المحتوى الرئيسى

كيف تتعامل مع الأصدقاء الآباء؟

04/11 01:12

أرى أن صحبة الذكور مزعجة وخرقاء بدرجة خانقة، وأعتقد أن طعم الجعة يشبه طعم العملات المعدنية، ومعرفتي برياضة كرة القدم سطحية، كما أن المزاح يسبب لي رغبة في القيء، إلا أنني اضطررت خلال العامين الماضيين إلى أن أقضي مزيداً من الوقت في صحبة رجالٍ؛ لأن أطفالي صار لهم أصدقاء، وما يصيبهم، مثل نزلات البرد وانتشار القمل في رؤوسهم والتهاب الملتحمة، فإنه يصيبني أيضاً.

عندما يتعلق الأمر بالصداقات في العموم، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، فإنني أختفي تماماً.

منذ عام 2008 وأنا أتبع سياسة صارمة تنص على إلغاء نشاط أو إخراج شيء من حياتي عندما يحل شيء أو نشاط جديد.

إنني أعيد ترتيب فوضى جهات الاتصال والمعارف لديَّ، وإنه لشعور رائع، فقد تخليت عن مشروبات مناسبات أعياد الميلاد واستبدلت بها صناديق مجموعات الأعمال الفنية، وأيضاً تخليت عن قضاء عطلات نهاية الأسبوع في المنزل أو حفلات الغداء واستبدلت بهما.. حسناً، لقد استبدلت بهما الغداء بدون الخوض في محادثات.

إنني بليد اجتماعياً كالبقر، وهو حال كثير من الرجال (يضايقني دائماً أن النساء هن اللائي يوصفن بـ "البقر"، إذ إن هذه التسمية تتناسب أكثر مع الرجال، فنحن سيسعدنا أن نقف في مزرعة ما ونمضغ الطعام ونجترّه ثم نتغوط بكميات هائلة كالبقر).

استقبلنا في عام 2012 أول طفل لنا، ورويداً رويداً -لكنه حدث- بدأنا الخروج مع الأزواج الآخرين الذين لديهم أطفال، وانجذبنا لبعضنا كما لو كنا نسخاً من رواية "خمسون درجة من الرمادي" داخل إحدى مؤسسات أوكسفام الخيرية، إنها متشابهة وبالية.

فقد وجدنا أنفسنا محتشدين داخل المنطقة المسوَّرة من المنتزه في كثير من الأحيان، يمر الآخرون من أمامنا وينظرون مشدوهين إلى السور الذي حولنا، كما لو كنا معروضين للبيع على موقع "جروبون" من داخل حديقة حيوان.

تخيلت في البداية أننا حيوانات غوريلا محاطة بالسياج، وأن هؤلاء الآخرين الذين ليس لديهم أطفال كانوا منبهرين بنا وخائفين منا ونحن نربي أطفالنا.

وبمرور الوقت صار واضحاً أن المكان ليس حديقة للحيوان، لم تكن حديقة حيوان على الإطلاق، بل كان أقرب إلى نوع من السجون المفتوحة، وكنا نحن على سبيل المثال نشبه السياسي البريطاني المحافظ تيم يو، أو الكاتب والسياسي البريطاني جيفري آرتشر، والعامة الذين ليس لديهم أطفال يهزون رؤوسهم لنا في شماتة.

كما أن اتخاذ أصدقاء من هؤلاء الأشخاص حولنا كان مشكلة ضخمة، ما الذي تطلقونه عليهم؟ لا توجد عبارة آنية لوصفهم، لا يمكنك أن تستخدم عبارة "أصدقاء ابني"؛ لأنها ستبدو كما لو أني أخرج في نزهة مع الأصدقاء الذين لولدي، ولا يمكن بكل تأكيد أن نقول "أصدقاء آباء"؛ لأن الناس سوف يعتقدون أنكم تقضون الوقت مع أصدقاء آبائكم، لا يوجد أي إساءة يا جودي، ولكن تأكدي أن هذا لن يحدث.

لذا سأقبل في الوقت الحالي أن أصفهم بـ"المربين"، والقصة هنا أن بعضاً من هؤلاء المربين هم رجال، أو لنطلق عليهم آباء، وبينما تشاهدون أبناءكم وهم يلعبون معاً، عليكم أن تقابلوهم، ومثلما يعرف أي شخص تورط في بدء محادثة مع رجل، يمكن أن تحمل هذه التجربة قدراً من الصعوبة.

إليكم إذاً بعض النقاط الإرشادية الهامة لتساعدكم على الإبحار بأشرعتكم في هذه المياه الغادرة لمحادثات المربين الذكور.

الصمت أفضل من بدء الحديث بشيء ينقلب في النهاية على رؤوسكم

الرجال يحبون الصمت، إن كنتم تكافحون في أي وقت لأن تبدأوا محادثة مع رجل ما، حاولوا أن تستبدلوا الصمت الجميل بمحاولتكم هذه؛ إذ إنهم قطعاً يتغذون عليه، ومن أجل هذا ينمو الشعر في آذانهم: إنه القطن الطبي الذي ينمو بطريقة طبيعية.

يمكنكم أن تذهبوا إلى أي حانة وستجدون كثيراً من الرجال يجلسون صامتين، وبمجرد أن تتجاوزوا الحماقة والعذاب والضيق الذي لا يطاق، سوف تسترخون حقاً وتستمتعون به. (أو هذا ما أخبروني به؛ إذ إنني رغم ذلك غير قادر على القيام بهذا، فأنا أستطيع في الغالب أن أتحدث حوالي 40 ثانية قبل أن أقول فجأةً "إن لدي سترة زرقاء أيضاً" أو شيء من هذا القبيل. يا إلهي، كم أنا أحمق).

حاولوا أن تجدوا مساحة مشتركة

إن كان طفلهم في نفس عمر طفلكم، فلديكم إذاً بعض المساحات المشتركة، إلا أنكم يجب أن تبقوا على مشاعركم محايدة، فلا تظهروا أنكم سعداء لأن لديكم طفلاً ولا أنكم متهدمون، ولكن -وافتحوا أعينكم لأنه شيء هام- لا تبالغوا في مشاركة تجاربكم، فقد ارتكبت هذا الخطأ من قبل وأخبرت أباً آخر أنني اعتنيت بابني الاثنين ليوم كامل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وكان مفزعاً للغاية، لدرجة أنني بكيت مرتين، فقد نظر إليَّ وكرر سؤالاً طرحه عليَّ في البداية حول رحلة الرجبي التي يخوضها "الأسود" (Lions) في نيوزيلندا.

تحدثوا عن رحلة الرجبي التي يخوضها "الأسود" في نيوزيلندا

إن الشيء الممتع حول هذه الرياضة على وجه الخصوص هو أن فريقاً بريطانياً يتكون من 15 لاعباً سوف يُختارون من بين مجموعة متنوعة من اللاعبين الأيرلنديين، والويلزيين، والإنكليز، والأسكوتلنديين.

ويشهد العام الحالي على وجه الخصوص حالة كبيرة من الجدل حول من سيبدأ (أعني سيبدأ اللعب) من بين هؤلاء اللاعبين، مما يعني أنك تستطيع أن تغطي عديداً من الموضوعات مثل مَن مِنهم على الطائرة (أي سيسافر بالتأكيد)؟ ومَن منهم لم يكن جيداً خلال بطولة الأمم الستة (أي لم يلعب خلال أهم مسابقة رجبي دولية التي تسمى "الأمم الستة")؟

وإن كنت متشككاً، فقل "ولكن هل وارين غاتلاند خيار مناسب لأن يكون المدرب" (سأفصح لكم: إنني ويلزي وهو يدرب منتخب بلادي) ثم ألقِ بظهرك إلى الخلف واسترخ، فقد أتممت 8 - 10 دقائق، على أقل تقدير، من محادثات الآباء.. أحسنت أيها الجندي.

إن كان الأب أحمق.. فانظروا إلى جوالكم

إن كنتم لا تحبون أحد الآباء حقاً، فانظروا إلى جوالكم، يعتبر هذا السلوك مكافئاً للابتسام إلى أحد الأغبياء، سوف يقرأون لغة جسدكم ويتركونكم وشأنكم وحدكم.

إنه أمر مؤسف، ولكنكم أحياناً تضطرون لتجنب الآباء المملين حتى إن كان أبناؤكم وأبناؤهم يحبون بعضهم بعضاً.

يمكن أن يكون هناك أسباب كثيرة: على سبيل المثال، قد يكونون مهتمين بالجري وركوب الدراجات الذي يمارسونه من أجل "الأعمال الخيرية".

إنني لا أريد أن أنتهج أسلوب الصحفي المثير للجدل رود ليدل، إلا أن هؤلاء الباحثين عن الفرص لا يفعلون شيئاً سوى أنهم يحشدونكم، كما لو كنتم مجرد أصدقاء بموقع فيسبوك، من أجل تعزيز حملتهم القادمة حتى يجدوا سبباً وجيهاً وغير أناني ليبتعدوا عن الأطفال.

أرني أباً يحظى برعاية كونه يفعل كل الأشياء التي يتطلبها المنزل، وسأكون أنا بكل سرور الراعي لهذا البطل، غير أني لم أُخرج من حلقي إنهم يذهبون لركوب الدراجات بأحد جبال جزيرة بورنيو في عطلة أسبوعية طويلة.

إن كنت تحب شخصاً ما.. لا تكن متحمساً

توجد فرصة لأن تحبوا أحد الآباء، ولعله غير مرجح، لكنه ممكن، ومهما يحدث لا تخبروهم، فشيئان يخيفان الرجال: الشيء الأول هو أن يبقوا الغازات داخل أجسادهم بدون أن يتخلصوا منها، والثاني هو الالتزام؛ لذا أبقوا مشاعر المحبة مخفية داخلكم بإحكام، فإن بدأتم في إرسال رسائل إليهم يوم الثلاثاء حول خطط عطلة الأسبوع، فسوف يهربون أميالاً مبتعدين عنكم، وإن اقترحتم عليهم الذهاب في رحلة تخييم معاً، فمن المؤكد أنهم سوف يغيرون رقم هاتفهم.

تصرفوا بروية، ولا يمكنني أن أؤكد ذلك بما يكفي، كونوا هادئين، يمكنكم أن تفوِّتوا بعض مواعيد اللعب التي يتقابل فيها أطفالكم؛ لأن لديكم خططاً أخرى.

أظهروا أنكم لا تزالون تقابلون آباء آخرين وتذهبون في لقاءات لعب أخرى، واذكروا باستمرار مدى افتقادكم لأحد الآباء الآخرين الذي انتقل إلى مكان آخر بسبب العمل أو كي ينتقل إلى منزل أكبر.

لا يمكنكم ببساطة أن تدعوهم يعرفون أنكم تستمتعون بحكاياتهم الهائلة، وأن يكتشفوا أن أسلوبهم في التربية مثار إعجاب؛ لأن الأمر سينتهي بكم لأن تجدوا أنفسكم وحيدين ومضطرين لأن تلعبوا مع أطفالكم بأنفسكم، ولا يريد أي شخص أن يحدث ذلك.

لعلني أبالغ في التفكير بهذا الأمر، فإن فشل كل هذا، عليكم أن تقفوا مكتوفي الأيدي، وأن تقولوا صراحة إنكم لا تحظون بالمرح، وإنكم لا تحبون أبناءكم حقاً، وحينها ستكونون على ما يرام، وإن لم يكن هذا ناجعاً، فإليكم هذه المعلومة الهامة:

الأسود يواجهون نيوزيلندا يوم السبت الموافق 24 يونيو/حزيران 2017.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل