المحتوى الرئيسى

محمود سعد يكتب: لغة الضاد.. والتعليم التكاملي | ساسة بوست

03/30 09:34

محمود سعدالمدرب والمستشار التدريبي والتربوي

منذ 1 دقيقة، 30 مارس,2017

إن التعليم التكاملي هو التعليم الذي يقوم على أساس إلغاء الحواجز الفاصلة بين المواد الدراسية بعضها البعض، بحيث تصبح جميع المواد مترابطة ومتماسكة، وهذا يلغي فكرة التقسيمات المصطنعة للمواد الدراسية. وكذلك هو التعليم الذي يقوم على أساس الربط بين المعلومات والمعارف والمفاهيم الواردة في المواد الدراسية المختلفة باستخدام أساليب وطرائق تعليم وتعلم متنوعة، من أجل تثبيتها في ذهن المتعلم ليصبح التعامل عن طريق الاستخدام، وليس عن طريق التخزين فقط.

والمعلّم الذي يعتقد بأن تعليم اللغة العربية هو تعليم موادٍ لغوية منفصلة؛ سوف يهتم ويركز على المعرفة اللغوية على حساب مهارات اللغة ووظيفتها، وبالتالي سيوجِّهُ أساليب التدريس وإجراءاته ومناشطه لتحقيق ذلك، وسيوجه جهود المتعلمين نحو المعرفة والحفظ وتخزين المعلومات فقط، في حين أن المعلّم الذي يدرك أن اللغة وحدة واحدة، وكل متكامل؛ فإنه سوف يهتم بإعداد دروس لغوية يساعد من خلالها المتعلمين على تعلّم اللغة، واكتساب مهاراتها، وسوف يوجه مناشط التعليم المختلفة لخدمة هذه الفكرة وهذا المبدأ التعليمي.

وهناك نوعان من التكامل، وهما: التكامل الأفقي، والتكامل الرأسي. وبالنسبة للتكامل الأفقي نجد أن فيه يتم التركيز على موضوعات ذات عناصر مشتركة بين مواد مختلفة، كأن نربط بين ما يدرس في الرياضيات، وما يدرس في العلوم والاجتماعيات، أو بين ما يدرس في اللغة العربية وما يدرس في العلوم الشرعية أو العلوم الأخرى وغيرها من فروع المعرفة المختلفة، وهذا يساعد المتعلم على تكوين نظرة كلية للمعارف والمفاهيم.

أما بالنسبة للتكامل الرأسي ويسميه البعض البناء الحلزوني أو اللولبي للمنهج فيكون على مستوى المادة الدراسية الواحدة، ويعني ببساطة التوجه نحو نسقية العلم في المناهج، واتخاذ مفهوم أو مصطلح محوري والارتقاء به عمقًا واتساعًا كلما ارتقى الطالب من صف إلى صف أعلى.

وتعد فكرة التكامل في تعليم اللغة العربية فكرة قديمة جدًّا، ضاربة جدًّا في أعماق ثقافتنا العربية الإسلامية، فقد أدرك علماء العربية قديمًا هذه الفكرة حين اتخذوا من النص الأدبي محورًا تتجمع حوله معالجات لغوية عديدة من تفسير مفردات النص، وشرح عباراته، وكشف مشتملاته من صور بلاغية ومسائل نحوية، بالإضافة لتوضيح ما في النص من إشارات تاريخية، ومواقع جغرافية، وما في النص من مؤشرات عن الحياة الاجتماعية والثقافية لعصر الشاعر أو الأديب، وما لصاحب النص من مميزات أسلوبية، ومدى تأثره بغيره وتأثيره في سواه، والوقوف على الظروف التي قيل فيها النص ومناسبته، ومواضع تقاطع النص مع نصوص أخرى مشابهة، والولوج إلى موسيقى النص… إلخ.

فالتكامل في مجال تعليم اللغة العربية هو أسلوب لتنظيم عناصر الخبرة اللغوية المقدّمة للمتعلّمين، وتعليمها بما يحقق ترابطها وتوحدها بصورة تمكنهم من إدراك العلاقات بينها، وتوظيفها في أدائهم اللغوي، وذلك من خلال محتوى لغوي متكامل البناء، ترتبط فيه المادة المقدمة والتدريبات اللغوية، والقواعد اللغوية بمهارات اللغة الأساسية، ونوع الأداء المطلوب؛ من خلال نص لغوي متكامل، يعالج بطريقة تعتمد إجراءاتها على التكامل والتدريب والممارسة اللغوية، وتقويم أداء المتعلّم بصورة تكاملية شمولية، وذلك بما يحقق التكامل بين جوانب الخبرة اللغوية: معرفيًّا ووجدانيًّا ومهاريًّا.

إن التكامل في تعليم اللغة يعني –باختصار شديد– تنظيم المادة التعليمية اللغوية، وتدريجها، وتقديمها متكاملة في هيئة مهارات لغوية وظيفية متجاوزًا تقسيمها فروعًا متفرقة ومعلومات مجزأة، وخبرات لغوية مفتتة. وهو بتعبير آخر النظر إلى اللغة على أنها وحدة مترابطة متماسكة، وليست فروعًا معرفية مختلفة تفصلها حواجز وجدران مصطنعة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل