المحتوى الرئيسى

أرجوك.. لا تكتب هذا المانشيت!! | المصري اليوم

03/27 01:10

فى 15 يناير 2011 كتبت «أخبار اليوم» مانشيتاً بعنوان «.. وتعلو مصر.. المؤسسات الدولية: مبارك حقق لبلاده أعلى معدلات النمو الاقتصادى» وأعلاه إشارة عن هروب بن على من تونس بعد أكثر من 4 سنوات، كتبت 11 صحيفة نفس المانشيت «مصر تستيقظ» للدلالة على ما اعتبرته نجاحا للمؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ. ما بين «مصر التى تعلو» و«مصر التى تستيقظ» كتبت آلاف القطع التى شكلت مانشيتات للصحف المصرية، وظلت الأسئلة معلقة: هل أصبح المانشيت يمنح القراء أى معرفة أم أنه مجرد مركز الفاترينة لاتخاذ قرار الشراء؟ هل يلبى رغبة القارئ فى التلقى فى ظل التطور التكنولوجى؟ هل يقدم له جديدا؟ هل انتهت صلاحيته فى العالم الرقمى؟ هل يساعدك فى اتخاذ قرار أو تبنى وجهة نظر أو حتى الاستسلام لدعاية أو توجه؟

قارئ «.. وتعلو مصر» قطعا اختلف تماما عن قارئ «مصر تستيقظ»، المطبوع كان فى الأولى مازال يقاوم التكنولوجيا، أما فى الثانية فقد هزمته بالقاضية، فقد تغير كل شىء، الصناعة نفسها وعادات القراءة ومصادر الأخبار وقنوات المعرفة، وصار المانشيت مثل طرابيش الزمن الماضى، يصلح لمتحف، موجود فقط للاقتناء دون الارتداء، حقيقة بلا تأثير، حضور غائب، وغياب حاضر، كلام ساكت، حروف بلا قيمة.

لم يعد للمانشيت معنى، قيمة الإخبار «من الفعل أخبر» سقطت، فقد سطت المواقع الإلكترونية على تلك الميزة، وبات الحديث عنها فى صحافة الغد مثل رابع المستحيلات، ورغم ذلك أفردت الصحف لذلك المستحيل مساحات لتخبر الناس شيئا عرفوه بالأمس دون أى قيمة تشعرهم بأنك تسدى إليهم خدمة إو تدفع إليهم بدهشة ليقرروا شراءك فى اليوم التالى..!

حتى الحيل التى تستخدمها غرف الأخبار لم تعد صالحة، مثل كتابة قصة إخبارية من متفرقات، أو تجميع أخبار ووضعها فى سياق واحد لإيصال معنى ما مثل: حرائق فى عدة محافظات.. فتصبح (البلاد تحترق) أو غلبة اللونين الأبيض أو الأسود فى المعالجة لتصبح مثيرة للقراءة مثل ربط هروب رجل أعمال ما مع تراجع فى مؤشرات البورصة مثلا، فى حين أنه ليس السبب الحقيقى، فالقصص الرمادية الواقعية قد لا تحلو لمحرر المانشيت أو رئيس التحرير..!

يمكن اعتبار العام 2012 تاريخاً لنهاية ما يعرف بـ«المانشيت البياع»، حسب لغة باعة الصحف، بعد ازدهار لافت فى يناير، فقد كان الناس ينتظرون شيئا من الصحف، أما اليوم فقد أنضجتهم التكنولوجيا ولم يعودوا يتوقعون شيئا من مانشيتات علموا بها مسبقا.

أدرك معاناة الزملاء فى غرف الأخبار، ولكن ما لا أدركه إنكار محنة المانشيتات البائسة، مانشيتات لم تغادر الماضى ويلزمها اعتراف ثم تدبُّر لكى نعطى بها للناس معنى حقيقياً، والحلول تتلخص فى أن تصنع الصحيفة لنفسها منتجا مخالفا لغيرها يتسم بالتفرد والعمق والحرفية لتظل باقية على قيد الحياة وسط طوفان الرقمى، ولا تكرر ما يكتب الآخرون كما كانت تفعل الصحف الروسية التى كانت نسخا من «البرافدا» صحيفة الحزب الشيوعى.

المانشيت بضاعة قديمة تجاوزها الزمان، بضاعة كاذبة، رمز للصمت، أنيس للعزلة، عدو للجدوى، فهل تأثرت أو ستتأثر يوما ما، إذا قرأت عند احدهم مانشيتا يقول: «مصر تحلق» إذا افتتحت الدولة مطارا مثلا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل