المحتوى الرئيسى

'مهرجان طنجة'.. الحفاوة والهوس بالعمق

03/28 21:42

"الحفاوة و المجاملات و الهوس بالعمق " كانوا العنوان الكبير للدورة الـ ١٨ للمهرجان الوطني للفيلم المغربي و الذي عرض المركز السينمائي المغربي خلال أيامه التسع .. ١٥ فيلماً روائيا و تسجيلياً طويلا ً و مثلهم في مسابقة الفيلم القصير و حكمت الافلام الثلاثون لجنتي تحكيم من المغاربة للفيلم الطويل و القصير و قبلهما قامت لجنة بإنتقاء و اختيار الافلام من مجموع ما أنتجته السينما المغربية في عام ٢٠١٦

فالمهرجان لم يعد يعرض إنتاج السينما المغربية بالكامل كما كان يحدث من قبل

في حين بقيت مدينة طنجة هي الحاضنة لفعاليات المهرجان بعد ما كان مأمولاً للمهرجان ان يكون متجولاً يجول المدن و الجهات المغربية المختلفة لعرض إنتاج سينما المملكة من أقساها لإقصاها فاجريت من قبل دورة في مدينة " وجدة " و " فاس " حتى استقر المهرجان في مدينة طنجة شمال المغرب و التي تقدم الدعم للمهرجان و يحتفي أهلها و قاطنيها بالعروض السينمائية المختلفة و التي جاءت مكتظة و مكتملة على آخرها في سينما " روكسي " العريقة بوسط المدينة رغم أزمة دور العرض في المملكة في العموم

و في حفل ختام الدورة ال ١٨ و التي حضرها من مصر المنتج محمد العدل و رئيس المركز القومي للسينما و رئيس نقابة المهن السينمائية المخرج عمر عبد العزيز و نقيب السينمائيين المخرج مسعد فودة الذين حلوا ضيوفاً على فعاليات المهرجان في محاولة لتنظيم اسبوع للفيلم المصري بالمغرب بالتعاون مع المركز السينمائي المغربي في اطار بروتوكول موقع بين الجانبين للتبادل و التعاون بات تفعيله ضرورياً .. و قد سبقت مصر في ترتيب اسبوع للفيلم المغربي شهد مركز الابداع المصري التايع لدار الاوبرا المصرية فعالياته نهاية يناير من هذا العام و لم يتأخر الجانب المغربي في توجيه الدعوة للجانب المصري لاتمام اسبوع الفيلم المصري و المقرر تنظيمه في مدينة الرباط بعد انقضاء شهر رمضان و لم يحدد الجانب المصري للان ميعاد محدد له ..

و أعلنت لجنة تحكيم الفيلم المغربي الطويل نتائجها و كان واضحاً محاولتها إرضاء الجميع قدر الامكان و تشجيع المغاربة العاملين في الحقل السينمائي بجوائز تشجيعية توافقية و كانت مهمة صعبة في ظل اختيار أفلام للمسابقة كان من الممكن ان تكون أفضل .. فلم تكن الأفضل مقارنة بإنتاج المملكة في سنوات سابقة شهد خلالها الانتاج المغاربي طفرة كبيرة و حقق نجاحات حقيقية على مستوى الافلام و السيناريوهات المقدمة

و يظل السيناريو و تظل الحكاية هي العقبة أمام الفيلم المغربي الذي يهتم بالصورة في أغلب الاحيان على حساب المضمون المقدم .. و السينما هي فن الصورة بلا أدنى شك و لكن صورة بلا حبكة درامية

و حوار شيق ينقصها الشيء الكثير الى جانب حاجز اللهجة و الذي يشكل في أغلب الاحيان عائقاً أمام انتشار و جماهيرية الفيلم المغربي جيد الصنع

و رغم ذلك لم تحجب اللجنة أية جوائز و منحت جائزتها الكبرى و جائزة السيناريو و افضل ممثلة و افضل دور ثاني رجالي لفيلم حكيم بلعباس " عرق الشتا" و افضل اخراج لاحمد المعنوني صانع التحفة السينمائية التسجيلية الذي يعد وثيقة سينمائية تاريخية تطرق فيها لحياة و بيئة "ناس الغيوان" و موسيقاهم الشهيرة بشهادة المخرج العالمي مارتن سكورسيزي و عرض الفيلم الذي يحمل اسم " الحال " في مهرجان " كان " أما فيلمه الاخير " يد فاطمة " فقد وضع في مقارنة جائرة لا تخلو من وجاهة و حب في نفس الوقت للمخرج الكبير و مشواره و تاريخة .. و المقارنة كانت مع بقية أفلامه بوصفه المخرج الكبير الذي ينتظر منه دائماً الكثير و الجيد فكانت النتيجة لصالح ما كان و ما سبق له من إبداعات للاسف .. أما جائزة احسن ممثل فكانت من نصيب بطل فيلم هشام العسري " ضربة في الرأس" الممثل المغربي " عزيز حطاب " و افضل عمل اول للمخرجة " خولة أسباب بن عامر عن فيلم " نور في الظلام " و الذي عرض يوم ٨ مارس متزامناً مع اليوم العالمي للمرأة .. في لافتة يشكر عليها المهرجان الذي خصص عروض ذلك اليوم بالكامل للمبدعات المغربيات و فتحت مدينة طنجة مسارحها وسينيماتها للنساء في ذلك اليوم بالمجان

أما جائزة الموسيقى فذهبت لفيلم رشيد الوالي " نوح لا يعرف العوم " و المونتاج لفيلم طارق الادريسي " رحلة خديجة " و هو فيلماً تسجيلياً طويلاً و احسن تصوير لفيلم رؤرف الصباحي " حياة " و كي لا يخرج فيلم المخرج المخضرم صاحب فيلم " الوشمة " الشهير و أسيره " حميد بناني " من سباق الجوائز التوافقية في محاولة لارضاء الغالبية كما سبق و أوضحت .. فقد منحت اللجنة الممثلة المغربية الصاعدة " سانديا تاج الدين " جائزة افضل دور ثاني نسائي و هي جائزة تستحقها عن جدارة كذلك الممثل الشاب " عبد النبي البنيوي " و الذي كان يستحق ايضاً جائزة عن دوره في فيلم " ليالي جهنم " في حين ذهبت الجائزة للممثل الصاعد " ايوب حلفي " كنوع من التشجيع له في دوره و عمله الاول وأيضاً لظروف و اعتبارات انسانية تحترم

فأجواء الحفاوة و الاحتفاء بالمبدعين المغاربة و تشجيعهم على الافضل والاحتفاء كذلك بالضيوف .. سادت أجواء و أروقة الدورة ال ١٨ و التي تعد هي و دورة العام الماضي بمثابة دورات تصالحية مع صناع و مهنيين مغاربة غابوا عن المهرجان في عهد سابق و عادوا إليه بحفاوة ظاهرة في عهد مدير المركز الجديد

و غاب مخرجين كبار - لا عن الحضور - بل عن المشاركة بأفلام في المسابقة مثل المخرج الكبير " سعيد شرايبي " و " محمد اسماعيل " و " جيلالي فرحاتي " و " داوود أولاد السيد " و يقال انهم يستعدون بأفلام واعدة للدورة المقبلة

أما جوائز الفيلم القصير فجاءت مخيبة للكثيرين

نظراً لخروج فيلم المخرجة الواعدة " مليكة الزايري "

" محمد الاسم الشخصي " من سباق الجوائز

التي ذهبت لافلام " ايما " و " أمل " و " تكية السوليما " و غيرها من الافلام في حين تجاهلت اللجنة ايضا افلام مثل " كولو باع " و " مذاق السان بيير " من مجرد تنويه ذهب لفيلم " طريق الديدان " لغالي كريمشي و هو فيلم موغل في السوداوية في حين ان السينما هي الحلم و الامل بالغد الافضل و معاركة الحياة حباً فيها و ابتغاءً لسعادة ما تتحقق من خلال العيش فيها و البقاء على قيدها لا تمني الموت أو السأم من الحياة و تمني التخلص منها نهائياً !!

فالعدم ليس أبداً بديلاً عن الحياة و معاركتها مهما بدت الحيوات صعبة و قاسية .. و لربما يكون ذوقاً عاماً للنقاد و المعنيين بشئون السينما و الفن و انحيازهم لاجواء فيها الكثير من الكآبة و فقدان الامل بالمستقبل تحت دعاوى او تحت غلاف من الجدية التي قد تكون مجرد عرض خارجي و شكلاني فقط فالجدية لا تعني بالضرورة الافراط في السوداوية كذلك الاجادة .. كما لا يعني التفاءل و اجواء البهجة ان الفيلم تافه او ضعيف و هذا الوصف تحديداً ينطبق على فيلم المخرج الشاب " محمد أشاور " و الذي قدم لون جديد و مختلف في السينما المغربية يقربها حتماً من الجمهور دون إسفاف أو تسفيه فقد صنع المخرج فيلمه الاجتماعي الكوميدي البديع " لحاجات " بشكل محكم .. جيد الصنع و رغم ذلك هو تقريبا الفيلم الوحيد الطويل الذي خرج من سباق الجوائز بخفي حنين كي لا يقال ان اللجنة قد منحت جائزة لفيلم " لايت " أكاد أجزم بإمكانه تحقيق أرباح في دور العرض و جذب الجمهور المبتغى و عودته للسينما من جديد دون إسفاف أو تقليل أو تسفيه من عقلية المتلقي .. فالسينما فن البهجة و الألق و الأمل في الغد لا الغوص فيما يمكن أن نسميه " الهوس بالعمق "

هذا ووجه المهرجان تحية خالصة و صادقة لفقيدي السينما المغربية لهذا العام كما كرم المخرجة الكبيرة " فريدة بنليزيد " مبدعة طنجة التي درست السينما في باريس .. أخرجت و أنتجت العديد من الافلام و شاركت بافلامها في مهرجان " كان " " و لوس انجلوس " و حصلت على جوائز دولية عديدة

كما كرم المهرجان أيضاً الموزع الكبير و صاحب دور العرض المغربي " عبد القادر بنكيران " الذي قام في السبعينات من القرن الماضي بتوزيع افلام عبد الحليم حافظ و فريد الاطرش و محرم فؤاد

و أخيراً و ليس آخراً كرم المهرجان في دورته ال ١٨ الممثل المغربي " جمال الدين الدخسيسي "

و عقد المهرجان في نشاطه الموازي مائدتين مستديرتين الاولى حملت عنوان " نحو اعادة استقطاب الجمهور " كرهان وطني طموح و توجه محمود يشكر عليه المهرجان و الثانية تحت عنوان " السينما و الجهة " لتنشيط الجهات المختلفة في ربوع المملكة و تحفيزها على الاستثمار في البشر و تنشيط السياحة من خلال السينما و الثقافة كرهان حقيقي للغد الافضل .. الغد المنشود

انكسار وحزن يخيم علي ربوع الدار المتهالكة المبنية بالطوب اللبن، التي كانت تعيش فيه رانيا راعي علي أبو زيد، ابنة قرية المراشدة بمحافظه قنا، والطالبة بالفرقة الثانية في معهد تمريض دشنا شمال محافظة قنا، ...

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل