المحتوى الرئيسى

حوار| أحمد البرعي: نحن الأول عالميًا في تخصيص سيارات للحكومة.. والمواطن يتحمل التقشف

03/19 23:26

حوار: محمد عاطف .. تصوير: دعاء السيد

اختلفت مع البرادعي في "الدستور" لهذا السبب... وجبهة الإنقاذ بدأت بـ"قدرة قادر"

مبارك يتحمل مسئولية تراجع مصر 100 سنة.. ونسأل هل المتظاهرون قتلوا أم انتحروا؟

اتحاد العمال "محرم دوليًا".. والحكومة بالغت في الاقتراض

كان في السلطة عندما عاش الشعب أصعب اللحظات بعد ثورة 25 يناير، قبل أن يقرر، مع زملائه في الحكومة، الاستقالة احتجاجًا على أحداث محمد محمود في 19 نوفمبر 2011.. دخل في خلاف مع النائب السابق لرئيس الجمهورية، محمد البرادعي، بسبب أسلوب إدارة حزب الدستور، الذي يرى أنه سقط تحت سيطرة الإعلامية جميلة إسماعيل حاليًا.

الدكتور أحمد البرعي، وزير القوى العاملة الأسبق تحدث عن تلك القضايا وملفات أخرى لـ"التحرير".. فإلى نص الحوار:-

ما سبب ابتعادك عن حزب الدستور وجبهة الإنقاذ الوطني؟

الحزب كان به خلافات، لم أستطع أن أقضي عليها، وكان جوهر خلافي مع الدكتور البرادعي، والذي لم نعلن عنه وقتها، هو رؤيتي أن تكون الأولوية لأمانات المحافظات إلى جانب أمانة القاهرة في اتخاذ قرارات الحزب، باعتبارها إحدى قواعد العمل الجماهيري، وهذا ما كان يرفضه البرادعي، ويريد تحكُّم الهيئتين العليا والاستشارية للحزب في قرارات الحزب، وكأن أمانات المحافظات مجرد فروع تابعة لأمانة القاهرة.

ومع مرور الوقت، تطور الخلاف في الحزب بطريقة "مأساوية جدًا"، ففي وقت سابق، تعرضت لأزمة قلبية أثناء تنظيم مؤتمر لأمانات المحافظات، نُقِلت على إثرها للمستشفى، فتم إلغاء المؤتمر، وجاءت جميلة إسماعيل وسيطرت على الحزب بمجموعتها، حينما كنت أخضع لعملية جراحية، وهذا ما أحزنني كثيرًا، وجعلني ابتعدت تمامًا عن العمل به، ورفضت طلبات قيادات عديدة مني تولي رئاسة الحزب في إبريل عام 2015؛ بسبب كثرة الخلافات، ووجود جبهات متصارعة في الحزب، والمفترض أن ننسى الخلافات وننشغل في قضايا الوطن وتحقيق أهداف ثورة يناير.

حينما كنت وزيرا عام 2011.. كيف تعاملت الحكومة مع أحداث محمد محمود وماسبيرو؟

مجلس الوزراء كان منقسمًا بسبب ما يجري في الشارع، فلم يكن هناك موقفًا محددًا حيال "أحداث ماسبيرو"، ووقتها طلب الوزراء عمرو حلمي وعماد أبو غازي ومحمد الجندي، استقالة الحكومة، وتشاورنا مع المجلس العسكري، وتقرر أن تستمر مع التحقيق فيما جرى، وبعد أن قررنا أن يتقدم الدكتور عصام شرف والوزراء باستقالاتهم، لم يحدث ذلك واستمرت الوزارة في عملها.

كما كانت "أحداث محمد محمود" مؤلمة للغاية لنا، و"زاد الطين بلَّة" الاعتداء على معتصمين بميدان التحرير وقتها، فصوتنا بالأغلبية على الاستقالة، وكان "أبو غازي" أكثر المتمسكين بها، وأرسلناها للمجلس العسكري، الذي وافق عليها بدوره، وطلب من الوزراء الاستمرار في عملهم حتى تعيين حكومة جديدة، ثم تولت حكومة الجنزوري المهمة ورحلنا، وبقينا صامتين لفترة طويلة، وكنت حزينًا جدًا لابتعادنا عن العمل العام، حتى جاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس السابق محمد مرسي، والذي جمَّع القوى المدنية في جبهة واحدة مرة ثانية.

ما سبب تشكيل جبهة الإنقاذ.. وأين هي الآن؟

تأسيس الجبهة كان فكرة الدكتور البرادعي، وتركت له تنفيذها بعدما طلب مني ذلك، وبالفعل كانت تصرفات جماعة الإخوان وتصريحات "مرسي" المستمرة، التي وردت فيها جملة "أهلي وعشيرتي" عدة مرات، سببًا في انقسام المجتمع المصري.

ورغم وجود خلافات عديدة بين الأحزاب المشاركة بالجبهة، إلا أنها اجتمعت وقررت الوقوف أمام سياسات الإخوان ، حيث عقدنا لقاءً، بدون ترتيب، في مقر حزب الوفد، وكانت البداية الحقيقية للجبهة "بقُدرة قادر"، ومن غير اتفاق.

للأسف اندثرت الجبهة مع الوقت، صحيح لم يتم حلها رسميًا ولكن "فعليًا عبر أشخاص "سأكتب عنهم في مذكراتي"، والآن لدينا محاولات لتجميعها من جديد، أو بناء أخرى جديد.

كيف ترى الأوضاع الاقتصادية في مصر بعد 6 سنوات على ثورة يناير؟

مصر لم يكن لديها رؤية اقتصادية واضحة منذ ثورة 1952، حتى رأى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الانحياز للفقراء عام 1967، وبمناسبة ذكر الرئيس عبد الناصر، فأنا لا أوافق وزير الصحة الحالي عما ذكره من تدهور حال القطاع بسبب عهد عبد الناصر، وهذا خلافي مع الحكومة الحالية، الذي يتمثل في غياب الأولويات، ورؤيتي حول وضع التعليم والصحة على رأس اهتماماتها؛ لأن التنمية تتحقق على الصعيدين الاقتصادي والبشري معًا، ولن تحدث تنمية حقيقية في مجتمع لم يهتم بتنمية الإنسان، ويحسن أحواله الاقتصادية والاجتماعية والصحية، والحديث لا يدور على الحكومة الحالية فقط، وإنما يتمثل في غياب التوجهات الأساسية للحكومات المتعاقبة.

والحقيقة التي مازالت غائبة عن كل حكومة، هي أنه لا تنمية اقتصادية بدون تنمية بشرية حقيقية، وعدالة اجتماعية، فغياب عدالة التوزيع في فرص العمل والحق في التعليم والصحة، سبب رئيسي في تعطُّل أي محاولة لتحقيق تنمية اقتصادية.

كيف ترى أداء الحكومة المتعاقبة بعد الثورة؟ 

حتى الآن لا يوجد توجه واضح أو استراتيجيات لهذه الحكومات، بما فيها التي كنت ضمنها، وكلها كانت اجتهادات فردية، كُلُّ بحسب فكره، وهذا لن يؤد لإحداث تغيير، فالتعاون وتبادل الأفكار ونبذ الخلافات الأيديولوجية هو الأساس في نجاح أي حكومة؛ لإحداث تنمية حقيقية في المجتمع.

وأؤكد أن الوزراء الحاليين كلهم تكنوقراط، ومصر في هذه الفترة تحديدًا تحتاج لوزراء سياسيين لإحداث استقرار حكومي، وأمر طبيعي أن الوزير الذي يأتي فيتولى وزارة لمدة 6 أشهر أو سنة، لم ولن يحدث تغييرًا في ظل أجواء مضطربة، وحكومة تفتقد لنظرة سياسية لعلاج قضايا المواطنين، وتسعى لتطبيقها.

وما رأيك في خطة الإصلاح الاقتصادي عبر الاقتراض؟

الحكومة بالغت كثيرًا في الاقتراض، وهذا سيحمل الأجيال القادمة أعباء كبيرة جدًا، وحتى الآن لم أر استخدامًا واضحًا للقروض في عمليات التنمية، وفي تقديري الشخصي، وقد أكون مخطئ، أن الحكومة تسد ثغرات العجز في ميزانيتها بهذه القروض، وهذا واضح للجميع، فنحن لم نر تنمية حقيقية، وكنت أتمنى أن تدرس الحكومة الآثار الاجتماعية، ومدى خطورة الاقتراض على الطبقات الفقيرة في المجتمع.

في رأيك.. كيف تتحمل الحكومة آثار الاقتراض؟

كنت أتمنى حينما أعنت خطتها في الاقتراض، أن تعلن برنامجًا صارمًا للتقشف، لأنها تستطيع أن توفر أموالًا كثيرة في أشياء لا قيمة لها، وأتصور إننا أكبر بلد في العالم في عدد السيارات المخصصة للوزارات، فتخيل معي فقط في الوزارات التي توليتها كان يخصص لكل منها 4 أو 5 سيارات.. ليه علشان إيه؟، وكذلك وكلاء الوزارات، وهذا بند يمكن أن تتقشف فيه الحكومة على سبيل المثال.

وأيضًا الحد من السفر والعلاج في الخارج؛ لأنه بتكلفة علاج واحد في الخارج يمكن تطوير مستشفى حكومي؛ لأن علاج الفرد الواحد يتكلف آلاف الدولارات، وكل ما سبق يؤكد أننا لو قررنا أن نشكل برنامج تقشف للحكومة، سنستطيع بكل سهولة، ونتجنب مخاطر الاقتراض التي يتحملها المواطن، وآخرها ارتفاع أسعار الأدوية بسبب تعويم الجنيه، فكيف تقوم برفع سعر الأنسولين على سبيل المثال، وهو دواء لعدد كبير جدًا لمرضى السكر في مصر.. للأسف لم تحدث دراسة أو خطة تقشف، وتحمل المواطن كل شيء.

بعد براءة مبارك.. من المسئول الحقيقي عن قتل المتظاهرين؟

لا أعقب على أحكام القضاء، لكن بصفتي أستاذ قانون، يجب أن نسأل من قتل الشهداء، فإما أن هناك من قتلهم أو انتحروا!

لابد من إظهار الحقيقة، وهنا يجب أن نعود للجنة تقصي الحقائق برئاسة المستشار عادل قورة، واللجنة الثانية برئاسة الدكتور فؤاد رياض؛ لمعرفة من الذي قتلهم.

وأود أن أنوه بأن الثورة لم تحقق أهدافها، لكنها لم تفشل، صحيح أن هناك ثورات نجحت كثورة تونس؛ لأنها حكمت، وكان لدينا مهام يجب أن ننجزها بعد الثورة أهمها وجود الشرعية الثورية؛ لأن الأزمات التي واجهتنا قبل الثورة، ظلت بعدها، فواجهناها قوانين عطّلت مسيرتنا، وأيضًا كنا في حاجة ماسة لقانون العدالة الانتقالية.

أما بالنسبة لمبارك، فقد حصل على براءة في الشق الجنائي، لكن التاريخ لم يفصل بعد في الشق السياسي لمحاكمته، فمبارك تسبب في رجوع مصر 100 سنة للخلف، خلال 30 سنة حكم فقط، وإذا كنت تواجدت في موضع مسائلة له، فكنت سأسأله عما جرى في التعليم والصحة بسببه، وعن الفقر والمرض الذي يعاني المجتمع المصري منه بسببه.

وما رؤيتك لأوضاع العمال الآن؟

لن أنسى مواجهة مصر أعنف 3 إضرابات عندما توليت وزارة القوى العاملة  في مارس 2011، وكانت في شركات الغزل بالمحلة، وفي النقل العام والشركات التابعة لقناة السويس، وكنت على يقين من حتمية وجود تنظيمات حقيقية تعبر عن العمال وتمثلهم تمثيلًا حقيقيًا، فمن الطبيعي ألا تحاسب العمال، ولا يوجد من يعبر عنهم ويمثلهم.

واتحاد عمال مصر لم يكن له دورًا واضحًا في أزمات العمال، فلم يكن هناك حد أدنى للأجور، ولم يتدخل الاتحاد بشكل واضح لتأكيد حق العامل في الحصول على أجر عادل، كما أنه صمت في الوقت الذي تم ضم أموال التأمينات الاجتماعية للخزانة العامة، وتخاذل ولم يتكلم وقت أن بدأت الدولة في بيع القطاع العام.  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل