المحتوى الرئيسى

خبير: "أردوغان يريد انتزاع ردود فعل قوية من ألمانيا"

03/21 22:32

DW الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل شخصيا بإتباع وسائل نازية. ما رأيكم كخبير في شؤون السياسة الخارجية في ردود فعل الحكومة الألمانية تجاه الهجمات الكلامية لممثلي الحكومة التركية؟

يوزيف يانينغ : أعتقد أن رد الفعل له حسابات مزدوجة. ففي النقاش السياسي الداخلي تريد الحكومة الألمانية تبيان أنها لا تريد التصعيد مع أنها ترفض تلك الاتهامات. وهي مجبرة على فعل هذا وإلا فإن سمعتها ستتأثر لدى الرأي العام. من جهة أخرى فإن ردود الفعل محسوبة تجاه تركيا. فيبدو أن رد الفعل المتحفظ يستفز الجانب التركي. ويبدو أن اردوغان وحتى الحكومة التركية يريدون رد فعل ألماني قوي، ولذلك نجدهم يصعدون في تصريحاتهم وشتائمهم.

ومن زاوية ألمانية يكون رد الفعل المتحفظ شيئا مطلوبا. ففي الوقت الذي يرفض فيه بحدة الألمان أو الأوروبيون الأتراك، فإن ذلك يساعد أردوغان. وهذه الخدمة لا تريد برلين تقديمها. كما لا نريد دفع تركيا إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة بشأن اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. الأوروبيون بحاجة إلى هذا الاتفاق ـ وتركيا تحتاجه أيضا.

هل هذا هو أحسن أسلوب بالنسبة إلى الحكومة الألمانية في مواصلة استراتيجية التحفظ في الكلمة والفعل تجاه تركيا حتى الـ 16 من أبريل/ نيسان المقبل يوم الاستفتاء حول الدستور؟

هذه الإمكانيات ليست جذابة. لكن من ناحية نسبية تظل هي أحسن استراتيجية. كما أنه ليس من المجدي في هذه المواقف الخلافية رسم خطوط حمراء عندما لا نكون فعلا مستعدين لتحمل العواقب المعلنة. الحكومة الألمانية ستكون معززة بمشورة جيدة عندما لا تدفع بنفسها إلى زاوية معينة. يجب دوما في حالات النزاع السيطرة على التصعيد، حتى ولو أن الجانب الألماني ليس له اهتمام بأي تصعيد.

بلد مثل ألمانيا يجب أن يملك الاستقرار لإتباع نهجه وتفادي الإهانة. فهذه التصريحات مثل المقارنات النازية التي تصدر في كل حين من أنقرة هي موجهة في النهاية ضد من أطلقها. ليس هناك بلد شريك في الاتحاد الأوروبي يعتقد أن هذه الاتهامات ضد ألمانيا صحيحة. هنا بدأت عملية تُبعد تركيا أكثر عن انضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وسيتضح بعد الاستفتاء على الدستور ما إذا كانت تركيا ستبتعد أكثر. ويجب على الطرف الأوروبي أن يسمي الأشياء بمسمياتها، وستكون الخطوة اللاحقة الإعلان لتركيا أنه لا يحق لها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

خبير الشؤون السياسية يوزيف يانينغ

هل سيؤثر ذلك على تركيا إذا ما توقفت المفاوضات حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟

نعم لأنها ستكون مجبرة على تحمل عواقب. أعتقد أن تركيا لم تعد تتطلع الآن إلى الالتحاق بالاتحاد الأوروبي. وستلحق خطوات أخرى نحو العزلة ستكون لها عواقب كبيرة بالنسبة إلى تركيا. الاقتصاد التركي يحتاج في الحقيقة إلى السوق الأوروبية وولوج السوق والاستثمارات من دول الاتحاد الأوروبي. وهذا لا يمكن تعويضعه بأي شيء حتى من خلال علاقات وطيدة مع روسيا.

ردود الفعل الأقوى صدرت من سياسيين في الحزب المسيحي الديمقراطي، مثل نائبة رئيسة الحزب يوليا كلوكنير ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان ـ هل يحق لهم قول ما تفكر فيه ميركل ولكن لا تريد أن تبوح به؟

المستشارة هي بالذات رئيسة الحكومة، وهي تخضع دوما لمصلحة الدولة. وهنا تكون أيضا أولوية لمصالح السياسة الخارجية، وبالتالي فإنه ليس من غير العادي أن يختار أعضاء حكومتها التحفظ.

عندما أسقط الجيش التركي في نهاية 2015 مقاتلة روسية نشب خلاف بين البلدين. والكثير من الروس تفادوا السفر إلى بلد الاستجمام المحبب تركيا. هل هذا يُعد نموذجا بالنسبة إلينا يكون له تأثير على صناعة السياحة التركية؟

رد فعل الأوروبيين مخالف لما يفعله الروس. فإذا أدار سياح روس ظهورهم لتركيا فهذا لم يكن إلغاء جماعياً، بل كان مؤطرا من قبل الدولة. وتزامن ذلك مع وقف واردات الخضر والفواكه من تركيا. الروس كشفوا حينها لتركيا عن الحدود التي لا يحق تجاوزها. وبعد اعتذار من أردوغان تحسنت الأجواء. لكن هذه اللعبة الجيو سياسية لا ينهجها الاتحاد الأوروبي.

تحت أي ظروف يمكن لألمانيا وتركيا إقامة علاقات عادية ـ وكيف يمكن لكلا الطرفين التحرك؟

هناك فرصة تتجلى في اهتمام الجانبين باتفاقية اللاجئين. وتركيا تتحمل هنا عبئا ثقيلا. وأوروبا وألمانيا تريدان دعم تركيا. هناك مصالح متبادلة يمكن البناء عليها. في الوقت نفسه يبدو هنا هاجس تركيا في التركيز على الوضع في ألمانيا ـ وهذا يمنح السياسة الألمانية مجالا في العمل فيما يرتبط بالعلاقات.

لكن يجب على تركيا قبلها أن تقوم بخطوات في العودة إلى دولة القانون. وحتى لو أن أردوغان فاز بهذا الاستفتاء وأقام نظاما رئاسيا، فهذا لا يعني نهاية العلاقات... بعد الـ 16 من أبريل ستهدأ الأمور بالتأكيد عندما يحصل أردوغان على ما يريد. وإذا لم يحصل على ذلك، فإن تركيا ستتحرك في حالة طوارئ عقلية.

+ يوزيف يانينغ، خبير الشؤون السياسية هو مدير مكتب المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين.

خلال محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف الشهر الماضي دعا الرئيس رجب طيب أردوغان أنصاره إلى النزول إلى الشوارع للمساعدة على إفشال مخطط بعض العسكر الإطاحة بحزب العدالة والتنمية من الحكم. ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى أنصاره الذين ملوؤا الشوارع في مختلف أنحاء البلاد. ومذاك الحين وهو يدعوهم للخروج في مظاهرات ليلية "من أجل السهر على الديمقراطية".

آخر المظاهرات شارك فيها مليونا متظاهر في إسطنبول ونحو عشرة آلاف آخرين في أنقرة. وقد نظمت في نحو ثمانين مدينة مظاهرات مؤيدة لحزب الرئيس أردوغان، حزب العدالة والتنمية الذي نجح في الإفلات من محاولة الانقلاب العسكري. أنصار أردوغان اعتبروا ذلك نصرا على الانقلابات التي شهدتها البلاد وكذلك على الدستور العلماني.

وفي إسطنبول تعهد أردوغان أمام المتظاهرين بـ "إعادة بناء تركيا من الأساس" ناشرا بذلك مشاعر التفاؤل لدى أنصاره. لاله أليجي (ليست في الصورة)، التي شاركت في جميع المظاهرات المؤيدة لأردوغان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تقول: "عندما تنتهي عملية التطهير، فإن تركيا ستدفع بعجلة التنمية سريعا إلى الأمام لأن أولئك الذين انخرطوا في الحكومة لن يشكلوا بعد ذلك عبئا على بلادنا".

آتالاي (ليس في الصورة) هو مصمم هندسة داخلية، رفض إعطاء اسمه بالكامل ولكنه أكد أنه يدعم أردوغان لأن الأخير سيقود تركيا إلى الساحة العالمية. "أردوغان بصدد إعلام العالم بأننا نحن هنا وأننا سنصبح قوة كبيرة"، على حد تعبيره. "حتى إن لم تحب ذلك، فعليك أن تقبل به. العالم أكبر من (مجموعة الدول السبع)."

وعلى الرغم من أن العديد من المشاركين في مظاهرات الأحد أكدوا أنهم يدافعون عن الديمقراطية، إلا أن المعارضين لاحظوا أن ثالث أكبر حزب سياسي، وهو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد منع من المشاركة فيها. "بما أني كردية، فلا يمكنني الذهاب إلى هذه المظاهرات لأنني لن أشعر بالأمان"، هذا ما تقوله حواء أوزكان (ليست في الصورة)، إحدى رؤساء منظمة توهاد-فيد المدافعة عن حقوق السجناء. "ليس الكل مرحب بهم."

تقول أوزكان إن الحكومة تدعم كليا هذه المظاهرات، فيما تحظر بشكل واسع المظاهرات الاحتجاجية الأخرى. وتشير إلى أن المشاركين حصلوا على الماء والغذاء مجانا، كما أنه كان بإمكانهم استخدام كل وسائل النقل في أنقرة وإسطنبول مجانا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بهدف تحفيز الناس على المشاركة في المظاهرات الداعمة لأردوغان. "نحن بصدد معايشة اشتراكية مؤقتة في تركيا"، على حد تعبير أوزكان.

وفيما كانت الحكومة تفرض حظرا على مواقع التواصل الاجتماعي في حالات الطوارئ، لعبت هذه المواقع دورا مهما خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث استخدم أردوغان نفسه موقع فيس تايم للتواصل مع أنصاره ودعوتهم إلى النزول إلى الشوارع لإفشال مخطط الانقلابيين. أما المعارضة فتقول إن الحكومة تسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقط عندما تعود عليها بالنفع.

من جهة أخرى يشكو أصحاب المطاعم والمقاهي في قلب مدينة أنقرة من تراجع عدد الزبائن منذ انطلاق المظاهرات المؤيدة لأردوغان. وفي سياق متصل يقول جان، وهو صاحب مقهى رفض الإفصاح عن اسمه كاملا، إن "هذه المظاهرات مؤشر على أن الأمور ستسوء قريبا."

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل