المحتوى الرئيسى

حسابات الربح والخسارة في تخلي بوتين عن الأسد أو التمسك به

04/11 22:42

في أول زيارة من نوعها يقوم بها مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأميركي، وصل وزير الخارجية ريكس تيلرسون اليوم الثلاثاء (11 نيسان/أبريل 2017) إلى موسكو لمواجهة القيادة الروسية حول دعمها نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وكان تيلرسون صرح في وقت سابق خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في إيطاليا أنه يتعين على روسيا إعادة النظر في تحالفها مع الأسد. وأضاف تيلرسون "أعتقد أنه من المفيد أيضا التفكير في انحياز روسيا إلى نظام الأسد والإيرانيين وحزب الله". وتابع الوزير الأميركي متسائلاً: "هل يخدم هذا التحالف مصالح روسيا على المدى الطويل؟ أم أن روسيا تفضل أن تكون إلى جانب الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى ودول الشرق الأوسط التي تسعى إلى حل الأزمة السورية

يبدو واضحاً مدى حزم رسالة الدول الصناعية السبع، التي سينقلها تيلرسون إلى موسكو. فقد صرح بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، بعد لقائه تيلرسون إن "ما نحاول فعله هو إعطاء ريكس تيلرسون أوضح تفويض ممكن منّا كدول الغرب وبريطانيا وجميع حلفائنا هنا ليقول للروس: هذا هو الخيار المطروح أمامكم :ابقوا إلى جانب ذلك الرجل (الأسد) ابقوا مع ذلك الطاغية أو اعملوا معنا للتوصل لحل أفضل". ولكن وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، قال إن "دول مجموعة السبع جميعا ترغب في تجنب التصعيد العسكري وتريد التوصل إلى حل سياسي دون تصعيد جديد للعنف". وأضاف "نريد أن نجعل روسيا تدعم العملية السياسية للتوصل إلى حل سلمي للنزاع السوري".

وتتألف الدول الصناعية السبع من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وإيطاليا وكندا.

تسعى الدول الصناعية السبع إلى حمل روسيا على التخلي عن الأسد

لهجة الغرب الصارمة لم تكن خالية من تهديدات وتلويح بعقوبات، لكن مجموعة السبع فشلت في نهاية المطاف في التوصل إلى اتفاق حول إقرار عقوبات جديدة بحق موسكو، مكتفية بتأكيد دعمها للعقوبات المطبقة حاليا.

مهمة شاقة إذا، تواجه تيلسرون الذي حلّ اليوم الثلاثاء ضيفاً على الروس، في انتظار مباحثات ستجمعه بنظيره الروسي سيرغي لافروف يوم غد الأربعاء. وللمفارقة أن الرجل الذي سيحمل هذه الرسالة هو ذاته الحاصل على "وسام الصداقة الروسي" من قبل بوتين عام 2012، حين كان يشغل منصب مدير شركة "إكسون موبيل" النفطية العملاقة. ويُمنح الوسام لمواطني الدول الأجنبية الذي يبذلون جهوداً مميزة في دعم الصداقة والتعاون مع روسيا في مجالات العلوم والثقافة والاقتصاد والسلام.

"لا ثقة لبوتين في الغرب" 

وإذا كان الخطاب الغربي المعادي للأسد لم يكن ليجد نبرته الصارمة هذه لولا الضربة الأمريكية في سوريا ردّاً على الهجوم الكيماوي على منطقة خان شيخون، فإن سؤالا محوريا يُطرح وتتبعه أسئلة أخرى، يدور حول مدى جدية الغرب في إنهاء الأزمة السورية التي انعكست تبعاتها حتى على الخارطة الجغرافية الأوروبية، وإلى أي مدى سيكون بوتين مستعداً إلى تقديم تنازلات ومقابل ماذا لتحقيق ذلك؟!

حذرت روسيا من عواقب "بالغة الخطورة" للضربة الأمريكية في سوريا، في الوقت الذي أثار فيه أول تدخل أمريكي كبير في عهد ترامب في صراع خارجي خلافا بين موسكو وواشنطن، التي قالت إنها مستعدة لشن ضربات جديدة ضد النظام السوري. (08.04.2017)

قال وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون إنه حان الوقت لتعيد روسيا التفكير في دعمها لنظام الأسد، فيما ذكر المتحدث باسم الكرملين أن الأميركيين لا يملكون معلومات "موضوعية" حول الهجوم الذي يرجح أنه كيماوي في خان شيخون بسوريا. (06.04.2017)

بالنسبة للباحث والمحلل السياسي ألبريشت ميتسغار، فإنه من غير الوارد أن يتخلى بوتين عن الأسد، لأن ذلك لا يمكنه أن يحدث إلا إذا توقف الغرب عن تمدده العسكري باتجاه روسيا ونشر مقاتلاته على الحدود مع البلقان. كما أن ثقة بوتين بالغرب منعدمة تماماً، كما يرى المحلل الألماني، ولأن روسيا وحليفتها إيران في موقع "تقدم" فما الذي سيدفعها على التنازل، يتساءل ميتسغر. وفي حال تحدت روسيا العقوبات التي أطاحت باقتصادها مقابل التمدد في الشرق الأوسط، وكانت الضربة الأمريكية بالفعل بداية لإستراتيجية جديدة في روسيا، فإن الوضع ينذر باتساع الفجوة بين القوتين الكبيرتين قد تكون تبعاتها العسكرية أكثر خطورة على السوريين.

هل بوتين متمسك بالأسد فعلا؟

ومن جانبها، أعربت موسكو عن أملها في تجنب التصعيد و"التعاون البناء مع واشنطن". ولكن لا يبدو-حتى اللحظة على الأقل- أن هذا التعاون سيصل إلى درجة التخلي عن الأسد. حال تخلى بوتين عن الأسد - وهو أمر يعود ويؤكد على استبعاده - يطرح المحلل الألماني، ألبريشت ميتسغار، عدة سيناريوهات: "أولاها إن تشكلت حكومة بديلة في سوريا فمن المؤكد أن تكون مدعومة من الغرب، وهذا يعني أن تكون المصالح الإيرانية والروسية هناك في مهب الريح. تركيا قد تكون أيضا رابحة بحكم أنها في الناتو. إلا أن هناك سيناريو آخر غير مستبعد وهو أن تعم الفوضى كل سوريا مما يعني خسارة الجميع. لذلك فإن تخلى روسيا عن الأسد هو أمر غير وارد في هذه الظروف، لأنها سوف تكون خاسرة في جميع الأحوال".

لكن خبراء غربيين آخرين يعتقدون أنه وراء الموقف الروسي المعلن بدعم الأسد والرافض للضربة الأمريكية، قد يكون الكرملين يبحث عن صفقة من وراء الكواليس، في قضايا دولية أخرى لها صلة بصراع النفوذ ولي الذراع مع الغرب. ماركوس كاييم الخبير الألماني في مؤسسة العلم والسياسة، يقول في تصريحات أمس لإذاعة "دوتشلايند راديو" أن سياسة العضلات القوية التي أبداها ترامب ضد نظام الأسد، قد تبدو في ظاهرها لعبة ضغط وتحذير للروس، لكن قد يكون الكرملين ليس تماما منزعجا أن يتم "تأديب" حليفه الأسد.  

ومن جهته يذهب الخبير في شؤون الشرق الأوسط الكسندر شوميلين إلى الاعتقاد بأن" روسيا ترغب في تغيير بسياستها في سوريا. وفي تحليليه للموقف الروسي أوضح الخبير شوميلين أوضح لصحيفة " فرانكفورته روند شو" أن "الروس قد يكونون غير راضين على الحليفين السوري والإيراني".

وحتى في حال الاعتقاد بأن دعم الأسد يساهم في تعزيز نفوذ الروس في المنطقة، فان سلوك نظام الأسد و"استخدام الأسلحة الكيماوية يكون قد وضع الروس في موقف محرج" يستنتج الخبير بالجمعية الألمانية للسياسة الخارجية هينينك ريكه، في تصريح لموقع مجلة "فوكس" الألمانية نشر أمس.

"بوتين لن يواجه الغرب بسبب الأسد"

وكانت موسكو وطهران حذرتا واشنطن بأنهما "ستردان بحزم" على أي "عدوان ضد سوريا" بعد ضرب قاعدة الشعيرات العسكرية السورية بـ 59 صاروخ توماهوك أمريكي. ويذهب ميتسغار إلى الاعتقاد بأن بوتين قد يواجه "استفزازاً" لجره إلى مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن "الرئيس الروسي ليس من مصلحته بالتأكيد وجود أي تصعيد عسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك سوف يحاول بالتأكيد إبقاء الأمور تحت السيطرة. وهذا تجلى من خلال امتصاص موضوع الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات، ولم ينجر للمواجهة".

ويميل الخبير هينينك ريكه للاستنتاج نفسه بشأن استبعاد خيار المواجهة العسكرية بين روسيا والولايات المتحدة بسبب سوريا، لكنه يعتقد أن الضربة الأمريكية في سوريا أكسبت إدارة ترامب ورقة لصالحها ليس فقط علىة صعيد السياسة الخارجية بل أيضا على الصعيد الداخلي بعد سلسلة خيبات في قرارته (الهجرة، الصحة) وضغط هائل، بعد توليه البيت الأبيض.

استهدفت واشنطن قبل أيام قاعدة الشعيرات العسكرية السورية بـ59 صاروخ توماهوك

ويأتي التحذير الأميركي فيما بدا أن المتحدث باسم البيت الأبيض يهدد بالرد ليس فقط على أي هجوم صاروخي بل كذلك القصف بالبراميل المتفجرة التي يستخدمها النظام السوري في غاراته. وقال سبايسر خلال مؤتمر صحافي متطرقاً للمرة الأولى إلى البراميل المتفجرة "إذا قصفت طفلاً بالغاز أو أسقطت براميل متفجرة على أبرياء، فإنك سترى رد فعل هذا الرئيس".

إلا أنه بدا أن المسؤولين الأمريكيين تراجعوا عن تصريحات سبايسر. وصرح مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية "لم يتغير شيء في موقفنا". وهذا ليس المرة الأولى التي يتسم الموقف الأمريكي بالتأرجح وعدم الحسم؛ فقد كان هذا الموقف هو العنوان الأبرز لتعاطي إداراة أوباما مع الملف السوري. وقبل أسبوع صرح وزير الخارجية الأمريكي نفسه بأن "مصير الأسد يقرره الشعب السوري"، هذا فيما قالت نيكي هيلي مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة بأن "إسقاط الأسد لم يعد من أولوياتنا". وذلك قبل أن يأتي الهجوم الكيماوي على خان شيخون ويعيد قلب المعادلة مائة وثمانين درجة، من الناحية الكلامية حتى الآن على الأقل.

التقى الرئيسان الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الأمم المتحدة للبحث في حلول للأزمة السورية ، لكنهما لم يحققا أي تقدم بخصوص دور الرئيس بشار الأسد. وترى الولايات المتحدة أن الأسد جزء من المشكلة، فيما تصفه روسيا بأنه جزء من الحل.

ووصف الرئيس أوباما في خطاب أمام الجمعية العام للأمم المتحدة الأسد بأنه "مستبد يقتل الأطفال". وقال إن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة بما في ذلك سوريا وإيران لتسوية النزاع". وحمل أوباما بعنف على الرئيس السوري لأنه "يلقي البراميل المتفجرة لقتل أطفال أبرياء".

تبادل الرئيسان الروسي والأميركي الأنخاب وتصافحا على غداء لكن الهوة بين موقفيهما حول مستقبل الأسد مازالت واسعة. وقال الرئيس الروسي إن "عدم التعاون مع الجهة السورية التي تكافح الإرهاب وجها لوجه سيكون خطأ فادحا". وأضاف "علينا أن نعترف أن لا احد سوى القوات المسلحة للرئيس السوري يقاتل فعليا الدولة الإسلامية".

أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض في المنفى خالد خوجة أن "لا احد يمكنه الصفح" عن ممارسات نظام الرئيس السوري بشار الأسد". وأضاف خوجة "ما يجري في سوريا هو إبادة تتم تحت أنظار العالم"، وتساءل " أتعتقدون أن النظام يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية؟ الإحصاءات تقول غير ذلك".

أعلنت المستشارة أنغيلا ميركل أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يشارك في أي مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع المستمر في بلاده منذ أكثر من أربع سنوات. فيما دعا وزير خارجيتها فرانك-فالتر شتاينماير إلى إشراك إيران في مساعي حل النزاع باعتبار أنّ: "إيران فاعل إقليمي رئيسي مطلوب لحل الأزمة.... سيمكننا إنجاح الأمر فقط عندما نأتي بكافة الأطراف الفاعلة المهمة على طاولة واحدة الآن".

من جانبه، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تشكيل "جبهة موحدة" للتصدي للمتطرفين في الشرق الأوسط. وقال روحاني إن "اخطر واهم تهديد يواجه العالم اليوم هو أن تتحول المنظمات الإرهابية إلى دول إرهابية". ولمح روحاني إلى مستقبل ومصير بشار الأسد عن طريق إجراء انتخابات، وقال "نحن نؤيد دعم السلطة من خلال أصوات الناس بدلا من الأسلحة".

الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند دعا إلى التعامل مع روسيا وإيران لإنهاء الصراع في سوريا، وقال للصحفيين "روسيا وإيران تقولان إنهما ترغبان في لعب دور أكبر في حل سياسي. نحتاج للعمل مع هذين البلدين ولأن نبلغهما أن ذلك الحل أو الانتقال يجب أن يحدث.. لكن بدون بشار الأسد".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل