المحتوى الرئيسى

ماجد الجلاد يكتب: مانيفستو ضد البدلة

03/27 10:09

“ممنوع الاقتراب أو التصوير”، لافتة نراها على أسوار المناطق العسكرية الشائكة. جملة محفوظة نعرفها ونحترم نبرتها الصارمة، نعلم أن التوغل فى تلك المناطق قد يعرضنا للاعتقال فى أفضل الأحوال.

المواطن المدنى يحترم تلك اللافتة وإن لم تكن معلقة، فلم نسمع عن توغل بائع متجول داخل أحد المعسكرات يعرض بضاعته، أو رجل أعمال قرر أن يصبح ضابطا.

لكن على النقيض، فالمجتمع المدنى بلا أسوار أو لافتات تحذيرية، فأى جهة أمنية -ناهيك عن المؤسسة العسكرية- حين تقرر التوغل فى حرم المجتمع المدنى لن يمنعها شيء. لا إحم ولا “دستور” ولن تتعرض لشيء سوى السخرية ربما.

لكنك قد تعتقل أيضا لأجل سخرية!

فمتى ترى القوات المسلحة لافتة المجتمع المدنى التحذيرية “غير المعلقة”؟!

لماذا التوغل المفرط فى كل مناحى الحياة المدنية، بدءا من حليب الأطفال حتى مقعد الرئيس، مرورا بمقاعد المحافظين والهيئات المدنية والمؤسسات؟

القانون يجّرم انتحال صفة عسكرية ويقضى بعقوبة مشددة ومستحقة لمن يدعى ما ليس صفته، فى حين أن انتحال صفة مدنية تمر مر السكين فى البغاشة!

البعض حتى يعتبرها تنازلًا حين يخلع الجنرال زيه العسكرى ويرتدى بدلة مدنية، كأنه هبط بمستواه ومقامه الرفيع لينتشلنا نحن المدنيين من التخبط والعشوائية، فتكون النتيجة هذا الفشل الذريع الذى يغلف الوطن.

نحن المدنيين لا نعرف شيئا عن أمور الجيش، لا ندرك الخطط والاستراتيجيات وأنواع السلاح المختلفة، مداها وطريقة وكيفية استخدامها، وكل هذه العلوم والخبرات العسكرية اللازمة لإدارة كيان عسكرى، لذا تخيل عزيزى الضابط حجم الكوارث التى تحدث حين يأتى مواطن مدنى ويستلم قيادة وحدة عسكرية لمجرد أنه ارتدى بدلة ميرى؟

تخيل أنه أصبح رئيسا للأركان؟ أليست كارثة؟!

وبالتالى حين يتوغل ضابط فى أمور لا يدركها كإدارة دولة “مدنية” وحياة سياسية قائمة على التنوع الأيديولوجي وحق الاعتراض، تحدث كارثة.

التاريخ الحديث أخبرنا أن المحافظ والرئيس القادم من القوات المسلحة لا يمكن أن يخلع تفكيره الصارم مع البدلة، الجيش المصرى أكبر من مجرد بدلة وهذا شئ إيجابي وعظيم على المستوى العسكرى، لكنه سلبى على المستوى المدنى.

القادم من مدرسة الجيش عاش واستقر سنوات على تراتبية الأوامر وتجريم النقاش وتقزيم الاعتراض إلى تظلم.

إذًا من الطبيعى عندما يدير دولة “مدنية” أن يتحول حق الاعتراض إلى تظلم، وحق العمال إلى مطالب فئوية، وحق التظاهر إلى جريمة.

فى نفس السياق تتم إدارة الحياة السياسية والطلابية بالقبضة الأمنية، فيتم تهميش المواطنة وأسئلة الاختلاف وتأجيج التقوقع الطائفى، وتعظيم رؤية الحاكم وتحويلها إلى قرارات ملهمة تنتج مشاريع عظيمة البروباجندا وعظيمة الفشل!

فى هذا المناخ الاستقطابى، أصبح المطالبون بالحقوق المدنية عملاء، والمنادون بالحرية والديمقراطية خونة.

أصبح الدين حزبا، والجيش حزب والشعب ضيف!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل