المحتوى الرئيسى

نداء لكل مصري حر.. والله نقدر

03/25 13:43

في مقال جديد يناقش الكاتب الصحفي جمال الجمال الأوضاع السياسية والمعيشية في مصر و التحديات التي تواجه المصريون لتغييرها و سبل تغيير  هذه الأوضاع التي تسببت فيها السلطة الحالية.

للتعرف على هذه السبل طالع المقال التالي:

نداء لكل مصري حر.. والله نقدر

هناك من يروج أن موازين القوى ليست في صالح الشعب، وليست في صالح أي حزب أو قوى سياسية، وهذا الترويج يساوي في المحصلة النهائية، أن السعي للتغيير محاولة انتحارية تعصبية ميؤوس منها، وأن العقل يقتضي الاستسلام للقوة المهيمنة على البلاد، وتفهم ذرائعها التي تبجحت في سياسات الإفقار والتبعية، وطحن المواطنين وإجبارهم على الصبر، لأن الخيار الوحيد المطروح هو خيار الصمت أو الموت!، لكن هذه الآراء الانهزامية هي أخطر سلاح يضرب الثورة في مقتل، ويبعد الناس عن حقهم المشروع في الحياة الكريمة والعدل والحرية.

لكن كيف تنجح ثورة الضعفاء في هزيمة نظام بهذا التمكن والتوحش؟

هناك حلول كثيرة، وأشكال كثيرة للثورة، تتلاءم مع ظروف وأحوال كل شعب، وتستفيد من الكتسبات العلمية والدولية، لكننا نحاصر الثورة دائما في نموذج "الثورة الفرنسية" أو إصدارتها الأحدث في الثورة الإيرانية، أو نراهن على ضمير الجيش كما حدث في ثورة القرنفل بالبرتغال، أو نربط بين الثورة والحرب كما في بلدان كثيرة، أدت فيها صراعات السلاح إلى تأسيس نموذج سياسي يتبنى التسامح والتعايش بدلامن العبودية والاستغلال، كما حدث بعد الحرب الأهلية الأمريكية التي انبثقت فيها رغبة التعايش من مآسي الهلاك والعبودية، ويحضرني الآن النموذج البريطاني، الذي أنجز ثورة مذهلة، كانت أول من حمل اسم "الثورة المجيدة" على الرغم من عدم تغييرها لشكل النظام الملكي، ولا إطاحة الحاكم، فقد ركزت على تغيير مفاهيم وسلطات الحكم، عن طريق وثيقة مطالب وحقوق (ماجنا كارتا) أنزلت الملك من السماء، وانتزعت قداسته وصلاحياته لصالح مؤسسات وحقوق انتهت بنظام دستوري مؤسساتي متكامل

فإن الثورة التي أدعو الجميع للمشاركة فيها، هي "ثورة عقل وفعل" وليست فوضى لاستبدال حاكم بحاكم، أو إعطاء مبرر للبندقية لكي تخرس الكلام وتجهض الأحلام، وإطلاق العضلات في الشوارع واقسام الشرطة والفضائيات لكي تخضع العقل وتخنق الأمل، أدعو إلى ثورة بسيطة وغير خطرة، تحرج اللصوص والجواسيس المتسترين خلف شعار "تحيا مصر"، والذين يبيعون الوطن تحت لافتة الدفاع عن الوطن، والثورة التي أثق في تحقيقها لنتائج عظيمة خلال أقل من عام، تبدأ بكلمتين زين من لغتنا الشعبية: صلوا على النبي، وكل من له نبي يصلي عليه.. الدول المحترمة بتبقى إزاي؟.. (خلّونا نغشها المرة دي حتى نتعلم)، وبالمرة نكمل السئلة: ماهو الحاكم الكويس؟، وما هو المواطن؟.. ماذا له من حقوق؟ وماذا عليه من واجبات؟، ومن هو الفاسد؟.. ومن يثبت أنه فاسد؟، وكيف نضمن محاكمة الفاسدين ومنتهكي الدستور والقوانين؟.. و....و..., وإذا اتفقنا على ذلك كله بالكلام، تبقى المشلكة العملية الكبرى: كيف ننفذه، ما دامت الأمور في يد سلطة تستخدم كل شيء لتبرير أفعالها، فتنتهك الدستور باسم الأمن، وتدجن سلطات الرقابة والتشريع لتجعلها أداة لها لا عليها، وتستخدم الأمن لصالح الحاكم ضد المحكوم... إلخ

سأخصص مقالات تفصيلية لاحقة للحوار مع كل قوة وطنية، تسعى لتحديث الحياة في مصر، فنحن لن نقدر على ذلك بما نحن عليه من مفاهيم واساليب، كلنا نحتاج إلى مراجعات شفافة ومخلصة، لا مكان فيها للمكابرة او إدعاء العصمة والحق، وهو إدعاء يكذبه حالنا المؤسف الغارق في الضعف والهزيمة، لكنني استبق ذلك التفصيل بخطوة إجرائية عملية أنادي فيها كل مواطن، وكل القوى الوطنية بلا استثناء، وما رضي عنه ربه من رجال الأعمال الوطنيين، وما تبقى من مؤسسات الإعلام المستقل، وأطالبهم بالاصطفاف لتأسيس سلطة شعبية تمتلك مع الوقت قدرة هائلة للضغط على أي نظام.

أوجه هذا النداء بصفتي "مواطن فرد" يدعو لضرورة بناء "قوة مواطنة" لا تهدف للحكم بنفسها، بل تشكل مرجعية دستورية، وقوة مراقبة، ومؤسسة محاسبة لأي حاكم، وتكون بمثابة سكرتارية للقوى والأفراد الذين يرغبون في ممارسة حقهم المشروع في إدارة البلاد، فالحكم يجب أن يكون بالتداول الحقيقي وليس "الإسمي" يعني لاتجريم لكل محاولات السعي إلى الحكم بأي وسيلة لا تهدد أمن وحريات المواطنين، وبصرف النظر عن أن هذه الوسيلة مرخصة قانوناً أم لا مادامت لا تتعارض مع روح الدستور والقانون، فالأصل هو حرية المواطن في بلده، والقانون ليس إلا قواعد للتنظيم، وليس عصا أو قيد تستخدمها فئات تحتكر القانون لتمكين نفوذها وتحتقره إذا داست عليه.. وهذا يعني تفكيك دولة الأمن التي تسيء استخدام القانون، فلا اعتقال باشتباه ولا منع من السفر بلا حكم قضائي نهائي على جريمة ثابتة، ولا حبس احتياطي مفتوح المدة، ولا تقارير أمنية توقف مصالح الناس.. واللي عنده تقرير أمني يرفعه للمحاكم، إما يأخذ به حكم، أو يحطه في "الرَدة" لما يكبر ويبقى قضية، أما التقرير في ذاته، فيبله ويوزع شرباته على أسياده

هذا الكلام ليس جديدا، وقيل كثيرا، فما الجديد هذه المرة؟

الجديد أن يتحول الكلام إلى فعل، والجديد أن أول من يفعل، يطمئن الناس بأنه لا يتحرك من أجل غرض شخصي يتمثل في الحصول على سلطة، أو خوض الانتخابات، ولما كان مشروعي السياسي يقوم على هدف وحيد وهو أنني مواطن، وليست لدي رغبة ولا نية في تجاوز هذا الدور، فسوف أبدأ حملة طرق أبواب، تشمل كل الأحزاب والقوى الفاعلة والأفراد، وكل قوة توافق على الطرح ترشح عنصرا منها ضمن سكرتارية "قوة المواطنة"، مع توضيح أن كل من يدخل هذه السكرتارية لا يحق له الترشح في منصب سياسي، ولا يقبل التعيين في وزرارت، بحيث يبدو واضحا أن قوة المواطنة تتبنى المرشحين والمشروعات السياسية في إطار تنظيمي جماعي بالتوافق، لا يختلط فيه الكارد السياسي الساعي للسلطة، مع سلطة الضمير الوطني الحاضنة والمنظمة

* أي سلطة حكم ننشدها تدير ولا تملك، هذه هي بداية الطريق لتشكيل دولة المؤسسات، بدلا من سلطنة العزب والاقطاعيات التي أكلت لحم المصريين طوال قرون من المذلة والاستعباد

* لا يوجد أي شروط للإنضمام، يسار.. يمين.. إخوان.. رجال أعمال... بيروقراطية.. السيسي ذات نفسه، اللهم إلا الالتزام (كلام رجالة مش خداع) بدولة مواطنة عصرية تحتكم إلى المباديء العامة في أي من الدساتير المصرية في النظام الجمهوري، وكلمة المباديء العامة، تعني عدم الدخول في تفصيلا ذات توجه حزبي، وتقترب من التزام القيم الإنسانية في كل دساتير العالم تقريبا، عن الحرية والمساواة واحترام الإنسان والأديان وتكافؤ الفرص بين المواطنين وخضوعهم بنفس المعايير لقواعد واضحة تطبق على الجميع دون استثناء، في ظل قضاء مستقل، وإعلام بلا وصاية.

* التفاصيل كثيرة وكل نقطة فيها تحتاج إلى شرح ونقاش، مثلا ضمانات عدم اختراق الأمن وذئاب الصراع على السلطة لقوة المواطنة، ومثلاً فكرة الإخلاص لقوة المواطنة دون تعارض مع المشاريع الحزبية والسياسية، وهذا قد يقتضي مراجعات فكرية حقيقية للإخوان وللسلفيين ولكثير من الأحزاب القائمة لحل هذا التصادم بين فكرة الوطن وأهاف الحزب أو الجماعة، ومثلا كيفية تحقيق التوازن في الخلل الإعلامي الذي تتعمد الدولة التفوق فيه لا حتكار تفميم صوتها والتعتيم على الأصوات المخالفة، كيفية استنهاض القضاء وإعادته إلى استقلاليته بدون تبعية للسلطة التنفيذية، والحال كذلك للبرلمان كسلطة شعبية تحتاج إلى رد اعتبارها ونصحيح دورها، وهذه أمور مهمة جدا، ينبغي أن تبدا من داخل المؤسسات ذاتها، وهذا يقتضي توضيح الحدود القانونية في الفارق بين العمل السياسي والعمل الوطني، حتى لا يتم استهداف أي صوت وطني بحجة خروجه عن القواعد والقوانين

* حتى لا يصيبنا الاحياط يجب أن نفرق قبل البداية بين اللاعبين والمشجعين، فالممارسات السياسية الرديئة أفسدت مفهوم الناخب، وخلقت كتلاً ضخمة من الأنصار التي تتفاعل بمفهوم "الألتراس" الذي لا يشارك في اللعبة، لكنه يؤثر فيها من الخارج، ويشكل جماعة ضغط، قد تشكل انتهاكا للقواعد وللقوانين إذا لم تكن على مزاجه، وخطورة الأنصار أنهم في الغالب كتل غير عاقلة، وغير فاعلة إلا في الضجيج والفوضى والمشاجرات، وبث الحماس لمن معهم والذعر لمن ضدهم، وبالتالي فإننا في هذه القوة ننشد اللاعبين أولاً، ثم نسعى للتأثير في تصحيح وبناء وعي الأنصار، وأهم ما يمكن قوله لمواجهة الإحباط هو أن الإخلاص والاستمرار هما خير ضمانة لبلوغ الهدف في بناء قوة شعبية قادرة على تحويل الرئيس (أي رئيس) من طوطم مقدس ومعصوم إلى مدير بأجر تتم محاسبته نتائج عمله، وغقالته إذا لم يحقق المستهدف في جدول زمني معلن

قد تبدو الفكرة مثالية وصعبة، لكن كل المنجزات الصناعية والثورات الإنسانية كانت خيالا لم يصدقه كثيرون، قبل أن يتحول إلى واقع، لذا سنقول ببساطة أن نقطة البدء هي وسيلة اتصال تتحول إلى وعاء لتجميع القوى المبعثرة، والبحث عن حلول لمشاكل التفاعل والحوار فيما بينها، وها أنا أبدأ وأضع بريدي الشخصي [email protected]

وتليفون لتلقي الرسائل النصية (وليس المكالمات) 01062147705

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل