المحتوى الرئيسى

بوابات السيسى لـ«فك الحصار» عن الاقتصاد (تحليل)

03/22 21:28

فى اجتماعه برئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة، الأحد 19 مارس، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة الاهتمام بالصناعات التصديرية ذات الميزة التنافسية، مستعرضًا الخطة الاستراتيجية لتنمية الصادرات المصرية. وتمثل زيادة الصادرات المصرية محورًا أساسياً فى برنامج الحكومة لكن صعوبات جغرافية وأخرى أمنية وظروف داخلية لبعض البلدان تجعل مهمة زيادة الصادرات صعبة إلى حد كبير غير أن القيادة المصرية بدأت فى اتخاذ خطوات لإيجاد فرص بديلة تسهم فى تحقيق الهدف المنشود. أما ما الذى يمكن فعله أمام هذا الوضع؟ فهذا ما نستعرضه فى السطور التالية بالحديث أولا عن صعوبات تطور حركة التجارة، ثم تحركات مواجهة هذه الصعوبات

قبل أن تقرأ.. صعوبات على الطريق

بالنسبة إلى مصر فإن إفريقيا تعد نقطة الانطلاق الأكثر أهمية لزيادة الصادرات، فالقارة السمراء سوق واعدة، تزيد على مليار نسمة، ولدى مصر ميزة تنافسية هائلة، فهى أولا وأخيرا دولة إفريقية، ترتبط بعلاقات جيدة مع معظم دول القارة، واتفاقات ثنائية وجماعية، مما يسهل دخولها السوق الإفريقية، وهى ميزات لم تنجح مصر فى استغلالها حتى الآن، إذ يقل حجم الصادرات المصرية لإفريقيا عن 4 مليارات دولار، وهو رقم متواضع بالنظر إلى حجم الواردات الإفريقية الهائل، الذى يقترب من 600 مليار دولار.

غير أن الطريق الجنوبى رغم امتيازاته الكثيرة، يعانى من مشكلات عدة، مثل تدهور مستوى المعيشة، مما يغلق الباب أمام الصادرات مرتفعة القيمة، وافتقار دوله للبنية التحتية، وضعف كفاءة النقل النهرى، بالإضافة إلى توتر العلاقات بين مصر وإثيوبيا، ما يحرم مصر من استغلال السوق الاقتصادية لثانى أكبر الدول، من حيث عددالسكان فى إفريقيا.

أما المشكلة الأكثر خطورة فهى الحرب الأهلية فى جنوب السودان، المستمرة منذ عدة عقود، بما يقطع الطريق الجنوبى أمام المرور التجارى، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة داخل السودان فى منطقتى كردفان الحدودية مع الجنوب، ودارفور الحدودية مع الغرب التشادى، بما يجعل الوصول إلى الأسواق الإفريقية أمرًا أكثر صعوبة، برغم محاولات مصر المتعددة لتنمية هذا الطريق، والوصول إلى أسواق حبيسة مثل جنوب السودان، وأوغندا، وبوروندى، ورواندا.

وبرغم أن الطريق الشمالى الشرقى، أهم طرق التجارة المصرية عبر التاريخ، كونه المنفذ المصرى البرى الوحيد لمناطق ذات كثافات سكانية معقولة ومستوى معيشى جيد، مثل سوريا والعراق، ومن ورائهما تركيا وإيران، بالإضافة إلى وجود بنية تحتية جيدة لكافة الدول المطلة عليه، إلا أن هذا الطريق جرى قطعه بشكل شبه تام، وإغلاقه فى وجه التجارة البرية المصرية منذ قيام إسرائيل عام 1948.

وتكفلت «داعش» فى السنوات الأخيرة بقطع الطريق بتمركزها فى مدينة الرمادى على الحدود الأردنية العراقية، أما الحدود السورية فمقطوعة منذ قيام التنظيمات المسلحة بالانطلاق من درعا فى بدايات الحرب فى سوريا.

وبالنسبة لـ«الطريق الغربى»، فلأسباب كثيرة، لا يصلح ممرا رئيسيا للصادرات المصرية، فالصحراء الليبية الشاسعة، بما تمثله من مخاطر، والسوق الليبية المحدودة للغاية، لا تمثل إغراءً كبيرًا بالمخاطرة وبخاصة فى ظل التدهور الأمنى، كما أن أسواق شمال إفريقيا مثل تونس، والجزائر، والمغرب، التى يستهدفها الطريق يسهل الوصول إليها عن طريق البحر بشكل أرخص وأكثر أمانًا، مما يرفع هذه الوجهة من طرق التجارة المصرية. نتيجة للظروف التى استعرضناها تحتاج مصر فى تحقيق هدف زيادة الصادرات، إلى مناطق ارتكاز ترسم خريطتها التصديرية الجديدة، وتمثل نقاط تجميع تجارى، تبدأ منها إعادة التصدير إلى المناطق التى لا تستطيع التجارة المصرية استهدافها بشكل مباشر.

كمخطط استراتيجى بالأساس، حاول الرئيس السيسى إيجاد نقطة تمركز قريبة تعد انطلاقا للاقتصاد المصرى داخل القارة الإفريقية، وبالتركيز على شرق إفريقيا، الأقرب جغرافيا، جرى اختيار كينيا لتكون خيار الضرورة للاقتصاد المصرى، بعد استبعاد كل من إريتريا وجيبوتى، نتيجة القواعد العسكرية التى تؤثر على صناعة القرار السياسى فيهما، واضطرار التجارة أن تمر عبر إثيوبيا، التى تتوتر علاقتها بمصر بسبب مشكلات سد النهضة، واضطرار مصر إلى استبعاد الصومال نتيجة وضع «اللا دولة»، الذى يحيا فيه منذ عقود.

وتعد كينيا الشريك التجارى الأول لمصر فى تجمع السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا «الكوميسا»، إلى جانب كونها واحدة من دول حوض النيل، ونجح الرئيس فى زيارته المفاجئة للدولة الكينية فى فبراير الماضى، فى توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية معها، وحسبما أعلن طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، فى 9 مارس الجارى، فقد قررت مصر إنشاء خط ملاحى دائم بين مصر وكينيا، مع تأسيس مركز لوجيستى ضخم، يسمح بتواجد المنتجات المصرية بشكل مستمر، بما يكفى السوق المحلية الكينية، ويسمح بإعادة التصدير إلى الدول المجاورة لها مثل تنزانيا وموزمبيق وأوغندا وبورندى ورواندا وباقى دول شرق القارة وجنوبها.

سلوفينيا: مركز اختراق شرق ووسط أوروبا

مع اكتشاف حقول الغاز المصرية الجديدة، اتجهت مصر إلى تفعيل علاقتها التجارية والسياسية مع شركاء منطقة الغاز الجديدة فى قبرص واليونان، ونجحت فى الوصول إلى اتفاقات تسمح لها بالتحول إلى منطقة تصدير واعدة للغاز الطبيعى الذى تحتاجه أوروبا بشدة، للتخلص من الضغط الروسى على الاقتصاد الأوروبى.

ويشكل تصدير الغاز من موانئ مصر على البحر المتوسط خطرا على خط «السيل الجنوبى» الذى يحمل الغاز الطبيعى من حقوله فى منطقة بحر قزوين، وصولا إلى منطقة البلقان وشرق أوروبا عن طريق تركيا.

دفع هذا الأمر مصر للبحث عن منطقة تمركز، تسمح لها بالالتفاف حول مناطق النفوذ التركية فى البلقان، يتحقق فيها القرب الجغرافى، وتمتلك البنية التحتية اللازمة لاستقبال الغاز المصرى، وتحقق فى الوقت ذاته قدرة على النفاذ بمنتجاتها، وعلى رأسها الغاز الطبيعى، إلى مناطق شرق ووسط أوروبا.

ووجدت مصر ضالتها فى «سلوفينيا»، تلك الدولة الصغيرة الهادئة المطلة على البحر الإدرياتى، التى تملك مستوى معيشيا هو الأفضل فى منطقتها، مع امتلاكها بنية تحتية متميزة وسككا حديدية، تسمح للبضائع بالتدفق بسهولة إلى دول البلقان، والنمسا، والمجر، ومن خلفهم التشيك، وسلوفاكيا، مع القدرة على الوصول للجنوب الألمانى، بالإضافة إلى كونها جزءا من الاتحاد الأوروبى، مما يسهل تحولها إلى مركز جيد لإعادة التصدير وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية.

ويبحث البلدان الآن ربط ميناء الإسكندرية المصرى بميناء كوبر الرئيسى فى سلوفينيا، بما يحقق الارتكاز المصرى المنشود.

البرتغال: محطة ارتكاز غرب وشمال القارة العجوز

فى نوفمبر 2016، توجه الرئيس إلى البرتغال فى أول زيارة لرئيس مصرى منذ 24 عامًا، وارتكزت الزيارة من الناحية الاقتصادية على تطوير النقل البحرى، وربط الموانئ بين الدولتين، وتطوير مجلس الأعمال المصرى البرتغالى المشترك، بالإضافة إلى الإعلان عن زيارات مرتقبة للوفود التجارية ورجال الأعمال إلى البرتغال فى مايو المقبل. ورغم ما عانته البرتغال من تدهور اقتصادى، ونمو متداع فى السنوات السابقة، فإنها تعد نقطة تمركز مهمة من الناحية التجارية لمصر، فهى أول دولة تقع عند المخرج الغربى للبحر المتوسط، إلى جانب امتلاكها أحد أكبر موانئ الحاويات فى أوروبا، بما يؤهلها لاستقبال التجارة المصرية تمهيدا لإعادة توزيعها فى اتجاه المحيط الأطلنطى شمالا وجنوبا، ودول غرب وشمال القارة الأوروبية، مثل بلجيكا وهولندا والدول الاسكندنافية، بالإضافة إلى الجزر البريطانية.

تعد كازاخستان نقطة التمركز الوحيدة التى تستهدفها مصر، ولا يمكن الوصول إليها إلا جوا، نظرا لطبيعة المنطقة الداخلية التى تطل عليها فى آسيا الوسطى، وجنوب روسيا، وشرق الصين.

وأولى الرئيس اهتمامًا خاصًا بكازاخستان، فى زيارته لها، فى فبراير من العام الماضى، وتمثل كازاخستان نقطة توزيع تجارى مثالية، فهى صاحبة الاقتصاد الأفضل ومستوى المعيشة الأعلى بين دول آسيا الوسطى، كما تمتلك إطلالا متميزًا على مناطق جنوب روسيا، وشرق الصين، بالإضافة إلى قدرتها على الوصول إلى دول القوقاز وبحر قزوين.

ومنذ زيارة الرئيس لها، لم تنقطع الاتفاقات الاقتصادية، ومذكرات التفاهم بين الجانبين، وفى 9 مارس الجارى، أعلنت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، خلال ترؤسها أعمال اللجنة الوزارية المصرية الكازاخية المشتركة، عن تحقيق طفرة فى العلاقات بين البلدين، والاتفاق على دعم كازاخستان لمصر فى مفاوضات تهدف لإنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الاقتصادى الأوراسى، ودراسة إقامة مشروعات مشتركة جديدة فى مصر، وهو ما يعزز فرص دخول الصادرات إلى هذه الأسواق، التى تعد مناطق شبه مغلقة أمام المنتجات المصرية.

أزالت الاجهزة الامنية والتنفيذية فى محافظة الدقهلية، بالتنسيق مع رئاسة مجلس مركز المنصورة ومركز الشرطة، تعديات على نهر النيل أمام قرية كفر البرامون بطول 1 كم، تنفيذا لتعليمات محافظ الدقهلية الدكتور ...

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل