المحتوى الرئيسى

عثمان عبد الحليم يكتب: التغير المناخي .. البعبع الذي يهدد عالمنا العربي  | ساسة بوست

03/25 14:31

منذ 13 دقيقة، 25 مارس,2017

عالمنا العربي الذي يمتد من النيل الى الفرات تمسك يتلابيبه الازمات بأنواعه المختلفة، ما عليك سوى أن تمسك ورقة وقلم وتدون قائمة بضروب الأزمات التي يمكن أن تهدد أية أمة، إلا وستجدها حاضرة في عالمنا العربي بدء بأزمات الاقتصاد والصحة والتعليم مرورًا بأزمات التنمية والتطور والتحضر إلى أن تصل إلى أزمات الأمن، كالحروب المستعرة في شتى أرجائه في سوريا وليبيا والعراق واليمن.

كل هذه الأزمات والمهددات التي تحيط بعالمنا العربي تجد حظًا وفيرًا من الاهتمام، سواء في عناوين الأخبار أو إفادات المحللين والخبراء أو كتابات الصحافيين وحتى تغريدات ومنشورات الناشرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولكن بالرغم من كل هذه المهددات القوية لعالمنا العربي التي جعلته كجسد أثخنته الجراح وتداعت عليه الأمراض والأدواء، حتى لم يعد يقوى على النهوض والاستقامة، إلا أن التغير المناخي يبقى هو الأزمة الأخطر على الإطلاق والتي لا يلقي لها الناس بالًا بالقدر المكافئ، ولا تجد حظها من الترويج والعرض.

التغير المناخي هو البعبع المخيف الذي بمقدوره أن يؤدي لكل تلك الأزمات مجتمعة كنتيجة حتمية، وهو الذي يملك رصاصة الإجهاز على هذا الجسد المنهك إن لم يقف الجميع في وجهه بشجاعة وقوة وعزيمة.

ما هو التغير المناخي وكيف يهدد العالم؟

 بات العالم بصورة أوضح من أي وقت مضى في خطر من تغير المناخ الناتج عن الاحتباس الحراري وهو المصطلح الذي طفى على السطح بداية التسعينات عندما أصدرت الهيئة الحكومية الدولية للتغير المناخي  وهي هيئة علمية تابعة للأمم المتحدة تقريرًا رسميًا يشير إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل متنام، ويشير أيضًا إلى أن ذلك يشكل خطرًا بالغًا على مستقبل البشرية، بل على مستقبل كوكب الأرض بأكمله.

الاحتباس الحراري والذي يعني زيادة درجة حرارة كوكب الأرض هو بدوره يأتي كنتيجة لزيادة انبعاث الغازات الدفيئة الناجمة من النشاطات البشرية الصناعية التي تستخدم الوقود الأحفوري ومشتقاته، والناجمة كذلك من قلة المساحات الخضراء التي تقلل من هذه الغازات الدفيئة بامتصاصها نتيجة للنشاطات البشرية المسيئة تجاه الغابات بالقطع الجائر واستخدام الأخشاب في الوقود ومدخلات الصناعة.

وتعتبر غازات ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء والميثان، والأوزون وأكاسيد النيتروجين ومركبات الكلورو فلورو كربون من أهم غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وإن كان الأول هو أهم هذه الغازات وأكثرها تأثيرًا.

إذا فالعالم يضر نفسه بنفسه حينما ينساق وراء نزواته الصناعية بتجرع الوقود الاحفوري كالنفط ومشتقاته وكذلك  الفحم الحجري والنباتي فينتج عن ذلك احترار الكوكب ككل؛ فيتغير المناخ بارتفاع في درجة حرارة الكوكب؛ مما يؤدي إلى تأثيرات بالغة الخطورة نذكر منها الآتي:

ذوبان أجزاء كبيرة من القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع مستوى البحر بمقدار قد يصل إلى تسعة أمتار كاملة، وهو ما يعني غرق أجزاء كبيرة من الجزر الاستوائية والدلتاوات البحرية والمناطق الساحلية المنخفضة خاصة في شمال أوروبا وشرق أمريكا ومصر وبنغلاديش والهند والصين. زيادة معدل انتشار الأمراض والأوبئة المستوطنة، مثل الملاريا وحمى الضنك والتيفود والكوليرا بسبب هجرة الحشرات والدواب الناقلة لها من أماكنها في الجنوب نحو الشمال، وكذلك بسبب ارتفاع الحرارة والرطوبة ونقص مياه الشرب النظيفة. تدمير أو انخفاض إنتاجية بعض الموائل الطبيعية الحيوية، وعلى رأسها الشعاب المرجانية والغابات المدارية، وهي من أهم الموائل على ظهر الأرض ومن أكثرها عطاء للإنسانية، تتبع ذلك زيادة معدلات انقراض الكائنات الحية كنتيجة مباشرة لتدمير مثل هذه الموائل وعدم قدرة الكثير من كائناتها على التأقلم مع التغيرات الجديدة. زيادة نسبة الأراضي القاحلة وانخفاض الإنتاجية الزراعية كنتيجة مباشرة لزيادة نسبة الجفاف وتأثر عدد كبير من المحاصيل الزراعية سلبًا بتغير درجة الحرارة والمناخ. تغير أنماط الأمطار والثلوج وتيارات المحيطات وارتفاع ملوحة وحموضة مياه البحر، وما يتبع ذلك من زيادة موجات الجفاف وحرائق الغابات وحدة العواصف وغير ذلك من الاضطرابات المناخية المذكورة آنفًا.

هذه التداعيات المذكورة قد تؤدي اإى كوراث كبيرة سيكون لها تأثيرتها البالغة في الجوانب التنموية والاقتصادية  والسياسية والإنسانية والطبيعية؛ مما قد يؤدي دون مبالغة إلى رسم خريطة جديدة لهذا الكوكب المنكوب.

أصبحت قضية التغير المناخي بسبب زيادة الوعي  العالمي بها من القضايا التي تجد الاهتمام على مستوى الحكومات الدولية حيث أقر ممثلو 195 دولة على اتفاق تاريخي في قمة المناخ في فرنسا في العام 2015  نص على اتفاق غير مسبوق للتصدي للاحتباس الحراري ويهدف لتحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الأحفوري خلال عقود، وإبطاء سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض.

العالم العربي لم يكن بمعزل عن هذه القمة حيث تواجد ممثلي هذه الدول في القمة و يعد الوطن العربي من أقل المؤثرين بصورة مباشرة في ظاهرة التغير المناخي الناجمة عن الاحتباس الحراري، ولكنه بالمقابل يعتبر من أكثر المتأثرين عالميًا من هذه الظاهرة.

فبالاضافة للتأثيرات الشاملة  المذكورة أعلاه فإن العالم العربي بالخصوص مهدد بصورة أعلى؛ حيث سيؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى ذوبان الجليد في القطبين؛ مما يهدد بفياضانات قد تدمر وتغمر مدنًا عربية ساحلية على البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر،  وبالإضافة إلى ذلك فإن عشرون من أصل أربعين دولة مهددة بشح في المياه العذبة بحلول منتصف القرن الحالي هي من الدول العربية، وكذالك فإن دول كمصر والأردن والمغرب ستجابه موجة من التصحر ونقصانًا شديدًا في المحاصيل الزراعية نتيجة، وهو ما بدأ يلاحظه مزارعو تلك الدول فعلًا، كما أن دولًا كلبنان والعراق وسوريا ستعاني مشاكل في المياه العذبة أكثر من غيرها.

دول الخليج كذلك ستكون من أكثر الدول المتضررة من ارتفاع درجة حرارة الأرض نظرًا لأنها من أكثر الدول حرارة في الأساس، فهذه الدول ستعاني من تداعيات هذا الاحترار في الجوانب الاقتصادية والتنموية والبيئية والصحية، ولاسيما جوانب الأمن المائي والغذائي.

سياسات التغير المناخي في العالم العربي 

سواء كنت مؤثرًا أو متأثرًا بالتغير المناخي.. وسواء كنت من الدول الصناعية العظمى والتي تحمل كبر  وزر الاحترار العالمي أو كنت من الدول الصغرى الفقيرة التي تجني مر الثمر من هذا النشاط الصناعي المسعور فإن الاتفاقات الدولية وكذلك الضرورة الوقائية تحتم عليك كدولة أي كان وضعك كما ذكرنا في أن تكون لك سياسات فاعلة في سبيل مكافحة الاحتباس الحراري و التغير المناخي العالمي وذلك لأنك شئت أم أبيت فإن التغير المناخي سيؤثر عليك لا محالة.

إذن فإن المسؤولية العالمية تجاه سن وتفعيل قوانين وسياسات تكافح هذه الظاهرة هي مسؤولية تضامنية بمعنى أنها مسؤولية فردية و جماعية في ذات الوقت؛ ومن الضروري أن تركز هذه السياسات على عناصر أساسية لابد منها وهي:

تقليل انبعاث الغازات الدفيئة الناتجة من الأنشطة المعتمدة على من الوقود الأحفوري. تشجيع ودعم توليد الطاقة من المصادر المتجددة كالطاقة الشمسية والطاقة المولدة عن طريق الرياح. الحد من القطع الجائر والعشوائي للغابات والحد كذلك من الأنشطة الملوثة للأرض والمياه.

اهتمام الحكومات العربية بوضع وسن سياسات وإجراءات للتصدي لظاهرة التغير المناخي بدأت بالتحسن تدريجيًا، ولكن بالرغم من ذلك ما زالت التحديات كبيرة وتحتاج إلى المزيد من الرغبة والإصرار وإدارك أهمية تفعيل وتنفيذ هذه السياسات الموضوعة على المدى القصير والمدى الطويل.

دول كالسعودية والإمارات قد بدأت فعليًا في خطط واستراتيجيات طموحة وجادة لاستغلال الطاقة المتجددة: فالسعودية وضعت في استراتيجاتها للعام 2030 أن يكون الاعتماد على الطاقات المتجددة هو الأساس بدلًا عن النفط، و كذلك فعلت الإمارات في استراتيجاتها للعام 2021، وقد كانت الإمارات بدأت فعليًا في العام 2007 في استثمار 15 مليار دولار في مدينة مصدر نحو إعلانها أول مدينة خالية من انبعاثات الكربون في العالم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل