المحتوى الرئيسى

شهداء الحرب على الإرهاب.. صفحات مضيئة فى تاريخ مصر

03/23 23:46

«إن مت يا أمي ما تبكيش، راح أموت علشان بلدي تعيش»، هم ابناء مصر شهداء العزة والكرامة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن تبقي مصر، بطولات هؤلاء الأبطال لا بد وأن تسطر بحروف من نور في تاريخ الوطنية المصرية، لتتعرف الأجيال القادمة علي أبطال هذا الوطن، الذين ضحوا بدمائهم، من أجل أن يقضوا علي عدو مستتر وراء الجبال وداخل الحفر، يريد أن ينال من وطنهم واستقراره، هذه النماذج من بطولات الشهداء الأبطال تقدمها «الوفد» كشهادة موثقة عن التحديات التي يواجهها ابطال مصر في حربهم ضد الإرهاب الأسود».

الشهيد رامى حسانين.. بطل من ذهب

بعد عودته من حفظ السلام بالكونغو، عُيّن قائدا لكتيبة بشمال سيناء..

أخبر أهله قبل أسبوع من استشهاده: أنا بدافع عن مصر وواخدين بالنا من دم الأبرياء.

محافظة البحيرة تكرمه وتطلق اسمه على مدرج بالكلية

«فى 29 أكتوبر من العام 2016، انتشر خبر  على مواقع التواصل الاجتماعى كالعادة، يفيد باستشهاد بطل جديد من أبطال القوات المسلحة، إلا أن الصور التى صاحبت الخبر، والمعلومات التى بدأت تنتشر فى المواقع والصحف، تؤكد أنه شهيد فوق العادة، وأن العقيد رامى حسنين قد حفر اسمه من نور بين قائمة الشهداء ممن ضحوا فى سبيل الوطن.

كان رامى حسنين أحد أبرز الضباط الذين يقومون بعمليات مكافحة الإرهاب فى شمال سيناء ضد العناصر الإرهابية والمتطرفة، وتم استهدافه يوم 29 أكتوبر الماضى، بعد مرور المدرعة بين حاجزي السدة والوحشي، جنوب الشيخ زويد، الواقعة بين مدينتي العريش ورفح على الحدود مع قطاع غزة، وتسجل السيرة العسكرية للشهيد العقيد رامي حسنين، أنه ولد  بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، متزوج ولديه طفلتان هما نورسين 5 سنوات، ودارين 5 شهور، وله ثلاثة أشقاء أختان وأخ، وتخرج فى الكلية الحربية فى أول يوليو 1996، وانضم لسلاح المشاة، تخصص الصاعقة دفعة 90، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، وتدرج في المناصب العسكرية حتى شغل منصب قائد لكتيبة صاعقة، بعد عودته من العمل فى قوات حفظ السلام بالكونغو، وخلال فترة خدمته فى الصاعقة تدرج من قائد سرية وكتيبة وسافر فى عدة بعثات خارجية شملت عدة دول، منها انجلترا وأوكرانيا وتونس، حصل خلالها على كافة فرق الصاعقة الأساسية والمتقدمة، وبدأ  العمل فى سيناء أواخر عام  2015. محافظة البحيرة لم تتأخر فى تكريم الشهيد وأسرته، وأكدت محافظة البحيرة، أنه سوف يتم اطلاق اسم الشهيد على مدرسة وشارع بمسقط رأسه بمركز إيتاى البارود تخليدًا لذكراه، وقامت بإطلاق اسمه على أكبر مدرجات كلية التربية بدمنهور.

يقول والده الحاج محمد حسنين، إن الشهيد قبل سفره الأخير  قضى يوم الأربعاء مع ابنته نورسين وذهب إلى مقر قيادة وحدات الصاعقة بأنشاص، وسلم على كل زملائه وقياداته، ويوم الخميس جاء إلى إيتاى البارود وأنهى جميع المتعلقات المالية، وجلس مع زوجته الدكتورة رشا فريد، وابنتيه نورسين، ودارين وكأنه يودعهما.

وأضاف الحاج محمد حسنين،  أن الشهيد البطل كان يؤكد دوما أنهم يحافظون على دماء الأبرياء فى شمال سيناء، ويعملون على تحرى الدقة مع العناصر الإرهابية والمتطرفة، وكان دائما يصلى ويحفظ القرآن، ويعمل على توجيه النصيحة الحسنة إلى كل من خالفه الرأى.

الشهيد مصطفى حجاجى.. اسم خالد في سجلات الشرف العسكرية.

استشهد فى ثانى ايام عيد الفطر عام 2015 اثناء  استهداف كمين ابو رفاعى فى سيناء.

«دائما تختلف قصص الشهداء من شهيد لآخر، بحسب ما قدموه من تضحيات، وكل تضحية يسجلها التاريخ بحسب ما يسجله الراوى، ويبقى دائما الاسم خالدا فى صفحات السجلات العسكرية»، وشهداء الحرب على الإرهاب فى سيناء دائما ما تجد اسماءهم لا تكفيها السطور فقط من شدة تضحياتهم ولا اللافتات فى الميادين ولكن تبقى رسالة العطاء التى تظهر اثناء التضحيات من اجل بقاء الآخرين، فالشهداء اوجه مختلفة لعملة واحدة وهى بقاء الوطن.

ومن بين هؤلاء الابطال قائد بكل ما تحمل الكلمة من معنى وهو الشهيد الرائد بطل مصطفى حجاجى حلمى محمد والذى استشهد فى 18 يوليو 2015 فى ثانى ايام عيد الفطر اثناء  استهداف كمين ابو رفاعى فى سيناء، والغريب فى هذا اليوم أنه نفس اليوم الذى تخرج الشهيد فيه فى الكلية الحربية عام 2009 وكان الأول على دفعته 103  صاحب التاريخ الكبير من التضحيات أثناء الحرب على الإرهاب فى سيناء.

وقال المهندس وائل حجاجى شقيق الشهيد، إنه كان دائم الحرص على تجميع ابناء دفعته من اجل المشاركة فى اعمال الخير، وكان من المفترض أن يعود إلى بلدته قرية الشغب بالأقصر فى إجازة العيد من اجل البحث عن شريكة حياته ولكن ذلك لم يتحقق، ونال ما كان دائما يريد ان يناله، وهو الشهادة، حيث إن شقيق الشهيد هو الذى طلب نقله الى سيناء خاصة بعد استشهاد المقدم أحمد الدرديري ابن مدينة إسنا المجاورة لقريتهم، الذي استشهد في الهجمات الإرهابية التي استهدفت كمائن عدة بشمال سيناء فى 1 يوليو 2015 وطلب  من قيادته أن يحل مكان الشهيد الدرديري بالكمين، قائلا: «اطلب من قيادته شغل مكان الدرديرى، للأخذ بثأره، لأنه من نفس بلدى على الرغم من أن شقيقى كان مرشحا لمنصب افضل وأعلى داخل القوات المسلحة إلا انه تسلم موقع عمله بالكمين حتى لحق بابن بلده في الشهادة ونالها».

وأضاف المهندس وائل حجاجى، أن شقيقه الشهيد رفض ابلاغ اسرته بالذهاب الى سيناء، خاصة أنه كان قائدا لسرية  مشاة ميكانيكا بالقنطرة ولكنه ابلغ اثنين من قريته وطلب منهما عدم ابلاغ اسرته حتى لا يزداد قلقهم عليه، مشيرا الى انه عاد آخر مرة الى مكان سريته وأجمع متعلقاته بالكامل ووضعها فى سيارته الخاصة به واغلقها وأعطى مفاتيحها الى احد زملائه وطلب منه ان يسلم المفتاح الى اسرته، لأنه ذاهب الى سيناء وقال له نصا: «أنا الشهيد اللى عليّ الدور»، وبالفعل احضر زملاؤه السيارة الخاصة به وكان بها جميع متعلقاته، كما وضعها بنفسه، وقص شقيقه آخر ايام استشهاده قائلاً: «إن الشهيد كان من المفترض ان يحصل على راحة أثناء اسبوع استشهاده، ولكنه رفض النزول بسبب وجود زميل له كان يرغب فى رؤية ابنته وقام باستبدال الراحة معه حتى انه اثناء حضوره الجنازة قال لنا: «الشهيد كان يحب عمله ويحب الجميع وكان يقوم بعمل كل شىء بنفسه لدرجه انه كان يشارك فى اصلاح المعدات، وأشار إلى أن أحد المجندين كان معه لحظة الشهادة قال إن هناك قذيفة سقطت مفاجأة على الكمين والوحيد الذى نطق الشهادة أكثر من مرة هو الشهيد مصطفى حجاجى وكان ثانى ايام العيد، وكان دائما يحرص على الصوم، خاصة يومي الاثنين والخميس طوال العام وانه عند ابلاغه باستشهاد شقيقه فى سيناء لم يصدق وأخطرهم بأن شقيقه ليس متواجدا بسيناء  ولكن كان الخبر صحيحا ولم يبلغنا به.

وتابع: «إن الشهيد له 5 اشقاء، منهم 3 مهندسين وطبيبة، الى جانب اصغر اشقائه الذى التحق بالكلية الحربية بناء على رغبة والدته التى اصرت على ذلك وقالت: «إنه هيجيب حق اخوه الشهيد»، مؤكدا ان هناك مبنى داخل الكلية الحربية باسم شقيقه الى جانب وضع اسمه على مدرسة داخل القرية.

الشهيد حجاجى كان قريبا من الجميع ومحبوبا لجميع افراد اسرته وآخر لقائه بهم قام بدعوتهم على افطار رمضان وأعد الفطار بنفسه لجميع عائلته، كما انه فى وسط الميدان كان قائدا بما تحمل الكلمة من معنى وملتزما بالعسكرية  المصرية وقريبا من افراد سريته، وشيعت جنازته فى مشهد يصعب وصفه، ولكن سيرته بقيت فى سطور التاريخ مضيئة.

في معركة الكرامة.. قصص وبطولات للشهيد «حازم أبو المعاطي» في «ملحمة» الـ20 دقيقة .. تصدى للعناصر الإرهابية بكل شجاعة في كمين «النقب» .. ومصر أخذت ثأر شهدائها.

علمت خبر استشهاد «حازم» من التليفزيون ومن الإنترنت الشهيد ظل يشتبك مع العناصر الإرهابية لمدة 20 دقيقة وقتل اثنين منهم، الشهيد قام بالاتصال بزوجته ووالدته يوم استشهاده للاطمئنان عليهما.

إجازة الشهيد كانت ثاني يوم استشهاده

«مات الجدع وسط الأبطال، دافع عن أرضه من الإرهاب، قال لعساكره اضرب يا واد، دي أرضك وده عرضك أوعاك تهرب أو تخاف».

يوماً بعد يوم يقدم رجال الشرطة والقوات المسلحة، أرواحهم فداء لمصر ولشعبها، يستشهد العديد منهم من أجل حماية الأرض والعرض، يواجهون مخاطر وتحديات كثيرة، في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وانتشار الفكر المتطرف في العديد من الدول.

رائد شهيد بطل حازم أسامة أبو المعاطي، قائد كمين النقب بالوادي الجديد، استشهد هو و8 أشخاص آخرين من أبطال قوات الشرطة البواسل، وذلك بعد قيام مجموعة إرهابية بمهاجمة كمين النقب في محافظ الوادي الجديد، وعلى بعد 80 كيلو من مدينة الخارجة، في 16 – 1 – 2017.

وكان من المقرر أن ينزل الشهيد إجازته يوم 17 يناير، أي بعد يوم واحد فقط من استشهاده، لكن الله عز وجل أراد أن يلتقيه، بدلا من أن يلتقي الشهيد أسرته وأهله وأقاربه وأصدقاءه، والشهيد من مواليد منطقة «الورديان» بالإسكندرية، من مواليد عام 1987، وقد تخرج فى الشرطة  دفعة عام 2008 تزوج عقب تخرجه، ولديه طفلان هما «مهند 5 سنوات – وفرح 3 سنوات»، وقد عمل الشهيد بقسمي شرطة الدخيلة ومينا البصل قبل أن يُنقل للعمل بمديرية أمن الوادي الجديد منذ عامين، كان من المقرر أن تنتهي خدمته في الوادي الجديد نهاية العام الحالي ليعود مرة أخري لاستلام عمله بالإسكندرية، وكانت آخر زيارة للشهيد لأسرته وأهله قبل استشهاده بـ10 أيام واطمأن علي أولاده في مكالمة هاتفية مع زوجته قبل ساعة من الحادث، واشتهر الشهيد بأخلاقه واحترامه، وفور علم الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران بخبر استشهاده، «اتشحت» منطقته بالحزن الشديد علي فراق الابن الغالي، مشهد مأساوي لعائلة الشهيد وزوجته التي تركها حبا في الرفيق الأعلي.

قال العميد حسام أبو المعاطي، والد الشهيد حازم، إن الشهيد استشهد في الساعة السابعة والنصف مساءً، حيث قام الشهيد بالاشتباك مع العناصر الإرهابية لمدة 20 دقيقة، ورفض أن يترك موقع الكمين هو وعساكره، وظل يتعامل مع العناصر الإرهابية لآخر قطرة دم، حتى استشهد ومعه  8 آخرون من أبطال الكمين البواسل، وأضاف والد الشهيد البطل أن الشهيد قام بالدفاع عن الكمين بكل بسالة وشجاعة، ونجح في قتل اثنين من العناصر الإرهابية ممن قاموا بالهجوم علي الكمين، كما قمت العساكر بالتعامل الشجاع مع تلك العناصر الإرهابية، التي لا تعرف دينا أو إنسانية، لكن الله أراد أن يستشهدوا في سبيل الدفاع عن مصر وشعبها.

المكالمة الأخيرة تحدث العميد حسام أبو المعاطي، والد الشهيد حازم، عن الساعات الأخيرة قبل وفاة الشهيد، حيث أوضح أن «حازم»، قام بالاتصال بوالدته في نفس يوم استشهاده، بالإضافة إلي أنه قام بالاتصال بزوجته قبل استشهاده بفترة ليست بكبيرة، ليطمئن عليها وعلي أولاده.

جُثمان البطل في مثواه الأخير قال العميد حسام أبو المعاطي: «عندما أتى جثمان الشهيد من الوادي الجديد إلي الإسكندرية، وقفتُ مرفوع الرأس لأن ابني شهيد وسينتقل إلي الرفيق الأعلي، إلي منازل الشهداء»، وأوضح والد الشهيد أنه تمت تأدية صلاة الجنازة على «حازم» بحضور قيادات أمنية وعسكرية وتنفيذية والعشرات من محبي الشهيد، وارتفعت حينها أصوات الهتافات، «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله، القصاص القصاص، الله أكبر، في الجنة يا شهيد».

 تحدث والد الشهيد، عن الهوايات المفضلة للشهيد حازم، حيث أوضح أنه كان يُحب أن «يصطاد»، وكان يمتلك بندقية «رش»، يقوم من خلالها بعمليات صيد متنوعة، وكان يقوم بـ «التنشين» علي الأهداف بدقة عالية، وكان مميزا في «الرمي»، ونتيجة ذلك قام الشهيد باصطياد عنصرين إرهابيين أثناء الهجوم علي الكمين الذي كان يتولاه.

مصر تأخذ ثأر شُهدائها وعقب مقتل الشهيد والأبطال الثمانية الآخرين في كمين النقب، تشكلت مجموعة عمل مشتركة من قبل القوات المسلحة والشطرة، لرصد والتعامل مع العناصر الإرهابية التي قامت بتلك العملية الغادرة، وبعد توفر المعلومات وعمليات الرصد المتنوعة، استطاعت قوات الأمن تحديد منطقة تجمع تلك العناصر الإرهابية التي قامت بالعملية الغادرة، حيث تجمع عدد من العناصر  بتلك العملية في محافظة أسيوط، وعلي الفور، تم التعامل معهم، وقامت القوات بأخذ حق شهداء كمين النقب، والثأر لهم، لينعم الشهداء بالراحة بعد أن أخذ زملاؤهم حقهم من تلك العناصر الإجرامية والإرهابية، التي لا تعرف ديناً أو وطناً.

ضحي بنفسه ليعيش جنوده، الشهيد العقيد أحمد الدرديري نموذج مشرف في التضحية.

«الشهادة في سبيل الوطن شرف لا يضاهيه شرف، ينالها من كتبها الله عز وجل عليه ليكون في مرتبة عالية ومنزلة كبيرة منحها الله سبحانه وتعالي له، فأبطال القوات  المسلحة الذين يقدمون التضحيات فداء للوطن لم يبخلوا بأرواحهم ودمائهم في سبيل حماية الوطن، وسجل الشهداء خير شاهد علي  ذلك، فكم من بطولات خلدها التاريخ لأبطال القوات المسلحة الذين استشهدوا دفاعًا عن الأرض.

إن الحرب التي يخوضها الجيش المصري الآن في سيناء مع الجماعات الإرهابية لا تقل ضراوة عن الحروب التي واجهتها مصر علي مر تاريخها، بل تزيد عليها، لأن جيشنا الوطني يحارب عدوًا مستترًا وليس جيشا نظاميا كما كانت الحروب التقليدية، فالعدو الآن يعتمد علي زرع العبوات الناسفة واستخدام السيارات المفخخة التي تستهدف أبناءنا من الضباط والجنود، من خلال حرب غير شريفة، ومع إصرار وعزيمة الجيش المصري وبسبب عقيدته التي لا تلين  أخذت القوات المسلحة علي عاتقها عهدًا  بأن تقطع دابر الإرهاب وتستأصل شأفته مهما كلفها من تضحيات في سبيل حماية الوطن، وفي ذكري يوم الشهيد وتخليدا لبطولاته التقت «الوفد» زوجة الشهيد العقيد أركان حرب احمد عبدالحميد الدرديري، أحد أبطال القوات المسلحة الذي قدم نموذجًا رائعًا في التضحية والإيثار والذي استشهد في الهجوم الإرهابي المسلح علي احد كمائن سيناء، حيث ضحي بنفسه من أجل أن يعيش زملاؤه وجنوده، دماثة خلقه وتدينه وبره بوالديه وسلوكه الطيب وسط زملائه وجنوده صفات رائعة تحلي بها الشهيد الراحل، الي جانب حبه الشديد لوطنه وبلاده، فكانت البطولات العسكرية لأبطال وقادة حرب أكتوبر العظماء  قد شكلت في وجدان الشهيد الدرديري شغفًا قويًا  وحبًّا للحياة العسكرية وهذا ما دفعه للالتحاق بالكلية الحربية، حيث كان يعتبر قادة حرب قدوته ومثله الأعلي في التضحية والفداء.

في البداية، قالت السيدة ياسمين مصطفي زوجة الشهيد البطل أحمد الدرديري إن الشهيد التحق بالكلية الحربية عام ٩٧ وتخرج عام ٩٩ دفعة ٩٣ حربية سلاح المشاة، التحق بعد التخرج بالجيش الثاني الميداني بمدينة القنطرة في الإسماعيلية، ثم سافر الي السودان ليشارك قوات حفظ السلام هناك عام ٢٠٠٥ وذلك عقب زواجه بـ٣ شهور، لمدة عام، ثم عاد بعد ولادة نجله الوحيد عمر بـ٣ شهور ثم أكمل خدمته في الجيش الثاني الميداني، ثم الجيش الثالث الميداني، وأضافت ان البطل الشهيد شارك في التدريبات المشتركة التي نظمتها القوات المسلحة مع المملكة العربية السعودية ضمن قوات المشاة، حيث ربطته علاقات وطيدة مع عدد كبير من زملائه الضباط من الجيش السعودي، وذلك لدماثة خلقه وطيبته. 

وتابعت: إنه بعد إنهاء فترة التدريبات المشتركة عاد ليخدم في الكلية الحربية لمدة ٤ سنوات، وعقب خدمته بالكلية الحربية التحق بكلية القادة والأركان، حيث حصل علي الدورة ٦٣ اركان حرب ليعود مرة اخري، إلي صفوف الجيش الثاني الميداني بالقنطرة، وخلال هذه الفترة كان قد قدم عدة طلبات أفصح فيها عن رغبته الشديدة في المشاركة في العمليات العسكرية في سيناء أو رفح أو الشيخ زويد أو العريش وكل ذلك كان سرا دون علمنا علي الإطلاق.

وبحسب ما روته زوجته عن طريق زملاء الشهيد المقربين له انه تمت الموافقة علي طلب الدرديري بالفعل، لينقل الي الشيخ زويد وذلك في شهر ٤ عام ٢٠١٥، حيث أوكل إليه مهمة الإشراف علي تأمين سلسلة كمائن بالشيخ زويد، وهي كمائن سدرة أبو الحجاج، اطلق عليها كمائن الزلازل والتي كان الهدف من اقامتها قطع الطريق على الجماعات الإرهابية وذلك بسبب تكرار الهجوم الإرهابي المسلح علي بعض النقاط الأمنية، وأضافت أن هذا العمل كان يتطلب من الشهيد المبيت يوميا في كل كمين بالتوالي، لافتة إلى أنه كان يمارس مهام عمله وسط زملائه من الجنود والضباط في جو أسري ويشاركهم إفطار رمضان.

وتابعت: إنه في يوم ٧/١ /٢٠١٥، حدث هجوم إرهابي علي ٦ كمائن بالتزامن حوالي الساعة السادسة صباحا، حيث اقتحمت الكمين سيارة مفخخة وقامت قوات الكمين بتدميرها قبل وصولها إلي الكمين، ثم تلا ذلك محاولة اقتحام اخري للكمين بسيارات دفع رباعي تحوي كل سيارة ما يقرب من ٢٠ او ٢٥ عنصرا ارهابيا وكانوا مسلحين بـ«آر بي جي» وأسلحة قنص وأسلحة متعددة، فقام الشهيد احمد بتفجير سيارتين قبل وصولهما الي الكمين، حيث استشهد احد زملائه الضباط خلال عملية محاولة اقتحام الكمين، ثم أعقب هذا الهجوم هجوم آخر عن طريق مسلحين علي درجات نارية يحملون الرشاشات وعلي الفور تعاملت معهم كل قوات الكمين، حيث صفوا منهم عددا كبيرا وهنا اصيب احمد في قدمه اليمني وواصل القتال حتي اصيبت قدمه الأخري، وخلال هذه المعركة الضارية اوشكت ذخيرة الكمين على النفاد، فأعطي الشهيد الدرديري اوامره لجنوده بأن يحتموا داخل مدرعاتهم ويذهبوا لكمين آخر لإمدادهم بالذخيرة، حيث رفض الجنود أن يتركوه بمفرده الا انه اصر وطلب منهم ان يحتموا بالمدرعة من النيران الكثيفة الموجهة اليهم من قبل الجماعات الإرهابية، حيث ظل احمد مع اثنين من جنوده يقومون بحماية ظهر بقية الجنود لحين عودتهم بالدعم والذخيرة وفي لحظة اخترقت رصاصة  موجهة من احد قناصة الجماعات الارهابية الي رقبة احمد، حتي لفظ انفاسه الأخيرة وأودت بحياته في ١٤ رمضان حوالي الساعة العاشرة صباحا، وقالت زوجته إنه كان يشعر في آخر اجازة له معنا بأنه لن يعود مرة اخري، ولم يخبرنا علي الإطلاق انه يشارك في العمليات العسكرية في الشيخ زويد وكل ما نعلمه انه في مدينة القنطرة، حيث الهدوء والعمل المستقر بعيدا عن العمليات العسكرية، مشيرة إلي أن آخر ما قاله لها: «خلي بالك من عمر وخليه يختم القرآن علشان مبقاش قلقان عليه»، وقال لابنه: «خلي بالك من ماما وأنا مش موجود»، مضيفة انه بعد سفره بـ٤ ايام حدث الهجوم علي الكمين ونال الشهادة. 

وبحسب رواية زملائه انه كان يردد ان عساكره وجنوده اغلي من ابنه لأنهم أمانة في رقبته.

الشهيد المقدم شريف محمد عمر

ام الشهيد: «دعيت له ربنا يجعلك فى أعلى العليين وقال لى مش هاسيب سينا إلا وأنا ملفوف بعلم مصر».

رفض ان يطلق النار على سيدتين كانتا تراقبان المداهمة ففجرتا عبوة ناسفة فور دخوله المنزل

«دفتر الشهادة يفتح صفحاته ليضم بين جنباته احد خيرة الشباب، ليس لأن الشهيد شريف ابن السكندرى الخلوق محمد عمر، المدير الفنى لنادي الاتحاد السكندري اﻷسبق ومدير منتخب مصر العسكرى لكرة القدم وابن شقيقه المحلاوى الأصيل شوقى غريب، ولكن لأنه ابن مصر، المقدم المقاتل الشهيد شريف محمد عمر، رفض اﻷب التحدث عن ابنه حاول أن يظهر متماسكا  وذكر فقط آخر ما قاله وهو  يودع ابنه وقرة عينه إبراهيم فى الجنازة العسكرية التى شارك فيها اﻵلاف ودعا باكيا: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون.

إن قصة استشهاد البطل تثبت أن ارض سيناء الطاهرة مروية بدماء اﻷبطال من كل المحافظات، دليل حي ينفى ما يردده الموتورون ان أبناء الكبار والمشاهير، لا يذهبون إلى أرض المعركة، لا يذهب إلى سيناء إلا أولاد الفلاحين، أما أولاد علية القوم فلا يذهبون!!

واقعة استشهاده: عندما تم تحديد المهمة قال له قائده المباشر المكان ده ما يبقاش بعيد عليك يا شريف؟

الشهيد: مفيش حاجة بعيدة يا أفندم.

بهذه الكلمات أتم الشهيد البطل المقاتل شريف محمد عمر آخر كلام يقوله منذ عام بالتمام قبل أن يغادر دنيانا و هو يستأذن في تفتيش مكان شديد الخطورة. وكأنه كان يقول دى الجنة هناك  يا افندم لو سمحت ما تأخرنيش. كان طلب الشهيد بإلحاح لم اعتده من قبل، حيث كان شديد الهدوء والطاعة.  كانت قدم الشهيد أول قدم تطأ هذا المكان منذ بدء العمليات في سيناء.. بكل شجاعة دخل المكان وكشف أسراره وما كان مخبأ به ولكنه لم يخرج كما دخل. دخل وقدمه تطأ الأرض فخرجت تطأ السماء.. دخل وهو بيننا فخرج وهو بين الأنبياء و الصديقين والشهداء.. فما إن دخل المنزل الا وانفجرت عبوة ناسفة، ثم  حاول الارهابيون إيذاء البطل بعد ان فاضت روحه حيث لم يكن أحد يجرؤ على أن يقترب منه او من رجاله وهو حي، ثبت الرجال المقاتلون الذين كانوا حوله  حتى لا يُمس جسده الطاهر بأذى، ولم تمنع كثافة النيران حول جسده الطاهر أن يستمر البطل المقاتل «محمد الجارحي» في الدفاع عنه ولا حتى اختراق الطلقات لجسده، لم تمنع الطلقات التى كانت تلاحق البطل المقاتل «عمر عابد» في حصد أرواح التكفيريين الذين ظهروا من خلف المنزل واحدا تلو الآخر. انهم جيش مصر خير اجناد الارض، فى طريق المداهمة برفح رأى المقدم الشهيد سيدتين من بُعد وكاد احد الجنود يصوب سلاحه تجاههما، فلا شك انهما تنقلان اخبارهم من هذه المنطقة لكن البطل الشهيد رفض وقال من امتي جيش مصر بيقتل نساء ،هاتان السيدتان اللتان أعفى عنهما كانتا سبب استشهاده وفقا لاعترافات المقبوض عليهما بعد ذلك وهما من أبلغتا بدخوله المنزل الذي انفجر فور عبوره بوابته.

Comments

عاجل