المحتوى الرئيسى

محمد بني هميم يكتب: العلاقات الإيرانية الكويتية ما بعد عام 2011 | ساسة بوست

03/30 10:01

منذ 1 دقيقة، 30 مارس,2017

تتأرجح العلاقات الإيرانية الكويتية بين الصعود والهبوط، وذلك شأن العلاقات الدولية في النظام الدولي، ولكن إجمالاً تميزت العلاقات بين البلدين بنوع من الودية والطبيعية، كما أن الجغرافيا السياسية لعبت دورًا مهمًا في العلاقات بين البلدين؛ بحيث تبعد الكويت عن إيران، وبالتحديد منطقة الأحواز، مسافة 200 كيلومترًا، كما يجمعهما تبادل اقتصادي وتجاري كبير يحتم على البلدين الحفاظ على العلاقات ومراعاة المصالح الوطنية، كما أن إيران تستقبل 200 ألف زائر كويتي سنويًّا، فيوجد علاقة على المستوى الشعبي، وقواسم مشتركة تحتم على القيادتين تهدئة المواقف والسلام والتنسيق بين الطرفين.

في عام 1961، استقلت الكويت بعد انسحاب القوات البريطانية من المنطقة، اعترفت إيران باستقلالها في السنة نفسها، وطالب عبد الكريم قاسم بالكويت باعتبارها جزءًا من العراق، وحدثت أزمة على الحدود بين البلدين؛ فأعلنت إيران وقوفها مع الكويت ضد الاعتداء العراقي، وفعلت الشيء نفسه حينما اجتاح صدام حسين الكويت في عام 1990، وفي الجانب الآخر بعد الثورة الإسلامية عام 1979 كانت الكويت أول من اعترف بالثورة الإسلامية، إلا أن التوتر بين البلدين حصل أثناء الحرب الإيرانية– العراقية عام 1980 بوقوف الكويت في الحياد، كما أنها قامت بدور الوساطة وتقريب وجهات النظر، وطلبت من الدولتين إنهاء الحرب، ولكن في منتصف الثمانينات، وتحديدًا عام 1985، حدث شرخ كبير في علاقة الدولتين حينما حاول بعض المنتسبين لإيران في الكويت محاولة اغتيال أمير الكويت جابر الأحمد الصباح، وبعد هذه الحادثة أعلنت الكويت دعمها المادي والسياسي للعراق، وفي منتصف السبعينات فترة الرئيس محمد خاتمي تحسنت العلاقات الخليجية الإيرانية بشكل عام والكويتية بشكل خاص.

العلاقات الإيرانية– الكويتية ما بعد عام 2011

عصفت ثورات الربيع العربي بالمنطقة عام 2011، وكان وضع إيران مرتبكـًا في البداية، ولكنه استدرك الوضع وأخذ بدعم ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن بل باركتها، لا سيما وأنها تتفق مع الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة من خلال مبدأها المنصوص في دستورها «تصدير الثورة»، فثورات الدول العربية كانت في مصلحة إيران الاستراتيجية، بإعادة التوازنات الإقليمية في المنطقة، فتدخلت في الشؤون الداخلية للدول العربية، مما هدد الأمن الخليجي، فرفعت دول الخليج حالة التأهب والتحفز الأمني لمواجهة التهديدات الإيرانية التي تريد زعزعة الاستقرار في الخليج.

عند الرجوع للعلاقات الإيرانية– الكويتية، اكتشفت قوات الأمن الكويتية في 2011 خلية تجسسيه تتبع لإيران في أراضيها فتوترت العلاقات بين البلدين، وتسببت الاتهامات الكويتية لإيران بأزمة دبلوماسية والتراشق بالتصريحات، وقد كان من تداعيات هذا التصعيد وقوف بعض رجال الدين من الشيعة في الكويت مع إيران والدفاع عن المتهمين بقضية التخابر مع إيران، وكان بحوزتهم ترسانة من الأسلحة والمتفجرات، وعام 2012 صعدت مشكلة من ستينات القرن الماضي، وهي ترسيم الحدود البحرية الإيرانية الكويتية، تلك الأزمة التي تعرف «بالجرف القاري» حول حقل الذرة الغازي الغني بالغاز والمعادن، وفي عام 2014 أصبحت هناك نقلة نوعية في العلاقات الإيرانية الكويتية عند إنشاء رابطة الصداقة الإيرانية الكويتية، لتشمل برامج عمل تتضمن جميع أشكال التعاون والأنشطة والفعاليات الاجتماعية، وهي خطوة شعبية حظيت بتأييد ومباركة القيادة السياسية الكويتية؛ بحيث كانت المبادرة من إيران، وفي عام 2015 وقعت إيران الاتفاقية التاريخية لمشروعها النووي مع مجموعة 5+1، وهي الدول الخمس دائمة العضوية وألمانيا، فأصبحت تبحث عن حلفاء لها لتأييدها، ولاسيما من الجيران الخليجيين والكويت الدولة الأولى، الذين لم يسروا بالاتفاقية الدولية مع إيران للشكوك من تصرفاتها العدوانية، فعندها بدأ وزير الخارجية جواد ظريف بزيارة الكويت لشرح أبعاد الاتفاق النووي بالتزامن مع زيادة التوتر بين البلدين، كما هنأ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح المرشد الأعلى للثورة الإسلامية والرئيس الإيراني، بعد التوصل إلى اتفاق في الملف النووي الإيراني، وفي عام 2016 حدث توتر كبير في العلاقات الخليجية الإيرانية بعد اعتداء الأخيرة على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، مما حدا بقطع العلاقات الدبلوماسية من الجانب السعودي ولحقها بعض الدول الخليجية، وإما الموقف الكويتي كان استدعاء السفير الإيراني وتقديم مذكرة احتجاج شديد اللهجة، وبداية عام 2017 وفي خطوة لتهدئة الأوضاع زار وزير الخارجية الكويتي محملاً برسالة من أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن العلاقات الخليجية الإيرانية، فيما زار الرئيس روحاني الكويت والتقى أميرها للرد على الرسالة وبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.

هناك مجموعة من المحددات والمعطيات الجيوسياسية والديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحكم العلاقات الإيرانية– الكويتية:

1- الموقع الجغرافي؛ فالكويت متجاورة مع إيران، وقد ساهم هذا القرب الجغرافي على مناوشات ومشاكل على الحدود البحرية بين البلدين لاحتوائها على ثروات طبيعية لاسيما النفط والغاز.

2- الامتداد السكاني والاجتماعي؛ نتيجة للتقارب الجغرافي أصبح هناك سهولة للتنقلات ووجود عائلات في الكويت من أصول إيرانية، وأصبحت هناك روابط ثقافية واجتماعية.

3- الروابط التجارية والاقتصادية؛ توجد علاقات قوية جدًا بين البلدين في مجال التجارة والاقتصاد، وكانت البداية من السبعينيات؛ بحيث وقعت الدولتان العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية، ومنها اتفاقية الترانزيت والتجارة، وكذلك تشكل السياحة في إيران جانبًا مهمًا في الاقتصاد بين البلدين، بحيث تتجه أعداد كبيرة من الكويتيين إلى بعض المزارات في المدن المقدسة مثل مشهد وقم.

4- الروابط المذهبية، والتي تتمثل في الارتباط المعنوي بين أبناء الطائفة الشيعية في الكويت الذين يمثلون أقلية، ولكن قوتهم تكمن في الكيف وليس الكم؛ فهم يمثلون ما يقارب 18.9%، ولكنهم موجودون في الإعلام والاقتصاد؛ فدورهم عزز من حضورهم السياسي في مجلس الأمة الكويتي بفوز 17 مواطنًا شيعيًا في انتخابات 2012.

كانت ثورات الربيع العربي هي الفرصة السانحة لإيران لتنفيذ مخططتها ورؤاها الاستراتيجية للمنطقة؛ بالتوسع، وإثارة البلبلة، والازدواجية في المعايير بشأن دعم الثورات.

في العلاقات الإيرانية– الكويتية لا يمكننا فصل الجغرافيا والديمغرافيا عند التحليل؛ فقدر الكويت أن موقعها بين ثلاث قوى رئيسية في المنطقة: المملكة العربية السعودية، وإيران، والعراق؛ لذلك كان على الكويت محاولة التوفيق والجمع بين هذه الدول، ولكن الكويت تنحاز إلى الإخوة بدول الخليج في توجهاتها وأفكارها، إلا أنها دائمًا ما تلعب دور الوسيط بينهم وبين إيران؛ نظرًا للتركيبة السكانية؛ فالشيعة في دولة الكويت ينقسمون إلى قسمين؛ شيعة عرب، وشيعة عجم، وكانت الأخيرة من المهاجرين للكويت في فترة السبعينيات، لذلك كونوا لوبي قويًا في الكويت للحفاظ على العلاقات الإيرانية الكويتية ومحاولة تقويتها وخروجها عن الصف الخليجي، وذلك عندما طلب النائب في مجلس الأمة الشيعي عبد الحميد دشتي استجواب وزير الخارجية الكويتي بخصوص مشاركة الكويت في حرب اليمن، فتسبب بأزمة داخل الكويت، فكانت حديث الرأي العام، مما أجبر القيادة السياسية الكويتية بالبت في القضية عند تصريح أمير الكويت بأن أي إساءة للسعودية أو دول الخليج هي إساءة لي شخصيًا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل