المحتوى الرئيسى

مأساة الموصل - ثمن باهظ لتحرير لم يكتمل

03/28 13:24

"جريمة حرب لا يجب أن تمر دون محاسبة..والعبادي هو المسؤول...ولا نقبل أي حجج تبررها"، هكذا علقت صحيفة رأي اليوم الإلكترونية على مقتل حوالي 500 مدني في الموصل، حسب مصادر إعلامية، إثر غارة نفذتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش. بينما تحمل أصوات أخرى مسؤولية ما حدث لقوات الحشد الشعبي وأخرى تحملها لقوات التحالف التي نفذت الغارة.

الحادث خلف ضجة إعلامية كبيرة وانتقادات كبيرة للحكومة العراقية وحلفائها في معركة الموصل، في وقت تواجه فيه القوات العراقية صعوبات كبيرة بسبب اختراقات داعش واستغلاله للمدنيين كدروع بشرية له. وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء هذه التطورات مشددة على أهمية حماية حياة الناس وضرورة التزام أطراف الحرب باتخاذ كل الوسائل لتحقيق ذلك وفق القانون الدولي. كما أعربت فرنسا عن أسفها للخسائر الكبيرة في الأرواح دون أن تشير إلى مسؤولية التحالف الذي تشارك فيه أيضا.

ورغم إعلان بغداد عن توقف العمليات الجوية بعد الحادث وفتح تحقيق فيه، استأنفت القوات العراقية اليوم عملياتها في المدينة القديمة وسط الجانب الغربي للموصل، ونقل بيان عن الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية، ان "وحدات (الشرطة) الاتحادية وفرقة الرد السريع شرعت اليوم بالتقدم في محور جنوب غرب المدينة القديمة".

استيلاء داعش على الموصل ومعركة تحريرها من قبل القوات العراقية خلفت مئات آلاف النازحين والضحايا.

وتحذر الأمم المتحدة من وجود 400 ألف شخص عالقين في وسط الموصل في ظروف إنسانية صعبة. وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها انتقاد القوات العراقية وقوات التحالف بسبب سقوط مدنيين قتلى خلال عملياتها في الموصل، لكن العدد المرتفع للضحايا هذه المرة والذي قد يصل إلى 500 قتيل، حسب بعض وسائل الإعلام، غطى على إنجازات القوات العراقية في الموصل وعزز الجدل القائم حول جدوى هذه المعركة ومدى فعاليتها. وتمكنت القوات الأمنية التي بدأت الشهر الماضي عملية لاستعادة الجانب الغربي لثاني أكبر مدن العراق، من استعادة عدد كبير من الأحياء.

وحتى الآن لم توجه رسميا مسؤولية الحادث لجهة معينة رغم إقرار قوات التحالف بتنفيذها الضربة ورغم اعتزام بغداد إجراء تحقيق في الموضوع. وركزت التصريحات  بخصوص الموضوع على التضامن مع الضحايا وضرورة حماية أرواح المدنيين في الحرب.

وقال مسؤولون عراقيون وشهود عيان إن الضربات الجوية خلال الأيام الماضية أدت الى وقوع خسائر كبيرة بين المدنيين في منطقة الموصل الجديدة، غربي المدينة، وتحدث البعض عن عشرات، وآخرون عن مئات الضحايا ولكن لم يتم التأكد من عدد القتلى.

حكومة بغداد أعلنت في بداية الأمر أن الحادث ناتج عن عملية لتنظيم داعش الذي جاء بمدنيين إلى مكان الحادث ووضع فيه صهريجا مفخخا ثم فجره بتاريخ 22 مارس الجاري ، طبقا لما صرح به أحمد الأبيض الكاتب والمحلل السياسي والعسكري لـ DW عربية، بينما قوات التحالف أقرت بأنها من نفذت الغارة يوم 17 مارس وذلك بناء على معلومات استخباراتية عراقية أفادت بوجود قيادات من داعش في مكان الهجوم. هذا الاعتراف وضع الحكومة العراقية في ورطة كما يقول الخبير العراقي خاصة أن شهود عيان أكدوا رواية الضربة الجوية.

تتزايد المخاوف على نتائج معركة الموصل مع تزايد التصعيد بين بغداد وأنقرة بشكل أصبح يوحي بأنها معركة داخل معركة، فما الذي يدفع تركيا إلى مواصلة إصرارها على التدخل في العراق بأي ثمن حتى ضد رغبة العراقيين؟ (02.11.2016)

يمضي عام آخر والسوريون واليمنيون يتساقطون في حربين دمويتين. لا أمل يلوح في الأفق. ما كشفه عام 2016 هو احتمال التوصل الى هدنة في اليمن في اللعام المقبل. أما بالنسبة لسوريا فإن روسيا مصممة على إبقاء الأسد في السلطة. (28.12.2016)

واعتبر البعض إعلان بغداد عن فتح تحقيق في الحادث مجرد محاولة لامتصاص الغضب الكبير حياله، لكن الأبيض يقول إن الحكومة العراقية تسعى من خلال هذه الخطوة من جهة إلى إظهار جديتها وشفافيتها في التعامل مع الموضوع والتخلص من الاتهام الموجه إليها.

ومن جهة أخرى هناك معطى ينبغي الإشارة إليه هنا وهو أن الصراعات السياسية الداخلية تلعب دورا في التأثير على معركة الموصل إذ هناك مساع من جهات سياسية داخل الموصل لأن تتحول المدينة إلى مدينة منكوبة وتصبح بالتالي تحت إدارة دولية ولهذا الغرض هناك دعوات إلى إيقاف المعركة.

هذه المساعي سبق أن كشفت عنها الحكومة لكن الأمر جاء متأخرا كما يقول الأبيض. وفي هذا السياق يضيف الخبير العراقي أن هناك صراعات داخلية في العراق، خاصة بين القيادات السنية، حول مستقبل الموصل ما بعد الحرب، من سيسيطر عليها ومن سيعيد إعمارها. وهذه الصراعات ترخي بظلالها على سير المعركة وعلى التعاطي الإعلامي مع ما يحدث هناك. 

وتخوض القوات العراقية بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على الموصل ثاني مدن العراق من أيدي الجهاديين الذين يسيطرون عليها منذ أواسط العام 2014، وبدأت الحملة بمعركة تحرير الشطر الشرقي للمدينة، والآن تخوض القوات العراقية عملية تحرير الشطر الغربي.

على وسائل التواصل الاجتماعي تفاعل العرب أيضا مع ما حدث في الموصل، بما في ذلك شخصيات معروفة، فقد غرد السياسي العراقي طارق الهاشمي قائلا: "عندما يتجاهل الحكام مايحصل في ⁧#الموصل⁩ لحسابات خاصة بهم ! يصموا آذانهم عن آهات الأمهات وصراخ الأطفال فما عذر الشعوب ... لماذا لا تتحرك ؟؟".

وأخذ التفاعل مع الموضوع طابعا طائفيا أيضا إذ اتهم بعض المغردين قوات الحشد الشعبي بارتكاب إبادة جماعية لاستئصال السنة في الموصل.

وفيما تعول القوات العراقية على انهيار معنويات مقاتلي داعش، بسبب الخسارات التي تكبدها في شرق الموصل والآن في الغرب، كعنصر مساعد لها في حربها ضد التنظيم، يحذر مراقبون من أن مثل هذه الحوادث تلعب لصالح التنظيم أو تضعه في نفس المكانة مع القوات العراقية بالنظر إلى أن الطرفين معا تسببا في مقتل مئات المدنيين، بالإضافة إلى أن التنظيم يستخدم أعداد القتلى المدنيين المرتفعة من الطرف الآخر للدعاية لنفسه.

نراقبون يحذرون من أن تكرار حوادث يقتل فيها المدنيون عن طريق الخطأ، يصب في مصلحة داعش

وفي هذا السياق علق الكاتب والباحث العراقي هشام الهاشمي في مقال له على موقع الهافنغتون بوست عربي أن "غضب الأهالي من ‫القصف الشديد، الذي من الطبيعي أن يسقط فيه الكثير من ضحايا ‫المدنيين من غير قصد، سوف يُستثمر لصالح دعاية داعش وأنصاره في تشويه النصر وسمعة القوات المحررة".  وأضاف الهاشمي أن "على القيادة المشتركة العراقية الاعتماد على قوات جهاز مكافحة الإرهاب وعلى المروحيات في تحرير تلك الأحياء المغلقة، وتوخي الحذر لأن الأخبار الموثوقة والمتواترة من منطقة الموصل الجديدة وباب السراي وباب طوب مؤلمة جدا، والاعتذار والتبرير والنفي العسكري ليس حلا".

ويرى الأبيض أيضا في حادث الموصل نقطة سيستغلها التنظيم لصالحه. ويقول في هذا السياق" أولا الانقسام الذي بدا من خلال التضارب في تصريحات المسؤولين العسكريين، بالإضافة إلى الحديث عن وقف العمليات الجوية بسبب الحادث، ونحن نعلم أن هذه العمليات أكثر ما يقهر تنظيم داعش".

أثناء تقدم الجيش العراقي لاستعادة السيطرة على الموصل من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، تم العثور على مقبرة جماعية فيها حوالي 100 جثة، العديد منها مقطوعة الرأس. وتظهر صوراً عرضتها وكالة "الاسوشيتد برس" عظاماً وجثثاً متحللة أخرجت بواسطة جرافة، وفي الصورة ضابط من الشرطة العراقية يحمل لعبة أطفال على شكل حيوان محشو وجدت بين الجثث.

المقبرة الجماعية وجدت قرب "حمام العليل" البلدة التابعة للموصل، وتبرهن على وحشية تنظيم "الدولة الإسلامية". حيث لا تعد هذه أول مجزرة يرتكبها التنظيم إذ نفذ سلسلة مجازر منذ استيلائه على مناطق واسعة من جنوب ووسط العراق في عام 2014. وتظهر هذه الصورة عنصر من قوات الأمن العراقية يتفقد مبنى كان يستخدم كسجن من قبل مسلحي "تنظيم الدولة الإسلامية" في حمام العليل.

رجال عراقيون من منطقة حمام العليل يحتفلون عند عودتهم إلى منازلهم التي نزحوا منها بعد استعادة السيطرة على القرية من قبل القوات العراقية وتحريرها من "تنظيم الدولة الإسلامية".

قام "تنظيم الدولة الإسلامية" بإحراق حقول النفط كرد فعل على الهجوم العسكري العراقي لطرد التنظيم من شمال العراق. وقال قائد عسكري إنه تم إجلاء أكثر من 5000 مدني من مناطق شرق الموصل حيث نقلوا إلى مخيمات. ويتبين من الهجوم المفاجئ أن تنظيم الدولة لا يزال يزرع الفوضى في مناطق حتى بعيدة عن قاعدته في الموصل كرد فعل على الحصار المضروب عليه من قبل القوات العراقية.

في بداية الأمر حاول "داعش" السيطرة على الموصل لإقامة "الخلافة"، فيما بعد أصبحت المنطقة رمزاً لقوة وسيطرة التنظيم ومصدراً للموارد، وتقول الأمم المتحدة ان التنظيم الإرهابي يستخدم المنطقة كمركز لتصنيع أسلحة كيميائية. كما شكلت المدينة الآشورية القديمة مصدرا حيويا لعائدات الضرائب وأعمال السخرة التي يقوم بها التنظيم. في الصورة دخان جراء اشتباكات عنيفة بين البيشمركة وداعش في بلدة بعشيقة شرق الموصل.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل