المحتوى الرئيسى

زمن ٤- ٤- ٢ فى كرة القدم انتهى إلى غير رجعة | المصري اليوم

03/21 02:06

هناك قاعدة فى عالم الأزياء والموديلات يعرفها المصممون هى:

* قل لى ما هى ملابس الناس قبل ٣٠ سنة حتى أقل لك ماذا ستكون بعد عشرة أعوام- فى إشارة صريحة وواضحة إلى أن القديم قابل للتكرار ولكن بشكل جديد وبتفاصيل مختلفة.

والقاعدة نفسها تطبق فى كرة القدم، فالكثير من خطط وأساليب اللعب القديمة التى كانت تنفذ فى التسعينيات هى نفسها التى عادت لتكون الموديل والجديد فى اللعبة الآن، فلا أحد ينسى كيف أن الألمانى فايتسا عندما درب الأهلى فى أواخر وبداية التسعينيات صنع ثورة تكتيكية فى مصر عندما اعتمد على الطريقة الرقمية ٣- ٥- ٢ التى منحت البرازيل لقب كأس العالم ٩٤ بكل أساليبها سواء الهجومية أو الدفاعية، حتى تطور الوضع مرة أخرى فى نهاية التسعينيات وعادت الطريقة الرقمية ٤- ٤- ٢ التى كانت تلعب بها الفرق المصرية فى أواخر وبداية الثمانينيات بشكلها الحديث ومشتقاتها المتنوعة.

والآن يتغير الوضع وتعود فرق العالم للطريقة الرقمية القديمة التى تعتمد على ثلاثة لاعبين فى الدفاع بشكلها الجديد بعد ما أحدثته هولندا والأرجنتين من طفرات تكتيكية فى كأس العالم ٢٠١٤ باعتمادهما على أسلوب لعب متطور أشبه بالشكل الرقمى ٣- ٤- ٣ بأساليبه الحديثة مما مثل للكثير من المنافسين صدمات ومفاجآت أربكتهم كثيراً. والأسبوع قبل الماضى، فاجأ مورينهو، المدير الفنى لمانشستر يونايتيد، الجميع بتغيير حاد فى لعبه عندما اعتمد فى مباراته أمام تشيلسى فى ربع نهائى كأس الاتحاد الإنجليزى على الطريقة الرقمية القديمة ٣- ٥- ٢ بمفهومها الكلاسيكى الذى لا يتضمن إظهار الجنب بقدر أجنحة أو لاعبين يكون لديهم القدرة على اللعب بطول الملعب، وأجاد فى تنفيذها قبل أن يتعرض لاعبه أندير هيريرا للطرد فى الدقيقة ٣٦، فاضطر لإجراء تعديلات فى أسلوب اللعب.

وطريقة اللعب القديمة الجديدة بأسس لعبها الجديد التى لا تعتمد على ليبرو كما كان فى الماضى، ولا رأسى حربة بشكلهما الكلاسيكى السابق هى من صنعت المجد للإيطالى كونتى مع اليوفينتوس ثم مع منتخب بلاده، وأخيرا مع تشيلسى، بل إن أليجرى عندما حاول تغييرها عندما تولى السيدة العجوز فشل، فاضطر للعودة لها، وأيضا هى من أسباب تفوق بايرن ميونيخ الألمانى، لكن لماذا الآن الكل يلعب بها؟.. السبب الرئيسى يتعلق بمعدلات اللياقة البدنية العالية للاعبين، والتركيز الذهنى غير العادى لهم، الذى يمنحهم القدرة على أداء الكرات المتعددة بكفاءة عالية، ثم الأهم اختفاء ما يعرف تكتيكيا باللاعب الذى يؤدى هجوميا بكفاءة، لكنه فاشل دفاعيا، وهو المصطلح الذى لا نريد أن نتخلص منه فى مصر.. فى دلالة مباشرة على حجم العمق الذى نعيشه على مستوى التحليل والتكتيك.

والأسباب الرئيسية للعودة لهذه الطريقة التى يعد الإسبانى جوارديولا أول من لجأ لها على مستوى الأندية فى الفترة الحديثة عندما درب برشلونة استغلالاً لقدرات وإمكانات الفذ العبقرى الفرنسى أبيدال، أنها تعطى مرونة غير عادية، سواء على المستوى الدفاعى أو الهجومى، وتزيد من سرعة التحول، ثم من كفاءة خط الوسط فى صناعة مجموعات ضغط فى أى مكان بالملعب، ثم تُبقى على الكثافات العددية المتوازنة، ثم تمنح الفريق فاقد الكرة القدرة على تعطيل خصمه وإجباره على تقليل سرعاته، والأهم أن أصحاب العقليات القادرة على استرداد الكرة فى التشكيل دائما ما يكونون أعلى وأكبر.. ثم الأهم أنها جاءت أساسا للسيطرة على مهاجمى وسط الملعب الذين تحولوا لهدافين أو صناع لعب مؤثرين.. وما أكثرهم الآن فى العالم!

ويكفى أن مفتاح نصر الأهلى والزمالك ومصر المقاصة وسموحة، وغيرهم من الفرق الكبيرة، لم يعد للمهاجمين بقدر نجوم خط الوسط المتحركين، مثل عبدالله السعيد ومؤمن زكريا وأيمن حفنى ومصطفى فتحى وأحمد الشيخ وفوافى وإيرك وإسلام محارب.. والأزمة فى كل هؤلاء تتمثل فى كيفية التعامل معهم، والتى لا تكون صارمة فى ظل الطريقة الرقمية ٤- ٤- ٢ التى لا تعطى فرصة المرونة لأحد، وتمنح القادم من الثلث الأوسط حرية الحركة والتمرير فى وقتٍ تضيع فيه الواجبات الأساسية فى الضغط، سواء الفردى أو الجماعى، عليه، مما يمنحه المساحة والحرية والقدرة على التحكم فى حركته وخيارات التمرير والإنهاء.

وفى الدوريات الأوروبية، مع زيادة خطورة هؤلاء النجوم- وما أكثرهم!- فى العشرة فرق الكبار، كان من الضرورى إيجاد آلية للحد من خطورتهم.. وهذه الطريقة حدت منهم لأنها تعطى المدافع القدرة على صناعة شيئين: الأول أن يتعامل المدافع سواء لاعب وسط أو مدافعا فى الثلث الهجومى مع المهاجم بمبدأين غاية فى الأهمية: أولهما رقابة المساحة التى من الممكن أن يتواجد فيها، والتحول إلى الرقابة الفردية، وهما كانا يغيبان فى ٤ - ٤ - ٢، بسبب غيابات كثيرة فى الكثافة ولعيوب الانتشار والتوزيع، وهذا الفكر يجيب عن السؤال الذى يحير الأجهزة الفنية فى مصر: «من يراقب أيمن حفنى وعبدالله السعيد ومؤمن زكريا عند التحرك فى المساحات الخالية أو التسلم فى ظهر المدافعين وعند الاختراق، ولكنها تتطلب حتى تنجح لاعبين أقوياء فى خط الوسط وفى قلب الدفاع؟».

وإذا كانت هذه المميزات الدفاعية، فماذا عن إيجابياتها الهجومية؟.. إن هذه الطريقة فى الأساس هجومية، لأن الذين لجأوا لها مثل جوارديولا فى برشلونة، وكونتى فى اليوفى وتشيلسى، وسابيلا فى الأرجنتين، وكل من طبقها كان يريد من الأساس الاستفادة القصوى بأكبر عدد من لاعبيه المهاجمين فى الثلث الهجومى، دون أن يتأثر دفاعياً لعيوب التحول الدفاعى عنهم، بل يمكن القول إنها عادت من جديد لتحقق ثلاثة مبادئ هجومية كانت انقرضت وتراجعت بشكل كبير، أهمها فتح عرض الملعب هجوميا من جديد بالاعتماد على الأجنحة، ولا يوجد فريق يعرف التفوق الآن أوروبيا ولا حتى محليا إلا ويمتلك مثل هذه النوعيات من الأجنحة، ومن يشكك عليه أن يراجع دور هازارد فى تشيلسى الإنجليزى كنموذج أو الآخرين فى سيتى وأرسنال وتوتنهام وأتليتكو وأشبيليه وغيرهم.

والمبدأ الهجومى الثانى أنها صنعت كثافة هجومية داخل منطقة الجزاء والثلث الهجومى بعدد من اللاعبين يصل فى فترات وفى حالة الهجوم القصوى إلى ثمانية لاعبين، ضمنت لهم حسن الانتشار والتوزيع، ثم صنعت كمالاً لهم من بين الهدافين والمهاريين والممررين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل