المحتوى الرئيسى

عرفت الله وقدرته في الشيخ "أحمد ياسين"

03/23 17:14

اعتاد التاريخ أن يمنح أوسمةً عالية ترتبط بأسماء أصحابها، كأنَّها لَآلِئ في عِقد حبكته أفعالُهم وسِيرُهم، فلا ينمحي الاسمُ حتى تنمحي ذاكرةُ الكون من الوجود.. تكتب الأوسمة فيظل الغزالي حجة الإسلام، وابن تيمية شيخ الإسلام، والإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة، في متوالية لا ينفصل فيها اللقب عن صاحبه فقد دفع ثمنَه حياةً كاملةً!

وفي توافق قَدَريٍّ عجيب تنطق ألسنة البشرية بوسام لم يُقلَّده سوى الشيخ أحمد ياسين، ألا وهو (القعيد الذي أقام الجهاد).. كأن الناس تلهم الكلمات في وصف أسطورة شاءها الله حجَّتَه على الأرض!.. ليبقى أحمد ياسين من بعد شاهقاً من العلو في عجزه!.. وقامة متجذِّرة كزيتونة عتيقة استقرت في تراب فلسطين، فلا زوال لها.. كان أحمد ياسين إيقاع قيثارة هَطَل المطرُ معها كثيراً.. فقد كان الصورة الوحيدة التي تخلق فينا قوة البعث، دون أن تنبض بحركة أو تهمس بالكلمات.

بعض الناس يختزلون المعجزات في ذواتهم.. يبدون كأنهم عصا موسى التي فلقت الطريق يبساً لأمة غارقة في التِّيه.. يفيضون بالحياة كأنهم يد عيسى إذ تشفي العميان من العتمة، وتعيد الموتى أحياء.. تصبح كلماتهم كأنها من صوت السماء فلا تموت؛ بل تبقى حية مباركة تفور بأسرار لا منطق لها ولا تفسير.

ولقد كان أحمد ياسين كذلك.. كان أحد دلائل الله على قدرته، فقد جعل الله من ضعفه قوةً، ومن موت جسده حياةَ الأمة بأكملها، وكان هذا معنى المعجزة! ويشاء الله أن يجعل منه أيقونة خالدة تشابه حكايات الأنبياء يوم دبر لهم تدبيراً، فجعل من أسباب موتهم أسباب الانتصار.. وكتب من ضعف أسبابهم حكايات الإصلاح ومشاهد معركة التغيير!

ترى.. كيف جعلنا أحمد ياسين نهرول وراءه وهو القعيد المشلول؟! كيف استوطن فينا ورحل إلى كل عواصمنا وهو العاجز المحبوس في كرسيه البسيط؟! وكيف غيَّر ياسين فلسفة القيود؟!.. كيف كتبها بلغة جديدة وجعلنا نتحسس سلاسلنا، وننتبه لحجم الأغلال التي في أعناقنا؟!

هل كان أحمد ياسين بصيرة مهداة، أم سراج الرؤية، أم هو كلمة القدر التي تقول للحقائق أعلني لنا أيتها الحقائق عن طريق القرب من الله كيف يكون؟! ولقد كانت الأقدار الإلهية تستهل أول كلمة في سطر الحكاية بحدث تكتنفه بعض الرؤى أو بعض الرسائل التي تحمل إشارة إلى أن ثمة قادماً ستهتز له غصون الحياة.

فوالدته -رحمها الله- تروي أنها رأت في المنام هاتفاً يقول لها: أنتِ حامل، فإذا وضعت مولودك فسميه أحمد، وتكرر هذا الهاتف عليها عدة مرات، وقد كان ذلك.. وسمي المولود الذكر "أحمد"، وظلَّ محموداً في حياته ومماته، وفي ذكراه!

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل