المحتوى الرئيسى

محمود سعد يكتب: رعاية الموهوبين (بين الواقع والمأمول) | ساسة بوست

03/29 13:07

محمود سعدالمدرب والمستشار التدريبي والتربوي

منذ 5 دقائق، 29 مارس,2017

تعد عملية اكتشاف وحصر الطلاب الموهوبين ممن تنطبق عليهم سمات وصفات وخصائص الموهوبين أولى وأهم أدوار المدارس في الميدان التعليمي في مختلف المجتمعات والدول، ولابد أن يتم ذلك الأمر بصورة منهجية وعلمية صحيحة ومدروسة، وذلك باستخدام المقاييس وأدوات الكشف المختلفة عن الموهوبين والمعتمدة والمتفق عليها في الوسط العلمي والتربوي محليًا وإقليميًا وعالميًا، وتأتي بعد ذلك عملية تحديد الاحتياجات الفعلية والإمكانات البشرية والمادية، والعمل على توفيرها في سبيل تعزيز قدرات وإمكانات الطلاب الموهوبين، بما يجعلهم قادرين على الابتكار والإبداع والإنتاج الفعال في المجتمع. ويلي ذلك إعداد وتنفيذ البرامج والأنشطة والمسابقات المختلفة والنوادي المتخصصة في المجالات الأدبية والعلمية والمهارية والتكنولوجية وغيرها للطلاب الموهوبين داخل المدرسة، ومتابعة ذلك بصورة مستدامة من أجل تطوير الأداء وبلوغ الطلاب لأعلى درجات الموهبة والمهارة.

وللمعلم أهمية كبيرة في الكشف عن المواهب، وتنميتها ورعايتها عند الطلاب؛ بفضل اتصاله بهم ودوره في توجيههم، كما أن عمل المعلم لا يقف على تنفيذ ما جاء في البرامج والمقررات الدراسية فحسب؛ فهو يقوم بدور المرشد والميسر والموجه النفسي والاجتماعي للطلاب، ويعمل على تهيئة الأجواء وتوفير كل العوامل التي من شأنها أن تعمل على تشجيع مواهب الطلاب وتعزيزها وتنميتها.

ولكي يصبح العمل الدراسي مشوقًا للطلاب الموهوبين، وحافزًا لهم على بذل الجهد، فقد لجأت بعض المدارس في بعض دول العالم إلى اختصار سنوات الدراسة؛ وذلك لأن بعض الطلاب الموهوبين يضيقون بالعمل المدرسي العادي الذي يناسب الطلاب العاديين – الذين هم في مثل سنهم – وذلك لأن هذا العمل المدرسي العادي أقل من مستواهم العقلي، وأيضًا فإنه من الممكن أن تكون المواد الدراسية التي تُعطَى في إحدى الفرق التالية لفرقتهم أكثر إثارة لميولهم وتحديًا لمواجهتهم، كذلك أوصى بعض الباحثين والمختصين بأهمية إنشاء فصول خاصة للطلاب الموهوبين، وتقديم برامج نوعية خاصة لهم دون غيرهم من الطلاب بالمدرسة، وقالوا إن هذه الطريقة تضمن وصول الطالب الموهوب إلى أقصى حد ممكن في النواحي الشخصية والمعرفية والثقافية والإبداعية والمهارية، وكذلك تتيح هذه الفصول الفرصة للطلاب الموهوبين لاكتساب العاداتِ السليمة للعمل والتحصيل الأكاديمي؛ وذلك لأن الدراسة في هذه الفصول تكون في مستوى يتحدى قدراتهم، وأيضًا فإن الدراسة مع زملاء موهوبين وفائقين في المستوى العقلي والأكاديمي يقلل من فرص تعرضهم للغرور الناتج عن تفوقهم وتميزهم عن غيرهم من أقرانهم من الطلاب العاديين.

وفي الختام أقول: إن اكتشاف الطالب الموهوب ورعايته وتعزيز قدراته وإمكاناته، وإعطاءه قيمة ثمينة، ومكانة قيمة تجعله يرى نفسه فردًا فعالًا في المجتمع، وعليه أن يصنع أو يبتكر شيئًا ما ينفع الآخرين؛ لأن هذه الموهبة التي حباها الله تعالى له سيسأله عنها فيما استغلها وأفاد منها. ولو أننا نظرنا للتاريخ وفتشنا به فسنرى أن كل العظماء والأفذاذ الموهوبين كان وراءهم من يدفعهم للوصول حتى نالوا ما استحقوا واستغلوا قدراتهم ومواهبهم في تحقيق أفضل ما يمكن؛ فهذا «توماس إديسون» يعترف أن أمه وراء نجاحه، وأنه حمل هم إنجاز شيء عظيم لأجلها، ولأجل ما منحته من دعم وثقة وإيمان بشخصه. وهذا «محمد الفاتح» فاتح القسطنطينية من ورائه معلمه الذي كان يحفزه باستمرار بحديث النبي – صلى الله عليه وسلم – عن فضل من يفتح القسطنطينية. والتاريخ يزخر بالكثير من الأمثلة التي لا حصر لها للموهوبين والأعلام أصحاب البصمات والتغيير الذين أنتجت مواهبهم ثمارًا ما زلنا نستفيد منها حتى يومنا هذا.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل