المحتوى الرئيسى

«سن العجوز».. خارج الحياة!

03/29 20:03

يتوافد عشرات السائحين فى حشود لزيارة الأهرامات وأبوالهول، بمنطقة نزلة السمان، وبصحبتهم المرشدين السياحيين فى ظل وجود أمنى مكثف.

مشاهد حضارية تعكس مدى أهمية المنطقة السياحية، التى كانت تستقبل فى السابق آلاف السياح يوميًا، فى الوقت ذاته تجد خلف هذه المنطقة عالماً آخر من المهمشين والبسطاء، لا يحلمون سوى بحياة آدمية.. منازل خشبية، وأخرى مبنية من الطوب اللبن لا يتعدى طولها طابقين وغيرها عشرات المنازل آيلة للسقوط، بعد تشقق جدرانها بفعل عامل الزمن، تعتليها تلال من القمامة والأتربة، تقطن بداخلها مئات من الأسر الكادحة، على مساحة تبلغ 10 أفدنة، مصنفة كمنطقة غير آمنة من الدرجة الثانية، تقع على أملاك وزارة الآثار وملاصقة للأهرامات. هذا حال منطقة «سن العجوز».

بمجرد أن تطأ قدماك أرض المنطقة، تستنشق روائح كريهة تشمئز منها الأنوف، وطرق غير مستوية يملؤها روث الخيول والجمال، وأتربة تتساقط بين الحين والآخر من أعلى العشش، أعوام طوال ظل خلالها أهالى المنطقة ينتظرون الحياة الأفضل مع وعود الحكومة الكاذبة، ففى عام 2010 أكد محافظ الجيزة وقتها اللواء سيد عبدالعزيز، ضرورة الاهتمام بملف المناطق العشوائية، فضلاً عن صرف مبلغ 100 مليون جنيه، لتطوير 25 منطقة عشوائية، منها 14 منطقة غير آمنة، وكانت منها «سن العجوز» بحى الهرم، وساهمت وزارة السياحة بمبلغ 50 مليون جنيه، كما ساهمت وزارة الإسكان بـ25 مليون جنيه، أما الـ25 مليوناً المتبقية، فقد ساهمت بها وزارة الثقافة.

وأشار الأهالى إلى أنهم لا يجدون أى تحسن فى المستوى المعيشى منذ عام 2010، وبالتحديد منذ وعد المحافظ السابق بتطوير منطقتهم وحتى الآن، فضلاً عن تهميشهم من جانب المسئولين الذين لم يقتربوا من المنطقة منذ عشرات السنوات رغم زياراتهم المتكررة لها بجوار الأهرامات كونها منطقة سياحية.

وعن سبب تسمية المنطقة بهذا الاسم، روى عدد من الأهالى القدامى أن سبب التسمية يعود إلى أسطورة قديمة لإحدى السيادات «العجائز» التى كانت ألقت آخر سن لها بجوار أبوالهول، وكانت السيدة تمثل رمزًا للمنطقة لطيبة أخلاقها وعطفها على الجميع، وكانت تنتظر الحج لأكثر من 20 عاماً وفى سنتها الأخيرة، وقبل أن تخلع سنها الأخيرة، تقدمت لقرعة الحج، وألقت بالسنة فى الصحراء بجوار أبوالهول وبعدها بيوم تم قبولها فى القرعة وسافرت وماتت بالحجاز، ومنذ ذلك الحين والجميع يتبارك بهذه الواقعة والأطفال الصغار يلقون بأسنانهم بجوار أبوالهول، والكبار يذهبون إلى هناك تبركًا بسن العجوز ليطلبوا أمنياتهم.

جولة ميدانية أجرتها «الوفد» فى المنطقة لرصد حال الأهالى، والذين عبروا عن استيائهم الشديد من تجاهل الحكومة لهم منذ سنوات طوال.

هيثم زغلول، وأحد الأهالى المقيمين بالمنطقة، ويعمل «خيّال»، أن الحكومة منذ سنوات لم تهتم بشأنهم رغم كونهم من أخطر المناطق العشوائية، وأهمها لقربها من منطقة سياحية هامة، مشيراً إلى تهميش الوسائل الإعلامية والصحفية لهم.. الأمر الذى جعل المسئولين لا يهتمون بشأنهم كغيرهم من المناطق العشوائية التى شهدت إعمارًا حقيقيًا، مثل سكان عشش السكة الحديد، الذين بنيت لهم الحكومة مساكن جديدة.

وعن إمكانية الانتقال من المنطقة لأخرى قال: «مش عاوزين نمشى من مكان بس عاوزين الحكومة تتبنى لينا البيوت هنا علشان إحنا بنستنى الموت كل لحظة، وبنصحى الصبح وبنلاقى التراب نزل علينا، وده بيخل ولادى بيخافوا يقعدوا فى البيت».

«إحنا عاملين زى الأموات على قيد الحياة».. بهذه الكلمات يصف باسم خالد، خيّال، حال أهالى سن العجوز، مشيراً إلى أن المنطقة خالية من الخدمات الأساسية، منها الصرف الصحى، ولا نعلم أين تصرف الأموال المخصصة لتطوير العشوائيات.

وأضاف: «بيوت كتير وقعت على الناس اللى سكانين فيهم، وإحنا مش عاوزين من الحكومة غير أنها تطور من المبانى والعشش دى، وكتير زيهم خايفين يموتوا أحياء تحت الأنقاض».

وعن طبيعة المعيشة داخل هذه العشش الخشبية، قال عماد مرقص، خيّال، إن العقارب والثعابين توجد وبكثرة داخل شقوق هذه العشش، وكثيراً ما تعرض مئات من الأهالى للدغات العقارب، مشيراً إلى أن إحدى وسائل الحماية من العقارب هى إشعال النيران، والتى كانت سببًا فى احتراق عشرات العشش والمنازل. وأشار إلى أن من ضمن مشاكل المنطقة أيضًا الأسلاك الكهربائية العارية، والأطفال معرضون فى أى وقت للموت صعقًا.

وقال سعد عواد، نحات، إن الشباب المقيمين فى عشش سن العجوز يعتمدون على نحت التماثيل، وبيعها للسائحين، وآخرين يعتمدون على الخيول والجمال فى أكل العيش والبعض الآخر فى مرافقة الأجانب الذين يستقلون «الحنطور». وأضاف: «الأهالى هنا من محافظات مختلفة سواء الصعيد أو من الوجه البحرى.. الكل يأتى من أجل لقمة العيش، وكل واحد اختار الحرفة سواء النجارة أو الحدادة أو تربية المواشى أو النحت أو جمع القمامة وغيرها، مشيراً إلى أن المنطقة مطمع لرجال الأعمال لموقعها المتميز بجوار الأهرامات، وكثير من رجال الأعمال عرضوا لهم أموالاً مقابل أن يتركوا المكان.. لكنهم رفضوا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل