المحتوى الرئيسى

أحدهما لم يحضر جنازتها.. محافظا الشرقية السابقان يتحدثان عن والدتيهما

03/21 21:52

«الأم مدرسة».. على تلك المقولة اجتمع الناس دون تفرق، وتوحدت آراؤهم المؤيدة لها، إذ إن أي شخص كائنًا من كان هو "صنيعة امرأة" سهرت عليه الليالى منذ نعومة أظافره حتى اشتد عوده، وربما تقلد العديد من المناصب المهمة، لكنه أبدًا لا ينسى أنه تربى فى كنف تلك السيدة التى كانت شاهدة على مراحل عمره المختلفة.

وبمناسبة عيد الأم الذي تحل ذكراه اليوم، تستعرض "التحرير" دور المرأة فى حياة محافظين سابقين للشرقية، وكانت البداية عند الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية السابق، والذى عاد لتولى منصبه وكيلا لكلية الحقوق بجامعة المنصورة، حيث استهل حديثه لـ"التحرير" عن أمه قائلا: "رضا عبد السلام صنيعة أمه"، وبدأ فى سرد تفاصيل حياته فى كنف تلك السيدة التى ربت 3 أبناء وبنت، أحدهم أستاذ الطاقة النووية بجامعة المنصورة والآخر يقوم على رعاية الأرض متمسكًا بأصولهم الريفية بالإضافة إلى أختهم البنت هذا بخلاف المحافظ السابق.

وقال عبد السلام "نشأت وسط أسرة البسيطة في قرية كفر غنام التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، ورحل الوالد عنا إلى جوار ربه ولم أزل فى سن مبكرة، فظلت أمي قائمة على تربيتي أنا وإخوتي، على الخلق والقيم رغم بساطة وتواضع المستوى التعليمى أو الفكرى كأى سيدة ريفية فى الماضى، فكانت تحرص دائمًا على توفير المناخ اللازم للمذاكرة، وتضحى بكل غال من أجل استكمال أبنائها لدراستهم وتفوقهم".

وعن عقابه، أكد عبد السلام أنه لا يذكر أن والدته عاقبته ذات مرة أو عاقبت أحد إخوته، فكانت تحرص كل الحرص على التوجيه والإرشاد بعيدة كل البعد عن استخدام العنف أو الضرب أو حتى الخصام، ولكنها كانت دائمًا ما تقوِّمهم إذا ما حادوا عن الطريق الصحيح، كأن تنمى لديهم أحلامًا تأمل دائمًا فى أن يصلوا إليها، وتركت كل تلك الأساليب العنيفة، لافتًا إلى أن والده هو من كان يقوم بتعنيفه بعض الشئ إذا ما ارتكب خطأ ما، كأن يقوم بالهروب من الكُتَّاب، ويصر والده على حفظه للقرآن الكريم ليصل الأمر إلى المجئ بالمشايخ إلى المنزل لتحفيظه وإخوته القرآن.

وأضاف عبد السلام أنه دائمًا ما يحرص على الاحتفال بعيد الأم مع والدته دون غياب عنها منذ أن عرف الإنفاق وقت أن عُيِّن معيدًا بكلية الحقوق، الأمر الذى يمتد إلى نحو 20 عامًا، لم يتخلف فى عام منها عن شراء قطع القماش والملابس لوالدته، التى تفضل الهدية القماش، فيقوم عادة برفقة زوجته بشراء هدية عيد الأم لوالدته ولأخته التى يعتبرها أمًا ثانية له، وقد كان ذلك فى هذا العام إذ قام الأسبوع الماضى بشراء هدية أمه التى أسعدتها كثيرًا لما لمسته من وفاء وتقدير، وتابع أنه رغم انشغاله فى عام توليه منصب محافظ الشرقية حرص على إيفاد زوجته بالهدية إلى أمه، وقدم اعتذاره عن الحضور «معلش يا أمى ابنك بقا مسئول»، لكنه عاد وأكد أنه وبعد عودته إلى المنصورة يحرص يوميًا على زيارة والدته فى القرية أو على الأقل التحدث إليها عبر الهاتف لفترات طويلة ليطمئن على أحوالها.

وعن محطاته العملية، قال عبد السلام إن أمه لم تتدخل مطلقًا للتأثير عليه فى اختيار مستقبله، وقت أن سقط بين خيارى الالتحاق بالسلك القضائى أو التدريس بالجامعة، لكنه هو من اختار التدريس بالجامعة بعد أن منحته أمه حرية الاختيار والمفاضلة بينهما.

أما عن تعيينه محافظًا للشرقية فأوضح أن أمه كانت سعيدة بالمنصب الذى تولاه نجلها لكن سعادتها كانت ممزوجة بشئ من الخوف عليه من تلك الأعباء والمسئوليات، وزاد خوفها بعد الهجوم الذى تعرض إليه بعد قيامه بحملة الإزالات لتلك المخالفات الكائنة على المجرى المائى لبحر مويس بالزقازيق، وكانت دعواتها التى لا تنقطع «ربنا يخرجك من الهم اللى وقعت فيه»، كما توجهت إلى مكة لأداء المناسك وقت أن كان محافظًا للشرقية، وهناك تضرعت إلى الله أن يترك منصبه، وبالفعل تحققت دعوتها فتم إعفاءه من منصب المحافظ قبل عودتها من الأراضى المقدسة بيوم واحد .

أما الدكتور سعيد عبد العزيز محافظ الشرقية الأسبق، فقد بدأ حديثه لـ«التحرير» بشئ من الحزن الذى بدا مسيطرًا على نبرة صوته، وقت أن تذكر نبأ وفاة والدته، فقد رحلت عن الدنيا وقت أن كان طالبا لم يتجاوز الخمسة عشر عامًا من عمره، ليجد نفسه يتيمًا لأمه.

وقال عبد العزيز إن الأم هى المدرسة الذى تربى فيها فترات طفولته، فكان يستمد منها كل القيم والحب والمودة، فعكفت على تربية 5 من الأبناء واثنتين من البنات، جميعهم من المعلمين والأساتذة، تربوا على القيم والأخلاق.

وأضاف عبد العزيز أن عيد الأم بالنسبة له يمثل ذكرى مؤلمة فلا يمر عليه اليوم سهلا، وإنما يمر بذكريات أليمة حين يتذكر رحيل أمه، إلا أن عاد وأكد أنه ذكراها كانت ولم تزل بمثابة الوقود الذى يحركه إلى الأمام، وإلى تحقيق نجاحات لم يدرك طعمها كاملا دون أمه، فقد كان يتمنى أن تشاركه لحظات نجاحه ولحظات تعبير الناس له عن مودتهم ومحبتهم .

وتابع أنه رغم حداثة سنه وقتها، إلا أنه لا تزال عالقة بذهنه تلك الدعوة التى لم تنقطع أبدًا عن لسانها «ربنا يحبب فيك خلقه»، فقد كان يلقى السمع إليها أثناء صلاة الفجر فيسمع منها أطيب الدعوات الخالصة له ولإخوته، ولعل ذلك سببًا وراء نجاحه هو وإخوته فى مجال الحياة العلمية والعملية .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل