المحتوى الرئيسى

بالصور| من "الدقي" لـ"عين شمس".. "الوطن" في رحلة وداع "آخر تذكرة بجنيه" للمترو

03/24 03:42

عقارب الساعة تتجه نحو الثانية عشر من منتصف الليل، هنا مدخل مترو الدقي، يصل العشرات إلى مداخل المترو بينما يصعد أمثالهم درجات السلالم للوصول إلى وجهتهم، موظفو التذاكر ينتظرون انتهاء اليوم بفارغ الصبر، يجاورهم عدد كبير من التذاكر المطبوعة والمسعرة آنفًا "جنيهان"، وبينما ينتظران إنهاء اليوم، يمر في أذهان رواد المترو خاطرة إنهاء رحلة "التذكرة بجنيه" وانتظار "تذكرة الجنيهين".

رجل في أواخر عقده السادس يحاول شراء أكبر عدد ممكن من التذاكر فئة الجنيه الواحد، يعرف الرجل باسم عبدالرحمن عمر، يطلب من موظف التذاكر 20 تذكرة ويسأله "هم مدة صلاحيتهم هيخلصوا النهاردة" ليجيبه الموظف "لا يا حاج خلصهم براحتك مش هنركب المكن الجديد دلوقتي"، هنا يتنفس الرجل الصعداء ويشكره بابتسامة ويرحل حاملا كنزه الصغير.

يقول عمر إنه لا يعرف وسيلة مواصلات أسرع وأرخص من مترو الأنفاق في حين يرجع الزيادة الأخيرة إلى نتاج سلسلة من الزيادات التي عصفت بالمواطن المصري في فترة قصيرة، يقول: "كل حاجة غليت حتى تذكرة المترو اللي كانت أرخص حاجة في مصر"، لحظات من شرود الذهن تصيب الشيخ ليعاود الحديث "بس برده هما هيعملوا إيه ما الشركة مديونة لشركة الكهرباء والميه ولموظفينها كمان"، يسلك اتجاه خط الجيزة، بينما تستأنف آخر رحلات مترو "الجنيه" إلى خط شبرا.

سريعا يصل مترو الخط الثاني إلى رصيف المحطة، ينزل مواطنون ويصعد آخرون، تتحول عربات المترو إلى حلقات نقاشية عن السعر الجديد لتذكرة المترو، يرى بعضهم أنه قرار خاطئ فيما يبرر آخرون الأمر بزيادة سعر المواصلات بصفة عامة حتى يتدخل "عبدالعزيز" ليحسم النقاش "يعنس هي جت عليه".

يقول عبدالعزيز الرجل الأربعيني، إن هيئة مترو الأنفاق مديونة لعدد من المؤسسات الحكومية فيما يسعى القائمون على الهيئة إلى إعادة الأموال إلى أصحابها، يقول: "الشركة مديونة لشركة الكهرباء بـ300 مليون جنيه وسمعت أنهم هيقسطوها على 3 سنين ده غير شركة الميه ومرتبات الموظفين"، يتردد سؤال من بعيد حول كون الرجل يعمل بالمترو من عدمه فيجيب بالنفي ليضيف "كانوا بيقولوا كده في التلفزيون".

حالة من الصمت تفصل النقاش حتى يعاود أحدهم الحديث "اللي معاه تذاكر من قبل كدة شغالة ولا باظت"، فيرد عدد من المتابعين "شغالة عادي" بينما ينفي البعض الآخر، وينصح حامليها بالذهاب إلى شباك التذاكر لإرجاعها بدلا من الخسارة، فيما يتدخل رجل كبير السن في الحديث، سائلا عن تذاكر "من أم جنيه"، ليداعبه أحدهم بإعلانه امتلاكه 15 تذكرة، فيلح العجوز: "تبيع التذاكر اللي معاك دي على كام"، حينها يصمت الجميع منتظرين رد الشاب: "الواحدة بجنيه ونص"، ليعاود الرجل حديثه، قائلا: "شكلك بياع شاطر أنا هاخد منك الـ3 بـ5 جنيه".

محطة الدقي تتحول إلى "بورصة تذاكر" قبل منتصف الليل.. وركاب: "هي جت عليها"

الحاج حسن توجه بدوره إلى الشاب، ليكمل مشهدا جدير بالمزادات العلنية في الأفلام القديمة، وقال: "أنا هشتري منك التذاكر اللي معاك ومعايا فلوس بايع ولا لأ"، فتأتي الإجابة بالنفي فيبتسم العجوز ويصل القطار إلى محطة الشهداء فيخرج الشيخ المسن من بوابات الخروج بينما تستأنف الرحلة للخط الأول "المرج - حلوان".

يصعد المواطنون درجات السلم فيما يستخدم آخرون السلالم المتحركة للوصول إلى بغيتهم، بجوار السلم يقف شاب يدعى أحمد محمد، أحد عاملي شركات الأمن بمحطات المترو، يبدأ الحديث مع أحد المتواجدين على رصيف المحطة حول رفع سعر التذكرة إلى جنيهين ليؤكد العامل بالمحطة أن التذاكر القديمة ستبقى سارية المفعول لحين تغيير الماكينات الخاصة بالتذاكر في فترة لن تقل عن شهرين ولن تكون أكثر من 3 شهور، بينما لم يتم التأكد حتى الوقت الراهن من أمر تغيير لون التذكرة من الأصفر إلى لون آخر.

ويقول عم محمد، أحد المشاركين في "حديث التذاكر"، إن عدد كبير من المواطنين اشتروا عددا كبيرا من التذاكر لاستخدامها بالسعر القديم قبل البدء في تطبيق السعر الجديد بداية من صباح اليوم الجمعة.

يمر ما يقرب من ثلث الساعة حتى يصل المترو إلى رصيف المحطة، يكتظ الرصيف بعدد كبير من المواطنين حتى أن الكثيرين منهم لم يستطع اللحاق بالقطار منتظرين ما يليه، يركب أحمد موظف شركة الأمن ليذهب إلى مسكنه بمنطقة "المطرية" بينما تستأنف "الوطن" رحلتها.

فور الولوج إلى داخل عربة المترو يستقبل الركاب شابا أسمر البشرة ذي ابتسامة ملحوظة يقول بلكنته الأسوانية "أمال لما يبقى بـ3 جنيه هتعملوا إيه"، لتبدأ حلقة نقاشية أخرى بين مؤيد للقرار ومعارض له، يرد أحد الركاب "الناس مش هتركبه"، فيما يرد عليه آخر "أمال هيركبوا إيه لو مش هيركبوه" لينهي حديث 4 أشخاص قبل بدايته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل