المحتوى الرئيسى

من 'نعم تجلب النعم' إلى 'واقتلوهم حيث ثقفتموهم'.. كيف تطور الخطاب الديني في 6 سنوات؟

03/21 23:44

يبدو أن محاولات تجديد الخطاب الديني في مصر، لازالت تواجه تحديا عصيبًا أمام مؤسسات الدولة المتخصصة في الشأن ذاته، بداية من الأزهر وصولا إلى وزارة الأوقاف، فالتغيير الذي تطمح إليه تلك المؤسسات، يظل حلما يؤرق كل القائمين على الدولة، وفاقم الأزمة عدم رد الأزهر على اتهامات موجهة له بتبني فتاوى تكفيرية، مثل "حرق الأسير" التي أخرجها تنظيم داعش الإرهابي، ولم تستطع المؤسسة نفيها.

فالتغير الممنهج، في استخدام العبارات الدينية، للترويج للأهداف السياسية، أصبح سمة وثيقة الصلة بالجماعات ذات المرجعية الدينية، فعلى مدار 6 سنوات منذ الـ19 من مارس 2011، وهو ذكرى استفتاء التعديلات الدستورية، عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، استخدمت جماعات الإخوان والسلفيون، والأحزاب الدينية وقتها، عبارات دينية لدفع المواطنون للتصويت بـ"نعم" للتعديلات، ومنها عبارة "نعم تجلب النعم"، في إشارة إلى أن نجاح التعديلات الدستورية يعني بداية لتحقيق أهداف الثورة.

وخلال الـ6 سنوات الماضية، اختلفت المسطلحات الدينية المستخدمة، وفقا لمتطلبات العصر، والمصلحة السياسية، حتى وصل الأمر في الوقت الراهن، إلى استخدام تنظيم الدولة عبارات "واقتلوهم حيث ثقفتموهم"، للتحريض على قتل جميع من يخالف قواعدهم، وخاصة القوات الأمنية والشرطية، مقتبسين بذلك عبارات من القرآن الكريم إلا أنها بعيدة تماما عن تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي.

وأثناء فترة حكم الإخوان المسلمين لمصر، كان السمة الرئيسية لهم، هو استخدام الخطاب الديني المسيس، وربط طاعة الحاكم بطاعة الله، دون النظر إلى حقيقة التصريحات غير المسؤولة لديهم، مما أدخل مصر في نفق مظلم، وأدى لانقسامات متعددة داخل المجتمع المصري، والتي لا زال أثرها قائمًا حتى وقتنا هذا.

وركزت الجماعة على إعادة إنتاج أفكارها، وعلى إطلاق بعض المبادرات البيانات السياسية حول المرأة، والتعددية السياسية، إلى جانب تركيزها على نظام الزي وعلاماته، من النقاب والإسدال للنساء، وتربية اللحى، وارتداء الجلباب للرجال، مع تطوير شبكاتها الاجتماعية من المعونات العينية والنقدية والخدمات الطبية وتعليم القرآن وشروحه، والسنة النبوية، ومآثر وميراث السلف الصالح.

ساعد على هذا التمدد السلفي في إطار سلفية الإسكندرية، وسلفية القاهرة، تمدد الفكر السلفي والوهابي وشيوخه لدى السلفيين وشيوخهم في مصر. من ناحية أخرى إبداء عدم اهتمامهم بالسياسة، بل ودعمهم للنظام وأجهزته على نحو سمح لهم بالتمدد الدعوي، وداخل المساجد، وبين بعض طلاب وأساتذة الأزهر، وبعض موظفي الدولة وعمالها، واستغلال طقوس الصلوات اليومية في التعبئة الدينية، وإنتاج بيئة نفسية وروحية ملائمة لحضورهم داخل أجهزة الدولة.

من ناحية أخرى جائت الدعوة في بعض المركبات العامة وعربات النقل الخاص عبر شرائط الكاسيت لكبار مشايخ الحركة السلفية، أو من خلال الملصقات في المركبات العامة، أو على الحوائط وجدران المباني والمصاعد.

وحول جهود الدولة لتجديد الخطاب الديني، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن تجديد الخطاب الديني، يواجه أزمة حقيقية في مصر، نظرا لرغبة البعض في إقحام الوطن في نفق مظلم، وإضعاف جهود الدولة في عملية التجديد، مشيرا إلى أن أول خطوة يجب اتخاذها لنجاح الخطاب الديني، مهاجمة الفكر المتطرف، وتعديل بعض المناهج الموضوعة بالفعل في الحقول العليمة، ومنها الجامعات والمدارس، مؤكدا أن انتشار الفتاوي غير المسؤولة، وخلط المفاهيم الدينية بالسياسية، خطر حقيقي يفوق خطر الجماعات الإرهابية على مصر.

وتابع كريمة، في تصريحات خاصة، أن العمل الأزمة الحقيقية، في عدم إحساس البعض بخطورة تأثير الخطاب الديني على المواطنين، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها مصر حاليا، مؤكدا أن البعض يستغل العاطفة الدينية لدى المواطنين، ويقوم بزرع ودس السموم المذهبية والفكرية الخاطئة، لتحقيق أهداق مزيفة تنال من الوطن، موضحا، أن تجديد الخطاب الديني لا يعني التخلي عن المبادئ الأساسية والتعاليم الدينية، لكن هو ينأى بالدين بعيدا عن الأهداف السياسية والتخريبية المتطرفة.

وفي تصريحات سابقة له، قال عاطف مغاوري، نائب رئيس حزب التجمع، إن مزج الدين بالسياسة وتسييس الدين تسبب في تشويه صورة الإسلام لدى الغرب، فضلا عن الإساءة للدين الحنيف لوضعه في إطار ملتبس متصل بطريقة الحكم، بالإضافة إلي ما يصاحب الدين نفسه من تشويه عند إدخاله بالسياسة كون السياسة نفسها متغيرة ونسبية، بينما الدين مطلق ولا يقبل التغير والتلون الذي تعرفه السياسة كصفة ملازمة لها.

Comments

عاجل