المحتوى الرئيسى

بالفيديو والصور.. «الوفد» داخل دار أيتام «أم القرى» بعد مصرع شاب بجرعة هيروين

03/27 20:09

مبانٍ مهجورة غارقة فى مياه الصرف الصحى، تحيط بها أكوام القمامة.. تشعر بقبضة شديدة بمجرد المرور من أمامها.. إلى هنا قد يبدو المشهد مألوفًا، إذا ما اعتبرناه مكانًا خاليًا غير مأهول بالسكان، لكن الكارثة هى أن تعلم أن هذا المكان المخيف ما هو إلا دار للأيتام، تحمل اسم «أم القرى»، وتضم بين جنباتها أكثر من مائة شاب تتراوح أعمارهم ما بين الستة عشر والثلاثين عامًا.

خلال الأيام الماضية تداولت وسائل الإعلام اسم «أم القرى» بشكل مكثف بعدما شهدت الدار التى تقع بالحى الثالث فى مدينة السادس من أكتوبر، حادث مصرع أحد نزلائها ويدعى مجدى نبيل إثر تناوله جرعة زائدة من مخدر الهيروين، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول غياب الرقابة على هذه الدار، التى تحولت إلى وكر لصناعة المجرمين والخارجين على القانون وانحرفت عن دورها الطبيعى.. العديد من المفاجآت الصادمة رصدتها «الوفد» خلال الجولة قامت بها داخل هذه الدار.

على بعد خطوات من البوابة الحديدية وقف شاب تظهر عليه علامات الإعياء والمرض، لكنه رفض التحدث معنا وذهب مسرعًا لنداء أخيه الأكبر فى الدار، «وحيد» ليخرج لنا الشاب الذى رحب بنا وطلب دخولنا عبر إحدى الفتحات بين القضبان الحديدية بعدما تم لحام الأبواب عقب مصرع الشاب المدمن.

وفور دخولنا للدار، بدأ «وحيد» فى سرد المشاكل التى يعانى منها شباب الدار وحالة الإهمال التى أصبحت عليها وقادتهم إلى طريق الإجرام، قائلا: «نعيش فى هذه الدار منذ نعومة أظافرنا، حتى أن البعض منا شارك فى بناء المبانى والتى وصلت إلى خمسة مبانٍ وبالرغم من المعاناة والمشقة التى تعرضنا لها هنا، كنا نحلم بمستقبل باهر بعد الحصول على القسط الكافى من التعليم، بالإضافة إلى توفير الوظيفة الملائمة وانتهاء بالحصول على شقة خاصة لكل منا كما يحدث فى أغلبية دور الأيتام لنبدأ حياة جديدة، إلا أن ذلك الحمل تبخر من سنوات طويلة، كان نفسى أطلع ضابط لكن فى الآخر حصلت على دبلوم، فنحن نعيش حياة غير آدمية فى هذا المكان وتعرضنا للتعذيب والضرب ولم نتلق أى اهتمام أو رعاية من أحد، فالمبانى غارقة فى مياه الصرف والشباب ينامون على الأرض لعدم وجود سراير، ولا يوجد أبواب أو شبابيك حتى الأكل لا نجده، لذلك خرج البعض يبحث عن عمل واضطر البعض الآخر للسرقة أو خلع باب أو شباك للحصول على الأكل الذى لم توفره الدار، فالإدارة ترسل لنا الخضار الفاسد، والقليل من الأرز والجبنة والمربى، وبعد كل ذلك هل ينتظر المجتمع أن يخرج من هذا المكان طبيب أو مهندس.

وأكد «وحيد» أن «محمود» الذى توفى بسبب الإدمان هو نتيجة طبيعية لحالة الإهمال والتسيب التى عليها هذه الدار والعديد من دور الأيتام فى مصر، بسبب غياب الرقابة من وزارة التضامن الاجتماعى، مطالبًا بتشكيل مجلس أعلى لدور الأيتام فى مصر للإشراف على هذه المؤسسات التى يستغلها البعض كاستثمار و«سبوبة» للربح دون النظر لمستقبل هؤلاء الأطفال أو الشباب، أو تطبيق مشروع الأسر البديلة.

وقال أحد الشباب المقيمين بالمكان، إن إدارة الدار منحت «محمود» جميع مستحقاته المالية قبل وفاته بأيام قليلة بالرغم من علمها بأنه مدمن هيروين، بعدما وقع على أوراق رسمية بذلك، مضيفا: «تتوقع مدمن معاه مبلغ 30 ألف جنيه، هيعمل بيه إيه، أكيد هيشترى بيه مخدرات وفى الآخر مات بسببه».

وروى أحد الشباب النزلاء فى الدار يدعى «إبراهيم» قصته مع الإدمان، قائلا: «أنا عايش فى الدار دى من سنوات، وأصبحت مدمنا على تعاطى مخدر الترامادول منذ تم فتح دولاب تجارة المخدرات فى الدار هنا من كام سنة، ودلوقتى باخد 5 حبات ترامادول فى اليوم الواحد ومن غيرهم ممكن أخرج أقتل أحد، لأن عقلى بيروح منى».

وأضاف «إبراهيم»: «بسبب المخدرات فقدت القدرة على التحكم فى نفسى وأصبت بحالة تبول لا إرادى بعدما فشلت فى العلاج من الإدمان، روحت مصحة للعلاج مرتين عن طريق إدارة الدار، لكننى هربت منها، لأن محدش كان بيزورنى ولا يسأل عليّ، وحتى المشرف كان يجيبلى باقى الأكل من الدار، أو أستنى باقى الأكل بتاع الزيارات».

وقال شاب من نزلاء الدار، رفض ذكر اسمه، يعمل فى أحد محلات المأكولات الشهيرة، إنه يقوم بدور الطباخ ويقوم بإعداد الأكل لأشقائه فى الدار وأنه يحضر مستلزمات المطبخ والبهارات من جيبه الخاص لمساعدتهم، مشيرا إلى أنه فى حالة تعرضه للمرض أو للتأخير فى عمله لن يجدوا من يجهز لهم وجبات الطعام.

وكشف أحد الشباب النزلاء فى الدار تفاصيل تعرضه للتعذيب فى دار أيتام أخرى، قبل هروبه للعيش فى دار «أم القرى»، قائلا: «فى الدار الأخرى، كان المشرف يضرب الجميع الأيتام فحاولت الدفاع عن نفسى وعن أشقائى فى الدار فقمت بضرب المشرف فقام بتوثيقى وضربى بملة السرير ثم اشعل النيران فى جسدى وتركنى دون أن يتم معالجتى، الأمر الذى أدى إلى تلوث الجروح وحدوث غرغرينا وبذلك اصبت بتشوه بجسدى، ما يتسبب فى رفض الآخرين حصولى على فرصة عمل.

نزيل آخر يفترش إحدى الغرف المحطمة والتى بدا على جدرانها التصدع، أكد لنا أنه اصيب منذ فترة بآلام مبرحة بالصدر فقام بالاتصال بمشرف الدار على هاتفه الخاص طلب منه أن يساعده فى التوجه إلى أحد الأطباء لعرض حالته الصحية عليه فطلب منه الذهاب إليه فى اليوم الثانى لمنحه عشرة جنيهات للتوجه إلى أحد المستشفيات الحكومية لتلقى العلاج وفى اليوم الثانى اختفى المشرف تماما وأثناء التحدث إليه طلب منا محاولة عرضه على أطباء متخصصين لصعوبة حالته الصحية بعد أن فشل فى ايجاد الرعاية داخل الدار.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل