اغتيال فقهاء بمسدس كاتم للصوت يصعد التوتر في غزة.. فهل غيرت إسرائيل طريقتها في استهداف قادة حماس؟
أغلقت حماس المعبر المدني الوحيد على الحدود مع إسرائيل وتأهب الجنود الإسرائيليون في وضعية الحذر المرتفع فيما تتصاعد التوترات بين الطرفين العدوين لليوم الثاني بعد مقتل مسؤول في حماس في ظروف غامضة ومن على مقربة ضمن مرآب سيارته في بيته.
واتهمت حماسُ إسرائيل بالوقوف وراء مقتل مازن فقهاء (38 عاماً) القائد الرفيع في الجناح العسكري للحركة الإسلامية المسلحة حماس؛ حيث كان فقهاء قد قضى 9 سنوات في سجن إسرائيلي لضلوعه في التخطيط لتفجيرات أدت إلى مقتل عشرات المدنيين الإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية أوائل الألفية الجديدة، حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الأحد 26 مارس/آذار 2017.
وكان فقهاء واحداً من أكثر من 1000 أسير فلسطيني أفرج عنهم عام 2011 مقابل تسليم الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، غير أن فقهاء مُنِع من العودة إلى بلدته التي ترعرع فيها في طفولته بالضفة الغربية، فنفي إلى قطاع غزة، حيث تتهمه إسرائيل بتولي إدارة عمليات حماس العسكرية التي تجري في الضفة الغربية.
مقتله الآن رفع التوتر بين إسرائيل وحماس إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014 حينما اشتبك الطرفان في حرب دامت 50 يوماً خلفت وراءها 74 قتيلاً إسرائيلياً وراح ضحيتها أكثر من 2100 فلسطيني.
وهذه أول مرة تغلق فيها حماس معبر إيريز، نقطة الحدود الأمنية التي كثيراً ما يسلكها الغزيون طلباً للرعاية الصحية في إسرائيل والضفة الغربية؛ كذلك يستخدم المعبرَ عاملو الإغاثة والصحفيون الأجانب لدخول قطاع غزة. يذكر أن لغزة معبراً آخر باتجاه مصر، بيد أن هذا الأخير مغلق بصفة شبه دائمة.
من جهتها أقامت حماس –التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية- نقاط تفتيش أمنية في أرجاء غزة بغية ملاحقة من يحتمل تورطهم في مقتل فقهاء.
وفي بيان له قال الجناح العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام "نقول بوضوح أن الجريمة دُبرت وارتُكبت بواسطة العدو الصهيوني، وسيتحمل العدو مسؤولية تبعات الجريمة."
لكن إسرائيل لم تعلق على مقتل فقهاء.
ولطالما نفذت إسرائيل في الماضي اغتيالات لقادة حماس في قطاع غزة، إلا أن تلك الاغتيالات كانت من الجو، أما اغتيال فقهاء الذي تم على مقربة شديدة منه –حيث قالت وزارة الصحة في غزة أن إطلاق النار عليه كان من على مسافة قريبة جداً باستخدام مسدس كاتم للصوت- فيستحيل على إسرائيل تنفيذه من دون متواطئين معها من داخل القطاع. ولم يحدث مثل هذا الاعتداء في القطاع الساحلي منذ انسحاب إسرائيل من المنطقة عام 2005.
وكانت ناهد عصيدة زوجة فقهاء قد قالت في مقابلة لها مع الجزيرة أن العائلة كانت لتوها قد رجعت إلى المنزل بعد يوم إجازة قضوه خارجاً، وأن زوجها أخذ السيارة لوضعها في مرآب القبو، لكنه حينما غاب ولم يعد لأكثر من نصف ساعة، ظنته ذهب لرؤية بعض الجيران، ولم تدرِ بوفاة زوجها إلا حينما جاء صديق لينعيه لها.
تقول "لم أصدق هذا كله، كانت صدمة. لقد كان طوال الوقت يتسلم تهديدات بالقتل منذ الإفراج عنه عام 2011، لكنه لم يعر ذلك أي انتباه."
ولم يتبن أحدٌ مسؤولية الاعتداء، غير أن الإعلام الإسرائيلي نقل أمس الأحد 26 مارس أن طابع الاغتيال مشابه لمقتل محمد الزواري، مهندس الطائرات بلا طيار في حماس، والذي اغتيل في 15 ديسمبر/كانون الأول خارج منزله بتونس، ونسبت العملية وقتها إلى جهاز الموساد الإسرائيلي للاستخبارات.
بالإضافة إلى ذلك قال والد فقهاء للصحافة والإعلام الفلسطينيين أن مسؤولين من الـ"شين بيت" وكالة الأمن الإسرائيلية، كانوا قد زاروه عدة مرات ليهددوه بالنيل من ابنه في حال لم يوقف الابن وتيرة الهجمات على إسرائيل؛ وقال فقهاء الأب أنه في إحدى تلك الزيارات أعطى سماعة الهاتف لعملاء إسرائيل الأمنيين للتحدث إلى ابنه مباشرة.
الصحفي إبراهيم مدهون، الكاتب في جريدة "الرسالة" التابعة لحماس، قال "لقد كان اسمه مدرجاً على قوائم الجهات الأمنية الإسرائيلية، كما ذُكِر اسمه مرات عدة قبل ذلك، لكن المفاجأة هي طريقة تنفيذ الاغتيال، فهذه أول مرة تعمل فيها إسرائيل بهذه الطريقة في قطاع غزة."
وقال مدهون إن إسرائيل درجت حتى تاريخه على استخدام الصواريخ والطائرات المقاتلة لاغتيال قادة حماس.
كذلك أضاف مدهون أن ما زاد من شبهات حماس بأن تكون إسرائيل وراء الاعتداء هو أن فقهاء ليس بالشخصية المعروفة في غزة، فهو مسؤول عن أنشطة حماس بالضفة الغربية، ما يجعله هدفاً لإسرائيل.
تتأهب إسرائيل الآن لهجمات انتقامية، وقد اتخذ الجنود وسكان جنوب إسرائيل وضعية الحذر طيلة عطلة نهاية الأسبوع.
وقال عموس يدلين المدير السابق للاستخبارات العسكرية في منتدى عام يوم الأحد أن مقتل فقهاء قد يتطور سريعاً إلى تجدد الاشتباكات بين إسرائيل وحماس.
Comments