المحتوى الرئيسى

علي نايفة، ثورة في الديناميكا اللاخطية

03/30 12:48

لاحظ ليوناردو دافنشي Leonardo da Vinci أن "الحركة هي سبب الحياة"، وبالنسبة لعلي نايفة فذلك لأن التغير هو محور الحياة، ومحور التغير هو التعقيد أو بشكل أدق ما يسميه العلماء "اللاخطية"، وهي الأسباب غير المُعقدة التي قد ينتج عنها آثار مُعقدة أو حتى غير متوقعة. كل الأنظمة الديناميكية، وهي كل الأشياء التي تتحرك أو تتغير مع الزمن، هي -حسب التعريف- غير خطية، وهذا ما يجعل تحليلها وفهمها وتوقع سلوكها يمثل تحديًا.

لفهم الأنظمة غير الخطية نحتاج إلى تطوير النماذج: نماذج لكيفية تحرُّك السفن في البحار الهائجة، كيفية استجابة رافعات العوارض الفولاذية للاهتزازات الميكانيكية غير المتوقعة أو لتحرك أو دوران حمولتها، الضغوط التي تواجهها الطائرات عند السرعات العالية أو سفن الفضاء التي تندفع عائدة إلى الأرض عبر الاحتكاك مع الغلاف الجوي.

هذه الظواهر والظواهر الأخرى الشبيهة لها التي لا تُعد ولا تُحصى هي الأسئلة التي تطرحها كل من الفيزياء النظرية والرياضيات والهندسة العملية. ربما لم يساهم أحد منذ عدة عقود في فهمنا للديناميكا غير الخطية أكثر من نايف. وبالرغم من أن عمله اعتمد على الرياضيات المتقدمة والمعقدة إلا أنه كان أكثر بكثير من مجرد عمل نظري، فتطبيقاته تشمل المعدات والتراكيب والأنظمة التي نصادفها ونعتمد عليها بشكل يومي. 

بدأ نايفة الدراسة كطالب في السنة الأولى في جامعة ستانفورد عام 1959، وفي أقل من خمس سنوات وعلى نحو غير اعتيادي تخرج ومعه شهادة الدكتوراه في الهندسة الجوية وملاحة الفضاء. ثم بدأ على الفور العمل في صناعة مركبات الفضاء المزدهرة في أمريكا، في البداية عمل في هيليوداين Heliodyne حتى عام 1968 ثم في شركة إيروثيرم Aerotherm حتى عام 1971. بعدها حوَّل نايفة تركيزه من مجال الصناعة إلى مجال العمل الأكاديمي، فأصبح أستاذًا في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا وأيضًا العميد المؤسس لكلية الهندسة في جامعة اليرموك في الأردن. 

يُعنى تخصصُ نايفة بشكل عام بإيجاد نوع من أنواع النُظم والقدرة على التنبؤ في وسط ما يبدو عشوائيًا، سواء كانت تلك العشوائية على شكل اهتزازات أو أصوات تُصدرها محركات الطائرات النفاثة والصواريخ، أو على شكل حركة المياه حول السفن، أو الذبذبات التي تصدرها الهياكل العملاقة كالرافعات وناطحات السحاب.

كل هذه الأنظمة عبارة عن أنظمة ديناميكية غير خطية تُحدث تغيرات باستمرار في الداخل والخارج، وعندما تتضمن تلك التغيرات اهتزازات تضغط بشدة على الهيكل أو تتضارب مع اهتزازات أخرى، قد تنتج عواقب وخيمة. فقد ينهار جسرٌ، أو تتحطم سفينةٌ، أو يسقط بناء أو تتحطم طائرة. طوّر نايفة طُرقًا تحليلية جديدة من أجل إيجاد حل المعادلات التفاضلية الجزئية والعادية غير الخطية، إذ أنها جوهر هذه الظواهر.

وقد ذهب لأبعد من ذلك عندما أوجد استخدام أكثر من نطاق زمني في تحليل الاضطرابات وأحدث ثورة عندما استخدم تلك التقنيات في التصميم العملي. على الرغم من تأثير كتبه التسعة وما يقرب من 500 مقالة كتبها إلا أن كتابيه الخاصين بالاضطراب يشكلان نصوصًا قياسية في هذا المجال. 

في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، أسس نايف مختبرًا للأنظمة الديناميكية غير الخطية حيث يمكن له ولطلابه في الدراسات العليا ملاحظة واختبار الحقائق المادية التي تمثلها رموز معادلاته فعليًا. أدى هذا الالتحام بين النظرية والتجربة إلى ابتكارات عملية كابتكار طُرقٍ لحفظ توازن الذبذبات البندولية الخَطِرة التي يمكن أن تنشأ في حمولات الرافعات على متن السفن في البحر. 

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل