المحتوى الرئيسى

شاهد.. مأساة رجل.. فى البطاقة «عبير».. والحقيقة «محمد»

03/19 22:35

تحسس «محمد» لحيته اليافعة، أخرج منديلاً جفف به قطرات العرق التى يندى بها جبينه، استجمع قواه وبصوتٍ أجش قال إن جميع مظاهر الذكورة البادية عليه تلك، والتى لا تخطؤها عين، ليست مٌعترفاً بها رسمياً.. وأنه «أنثى» على الورق.. بالصورة والاسم.. وبكل ما يحمله ذلك من معنى!.

اعتدل فى جلسته، صارع بشجاعة ما ولدته الأيام داخله من تردد وخوف، وبنبرة قلقة روى لنا حكايته، بدايةً من الاضطراب الهرمونى والجسدى الذى سبب الارتباك فى تحديد جنسه، مرورا بمآسٍ أن تعيش كرجل بأوراق ثبوتية لا تُقر بتلك الحقيقة، وصولاً إلى العوائق التى تحول بينه وبين جراحة «تصحيح الجنس»، والتى سماها «عملية الحياة أو الموت».

يقول «محمد»، إن بداية قصته، كانت من لحظة ميلاده، مشيراً إلى «الخلل الجسدي» الذى تسبب فى عدم تحديد جنسه بدقة ليطلق عليه اسم «عبير»، ويؤكد أن هذه المشكلة لازمته منذ الصغر، وبدأت تتفاقم إلا أنه لم يكن يعلم أن هناك تدخلات جراحية يمكن إجراؤها لتصحيح كل هذا.

وأضاف أنه وبمجرد علمه بذلك، هرع إلى الطبيب لفحص حالته، ووعده بإجراء العملية واستخراج العضو الذكرى، ولم يفِ بوعده، متعللًا مرة بعدم الحصول على موافقة، ومرة بالسعى وراء مُتبرع ليصل فى نهاية المطاف إلى إخباره بأنه أنهى خدمته وأنه على «المعاش».

ولفت «محمد» فى هذا الصدد إلى معارضة الأهل له فى تفكيره هذا فى «تعديل وضعه»، وتصميمهم على رفض الموضوع شكلاً وموضوعاً، قائلاً إنهم اعتبروا تلك العملية «حاجة ميصحش انها تحصل»، وفق قوله، وعلق قائلاً «أنا هدفى أعيش حياة طبيعية زى ما أى حد عايش».

وعن انخراطه كمن هم فى سنه فى مراحل التعليم المختلفة، أشار «محمد» إلى أنه وصل فى التعليم للمرحلة الثانوية، وأنه نظراً لما هو مٌثبت بالأوراق، فقد مال إلى نظام «الدراسة المنزلية»، لافتاً إلى أن مظهره الجسدى والشكلى فى المرحلة الإعدادية وفترة المراهقة والبلوغ كان فى منتصف المسافة تقريباً بين الذكور والإناث، وتابع أن الكفة بدأت تميل ناحية الشكل الذكورى أكثر فى الفترة التالية لتلك الفترة عندما كان عمره بين 15 و16 عاماً.

«الشغل مبيضايقش.. معاملة الناس اللى بتضايق».. بهذه العبارة لخص «محمد»، الذى يحمل بطاقة شخصية باسم عبير، الصعوبات التى تواجهه فى مجال العمل، مشيراً إلى أن أى صاحب عمل مرموق يحتاج لأوراق إثبات شخصية للعاملين لديه.

وأضاف أنه نظراً لأنه لا يحب أن يطلع أحد على سره الدفين فى الأوراق فإنه يتجنب مجالات العمل التى تتطلب ذلك ويلجأ للعمل الشعبى – على حد تعبيره-، والذى لا يحتاج لأوراق إثبات شخصية، متابعاً: إن هذا النوع من العمل الشاق يكون المحيطون به من زملاء ومديرين لهم طباع حادة ويتعاملون بشكل سيئ جداً، وعقب قائلاً إنه لم يعتد على ذلك، مؤكداً انه ينتمى لأسرة متوسطة الحال، مٌستخدماً تعبير «مكوناش محتاجين.. كان معانا اللى يكفينا ويزيد».

انتقل محمد إلى العوائق التى تحول دون إجراء الجراحة المُشار اليها، ليستهل تلك العوائق برغبته فى سداد ديونه قبل دخوله «غرفة العمليات»، لأنه لا يضمن إن كان سيخرج منها حياً أم لا، مٌقدراً الديون بأنها فى حدود 45 إلى 50 ألف جنيه، تراكمت عليه من مبالغ «استلفها» لمعالجة والدته المتوفاة والتى كانت مصابة بالجلطة وشراء مستلزمات زواج شقيقته، ليعقب على ذلك قائلًا «كل حاجة صعبة مقابلتش أى حاجة سهلة».

وسرد مشكلته مع معاش والده، حيث شدد على أنه وحتى إجراء العملية، يستحق تقاضى مبلغ المعاش، مشيراً إلى انه تحصل على فتوى من «الأزهر» بأحقيته الشرعية فى المعاش، حتى موعد إجراء العملية، شاكياً من أن التأمينات لم تقبل بذلك، لينتقل بعد ذلك للحديث عن «الدكان» الذى تملكه عائلته، والذى قام بتأجيره لأحد الأشخاص لمدة عشر سنوات، واتفقا شفهياً على إخلائه عند وجود مشتر، إلا أن المُستأجر خلف ذلك العهد، ليعبر عن ذلك بالمٌصطلح الدارج «مسكنى من إيدى اللى بتوجعنى».

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل