المحتوى الرئيسى

فاطمة عبدالمقصود يكتب: نساؤنا..  متى يكتبهن التاريخ؟! | ساسة بوست

03/23 17:01

منذ 1 دقيقة، 23 مارس,2017

«الأم تريزا- ماري كوري- آنا ميشيل- هيلين كيلر- جولدا مائير…»

تلك بعض أسماء نساء يعرفهن العالم الغربي والشرقي على السواء، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة فقد كان على ابنتي (أيام كانت في مرحلتها الابتدائية) أن تكتب عن إحداهن واجبًا مدرسيًّا. أردتُ أن تكتب عن امرأة عربية مسلمة شهيرة، ولدينا في تاريخنا الكثير، لكن للأسف فإن العالم لا يعلم عنهن شيئًا، ولا يقبل بوضعن في قائمة الشرف؛ لأن السيد جوجل لا يقدم لنا نساء مسلمات إذا اكتفيت بسؤاله عن نساء شهيرات، أو قدمن خدمات للبشرية، نعرف نحن أنه تحيز مفهوم ولسنا ننتظر أن يعّرفوا شعوبهم بنسائنا الذين ينتمون إلى ثقافة أخرى ودين آخر، ندرك تمامًا هذا الوضع الذي يجعلهم لا يعيرون لنا اهتمامًا، ولا يقبلون إلا بما يناسب شرعتهم وثقافتهم.

إن العالم الذي ينشغل بأخبار الممثلات والمغنيات وذائعات الصيت في الإعلام والبرامج التلفازية لفي حاجة ماسة لمن يأخذ بيديه ويعرفه إلى النموذج الأفضل، نموذج المرأة التي تنبذ قصرها في الدنيا وتختار بيتًا في الجنة، ونموذج الصابرة الفطنة صاحبة الحركة والجهد، والتي ينشأ لأجلها ماء عين ما زال يروي الناس حتى الآن، ونموذج التي عرفت الحق فآمنت به ولم تخجل أو تداريه لأجل سلطانها وكونها ملكة يُقتدى بها. تلك نماذج قرآنية من كتاب ربنا الذي جاء هداية للعالمين، وليس لمن آمنوا به فقط. وبعد تلك النماذج الخالدة جاءت نماذج تترى خلال العصور وعبر الأزمنة تقتدي بمن ذكرنا، وتتميز بعلم أو فن أو فصاحة أو أدب أو عطاء خاص تنتفع به الأجيال.

ورغم حالة الضعف والتضييق في زماننا، إلا أننا لا نعدم نماذج مشرقة من هنا وهناك، فقط نحتاج أن نتطلع إلى الأفق لنراهم ونشير إليهم قائلين لهذا العالم الذي ما زال يظن أن المرأة في بلادنا مخبوءة تحت جلبابها وسترها لا تصلح لشيء سوى طاعة وليها: هؤلاء قدوات لنا ولكم فتبينوا!

إننا نراهم في بلاد الغرب –التي تصّدر ثقافتها أو تفرضها فرضًا على كل من تستطيع الوصول إليه– يعّلمون الأطفال عن أبطال التاريخ في أمتهم، من كان قويًّا وترك أثرًا، ومن يرونه مناضلًا حقيقيًّا وإن كان بالنسبة لغيرهم من أمم الأرض مجرمًا غادرًا.

أما نحن فما زلنا نجهل القامات الحقيقية التي نستطيع أن نشير إليها ونتمثلها، أو نقدمها لأبنائها قدوات يصلحن للتأسي، ولا ريب أن هناك من يقرأ ويتعلم ويعرف لكن الأمر ما زال محصورًا في تلك الطائفة التي تقرأ وتبحث، أما الذي يكتفي بما يعرض عليه في تعليمه النظامي أو وسائل إعلامه الرسمية، فلن يظفر بتاريخ صادق يروي له قصص من برزوا ونبغوا ونفعوا دنياهم من أسلافه البعيدين والقريبين.

ولأن النسوة في بلادنا خضعن زمنًا لثقافات وتقاليد قللت من شأنهن، أو تجاهلت إسهاماتهن، فهن الأقل ذكرًا وحضورًا إذا ما ذُكر العظماء والمؤثرون وأصحاب الفضل، ويُكتفى باستدعائهن في مناسبات الرد على شبهات اضطهاد المرأة، أو إهمال دورها.

لذلك فإن المهمة ملقاة على عاتقنا نحن المؤمنين بقدر هؤلاء النساء وبذلهن قديمًا أو حديثًا، أن نكتب ونتحدث عنهن، نصدر عنهن الأفلام والبرامج، نقّرب سيرتهن بأسلوب يسير للصغار، ولا نخجل أن نعّرف بهن العالم، فلنا في كتاب رب العالمين أسوة حين ضرب مثلًا للإيمان بسيدة نساء العالمين، مريم عليها السلام، فالمثال هنا مقدم لجنس البشر جميعًا في الإيمان والصبر وتحمل الابتلاء، والعبادة المخلصة المفضية إلى رضا ورضوان من الله.

ولعل أهم ما يعّرف بنسائنا العظيمات أن نقتدي نحن بهن فيكون الخلف خير دليل وبرهان على نبوغ السلف، ولا يكون الحديث عنهن مجرد ضرب من التفاخر والتعصب لإثبات الذات الضائعة التي لا تجد لنفسها مكانًا بين العالمين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل