المحتوى الرئيسى

مسيرة العلم

04/11 21:37

نشرت مجلة The Chronicle Of Higher Education مقالا لـ«شيرى جابوتو» ــ الأستاذة بكلية الطب بجامعة ماساتشوستس الأمريكية والمتخصصة بالعلوم السلوكية ــ حول مسيرة للعلماء ستنطلق فى الولايات المتحدة خلال شهر أبريل الحالى وتحديدا يوم 22 والتى تعرف بـMarch For Science، ويتطرق المقال إلى أهمية مثل هذه المسيرات وما تضيفه إلى المجتمعات وليس فقط إلى الأوساط العلمية والقائمين عليها.

تستهل الكاتبة المقال بالإشارة إلى تمكن عدد من العلماء من استقطاب أكثر من 1.3 مليون مؤيد لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى من أجل تنظيم مسيرة احتجاجية ضد سياسة ترامب تجاه التغيرات المناخية. ومع الأعداد المتزايدة بشكل سريع خاصة من الأشخاص الذين يولون اهتماما لقضايا البيئة والمناخ، تم تحديد يوم الأرض، الموافق 22 إبريل المقبل، لانطلاق مسيرة العلماء فى واشنطن.

فعقب المسيرات النسوية التى انتظمت فى جميع أنحاء العالم بعد يومين من تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ها هى الحشود بدأت الآن بالانضمام إلى «مسيرة العلم»، التى لن تكون مقتصرة على العلماء فقط وإنما مفتوحة لكل شخص يُقدّر العلوم التجريبية. ويقول المشرفون على تنظيم المسيرة إن هذه الاحتجاجات تأتى ردا على موقف إدارة ترامب من تغير المناخ، وسياسة الطاقة التى تركز فى المقام الأول على الوقود الأحفورى، وتوجه الحكومة نحو إيقاف المنظمات الوطنية التى تهتم بالتغيرات المناخية وآثارها.

تضيف «جابوتو» بأن هذا التجمع سيكون تجربة غير مسبوقة من العلماء بمختلف التخصصات بالعاصمة الأمريكية «واشنطن» والذين يسعون من خلال دراساتهم وأعمالهم لتحقيق نهضة المجتمعات. فهذا التجمع سيتيح للعلماء الفرصة لتعزيز جهودهم وتشارك أفكارهم وملاحظاتهم واكتشافاتهم خارج معاملهم. بل سيمكنهم من التواصل مع أفراد المجتمع بدلا من ترك المجال لأصحاب الأجندات من غير العلماء الذى يضللون المجتمع. فهذا التجمع يأتى كخطوة عالمية للتأكيد على الدور الحيوى للعلم وأهميته فى كل شىء يخص المجتمع؛ وسلامته، وصحته، واقتصاده وحكومته.. إلخ.

من جهة أخرى يشير مركز أبحاث «بيو» خلال تقرير قام بإعداده حول الوسائل التى يستخدمها العلماء لنشر نتائج دراساتهم والحديث حول تجاربهم العلمية إلى أن ما يقرب من 51% من العلماء قاموا بالحديث عن عملهم إلى وسائل الإعلام، فى حين استخدم 47% وسائل التواصل الاجتماعى للحديث عن العلم، و24% قد قاموا بالتدوين من أجل نشر ما توصلت إليه أبحاثهم. وبالتأكيد أهمية التجمع تتمثل فى الحماس الذى يشعر به العلماء تجاه التعامل مع الجمهور فهم يرغبون دوما بالتواصل معهم حول ما يتوصلون إليه بل ويدركون جيدا أهمية هذا التواصل بشأن تلك الدراسات والقضايا. من هنا فإن هذا التجمع سيكون فرصة لا يمكن تفويتها من أجل توصيل ونشر رسائل قوية وموحدة.

هنا تتساءل الكاتبة عن محتوى الرسالة التى يجب تقديمها للجمهور. فالعلماء لابد أن يفكروا فى هدفهم الحقيقى وفى محتوى رسالتهم العليا التى يريدون نشرها، فهل هذا التحرك يعد دورا دفاعيا أم هجوميا؟. من الواضح أن هذا التجمع هو رد فعل دفاعى عن سلسلة من الأحداث العالمية التى اندلعت أخيرا. كما أن هذا التجمع ليس المقصود به أن يكون العلماء فى كفة مقابل الجمهور فى الكفة الأخرى، لكن المغزى هنا أن تعرض جميع الجهود ومن ثم النتائج التى سيتم التوصل إليها لخدمة الجمهور، فالعلماء ليس لهم دور أو هدف سوى تقديم الخدمة للعامة بل ولهم شرف القيام بذلك مستخدمين الضرائب التى يحصلون عليها من المواطنين. ومن هنا تأتى مسئولية هؤلاء العلماء لضرورة التواصل مع المواطنين من أجل موافاتهم حقهم، ولعل أفضل ما يمكن أن تحققه تلك المسيرة أن تظهر للمواطنين ما توصل له العلماء كى يعلموا ما آلت اليه استثماراتهم وضرائبهم وما توصلت إليه جهود العلماء.

على الرغم من المسيرة عرفت على أنها رد فعل، إلا أن العلماء بإمكانهم أن يستفيدوا منها فى توضيح الانجازات التى يمارسها العلم والعلماء فى خدمة ودعم وحماية المجتمع. فالدعوة تشير للمسيرة على أنها احتفال بالعلم ووسيلة لحماية المجتمع العلمى، وبالتالى فهى فرصة كى يسلط العلماء الضوء على ما قدمه العلم للبلاد لتحقيق التقدم والرفاهية للمجتمع.

فى السياق ذاته تشير الأوضاع إلى قيام العلماء بالاستعداد الجيد لهذه المسيرة ولكن أثناء استعدادهم عليهم أن يحددوا ما يريدون توصيله للجمهور عن عملهم ومجالاتهم وما يحققونه من إفادة للمجتمع ككل، فمثلا تقول الكاتبة بما أنها طبيبة تجد أن الناس متحمسون لمعرفة مثلا أن من إنجازات تخصصها أن تم الحول دون وقوع نحو 50% من الوفيات الناجمة عن مرض السرطان. ولابد أن تكون مثل هذه الأسئلة مهمة وأساسية لعمل العلماء فى جميع المجتمعات المحلية بجميع أنحاء البلاد، كى يعرف الجمهور بأن العالم كالجندى الذى يذهب يوميا إلى ساحة القتال من أجل خدمة المجتمع ورفعة شأنه.

من المتوقع والمرجو خلال هذه المسيرة أن تكون بمثابة تلاق لعدد كبير من النقاشات العلمية التى تساهم فى خدمة المجتمع، نقاشات راقية، دون غضب أو سخرية أو حتى دفاع، مجرد سرد للنتائج والانجازات العلمية. خلال ذلك سيقوم العلماء بتبادل خبراتهم، وعقب انتهائها يجب أن يعود كل إلى عمله ولكن ليس لعمل معتاد روتينى لا يفيد أحد، بل إلى عمل يحفز العلماء جميع على تكريس أوقاتهم ومجهوداتهم لإبقاء الجمهور على علم بما يتوصلوا إليه، وذلك ليس بالأمر المستحيل، بل من الممكن من خلال تطوير علاقات مهنية بين العلماء ووسائل التواصل الاجتماعى والانخراط بشكل أكبر مع وسائل الإعلام المحلية والوطنية وبناء العلاقات مع جميع المكاتب الإعلامية والمدونات بجميع أنحاء المجتمع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل