المحتوى الرئيسى

بانكسي.. فندق التناقضات بمدينة مهد المسيح

03/27 16:25

للوهلة الأولى بدا اسم الفندق غريبا على سائق سيارة الأجرة، غير أن توصيف مكانه بالقرب من الجدار العازل وارتباطه باسم الفنان العالمي بانكسي سهَّل وصولنا إليه.

في اليوم الثاني من افتتاحه، صُنِّف كأشهر فندق بالعالم ووسم بـ "أسوا مطل" أيضا، فكان على عكس ما تتسارع إليه فنادق محلية وعالمية لتحوز لقب الأجمل في إطلالتها وتميز خدماتها.

واكتسب فندق الجدار (وولد أوف هوتيل) -الذي افتتحه الفنان التشكيلي البريطاني بانكسي قبل أيام قليلة بمدينة بيت لحم الفلسطينية- هذا السوء بإطلالته على حواجز الاحتلال الإسرائيلي العسكرية وجداره العازل.

لعام ونصف العام عمل صاحب الفندق وسام سلسع والفنان بانكسي في إعداد الفندق لإخراجه بطريقة فنية جمعت بين تناقضات كثيرة تعكس جمالية المكان رغم قدمه، والهدف الذي أنشئ لأجله.

وحاكت قاعة الاستقبال حقبة عيش نبلاء الإنجليز خلال الاستعمار، فالأثاث الفخم ذو الطابع الإنجليزي القديم والموسيقى الهادئة طغت على صخب اللون الأحمر لقرد الشامبانزي وهو يقف عند المدخل حاملا بيده حقيبة تناثرت منها الملابس.

بينما علت ثلاث لوحات زيتية لبانكسي يظهر فيها البحر وهو يقذف بسترة النجاة عند شاطئه، ومجسمات بالواجهة الأمامية لأطفال يتدلون من السقف بأجنحة ملائكية وقد غطت وجوههم الأقنعة الواقية من الغاز بينما تدلى قط أسود بمجسم آخر بأسفل قفص حديدي بداخله حمامة "السلام" البيضاء.

كل شيء هنا من أعمال بانكسي بالفكرة والتنفيذ، وكل قطعة وضعت باختياره -كما يقول سلسع- ويُضيف أن الفندق أقيم في بناية قديمة استخدمت كشقق سكنية هجرها أصحابها بفعل الجدار الذي كرهه بانكسي.

وقرب قاعة الاستقبال تظهر حجرات صغيرة غلب عليها السواد بالصور والمجسمات، وعرض تلفزيوني لصلف الإنجليز والاحتلال بدءا بـ وعد بلفور المشئوم ومرورا بإقامة الجدار والمستوطنات وانتهاء بحروب الاحتلال ضد غزة وقمعه لـ المقاومة الشعبية بالضفة الغربية.

ويقابل مخلفات جنود الاحتلال ووسائلهم لقمع الفلسطينيين -من قنابل الصوت والغاز والرصاص والقذائف الصاروخية- أدوات بسيطة يدافع بها الفلسطينيون عن أنفسهم كالمقاليع والمعاول.

وخصصت صالة أخرى في الطابق الثاني -وفق سلسع- لعرض لوحات تشكيلية لفنانين فلسطينيين، بينما اختير الطابق الثالث لغرف الفندق التسع التي صممت بأعمال فنية ومناظر مشمئزة وكأنها تتناقض والغرف الفندقية بالعالم، ورغم ذلك توصف بأنها الأغلى، فالغرفة الواحدة تكلف 250 دولارا أميركيا لليلة بينما تقدر الغرفة الرئيسية (السويت) بألف دولار.

وربما دفع هذا السعر السائح الألماني كيغيت (27 عاما) لزيارة الفندق ومشاهدته فقط دون المبيت فيه، فقد قرأ عنه في مجلة "ديت سايت" الألمانية واستمتع بزيارته عن قرب، أما السويدية آنا بيرجرسون -وهي متضامنة مع الفلسطينيين ضد الاحتلال- فقالت للجزيرة نت إنها مستاءة من الجدار وتتمنى إنهاء الاحتلال وأن ينعم الفلسطينيون بالسلام.

وهو الشعور ذاته الذي عاشته الطالبة الجامعية أفنان عباسي خلال زيارتها للفندق، وقالت إنها تتابع باستمرار أعمال بانكسي، ورأت أنها تجسد فعلا واقع الفلسطينيين المُر بفعل الاحتلال وأنها "الحلقة المفقودة" في ثقافة الجيل الفلسطيني الناشئ ليرى ويتعلم.

واتفقت معها صديقتها نادين يوسف بأن فكرة الفندق جديدة لإظهار عنصرية الاحتلال للعالم، وأن الجدار لم يقم لدواع أمنية كما يروج الإعلام العالمي وإنما لتعذيب الفلسطينيين وسرقة أرضهم، وقالت إنه سيغدو متحفا أكثر من أن يكون فندقا.

ولم يعرف فنان الشارع بانكسي بأكثر من اسمه هذا رغم زياراته المتكررة إلى فلسطين وتجسيده -بأعماله المناهضة للاحتلال- واقع أهلها بالضفة وغزة التي دخلها عبر الأنفاق.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل