبيض المتوسط وكان من المستحيل النقل بالطائرات العادية لثقل وزن البوبين.. ثقل غير عادى.. وعندما شح الورق تماماً بدأت وزارة أحمد باشا ماهر تتدخل فى الموضوع.. فقد كانت كل الصحف بلا استثناء مهددة بالتوقف.. الأسعار فى أوروبا ارتفعت ارتفاعاً رهيباً ثم مصاعب النقل.. قررت الوزارة أن تقوم بالاستيراد بأسعار أقل.. والنقل على بواخر أحمد عبود شبه مجانية بلا أى جمارك ولا رسوم.. وتم تخزين المستورد فى مخازن البنك الأهلى وتحديد حصة لكل دار صحفية، حسب التوزيع الفعلى. وعادت المطابع للدوران.

لا أدرى إذا كان هذا النظام سائراً حتى الآن أم لا..

ولكن على وجه اليقين كان هذا النظام سائراً حتى عام 1974 حينما أصدرت مجلة «الأهلى» الرياضية.. وكان كمال أبوالمجد وزيراً للإعلام، وهو صديق العمر.. تتلمذنا دراسة ومذاكرة طوال سنوات العباسية الابتدائية ثم فؤاد الأول الثانوية، ثم كلية الحقوق جامعة فؤاد الأولى حتى عام 1950 وكان أبوالمجد أول الدفعة - قلت له: أنا فى عرضك الورق فى السوق نار.. فأحالنى لرئيس لجنة البت المرحوم حسين عنان ابن، العباسية أيضاً، ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الذى اتفق مع عبدالحميد حمروش، العضو المنتدب لدار التحرير، أن نطبع بورق الحكومة على أن يقوم حسين عنان بتعويضه كل أسبوع!!.

الجديد هذا الأسبوع.. قررت أكبر شركة لصناعة جميع أنواع الورق ولب الورق - قررت بناء مصنع فى رشيد محافظة البحيرة، فقد قامت المحافظ السيدة الرائعة المهندسة نادية عبده بإتاحة أكبر مساحة أرض تطلبها الشركة والمصنع وقامت بكل متطلبات البنية التحتية من كهرباء ومياه ومصارف.. وبعد أن كانت الشركة تطلب 18 شهراً للإنتاج.. قررت خفضها إلى 10 شهور فقط.. وصرحت السيدة المحافظ الرائعة بأن هذا تطور جديد كبير فى التنمية من أجل رفع المستوى الاجتماعى لأهالى المحافظة.. فضلاً عن توفير فرص عمل بلا حدود لكل التخصصات.. سيحدث المشروع رواجاً فى أعمال أخرى جانبية مطلوبة للمصنع، أهمها جمع قش الأرز وكل مخلفات الزراعة.