صابر عمار عضو لجنة «الإصلاح التشريعى»: لا الشعب ولا الحكومة يحترمون القانون
- الدولة تصدر قوانين لا تملك تطبيقها.. والبرلمان ليست لديه أجندة تشريعية معلنة
- برنامج الحكومة غير واضح ويفتقد الأولويات.. وإذا استمرت الظروف الاقتصادية سيحدث صراع اجتماعى
- على الشعب مساعدة نفسه بالتربية السياسية.. وظهور نجلى مبارك محاولة لـ«غسل السمعة»
ما بين تشريعات لم تصدر ودستور لم يطبق بات لزاما علينا مراجعة رجال القانون فى الأوضاع التى آلت إليها البلاد، لا سيما مع التشتت الذى يبديه مجلس النواب فى التعامل مع القوانين التى لا بد من تعديلها وصدورها.
«اليوم الجديد» التقت المحامى صابر عمار، أمين عام اتحاد المحامين العرب، وعضو لجنة الإصلاح التشريعى، التابعة للحكومة.
• ما ثمار عمل لجنة الإصلاح التشريعى؟
- اللجنة لا تتحرك بحريتها لارتباطها بأولويات الحكومة، وجدول الأعمال الذى بدأت اللجنة العمل الشهر الجارى طبقا له هو للأسف قديم، لأنه كان أُعِدَّ من قِبَل الوزارات المختلفة فى يونيو الماضى، ثم توقفت اللجنة عن العمل، وعاودت العمل فى سبتمبر الماضى على نفس الجدول السابق، دون النظر للأولويات التشريعية، والحقيقة عندما رأيت جدول الأعمال ضحكت، فهناك قوانين لا يجب النظر لها الآن، لأن لدينا تشريعات لها الأولوية لا بد من النظر لها، وعموما الاجتماع الماضى للجنة أفرز أمرا مهما، بوضع خطة عمل تشريعية لمدة عام، ثم ثلاث سنوات، على أن تنتهى خلال عشر سنوات من إنجاز جميع القوانين.
• إذن اللجنة ليست حرة فى عملها؟
- اللجنة بيت خبرة لصالح الحكومة، فهى تعمل على وضع التشريعات التى تطلبها الحكومة تمهيدا لعرضها على البرلمان، والحكومة ليس لديها أولويات وبرنامجها غير واضح، لذلك سيظل عمل اللجنة مرتبكا لارتباطه الوثيق باحتياجات الحكومة، كما أن اللجنة لا تمتلك خطة البرلمان كى يتم تنسيق العمل، فدورة العمل تبدأ بطلب الحكومة مجموعة قوانين من اللجنة، لتعدها اللجنة وتعيدها للحكومة التى تصدق عليها تمهيدا لتقديمها للبرلمان لمناقشتها، وحتى الآن ننتظر تطبيق هذا الأسلوب فى العمل ليتم بشكل سليم ومُجدٍ، وللأسف أغلب التشريعات التى طُلبت من اللجنة حتى اللحظة هى ترقيعات وليست تشريعات.
• وما رأيك فى عمل اللجنة التشريعية للبرلمان؟
- لا يمكن الحكم على عمل البرلمان طالما لا يوجد أجندة تشريعية مُحددة ومُعلنة، لكن يُحسَب على البرلمان بالكامل أن التشريعات التى كان لا بد من إصدارها فى دور الانعقاد الأول لم يصدر منها سوى قانون الكنائس فقط، فالبرلمان يبذل مجهودا لكن للأسف يعمل خارج الإطار الذى لا بد من العمل فيه.
• ما مدى احترام الحكومة للقانون حاليا؟
- لا جدال فى أن أحد أهم مقومات استمرار الدولة ونجاحها واحترامها محليا من قِبل المواطنين وخارجيا من المجتمع الدولى هو احترامها لسيادة القانون، ولا بد أن يأتى القانون معبرا عن المواطنين للالتزام به عن قناعة، هذه المفاهيم يجب أن تكون متوافرة لدى الحكومة والشعب، لكن الوضع فى مصر مختلف، فالقانون لدينا نسبى، فإذا كان القانون يحقق مصلحتى أدافع عنه، والعكس بالعكس، ونحن نعانى من أن كثيرا من القوانين جيدة جدا لكن لا الشعب ولا الحكومة يحترمها، بالإضافة إلى أن الدولة تُصدر قوانين لا تملك تنفيذها، وعليها ألا تصدر قانونا إلا إذا كانت قادرة على أن تفرضه وتطبقه، وتتأكد من أنه سيُحتَرَم، ونحن مطالبون بأن نسائل الحكومة عن عدم تطبيق أى قانون.
• كيف ترى المفارقات الحالية بين القانون والدستور؟
- المفاهيم الدستورية الحالية مختلفة عن السابقة فى مواضع كثيرة، أبرزها كفالة الحريات ونظام الحكم، والاشتراك فى الحكم بين البرلمان ورئاسة الجمهورية، ما يحتم علينا تغيير مجموعة ضخمة من القوانين، التى للأسف لم يتم تعديل أغلبها، وهذا أحد أهم الأدوار التى كان يجب أن تقوم بها لجنة الإصلاح التشريعى لكن اللجنة لم تكن تملك تلك الآلية بمفردها، لأنها فى النهاية تتعامل فى ظل أولويات البرنامج الحكومى، وإن لم يكن عمل اللجنة متطابقا مع أولويات الحكومة فإنه لا شىء.
البرلمان أيضا لديه أولويات ومسئوليات، فهو المسئول الأول عن ترجمة الدستور إلى قوانين وتعديل القوانين المتعارضة، لكن للأسف البرلمان فى دورة انعقاده الأولى لم يكن له أجندة تشريعية، وكان عمله فى القوانين رد فعل وليس فعلا، لذلك لا بد أن يكون للبرلمان فى دورة الانعقاد الجديدة أجندة تشريعية معلنة، على أن تكون متطورة وقابلة لإضافة القوانين التى لا بد من إنهائها طبقا للأحداث الطارئة.
• لماذا لم يتم تطبيق الدستور حتى الآن؟
- أغلب مواد الدستور لا تصلح للتطبيق وحدها، لكن هناك قوانين تُتَرجم الدستور، ودون وجود تلك القوانين سيظل هناك مشكلات متعلقة باحترامه، ولن نستطع مناقشة فكرة احترام الدستور إلا بعد إنجاز القوانين والتشريعات التى ستبلور ما جاء فيه، والتى لم يتم سنها حتى اللحظة الراهنة.
• ما أبرز القوانين التى يجب البدء بالعمل عليها بشكل فورى؟
- القوانين المتماسة مع المواطنين، فهناك ثلاث حزم قانونية يجب تعديلها فورا، الأولى المتعلقة بالعدالة، سواء كان قانون العقوبات أو الإجراءات أو المرافعات أو تنظيم السلطة القضائية، فجميعها مُلِحَّة جدا، ولا بد من ضمان العدالة الناجزة المنصفة، التى تُترجم سيادة القانون، والثانية المتعلقة بالتعليم، كى يصبح الهدف من التعليم خدمة سوق العمل، بدلا من إهدار طاقة الطالب الذى يدرس مجال ويعمل فى آخر أو لا يعمل بالأساس، والدولة التى تكفل مجانية التعليم على حد سواء، أما المجال الثالث فهى القوانين المتعلقة بمنظومة الصحة، بداية بقبول الطلاب فى كلية الطب، مرورا بتجهيز المستشفيات، وصولا لمنح خدمة طبية محترمة، مع الأخذ فى الاعتبار بأهمية القوانين المتعلقة بالعدالة الاجتماعية التى نادت بها الثورة.
• على ذكر الثورة، أين هى وفقا لما وصلنا إليه الآن؟
- «الثورة راحت» لأكثر من سبب، أولا لأنها لم تكن مُنظَّمة ولها قائد، مما أدى إلى الاستيلاء عليها من قِبَل الفصيل الأكثر تنظيما بها، فى حين تم استبعاد أصحابها الحقيقيين، وإذا عقدنا مقارنة بين ثورتى يناير ويونيو سنجد أن الأخيرة كانت منظمة ولها رأس، وعموما نستطيع القول بأن الثورة نجحت بشكل جزئى، وأن هناك استقرارا نسبيا، لكن فى المقابل دفعنا الثمن على هيئة ارتفاع شديد فى مقدرات الحياة، وسقوط القيمة الشرائية للجنيه، والناس كفرت بالثورة لأنها لم تجد منها ما انتظرته من تحقيق مستوى معيشى محترم وحل لأزماتهم التى يأتى على رأسها الجانب الاقتصادى، ورغم الجهود التى تبذلها الدولة، فإنه إذا استمرت الأوضاع كما هى سيحدث صراع اجتماعى.
• ألا يتعين على الدولة رفع هذا الظلم عن الشعب؟
- بالطبع، لكنها مسئولية مشتركة، فيتعين على الشعب مساعدة نفسه، لكنه يحتاج لإعادة تربية وثقافة، فنحن لا نتجه للمقاومة السلبية، رغم أنه من الممكن مقاطعة السلع التى ترتفع أسعارها عن المعقول، فما الأزمة إذا عشنا دون شراء لحمة لمدة شهر أو شهرين، حتى نجبر السوق على تغيير الأمور، فما زال لدينا قوانين تتحدث عن دور الدولة فى مراقبة الأسواق، والتسعير، ودور أجهزة الرقابة فى مواجهة أزمات الأسواق، لكن لدينا فهم خاطئ أن الدستور يرسخ مفاهيم المنافسة وحرية السوق، وهى لا تعنى أن الدولة تقف موقف المتفرج فى مواقف إخفاء السلع أو زيادة أسعارها بشكل فج، لأنه لا يجوز للدولة أن تترك الشعب نهبا للأسواق.
• كيف ترى فقدان الرئيس والحكومة المستمر لمؤيديهم؟
Comments