المحتوى الرئيسى

فيديو وصور| رحلة «الموت والضياع» من قرية الصيادين بالإسكندرية إلى إيطاليا

03/19 22:31

** آلاف الشباب يهربون بطريقة غير شرعية بحثًا عن المستقبل.. والمصير سجون وتشرد فى الشوارع 

** أم شاب: ابنى الوحيد مشى علشان يجيب علاج لأبوه.. وأخرى: نفسى يرجع لحضنى ولو اتسجن فى مصر أكرم له 

"ابنكم مسجون.. ابنكم مات".. مضمون مكالمات اعتاد الأهالى بقرية الصيادين بمنطقة أبوقير شرق الإسكندرية، سماعها مؤخرًا لتخبرهم بالمصير، الذى آل إليه أبناؤهم، الذين فضلوا الهجرة ولو بطريقة غير شرعية إلى إيطاليا عن طريق البحر، بحثًا عن مصدر رزق لهم بعد أن ضاقت بهم سبل العيش الكريم فى وطنهم، حيث كان آخر هؤلاء الشاب هانى السيد، 29 عامًا، الذى مات بأحد سجون إيطاليا مؤخرًا.

ومنطقة عزبة الصيادين، التى تقع فى أقصى شرق الإسكندرية يعتمد قاطنوها بشكل أساسى على مهنة الصيد، نظرًا لوقعها على ميناء الصيد الرئيسى بالمدينة الساحلية، إلا أن تلك المهنة تواجه أزمات متعددة مؤخرًا، أجبرت الشباب والكثيرين من العاملين بها على الهجرة، بحثًا عن مصدر رزق آخر لهم ولأسرهم.

انتقلت "التحرير" إلى القرية لمعرفة كواليس وملابسات هجرة هؤلاء الشباب غير الشرعية إلى أوروبا، وبالتحديد إيطاليا، يجمع أغلب أهالى القرية على أن الهجرة لم تأت بحثًا عن الرفاهية أو حبًا فى تعريض الشباب حياته للخطر فى قلب البحر، إنما بحثا عن الحياة نفسها، والإتيان بمصدر رزق يساعد الأسر على الحياة، وأن ما ساعد على كثرة هذه الرحلات، التى زادت بعد ثورة يناير 2011 هو ضيق الحال  فى الصيد، وعدم سير مراكب فى البحر، مثلما كان الوضع فى الماضى، وذلك بسبب تعنت السلطات بميناء الصيد، وغلق البحر البحر بالشهور أمامهم، كما أن كثيرًا من الشباب المهاجر يفعل ذلك كونه مسؤولا عن إعالة والإنفاق على أسرته. 

سعيدة جابر على الشافعى، 50 عامًا، والدة الشاب محمد على إبراهيم حسن أحمد، 28 سنة، دبلوم صنايع، تقول إن ابنها سافر إيطاليا بطريقة غير شرعية منذ سنة، وأنها لا تعلم عنه شيئًا، مضيفة: "إحنا مش عارفين عنه أى حاجة وأصحابه بيقولوا إن هو مسجون بس إحنا مش عارفين ده بجد وإحنا بس عاوزين نسمع صوته علشان نطمن".

وأشارت إلى أن ابنها هو الذى ينفق على الأسرة، لأن والده مريض بالشلل وبالفشل الكلوى ولديه شقيقة لا تزال تدرس، "هو اللى كان فاتح البيت كان بيشغل فى البحر على باب الله.. كان فيه يوم صيد وشهر لا واشتغل على توك توك بس برضه ماكنش قادر يصرف علينا لأن كل حاجة غالية".

وتتحدث الأم الخمسينية، إلى أن ابن أخيها سافر كذلك إلى إيطاليا بشكل غير شرعى، لكنه حبس هناك، ولا يزال محبوسًا، وتتابع: "يتواصل ابن أخى مع أسرته، وأتمنى من الرئيس عبد الفتاح السيسى العمل على رجوع أبنائنا، لأن قلوبنا محروقة عليهم".

أما حنان عيد عطية إبراهيم، 45 عامًا، فقالت إن أحد أقاربها ويدعى عمرو إحسان مرسى، 21 سنة، دبلوم صنايع سافر إلى إيطاليا بشكل غير شرعى فى رمضان الماضى، "كان بيشغتل صياد وسافر علشان يشتغل وأول ما وصل هناك اتقبض عليه، وبعدها السفارة كلمتنا وقالت لنا إنه موجود عندهم، وهو ما كلمناش غير مرتين وعرفنا إن اتحكم عليه بـ7 سنين سجن".

الشاب ابن الواحد وعشرين سنة يتيم الأم، وكان يعيش مع أبيه وزوجة أبيه، لكنه ذهب للعيش مع إحدى قريباته (حنان عيد)، التى توضح: "لما حصلت مشاكل جه عاش عندى وبعدها قالى أنا هسافر علشان أكون نفسى لأن مابقاش فى شغل فى البحر زى الأول وحال البلد واقف والدنيا صعبة".

وطلبت حنان من الرئيس السيسى ووزارة الخارجية، أن تسهم فى عودة عمرو لقضاء عقوبة الحبس فى مصر، منوهة إلى أن الشباب يهاجر بأى طريقة بسبب ضيق الحال فى مهنة الصيد، التى يعملون بها، ويرجع ذلك إلى منع الصيد فى البحر من قبل القوات المسلحة، وارتفاع أسعار الوقود الذى تعتمد عليه المراكب، وضعف العائد المادى. 

سيدة ثالثة تطرقت إلى حالة ابنها، وهى ماجدة عبد الله، 55 سنة، وتقول وهى فى حالة بكاء: "ابنى إبراهيم عبد الله أحمد محمد عبد الله عنده 18 سنة بس، يتيم الأب من وهو وعنده 4 سنين، وأخد الابتدائية ولم يكمل تعليمه". 

وتابعت: "إبراهيم سافر عن طريق البحر هجرة غير شرعية من 8 شهور وأول ما وصل اتقبض عليه واتسجن واتحكم عليه بـ7  سنين سجن، واتصل بيا من وقتها مرة واحدة، وهى المرة التى أبلغنى فيها أن هانى حنفى المعروف باسم (ريجينى المصرى) مات، وكان هانى يساعد الشباب المصريين فى إيطاليا ومنهم ابنى".

وتنوه الأم إلى أنها من أبلغت والد هانى بوفاته فى إيطاليا، مضيفة: "عرفت إن ابنى عايش واتحكم عليه من المكالمة دى.. كلمنى ربع ساعة ومن يومها وأنا مش عارفه حاجة عنه". 

وسافر الابن دون إبلاغ أمه، التى تقول إنه عندما علمت خبر سفره أصابتها الصدمة، "أنا كنت عايشة أنا وهو بس، ودلوقت بقيت لوحدى هو كان صياد على باب الله، وكان بيصرف عليا وعلى نفسه وأنا كنت راضية.. نفسى يرجع لحضنى تانى.. ياريت يرجع إن شاء الله يقضى السجن فى مصر.. بس دى بلده". 

فهيمة بدر عباس، أم الشاب محمد سيد عبد الهادى الروبى وعمره 27سنة تحدثت إلى «التحرير»، وقالت إنه ابنها الوحيد، وإنه كان ينفق عليها، وعلى والده المريض بالقلب والضغط. 

وتضيف: "علاج أبوه كان بيتكلف شهريا ألفين جنيه، وكان سبب رئيسى إنه يسافر، بالإضافة إلى أنه خطب 3 مرات وكل مرة أهل العروسة يرفضوا يكملوا علشان ظروفنا الاقتصادية".

وتشير الأم إلى أن ابنها اتصل بها مرة وحيدة أخبرها أنه محبوس منذ 8 أشهر، "ولحد دلوقتى مافيش حد قالى أى حاجة عنه، ولا حتى اتحكم عليه..  ولا حد موافق يجيب ليا محامى. وأنا من يوم هانى حنفى مات (ريجينى المصري)، وأنا مش بنام خايفة على ابنى".

أخيرا تحدثت منى سلامة حسن والدة عز الدين غانم عبد الرحمن 27 سنة، وهو متجوز، وأنجبت زوجته مؤخرا، "سافر بعد ما اتجوز بـ4 شهور"، مضيفة: "هو اتصل بيا بعد سنة قالى أنا كنت مسجون سنة وبعد سنة أخدت براءة وأنا قاعد فى شارع دلوقتى، مشيرة إلى أنها طالبته باللجوء إلى السفارة المصرية لمساعدته فى إيجاد مسكن وعمل أو أن يعود لبلده".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل