المحتوى الرئيسى

الأزهر في زمن الإرهاب.. بين حتمية التجديد وحسابات السياسة

04/11 17:37

عقب الهجومين الإرهابيين اللذين وقعا في طنطا والإسكندرية، توجه شيخ الأزهر، في كلمة نقلها التلفزيون المصري مساء الأحد (التاسع أبريل/ نيسان 2017) إلى جموع المصرين قال فيها إن "الإرهاب الأسود لم يفرِّق بين مسيحي ومسلمٍ، ولكنه يستهدف أمن مصر واستقرارها ولن يفلح في ذلك".

الإمام الأكبر أحمد الطيب كما يُوصف، يقدم بذلك على موقف الأزهر الرافض والمندد بالإرهاب وبقتل "النفس البريئة على غير وجه حق" والداعي إلى التسامح، في موقف عبّر عنها وبقوة عقب كل هجوم إرهابي استهدف المسلمين وغير المسلمين. 

لكن في ظل تغلغل الفكر الإرهابي المقيت بات الأزهر يواجه على الرغم من ذلك ضغوطات متزايدة لضرورة تبني المؤسسة السنية الأقدم والأعرق في العالم الإسلامي لعملية تجديد الفكر الديني. هذه الدعوات أطلقها رجال دين ومفكرين موزعين على بلدان إسلامية مختلفة، كما أطلقها أيضاً الجانب الرسمي في مصر ممثلاً في الرئيس عبد الفتاح السيسي.

غير أن دعوة السيسي إلى ما أسماها "ثورة دينية" بداية العام الجاري، لا يمكن قراءتها من منظور خارج عن التطورات السياسية التي تشهدها البلاد. فالرئيس المصري الجديد الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد، يقود حرباً على مقاتلي "الدولة الإسلامية" في سيناء وضد جماعة الإخوان المسلمين، مصنفاً تنظيماتها الدعوية والسياسية كمنظمات إرهابية محظورة.

السيسي يحيل الأزهر "على التقاعد"

هذا التوجه وما تبع ذلك من مواجهات أمنية راح ضحيتها العشرات جعلت أحمد الطيب يقف بوجه الرئيس "المستبد" كما يراه البعض، حتى قال له السيسي "تعبتني با مولانا"، وفق ما نشرته صحيفة "الإيكومونست" في مقال صادر في فبراير/ شباط الماضي التي تناولت فيه الخلاف بين المؤسسة الدينية المصرية والنظام بمصر.

الأزهر لم ينساق نحو اعتماد النهج المرغوب، حقيقة أقرها فيما بعد وزير الثقافة حلمي النمنم قائلاً: "لم يطرأ تغير منذ دعوة الرئيس للتجديد". فقد عارض وفق "الإيكومونسيت" قرار الحكومة توحيد خطب الجمعة لقطع الطريق عن الأئمة المتشددين، كما رفض دعوة السيسي إلى اعتبار الطلاق الشفهي لاغياً مادام لم يُسجل في دوائر الدولة. 

"تمرد" الأزهر على السيسي جعل الكثيرين يرون في الدعوة التي أطلقها السيسي عقب تفجيري الكنيستين وموازاة لإقرار حالة الطوارئ لثلاثة أشهر، خطوة لسحب البساط من الأزهر في عملية تجديد الخطاب الديني. بل وتحدثت صحيفة العرب اليومية الثلاثاء (11 نيسان/ أبريل 2017) أنه وبهذا الإجراء يكون السيسي قد "أحال الأزهر على التقاعد من أحد مهامه الرئيسية المتمثلة في ملء الفراغ العقائدي والديني، وقيادة معركة فكرية حاسمة بصفته حامل لواء الإسلام السني في العالم".

بعد مصرع سبعة مسيحيين على يد "داعش"، غادرت أسر وطلاب مسيحيون محافظة شمال سيناء. هذا في الوقت التي أدانت فيه كل من الكنيسة القبطية ومشيخة الأزهر ودار الإفتاء المصرية وحزب "مصر القوية" المعارض استهداف المسيحيين في مصر. (25.02.2017)

بينما تبث الجماعات الإرهابية أفكارها لتجنيد الشباب شرقا وغربا حشدت مؤسسة الأزهر شبابها الدارسين بالخارج للتصدي لتلك الأفكار بوسائل منها بوابة بـ8 لغات. DW عربية تلقي الضوء على حرب الأزهر الإلكترونية ضد الفكر المتطرف. (15.01.2017)

لا يواجه الأزهر انتقادات من قبل المؤسسات الرسمية فقط، بل يوجه له البعض الأخر تهمة "تدريس مناهج تحض على التطرف". ومن بين الأصوات المنتقدة للأزهر بهذا الخصوص المستشار أحمد عبده ماهر، الذي يعرف عن نفسه في حسابه على تويتر بأنه "محام بالنقض ومحكم دولي ومستشار قانوني وضابط سابق برتبة العميد... وضابط مخابرات سابق وباحث إسلامي".

وفي حوار مع DW عربية هاجم ماهر مناهج الأزهر وقال بالحرف: "داعش والأزهر صنوان لهدف واحد؛ ألا وهو تأصيل الفكر القديم التراثي: إقصاء وازدراء المخالف والكراهية والعنصرية ضد الأديان الأخرى وضد المرأة. الأزهر لا يستحي أن يدرس دمويته في كتبه ومناهجه هدم الكنائس وقتل المرتد وقتل تارك الصلاة وقتل الأسرى وأخذ السبايا. الأزهر يدّرس وداعش يطبق".

ألم وحسرة لفقدان قريب في التفجير الإرهابي الذي نفذ صباح الأحد في كنيسة مار جرجس بطنطا أثناء حضور المؤمنين بكثافة في قداس"أحد الشعانين" في بداية "أسبوع الآلام" الذي يسبق عيد الفصح الذي يحتفل به المسيحيون الأقباط.

تعرضت كنيسة مار جرجس في طنطا لتفجير خلال قداس"أحد الشعانين" الذي يحتفل به المسيحيون الأقباط. وسقط عشرات القتلى والجرحى في التفجير الذي أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه.

مسعفوون ينقلون أحد ضحايا التفجير بكنيسة مار جرجس في طنطا ..وسط صدمة وذهول الحاضرين

رجل يجلس على كنبة أمام كنيسة مار جرجس في طانطا إثر التفجير الدموي الذي هز الكنيسة في اثناء قداس أحد (الشعانين)

قريب لأحد ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي وقع أثناء حضور المؤمنين لقداس "أحد الشعانين" في كنيسة مار جرجس

فريق الطب الشرعي أثناء جمع الأدلة من مكان الاعتداء داخل الكنيسة في طنطا المدينة الواقعة في دلتا النيل.

زوار الكنيسة وأقارب ضحايا التفجير يحتشدون أمام مبنى الكنيسة الذي تعرض للتفجير

يغص مبنى كنيسة مار جرجس في طنطا بالزوار وأقارب الضحايا. وجود عدد كبير من المؤمنين الذين حضروا قداسا جعل حصيلة الإعتداء الإرهابي مرتفعة.

زوار وشهود عيان يقفون على آثار التفجير الدامي الذي وقع أمام كنيسة مار مرقس بمنطقة محطة الرمل، وهي الكنيسة الرئيسية للأقباط في الإسكندرية.

حصيلة ضحايا إعتداء الاسكندرية في ارتفاع بسبب وجود مصابين في حالات خطيرة، حسب السلطات المصرية المختصة

كنيسة مار جرجس التي تعرضت لإعتداء إرهابي الأحد هي كبرى دور العبادة للمسيحيين الأقباط بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية.

أدان البابا الفتكيان فرنسيس الإعتداء الارهابي على كنيستين في مصر وعبر عن تعازيه العميقة "لأخي قداسة البابا تواضروس الثاني وللكنيسة القبطية ولكل الأمة المصرية". ويأتي استهداف كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا والكنيسة المرقسية بمحافظة الاسكندرية قبل ثلاثة أسابيع على زيارة البابا فرنسيس إلى مصر. إعداد: م/س

ومن بين الأمثلة التي يوردها ماهر على "شذوذ المناهج الدراسية للأزهر" - على حد تعبيره- كتاب "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"، الذي يُدرس في ثانوي أزهري وكتاب "الاختيار لتعليل المختار" وكتاب "الروض المربع في شرح زاد المستقنع".

ويصف أحمد عبد ماهر هذه الكتب بأنها "عار على الفكر الإنساني". غير أن الباحث محمد عبد الفضيل، الباحث في علم مقارنة الأديان ومنسق مركز المرصد لمكافحة التطرف التابع للأزهر، يقول في معرض رده على ماهر: "من الظلم تقييم والحكم على نصوص قديمة كلاسيكية بمنظور العصر الحالي". ويتابع محمد عبد الفضيل في حوار معDW  عربية: "هذه الكتب لا تدرس كلها بشكل عام، بل يُدرس بعض الفصول والأبواب الخاصة منها والتي تتناول مواضيع فقهية مثل الطلاق والزواج والمواضيع الحياتية وليس مواضيع الجهاد وغيرها".

ويقدم المستشار أحمد عبده ماهر رؤية خاصة به لـ"إصلاح الأزهر" تتلخص أولاً في "إغلاق الأزهر لعشر سنوات، على الأقل، حتى نصنع فاصل بين هذا الجيل المهلهل فقهياً وفكرياً وبين الجيل الجديد الذي سيقدم الإسلام للعالم".

ولكن ما هي مواصفات هذا الجيل الجديد من الأزهريين؟ عن هذا يقول ماهر: "الجيل الجديد من الدعاة يجب أن يكون من حملة شهادات المرحلة الجامعية الأولى من كل التخصصات العلمية والأدبية والإنسانية. وبعد الانتهاء من الدراسة الجامعية الأولى يدخلون للأزهر للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه ويختصون بعلوم الدين، ثم بعد ذلك يصبحون دعاة". ويعتقد أحمد عبده ماهر أن هذا الجيل "سيقدم مذاقاً آخر لمعنى الدين".

بيد أن محمد عبد الفضيل يقول في حواره مع DW عربية إن الأزهر "أجرى قبل عامين تقييماً لكل مناهجه وتم حذف أي مفردة أو عبارة أو موضوع من الممكن أن تُفهم أو تُفسر بشكل خاطئ"، مضيفاً بأنه "يتحدى أن يجلب أحد أي عبارات أو مفردات من المنهاج، وليس من الكتب المرجعية، تحرض على التطرف".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل