المحتوى الرئيسى

48 ساعة نقاش عن تحديات التنمية المستدامة فى «منتدى الشارقة»

03/26 20:40

86 % من لاجئى العالم فى الدول الأكثر فقرًا

22 % فقط من اللاجئين حول العالم يحصلون على مستوى التعليم المتوسط

مطالبة الإعلام بتحويل التعامل مع اللاجئين من أرقام إلى أشخاص.. وقصص إنسانية تبث بشكل متواصل عبر الشاشات العربية

آل جور: تلوث الهواء يكلف الاقتصاد العالمى أكثر من 225 مليار دولار

توصيات بتفعيل المشاركة المجتمعية.. ودعم البحث العلمى والبيئة والإعلام.. وإنشاء «صندوق تعليم الأطفال الخيرى» لدعم الفقراء فى العالم

شهد المنتدى الدولى للاتصال الحكومى، الذى استضافته إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة نهاية الاسبوع الماضى، نقاشات جادة ومتنوعة عن التحديات التى تعترض طريق التنمية المستدامة، وبالأخص أوضاع اللاجئين والنازحين فى الدول الفقيرة، والتغير المناخى الذى يؤثر على عملية التنمية، ويكلف الاقتصاد العالمى أكثر من 225 مليار دولار، وفق تصريح آل جور، نائب الرئيس الأمريكى الاسبق خلال مشاركته احدى جلسات المنتدى.

حضر المنتدى أكثر من 2500 مسئول وشخصية محلية وعربية وعالمية، وضمت قائمة المشاركين رئيس جمهورية سابق ونائب رئيس جمهورية، ورئيسى حكومات سابقين، و5 وزراء إماراتيين، وشخصيتين عالميتين من حملة جائزة نوبل للسلام إلى جانب عدد من ممثلى المنظمات الدولية والمسئولين فى القطاعين العام والخاص.

شهد المنتدى العديد من جلسات النقاش، كان أبرزها، جلسة حوارية بالتعاون مع مؤسسة القلب الكبير، ناقشت آثار الصراعات واللجوء على التنمية العربية، شارك فيها كل من خالد خليفة الممثل الإقليمى للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجى، الذى تطرق لمشكلة اللجوء بالأرقام، حيث قال إن هناك ما يزيد على 65 مليون لاجئ فى العالم، عبر منهم 21 مليون الحدود الدولية، وأشار إلى أن 86% من اللاجئين والنازحين يعيشون فى بلدان العالم الثالث التى تعانى من مشكلات البطالة والفقر وتدنى المستويات الخدمية، خاصةً فى قطاعى الصحة والتعليم التى يتم تمويلها الآن على حساب ميزانيات الإغاثة التى تخصصها هيئة الأمم المتحدة. وأوضح خليفة أن 22% فقط من مجموع اللاجئين حول العالم يحصلون على مستوى التعليم المتوسط، بينما يعتبر 50% من مجموع اللاجئين فى سن التعليم.

وأكد خليفة أن مشكلة اللجوء تنعكس على الأمن الدولى والوطنى للكثير من الدول نتيجة للإحباط الذى يعانيه جيل كامل من الشباب الذى فقد أى مصدر للأمل أو شعور بالانتماء، واعتبر أن معاناة النساء من مشكلات اللجوء تفوق معاناة الرجال، حيث تعيش هؤلاء النساء فى دول لا تهتم بتنمية مهاراتهن، ما يحد من قدرتهن على القيام بمسئولياتهن تجاه عائلاتهن ومن هم تحت رعايتهن، لذلك أولت هيئة الأمم المتحدة اهتماما خاصا بالنساء من خلال المحددات الخمس التى وضعتها ضمن برامج اللجوء والتى تركز على استقلالية المرأة وحقها فى المشاركة فى إدارة برامج اللجوء والوصول للمواد الغذائية وغيرها بالإضافة إلى محاربة العنف المستخدم ضد النساء اللاجئات.

بدورها أكدت مريم فرج مديرة قسم المسئولية الاجتماعية فى مجموعة MBC، على ضرورة مشاركة القطاع الخاص فى مواجهة تحديات المرحلة التى تشمل الجميع بدون استثناء ــ على حد تعبيرها. وطالبت فرج الإعلام بالقيام بدور أكثر فاعلية فى تحويل التعامل مع اللاجئين من أرقام إلى أشخاص وقصص إنسانية تبث بشكل متواصل عبر الشاشات العربية، كما طالبت القطاع المنظمات والهيئات الدولية بالموازنة فى الدعم بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة كون الطرفين يعانيان بدرجة متساوية من نتائج الحروب والصراعات.

من جانبه قال بيتر كوستوريز مدير المجلس النرويجى للاجئين فى الأردن إن هناك أكثر من 70 منظمة دولية تعمل حاليا لمساعدة الأردن على تخطى نتائج أزمة اللاجئين حيث نزح إلى أراضيه ما يقدر بـ 87% من نسبة اللاجئين السوريين منذ عام 2011 حتى اليوم، وأشار كوسترويز إلى أن مساعدات الأمم المتحدة تتركز حول دعم البنى التحتية والتعليم والصحة وتوفير مياه صالحة للشرب.

ومن ضمن الجلسات النقاشية المهمة ايضا، كانت جلسة «الاتصال الحكومى والأهداف الإنمائية فى العالم العربى»، حيث ناقشت أهم التحديات التى تواجه التنمية فى العالم العربى وكيفية وضع الحلول الممكنة لإطلاق مسيرة تنمية مستدامة.

شارك فى الجلسة كل من مشعل كانو رئيس مجلس إدارة مجموعة «كانو»، وحنان الحروب الفائزة بجائزة أفضل مدرس على مستوى العالم للعام 2016، ود. غادة المطيرى باحثة ومبتكرة من أصل سعودى، وأستاذة ورئيسة مركز دراسات النانو فى جامعة كاليفورنيا ــ سان دييجو.

وأكدت حنان الحروب أن التنمية البشرية هى المدخل الصحيح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث إن الاهتمام بالأطفال والطلبة من جميع الأعمار وتنمية قيمهم وأخلاقهم ومسئوليتهم، سيساهم فى تأسيس جيل كامل قادر على مواجهة التحديات التى تعانى منها المنطقة العربية، وعلى وضع حلول جريئة لمعضلات التنمية. وأشارت الحروب إلى دور المعلمين فى بناء وعى تنموى لدى الطلبة حيث إن التلاميذ يقضون فى المدارس وقتا أطول مما يقضونه فى بيوتهم مما يضع على عاتق المدرسين مسئوليات مضاعفة تستوجب تأهيلهم لتحملها بالكامل.

ومن ناحيته، أشار مشعل كانو إلى ضرورة تغيير نمط التفكير الذى يتحكم بقطاع التعليم وتغليب أهداف تنمية الطلبة على أهداف الربح الذى يسعى إليه القطاع الخاص اليوم فى كل مكان، مطالبا أصحاب العمل بوضع المصلحة الاجتماعية على رأس أجنداتهم وبرامجهم، واعتبر أن الشركات فى القطاع الخاص ساهمت إلى حد كبير فى بناء الطاقات البشرية من خلال تأهيل الكوادر بالمعرفة اللازمة حول أسواق العمل.

وشددت الدكتورة غادة المطيرى خلال حديثها على أهمية تشجيع البحوث العلمية والمناهج القائمة على التجارب الذاتية للطلبة، لما لذلك من دور كبير فى تأسيس الشخصية المبدعة، مطالبةً بضرورة النظر فى الأنماط التقليدية للتعليم لعدم ملاءمتها مع متطلبات التنمية المستدامة. واعتبرت المطيرى أن بعض من رجال الأعمال يعانون من قصر النظر لأنهم لا يرون الآثار الإيجابية بعيدة المدى للتنمية الاجتماعية، موضحةً انه لا مقارنة بين عزلة العلماء التى تنتج الاختراعات والاكتشافات لخدمة البشرية، وبين عزلة الشركات ورجال الأعمال التى أدت على إهمالهم لمسئولياتهم تجاه تنمية مجتمعاتهم.

ومن بين الجلسات المهمة ايضا، تلك الجلسة التى تحدث فيها آل جور نائب الرئيس الأمريكى الأسبق ومؤسس مشروع «الواقع المناخى»، وكانت تحت عنوان «التغيّر المناخى...هل من حلول؟»، وحضرها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وأكد آل جور أن قضية التغير المناخى ليست تحديا لمنطقة الشرق الأوسط دون غيرها فى العالم بل هو تحدٍ أخلاقى للبشرية. وأشار إلى أن التغير المناخى الراهن ليس مجرد أزمة عادية فهو عبارة عن تصادم مباشر للحضارة البشرية مع كوكب الأرض نتيجة التقدم التكنولوجى وتنامى عدد السكان، مشددا على ضرورة التحرك السريع لتغيير نمط التفكير السائد فى العالم حاليا.

وأوضح أن الأرقام المتعلقة بالتدهور البيئى تشكل جرس إنذار فى جميع أنحاء العالم، واستشهد بتقرير للبنك الدولى بالتعاون مع معهد المقاييس والتقييم الصحى الصادر فى سبتمبر 2016 ويشير إلى أن تلوث الهواء يكلف الاقتصاد العالمى أكثر من 225 مليار دولار بسبب غياب الموظفين عن العمل والتكاليف المستحقة للرعاية الصحية، كما أشار التقرير أيضا إلى أن 5.5 مليون حالة وفاة فى عام 2013 كانت نتيجة مباشرة لتلوث الهواء.

وفى رده على سؤال حول ما يمكن أن تقوم به حكومات المنطقة لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة، قال آل جور بأن منطقة الخليج تمتلك إمكانات كبيرة لتوليد الطاقة الشمسية، وأن الإمارات تحديدا تسير بخطى صحيحة فى هذا المجال، قائلا إن تجربتها جديرة بالاتباع والتكرار فى جميع أرجاء المنطقة، منوها بأن دول الخليج تستطيع التعاون فى شبكة كهربية شمسية متكاملة.

وعقدت ايضا خلال فاعليات المنتدى، ورشة عمل متخصصة تحت عنوان «إدارة وبناء سمعة الدول وتأثيرها على الاقتصاد»، بالتعاون مع «بى بى سى، وورلد وايد»، تحدث فيها ريتشارد باتينسون، نائب رئيس أول للمحتوى فى «بى بى سى للإعلان»، «ستورى ووركس» وذلك بحضور عدد من المسئولين فى المؤسسات الحكومية المحلية فى مركز أكسبو الشارقة.

استهل باتينسون الجلسة بتقديم ثلاث دراسات حالة سلّط من خلالها الضوء على أفضل الممارسات فى ادارة وبناء سمعة الدول، وهى عبارة عن مواد إعلامية وإعلانية متنوعة فى تجارب مميزة لعدد من القنوات الإخبارية العالمية لكل من: أمريكا ديسكفرى دوت كوم وهو فيلم سياحى، و«بى بى سى بريطانيا»، هدفت من خلاله التعريف بلندن قبل دورة الألعاب الأوليمبية لعام 2012، وألمانيا عند استضافتها لكأس العالم لكرة القدم فى عام 2006.

وتضمنت الورشة تمرينا تطبيقيا على عدد من الدول كنماذج وفقا لعدد من المعايير مثل السلامة، والمناظر الطبيعية، والتسامح والتاريخ، حيث عمل المشاركون من خلاله اختيار مؤشرين إيجابيين وسلبيين لكل دولة. وأتاح هذا التمرين فرصة مناسبة للجمهور للتفكير حول أهم الرسائل التى تروج العلامة التجارية لأى بلد.

وردا على إمكانية تغلب الحكومات على النظرة السلبية تجاهها، قال باتينسون: «إذا كانت هناك مشكلة، يجب على الحكومات أن تكون شفافة وتتحدث عنها بصراحة وعن كيفية تعاملها معها».

وعن رؤيته المناسبة حول علامات الدول التجارية، قال باتينسون: «من المهم جدا أن يتم تحديد ثقافة رسالة العلامة التجارية من الجهات العليا»، منوها بأهمية الالتزام برسالة موحدة ومتماسكة طوال الوقت». وقال باتينسون: «تواجه المملكة المتحدة مشكلة كبيرة فى التعامل مع الخروج من الاتحاد الأوروبى، وهى تبذل جهدها لتحويل نقاط الضعف إلى فرص لتعزيز نقاط القوة. وإن فكرة خلق الفرص من نقاط الضعف هى فكرة واقعية جدا».

وجاءت التوصيات التى خرج بها المنتدى، انعكاسا لما دار فى جلسات ووش العمل، حيث أوصى المشاركون ببدء تنفيذ شبكة الاتصال الحكومى العربية، وتأسيس لجنة عربية مشتركة مهمتها تقديم الدعم وإطلاق المبادرات التى من شأنها تحفيز برامج الاتصال الحكومى الداعمة لجهود الدول العربية نحو تحقيق التنمية المستدامة.

وأوصى المنتدى بحزمة مبادرات تنفيذية تستهدف تفعيل المشاركة المجتمعية وتدعم البحث العلمى والبيئة والاعلام وتهتم بالأطفال والشباب وكبار السن والأشخاص ذوى الإعاقة. ودعا المنتدى إلى البدء بالتواصل مع إدارات الاتصال الحكومى على مستوى دول الخليج والمنطقة العربية لتأسيس شبكة الاتصال الحكومى العربية ويكون مقرها الدائم مدينة الشارقة ولها مكاتب تمثيل فى جميع الدول الأعضاء.

وأوصى كذلك بضرورة تطبيق آليات حديثة وعصرية لتقييم حالة الرأى العام السائدة وانطباعات الجمهور حول البرامج والأنشطة الحكومية التوعوية ومدى تأثير أنماط الاتصال القائمة، واضاف بضرورة بذل المؤسسات الرسمية للمزيد من الجهود الرامية لتعزيز وجودها بشكل مؤثر على منصات التواصل الاجتماعى التى باتت اليوم الأكثر تأثيرا على أنماط تفكير أفراد المجتمع، وتوظيف المزيد من الكوادر الشابة الأكثر قدرة على التعاطى مع أنماط الاتصال الحديث.

كما دعا إلى تفعيل المشاركة المجتمعية من خلال الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام فى ايجاد برامج تنموية تحقق تنمية مستدامة للمجتمعات، والاهتمام بالمحتوى الإعلامى الداعم لجهود التنمية الشاملة والقيم الإنسانية.

وخرجت توصيات ورشة عمل ذوى الإعاقة بضرورة تعليم لغة الإشارة فى المدارس ليستطيع جميع أفراد المجتمع التواصل بلغة الإشارة، والعمل على إصدار كود الإمارات (رمز الإمارات المعيارى للبيئة الشاملة) للأشخاص، والمؤسسات، والمجتمع كدليل للبيئة المستدامة.

وخرجت ورشة مجلس شورى الأطفال بتوصية فى محور الاستدامة وتقترح وضع منبه ذكى على أبواب المنازل للتنبيه عن مصادر الطاقة غير المطفأة قبل الخروج، وفى محور القضاء على الفقر دعم مشروعات الأسر المنتجة من البلدان الفقيرة بدلا من الدعم المالى المباشر للحكومات. وفى محور التعليم إنشاء صندوق تعليم الأطفال الخيرى لدعم وتعليم الأطفال الفقراء فى العالم.

وأكدت توصيات مجلس الشباب ضرورة سعى الجهات الحكومية لمعرفة ماهية منصات التواصل والتطبيقات الذكية الأكثر انتشارا وتأثيرا بهدف التواصل مع الشباب، وضرورة إتاحة ساعات مجتمعية كجزء من العمل فى الإدارات الحكومية التى يعمل فيها الشباب لتعزيز دورهم فى إحداث التغيير الإيجابى المطلوب فى محيطهم ومجتمعهم.

ووفقا لجواهر النقبى، رئيس المنتدى، فقد دعا المنتدى إلى ضرورة إطلاق برامج تدريبية متخصصة ومستمرة لصقل مهارات المنتسبين لأجهزة الاتصال الحكومى بما يضمن مواكبة الحكومات للتطور المستمر والسريع لأنماط الإعلام الرقمى الجديد، وضرورة تمكين إدارات الاتصال الحكومى ومنح المسئولين عن الحسابات الرسمية على منصات التواصل الاجتماعى المزيد من المرونة والصلاحيات لمواكبة التفاعل مع الجمهور بشكل سريع يعزز سمعة المؤسسة وحضورها الفاعل.

Comments

عاجل