المحتوى الرئيسى

القاهرة رسبت في اختبار ترمب

04/11 19:16

كيف تريد مصر أن تكون قوة إقليمية على الخارطة التي يعاد رسمها وهي شبه صامتة عن ما جرى منذ فجر الجمعة. ما تكلمت به كان همسا خفيضا خجولا لأنها لا ترغب في اغضاب ترمب الذي احتفى في الأسبوع الماضي بالسيسي وكال له المديح والاطراء.

ولا تريد أن تؤيد الضربة العسكرية فيغضب بوتين وقد اختارته القاهرة صديقا صدوقا وكانت تنوي جعله بديلا لأمريكا، وهو المستحيل بعينه. إعلاميو النظام استقبلوا سابقا تدخله في سوريا بمزاج عال وقارنوا بين قوته وضعف واشنطن، ونظامه التسليحي القوي ونظام واشنطن الفشنك!

طبعا مقارنات مزاج لا صلة لها بالواقع، ظهر كذبها وبهتانها عندما أخذ ترمب نفسا عميقا ورمى قاعدة الشعيرات بالتوماهوك وسط إعجاب من المدمرة الروسية في المتوسط التي أمرها بوتين عقب الضربة بالتوجه إلى طرطوس.

دعنا منهم ولنبق مع القاهرة التي تاه من لسانها الكلام أو أصابتها التهتهة، وهذا دليل ضعف دبلوماسي وموت سياسي لا يتناسب مع محاولة تصعيدها مع قوى إقليمية أخرى في المنطقة. أجد نفسي مرغما مدفوعا إلى المقارنة بين زمنها في عهود نجيبوعبدالناصر والسادات وجزء من عهد مبارك وزمنها في عهد السيسي. المقارنة ظالمة للعهد الحالي لأنه ليس معه من الساسة ما توفر لنجيب وناصر والسادات ومبارك. 

حاليا لا يوجد مثل وزراء الخارجية الذين كانوا عناوين براقة لتلك المدرسة العريقة مثل علي ماهر باشا محمود فوزي ومحمود رياض ومحمد مراد غالب ومحمد حسن الزيات واسماعيل فهمي ومحمد ابراهيم كامل وبطرس بطرس غالي ومصطفى خليل وأحمد عصمت عبدالمجيد وعمرو موسى.

من هنا لا تتعجب أننا رسبنا في أول اختبار بوكليت وضعنا فيه ترمب. ستقول إننا "مش مذاكرين" أو أن الاختبار مفاجئ فلم نستعد له بما يجب. الأمم المؤثرة في محيطها لا تحفظ الاجابات صم بكم، وإنما تملك الموهبة والإبداع والجسارة والقوة لتعلن عن ردود أفعالها بلا حرج وبدون تأخير.

هذا المناخ السلبي ليس قاصرا على الإدارة السياسية بل أصاب مرضه أحزابا عريقة كحزب الوفد الليبرالي الذي خرج ببيان يصنف من "المساخر" – جمع مسخرة – فقد أدان الهجوم الصاروخي الأمريكي، وشكك في أن يكون نظام الأسد وراء مذبحة قتل الأبرياء بالغاز السام في خان شيخون. قد تكون كائنات فضائية مجرمة بنت ستين في سبعين من فعلت ذلك، وستكشفها التحقيقات التي يحتج الحزب العريق على واشنطن، عدم انتظار نتائجها.

حتى لا يصنف البعض حزب الوفد على أنه حزب يساري قومجي متطرف في أقصى اليسار، أكرر أنه حزب ليبرالي يميني يرفع مبادئ حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية. أو أنه كان كذلك منذ عهد سعد زغلول مرورا بمصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين وياسين سراج الدين.

الحزب العريق يقول إن "هذا العدوان (يقصد الهجوم الأمريكي)  قد جاء في توقيت حقق فيه الجيش السوري انتصارات على داعش وأعوانها من جماعات الإرهاب الدموي". لم يحرك في صاحب ثورة 19 صور الأبرياء من الأطفال الذين قتلهم هذا الجيش بالغازات السامة في خان شيخون رغم أنها حركت مشاعر نتنياهو وأصابته بالصدمة.

ويضيف في بيانه "التحالف الدولي على سوريا الذي استخدم أقوى الأسلحة وأكثرها فتكًا بهدف الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد لم يفلح رغم مرور ستة سنوات". 

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل