المحتوى الرئيسى

دعاية أقوى وقتلى أقل.. لماذا انتقل الجهاديون من التفجيرات الواسعة إلى الهجمات الضيقة؟

03/23 20:17

استخدم هجوم لندن، أمس الأربعاء 22 مارس/آذار، أحد أحدث التكتيكات الإرهابية المُفَضَّلة الجديدة: دهس الحشود بالسيارة.

في يوليو/تموز الماضي، قاد مهاجم شاحنةً في مدينة نيس صوب الحشود المحتفلة بيوم الباستيل في منطقة الريفيرا الفرنسية. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، دَهَسَ شخصٌ حشوداً من الناسِ في سوق الكريسماس في مدينة برلين، ليقتل 12 شخصاً.

وفي لندن، هَرَعَت سيارةٌ صوب المشاة فوق جسر ويستمنستر، لتُخلِّف وراءها قتيلين و20 جريحاً على الأقل. بعدها، طَعَنَ المهاجم ضابطَ شرطةٍ أمام بوابة مجلس العموم البريطاني، قبل أن يُردَى قتيلاً بالرصاص.

ويقول خبراء إن الحادث الأخير ينضم إلى سلسلةٍ من الهجمات التي تتسم بأسلوبِ عملٍ جديد يشمل استخدام أدوات بسيطة ومتاحة في الحياة اليومية لتنفيذ هجماتٍ إرهابية، في مناطق من المضمون أنها تجذب الانتباه العالمي.

يقول فرانك فولي، وهو باحث في شؤون الإرهاب بقسم دراسات الحرب في كلية كينجز لندن: "يحرص الإرهابيون على أن يشاهد الكثير من الناس هجومهم الإرهابي، ربما يكون ذلك أقوى من قتل العديد من الأشخاص".

ويضيف فولي: "يبدو أن هذا الشخص اختار استخدام أسلحةٍ بدائية نسبياً، ولم يكن هناك استخدام للمتفجرات على حد علمنا. لكنهم هاجموا أهدافاً بارزة للغاية: البرلمان وجسر ويستمنستر، لذا انتشرت أنباء الهجوم عبر وسائل الإعلام على الفور. ستواصل كل محطةٍ تلفزيونية في أوروبا وأميركا تغطية هذا الحادث الليلة وغداً".

ويقول خبراء في شؤون الإرهاب ببريطانيا، إن حادث أمس الأربعاء، يمثل نهايةَ مرحلةٍ كانت بريطانيا قد نجحت فيها نسبياً في صدِّ مثل هذه الهجمات الإرهابية، مقارنة بدولٍ مجاورة لها مثل فرنسا وبلجيكا.

ويقول ستيف هيويت، الذي يدرس الرقابة ومكافحة الإرهاب في جامعة برمنغهام البريطانية: "لقد كانت الأجواء في بريطانيا هادئةً ومستقرة فعلياً". لكنه أشار إلى وجود استثناءات ملحوظة لحالة الاستقرار هذه، ومنها تفجيرات لندن الانتحارية، في يوليو/تموز 2005، ومقتل ضابط الجيش البريطاني لي ريجبي في 2013 ومقتل النائب العمالي جو كوكس في العام الماضي.

ويرى هيويت أن الفضل في قدرة بريطانيا على الدفاع عن نفسها يرجع إلى خبرة أجهزة الأمن والشرطة، بالإضافة إلى خبرتهم الطويلة في مكافحة الإرهاب إبان أنشطة الجيش الجمهوري الأيرلندي. ويضيف: "يصعُب الادعاء بأن الحادث الأخير يمثل تصعيداً. إنه أمرٌ نادر الحدوث في المملكة المتحدة. إن عدم تكرار حدوث مثل هذه الهجمات سابقاً يعد بالفعل أمراً لافتاً".

ويرى هيويت أن التشريعات الصارمة بشأن منح تراخيص الأسلحة النارية في بريطانيا -مقارنةً بالولايات المتحدة التي تنتشر فيها هذه الهجمات بسبب انتشار استخدام الأسلحة الخاصة- ربما كانت سبباً في خفض حجم حوادث العنف بها. ويضيف: "نحن نعيش في بلدٍ، توجد به قوانين مُشدَّدة بشأن امتلاك أسلحةٍ نارية خاصة، على النقيض من الولايات المتحدة، حيث يمكن لفردٍ واحد، يمتلك سلاحاً بشكل قانوني، أن يتسبَّب سريعاً في حوادث تدميرٍ وقتلٍ كبيرة".

لكن خطر الهجمات الإرهابية المحدودة سيظل قائماً على الدوام، إذ يصعُب للغاية تفاديه أو تحجيمه. يتساءل هيويت: "كيف يمكنك إيقاف شخصٍ يقود سيارته في الشارع، وقد قرر التوجه بها صوب المشاة لدهسهم؟".

باتت الإجابة عن هذا التساؤل أمراً مهماً خلال السنوات الأخيرة القليلة، إذ بدأ الإرهابيون في تغيير خططهم وأسلوبهم. في الماضي، كان التركيز على الهجمات المثيرة كبيرة الحجم، التي يشمل تنفيذها عدداً كبيراً من الأشخاص وتدريباً مُتقناً على الكثير من التفاصيل المُتعلِّقة بالهجوم. لكن مؤخراً، دعت تنظيمات، كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة، إلى تنفيذِ هجماتٍ إرهابية عفوية باستخدام الوسائل المتاحة والمناسبة. وأشارت هذه التنظيمات إلى إمكانية استخدام السيارات، ليس كسيارات مُفخَّخَة بمتفجراتٍ يمكن اكتشافها، بل كسلاحٍ غير متوقعٍ لدهس الحشود.

وفي عام 2010، حثَّ فرع تنظيم القاعدة في اليمن على استخدام الشاحنات كسلاحٍ. نُشرت مجلة "إلهام"، وهي المجلة الرسمية لتنظيم القاعدة مقالاً بعنوان "آلة السحق المثالية"، يدعو فيه التنظيم أتباعه لاستخدام الشاحنة "كآلةِ سحقٍ، ليس لجزِّ العشب بل لإبادة أعداء الله". وشمل المقال، المُكوَّن من ثلاثة صفحات، إرشاداتٍ حول كيفية إحداث أكبر عدد ممكن من الضحايا، وإرشادات بشأن أفضل السيارات لاستخدامها وصورة لموكب احتفال عيد الشكر الأميركي، واصفاً إياه بـ"الهدف الممتاز".

وفي مقطع فيديو نُشر في 2014، قال أبو محمد العدناني، المتحدث باسم تنظيم داعش، لمستمعيه: "إذا لم تتمكن من العثور على عبواتٍ ناسفة أو طلقات رصاص، عليك بانتقاء أي أميركي أو فرنسي مشرك أو أي من حلفائهم. حطِّم رأسه باستخدام حجر، اذبحه بسكين، ادهسه بسيارة، أو ألق به من فوق مبنى مرتفع، أو اخنقه".

وفي إصدار شهر نوفمبر/تشرين الثاني من مجلة "رومية" التابعة لتنظيم داعش، أثنى التنظيم على مزايا استخدام الشاحنات الكبيرة لإحداث "حمام دم".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل