المحتوى الرئيسى

عشرة دروس من مسلسل «أرطغرل»

04/10 11:55

إن الحرب الشرسة التي يخوضها أردوغان ضد أعدائه داخليًا وخارجيًا؛ تدفعه لابتكار طرائق وأساليب جاذبة ليستعيد الشعب هويته، فضلًا عن مدافعته عنها، ولأن حزب العدالة والتنمية يوقن بأهمية الإعلام في تغيير القناعات واتخاذ القدوات؛ فإنه اهتم بإنتاج مسلسلات تاريخية تحكي التاريخ مع تجسيد الواقع ناسجين من الخيوط الدرامية والحبكات الفنية أثوابًا من القيم والولاءات التي تخدمهم في حروبهم المستعرة.

كاتب المسلسل وضع أمامه قبل البدء في السيناريو مجموعة من القيم والأعراف والأهداف التي يريد تحقيقها وفصّل الأحداث عليها ؛ فكان المسلسل عملًا تربويًا في ثوب درامي ، وكأنه مجموعة دورات مكثفة عن الانتماء والطموح والشجاعة، وكأنه ألف كتاب عن الأمل، وألف محاضرة عن الجهاد والعمل ، وألخَّصُ فيما يلي بعض الدروس والعبر التي استخلصتها من مشاهدتي لحلقات المسلسل.

تعرض أرطغرل لمصائب وشدائد ينأى جبين الفرد على تحملها، ولكنه بقلب الواثق وبيقين المؤمن استطاع تجاوزها، وكان في كل ظلمة ينير قلبه أمامه الطريق له ولرفاقه، ولعل صيحاتهم في بداية كل قتال: الحي هو الله، الحق هو الله، تبرهن على إيمانهم ويقينهم، وظهر ذلك جليًا في أغلب حلقات المسلسل ،وإن كانت الظروف تخدمه دراميًا؛ فتاريخيًا تجاوز أرطغرل الصعوبات ووصل إلى ما أراد، وأرى أننا في هذه الظروف القاتمة نحتاج إلى وقود من يقين لنكمل طريقنا ونصبر على مصابنا، ونعين اليائسين منا.

إن الأمة تحتاج إلى قائد يرفع راية الأمل فيها؛ ليلتف حوله الآملون، ويعمل العاملون، ويجاهد من أجل أمتنا المجاهدين مؤمنين بقوله سبحانه وتعالى: وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ، وواثقين في وعده: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ.

2-القادة لا يولدون بل يصنعون

لم يولد أرطغرل بطلًا من بطن أمه؛ إنما صنعته تربية أمه الجهادية، ودربه طموح أبيه، وعاش في بيئة تحترم المجاهدين وتقدر الأبطال؛ وبالتالي خرج أرطغرل وخرج من بعده ابنه عثمان؛ فصناعة القادة تحتاج إلى بيئة قيادية تعطي وتمنح، تربي وتعلم، فما أعظم أن تقدم للأمة قائدًا تفتخر به! فلتكن تربيتنا لأبنائنا تربية جهادية دينية، ولنجعل قدوتهم الأبطال الحقيقين أمثال أرطغرل وصلاح الدين والفاتح وقطز؛ فإن مت تاركًا قائدًا تمت جسدًا وتترك أرواحًا.

إن رفاق أرطغرل (تورغرت وبامسي ودوغان ...) علموا الشباب كيف تكون الصحبة ، كيف يضحي الأخ بنفسه ليفدى أخاه، ورأينا ذلك أثناء سجن تورغرت بقلعة الصليبيين، ورأيناه في كل مواقفهم مع أرطغرل؛ فبدونهم ماكان أرطغرل لينجح في أي موقف؛ فقد وقفوا معه في الوقت الذي تخلى عنه أخوه (جوندور) وفي الوقت الذي حاربه أخوه (سونغرتكين)، وهذا يدل على أن الأخوة بالمواقف لا بالنسب فحسب؛ فهنيئًا لمن ملك منكم صحبة تحارب من أجله وتغتم لغمه وتفرح لفرحه؛ فإن كان عندكم إخوة كهؤلاء فعضوا عليهم بالنواجذ:

أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح

همة أرطغرل بالمسلسل ألانت له حديد الظروف؛ تحمل الصعاب وانتصر في كثير من المواقف بهمته قبل قوته، ولعل همته هي التي دفعته لترك قبيلته الأم والهجرة بـ400 شخص جهادًا في سبيل الله؛ فكانوا نواة لدولة دان العالم لها؛ فلتكن همتكم هي زادكم في هذا الطريق الصعب.

لقد صبر أرطغرل على جبن بعض إخوته، وصبر حتى عرف أهل القبيلة الصالحين من الخائنين، وصبر على وعورة الطري؛ فنجح وانتصر، فليكن الصبر زادنا في طريق النصر والتحرير، فالصابرون منتصرون، والثابتون منتصرون، ولعل أمهات الشهداء وزوجات المعتقلين يعطون لنا دروسًا في الصبر والثبات كل يوم تعجز كتب التربية عن التعبير عنها.

مسكين من ظن أن الحق ينتصر بالدعاء فقط، أو أن الدعوات تنتصر بمصداقية أصحابها لاغير، أو أنه ينتزع بالسلمية الميتة؛ فالحق يجتاج إلى قوة تحميه وإلا انتصر الباطل بقوته، وقد اعتمد أرطغرل في المسلسل بعد إيمانه بالله على قوته وقوة رفاقه وقبيلته، ولعل كلمته الشهيرة: ليكن أعداؤنا أقوياء لتظهر شجاعتنا في الميدان، تثبت أنهم واثقون في قوتهم بعد ثقتهم في قوة الله، فهيا ننتزع من الباطل حقوق الحق التي ضاعت، وليكن لسان حالنا قول الشاعر:

سأنزع من بين شدق الأفاعي حقوقي التي ضيعوها سدى

7-وراء كل قائد عظيم أم مناضلة أو زوجة مخلصة

إن دور الأم هايماه في المسلسل كان دورًا مثاليًا؛ فحنان الأم لم يغلب طموحها في ولدها، فربته تربية جهادية ووقفت معه وساندته في كل محنه، وكانت مرجعًا له في كل آلامه، يجد سلواه عندها ويأخذ طاقته من حنانها، وهكذا كانت له زوجته حليمة، فلم تعرقل مسيرته وتثبط همته، بل كانت وراءه في كل خطواته.

انقلب كورد أوغلو على سليمان شاة، ثم طلب منه أن يسامحه بعدما فشل انقلابه في أقل من يوم - كما فشل انقلاب تركيا- فرفض سليمان شاة طلب أخيه من الدم قائلًا: الخونة لا يرحمون ياكورد أوغلو، فالخائن لو عاد لعاد لخيانته، وبهذا يتعامل أردوغان مع خائنيه ويربى الشعب على محاربتهم، وليتنا بمصر عاقبنا بعد ثورة يناير خونة الوطن، تركناهم؛ فعادوا يرتعون في غيهم؛ فانقلب الوطن على نفسه وعلى أحراره.

التاريخ معلم موهوب، ومربٍ مبدع، فلنعد لسيرة أجدادنا الذين دانت لهم الدنا لقوتهم وإيمانهم؛ فصعدوا الجبال مكبرين، وغاصوا في البحار فاتحين؛ فلننهل منه نصرنا وعزنا حتى لايظن الجيل الحالي أننا أمة مهزومة منكوبة طيلة عمرها؛ فقد كان التاريخُ مصدرَ إلهامِ لأرطغرل ورجاله، ومعلمًا مقربًا من الفاتح ورفاقه، وقائدًا مخلصًا لقطز وأتباعه، وكفانا استرجاع التاريخ للبكاء عليه وعلى قادته، بل استرجعوه عمليًا في أبنائكم، قدموا للأمة من يحاكوهم في بطولاتهم، ومن يضاهوهم في إنجازاتهم، فحتى متى نتكلُ على تاريخنا العظيم في حاضرنا العقيم:

إنا وإن كرمت أوائلنا لسنا على الآباء نتكلُ

نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثلما فعلوا

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل