المحتوى الرئيسى

الدولة العميقة!

03/28 09:22

في أي قاع تُرانا نعيش؟ في هذه الدول التي بنيت على الخوف والضلال، لم يكن صدفة ما حدث لنا ولم يكن أمراً خارجاً عن المألوف ذلك الدمار الذي أصاب معظم دولنا، والشرارة تبدو بسيطةً جداً إذا ما قِيست بحجم الحريق.

أفكار الفشلِ السوداء والهزيمة تُعشعش داخل جسدنا المُنهك بآفاتِ الوطن العتيد، فمن فشلٍ إلى فشل ومن مرضٍ إلى مرض ومن موتٍ إلى موت.

أرضعونا الكذب والنفاق في قناني الحليب، وفي مدارسهم المجانية تعلمنا العيب والمعيب، وللخوف والكتمان في قلوبنا وعقولنا سراديب وسراديب.

صارت الفوضى جزءاً من ثقافتنا، والأنا نظامنا الأوحد، ومضرة الناس لذتنا، ومصائب الآخرين أجمل أحاديثنا.

مصليون وفي قلوبنا نكيد، كُفار ونهدي إلى التقوى، عُراة وندعو إلى الحشمة.. إذا ما أردنا الثورة على أنفسنا وعلى كل شيء، ونفضنا الغبار من رفوف عقولنا وأزلنا الوحول من مسماتِ جلدنا، عُدنا ووقعنا مع أجيال الطين وبقينا نحنُ والوطن مُتسخين!

نعم كل ما حدث هو نتاج لسنين طويلة من التربية الضالة والبناء الملتوي والعادات الركيكة والبالية، يكفي أن تزور أي مبنى حكومي لترى حجم الفساد الإداري والأخلاقي، وهنا لا أخص فقط الأفق الحكومي، بل ربما الفساد الذي أصبح طبيعياً بحكم العادة، فحتى أصحاب المال من المناصب الإدارية لم يعودوا يكتفون.

المدارس نماذج تشابه السجون هندسياً، والمدرسون في كثير من الأحيان يلعبون دور الجلاد، المستوصفات والمشافي تنتشر فيها الفوضى والروائح الكريهة بدلاً من انتشار المعقمات، والأطباء سماسرة للأمراض الأكثر ربحاً.

ربما تلك الإدارات والحكومات الفاسدة تتحمل وزراً عظيماً على هذه التنشئة الفاشلة وهذا البناء الساقط، لكن هذا لا يعفي كل فرد منا لديه عقل وضمير ومكنون فكري بأن لا ينجرف مع الجرف ويغرق بحجة الجماعة!

شخصياً أرى مُصطلح " الدولة العميقة " الأبلغ والأكثر دقة من باقي المُصطلحات الفاشية والوحشية، بل وأُضيف بأننا أيضاً "شعوب عميقة"، ومن حكمنا تأثّر وأثّرَ فينا، وأن الانحدار وقلة الأخلاق عميقٌ فينا كُل العُمق، فلا نصدق وعداً ولا نفي دَيناً ولا نعدلُ حُكماً، ثم نصلي ونقول الحمد لله أننا مؤمنون، وعلى دين محبة ووفاء، بينما تُردد جهنم في خباياها "هل من مزيد".

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل