المحتوى الرئيسى

دور مصر الإعلامي في القارة الأفريقية.. وكيفية استعادة الريادة المفقودة | المصري اليوم

03/19 01:51

أعاد لقاء الرئيس السيسي مؤخرا مع الوفد الأفريقي الممثل للمتدربين من الصحفيين الأفارقة- إلى الأذهان الدور الكبير والرائد الذي كانت تقوم به مصر- ولاتزال- في القارة الأفريقية، وكانت مقوماته وركائزه الأساسية: الإذاعات الموجهة من مصر للقارة الأفريقية منذ أن بدأت شبكة الإذاعات الموجهة في مصر عام 1953 ببرنامج موجه إلى أفريقيا، ثم بدأت عملها بشكل منتظم منذ يوليو 1954 وكان يجب أن تستعيد المجال خلال الستين عاما الماضية وأن يتصاعد الاهتمام بها ولا يتوقف عند برنامج محدد، ورغم أنها تبث حاليا حوالي 19 ساعة يوميا لمنطقتي غرب وشرق أفريقيا بحوالي 8 لغات وطنية لكن لابد من تطويرها ويا حبذا لو تم إنشاء قناة تليفزيونية تخاطب القارة الأفريقية. وقد كان البث بلغات القارة المتعددة (كالهاوسا-السواحيلي-الزولو- العفر- الصومالي- الفولاني- التيجريني- والأمهري ...إلخ).

أما الركيزة الثانية فكانت مكاتب مصر الإعلامية العاملة بالسفارات المصرية بأفريقيا، وكانت تضم عددا كبيرا من المكاتب تعمل بشكل هائل على التواصل والتفاعل مع مفردات الإعلام الأفريقي كافة من"صحافة- إذاعة- تليفزيون"، ورغم أنه لابد من تفعيل دور المراكز الثقافية والمكاتب الإعلامية المصرية في الدول الأفريقية، وإنشاء المزيد منها خاصة في منطقة حوض النيل والقرن الأفريقي، إلى جانب تفعيل دور الجامعات والمراكز الثقافية وغيرها من أدوات التأثير، إلا أنه لم يتبقّ من هذه المكاتب سوى 7 مكاتب تعمل في كل من: الخرطوم- أديس أبابا- أبوجا- كمبالا- بريتوريا- الجزائر- والرباط" بالشمال الأفريقي"، وهي المكاتب المرشحة للإغلاق في ظل السياسة الخاطئة وغير المدروسة والممنهجة لغلق مكاتب الهيئة العامة للاستعلامات بالخارج "واحدا تلو الآخر"....

وتبقى الركيزة الثالثة والتي كانت مصر تعمل من أجلها لتقريب الأواصر مع القارة الأفريقية "إعلاميا" وهي وصول الإرسال التليفزيوني عن طريق "قمري: نايل سات وعرب سات" إلى أدغال القارة الأفريقية.. فضلا عن محاولة إطلاق قناة قضائية أفريقية وتفعيلها، وهي المبادرة التي سبق أن تقدم بها الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، إلى مؤتمر القمة الأفريقية الخامسة التي عقُدت بمدينة سرت الليبية في 5 يوليو 2005، على أن تستضيف مصر المقر الأرضي لهذه القناة الفضائية الأفريقية، ويتم استخدام إمكانات أقمارها الصناعية وتقديم كافة التسهيلات اللازمة، على أن تبث باللغات الأكثر انتشاراً في أفريقيا.

وقد استضافت مصر بالفعل اجتماعا لبحث إنشاء قناة فضائية أفريقية، وذلك بالدعوة إلى اجتماع خبراء الإعلام بدول الاتحاد الأفريقى في الفترة من 21 إلى 23 نوفمبر 2015 لتفعيل المبادرة بإنشاء قناة فضائية أفريقية يتم بثها عبر الأقمار الصناعية المصرية. وكان يهدف الاجتماع الذي حضره رئيس المفوضية ألفا عمر كونارى وبمشاركة خبراء الإعلام الأفارقة وممثلي المنظمات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى تحديد الخطوات المؤسسية والقانونية اللازمة والمسائل الهندسية والفنية لتنفيذ مبادرة الرئيس المصري الأسبق مبارك التي أطلقها خلال قمة الاتحاد الأفريقي في يناير 2015 وتقديم تقرير عن آخر التطورات وتوصيات لجنة الخبراء إلى قمة الاتحاد الأفريقي التالية في يناير 2006 بالخرطوم. من جهة أخرى، صرح وزير الخارجية المصري وقتها أحمد أبوالغيط بأن مبادرة إنشاء قناة فضائية أفريقية تهدف إلى تمثيل القارة الأفريقية بمختلف شعوبها وثقافاتها وأنها لاقت قبولا من الدول الأفريقية، وحيث أبدى رئيس المفوضية الأفريقية تحمسا لتنفيذ المبادرة. ونوه أبوالغيط إلى أهمية وجود قناة تتحدث باسم أفريقيا إيمانا بأهمية الانصهار الاجتماعي والثقافي في أفريقيا إلى جانب الدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام في ترسيخ وعي الشعوب الأفريقية بالقضايا الافريقية خاصة في مجال الرعاية الصحية والوقائية من الأمراض المعدية ونقل صورة إيجابية عن أفريقيا للعالم الخارجي.. حيث كانت هناك مبادرة أخرى مصرية على الساحة الإعلامية تتمثل في مبادرة بث قناة النيل الدولية للدول الأفريقية. ويبدو أننا في هذه الناحية، لم نكن نفتقد البرامج الإخبارية والحوارات والدراما والموسيقى والموضوعات والمنوعات التليفزيونية المميزة والمختلفة وخلافه والتي تناسب المشاهد الأفريقي، لكننا أصبنا هذه الركيزة في مقتل حين فكرنا في ترشيد النفقات فقط، وبقي الطموح المصري في الوصول إلى أركان القارة الأفريقية مجرد وهم كبير قاده حزب أعداء النجاح على مدار العصور.. على أن من يتشدقون بترشيد الإنفاق كما يقول البعض: عليهم أن يراجعوا ميزانية هذا المبنى المترهل المكتظ بالموظفين والإداريين في ماسبيرو، وبعد أن تم تفريغه من مضمونه ورسالته السامية المعروفة وكونه ذراع مصر الإعلامية الرئيسية سواء في أفريقيا أو العالم بأسره.

وكشاهد على العصر، فقد أضعنا فرصة ذهبية لإطلاق قناة فضائية أفريقية من القاهرة في عام 2006، حينما اختلفت الخارجية مع الإعلام حول من يمول مؤتمر وزراء الإعلام الأفارقة وقتها لنخلص في النهاية إلى انعقاد المؤتمر في "أديس أبابا"، وضاعت الفكرة – التي كما سبق أن ذكرنا- قد تبناها في ذلك الوقت الرئيس الأسبق "مبارك"، وتكون بمثابة البوتقة التي تنصهر فيها كافة البرامج والمنوعات التليفزيونية الأفريقية.. من بعدها تقريبا ماتت الفكرة أو انتقلت إلى مراكز التحكم الأخرى المعروفة في القارة خاصة في الجنوب والغرب.

مضمون محادثات السيسي مع الصحفيين الأفارقة: وعودة الى نقطة البداية بشأن لقاء السيسي مع وفد من كبار الصحفيين والإعلاميين الأفارقة يوم الأحد، 12 مارس 2017 والتي تمت عدة مرات قبل ذلك، كما أنها لن تكون الأخيرة، وحيث كانوا يمثلون 25 دولة أفريقية هم المشاركين في ورشة العمل، التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وذلك بحضور سامح شكري، وزير الخارجية.

ووفقا لما قاله السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، فإن الرئيس رحب في مستهل اللقاء بالضيوف، مؤكداً حرص مصر على تعزيز علاقاتها مع كافة الدول والشعوب الأفريقية، مشيراً إلى الدور المحوري للإعلام الأفريقي في زيادة الوعي لدى مواطني القارة بمختلف القضايا التي تمس حياتهم، فضلاً عن مساهمته القيمة في الدفع قدماً بآفاق العمل الأفريقي المشترك، وتسليط الضوء على التحديات المشتركة التي تواجه دول القارة وسبل التعامل معها، بحيث يعكس الإعلام نبض الشعوب الأفريقية ويعبر عن آمالها وتطلعاتها. وأشار الرئيس إلى أن الدور الهام والمتنامي للإعلام، والحرية الواسعة التي يتمتع بها، تقابلهما مسؤولية كبيرة في التحلي بأعلى درجات المهنية والموضوعية والوطنية، باعتبار الإعلام شريكاً أساسياً في مسيرة التنمية التي تمثل التحدي الأكبر لأفريقيا، مؤكداً حرص مصر على استضافة مثل هذه المنتديات لتعزيز التواصل بين الإعلاميين الأفارقة لتبادل وجهات النظر والخبرات، بما يصب في صالح خدمة أهداف التنمية والتقدم في أفريقيا.

وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أكد خلال اللقاء أن مصر تتبنى سياسة منفتحة تجاه جميع الدول الأفريقية، وذلك في إطار من مبادئ ثابتة ترتكز على عدم التدخل في شؤون الدول الأفريقية واحترام سيادتها على أراضيها، وبذل أقصى جهد في تعزيز التعاون والتنمية بين مصر ودول القارة، فضلاً عن التعبير عن الشواغل الأفريقية في مختلف المحافل الدولية وخاصة في إطار عضوية مصر الحالية في مجلس الأمن الدولي، ومجلس السلم والأمن الأفريقي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وأشار الرئيس إلى أن مصر مثلما كانت حريصة في السابق على دعم تحرر الدول الأفريقية وحق شعوبها في تقرير مصيرها، فإنها حريصة في الوقت الحاضر على دعم التنمية الشاملة والمستدامة في أفريقيا، وتعزيز التطور الاجتماعي والاقتصادي لكافة شعوب القارة، مؤكداً في هذا السياق حرصه على المشاركة الدائمة في كافة قمم الاتحاد الأفريقي لتفعيل التعاون على المستوى القاري، فضلاً عن القيام بالعديد من الزيارات الثنائية للدول الأفريقية الشقيقة.

وقد دار حوار مفتوح بين الرئيس والصحفيين والإعلاميين الأفارقة، حيث أعربوا عن بالغ تقديرهم لمصر قيادة وشعباً، متوجهين بالشكر لمصر على ما تقدمه لأشقائها الأفارقة من مساندة ودعم متواصلين، ومؤكدين سعادتهم بعودتها لدورها الريادي في أفريقيا، وبما شاهدوه في مصر من تقدم في تنفيذ المشروعات الكبرى الجاري إنشاؤها في أنحاء البلاد، بما يعزز الثقة والأمل في مستقبل أفضل لمصر وأفريقيا. كما أشاد الإعلاميون الأفارقة بدور مصر في ترسيخ الاستقرار والأمن في أفريقيا، وبتصديها للإرهاب وتحملها في سبيل ذلك تضحيات كبيرة. وفي هذا الإطار أكد الرئيس أن موقف مصر الثابت من الإرهاب يستند إلى حقيقة أنه أداة لتحقيق أهداف سياسية، ولا يعبر عن الدين الإسلامي أو أي من الديانات، وإنما يقوم بتوظيف الأفكار المتطرفة لهدم وتخريب الدول والإضرار بمقدرات ومصالح شعوبها.

وأكد الرئيس في هذا السياق أن الشعب المصري لفظ الإرهاب والتطرف وقرر مواجهته بحسم حتى النهاية على كافة المستويات سواء العسكرية والأمنية أو الفكرية والاجتماعية، مشيراً إلى ضرورة التعامل مع الجذور الفكرية للإرهاب التي لا تتسع إلا لمنظور ضيق وفكر واحد وترفض المشاركة والتسامح وقبول الآخر.

وأشار الرئيس إلى أن جهود تفعيل التعاون بين مصر ودول حوض النيل تستند إلى العمل على تحويل نهر النيل إلى محور للبناء والتنمية والتعاون بين كافة دول الحوض، بما يحفظ حقوق كافة الدول الشقيقة في التنمية ويحفظ حق الشعب المصري في الحياة، أخذاً في الاعتبار أن نهر النيل يعد المصدر الأساسي للمياه في مصر.

رؤية مستقبلية لدور مصر تجاه الإعلام الأفريقي:

ويرى بعض الخبراء أنه يعتقد أن هناك العديد من الملفات العالقة التي تنتظر خطوات مصرية جادة وحاسمة للتصدي لها علي المستوى الأفريقي في مقدمتها علاقات مصر بدول حوض النيل والتي تشكو مر الشكوى من تجاهل مصر لها خلال السنوات السابقة سواء على المستويين السياسي أو الاقتصادي، وهو ما يتطلب ضرورة اتخاذ خطوات إيجابية تجاه تلك الدول من خلال زيادة المنح الدراسية المقررة لها سواء بالأزهر الشريف او بالجامعات المصرية المختلفة وأيضا قيام الهيئة العامة للاستعلامات بدورها الحقيقي في دعم عمليات تدريب الصحفيين والإعلاميين الافارقة داخل المؤسسات المصرية وتنظيم زيارات لعدد كبير منهم لمصر خاصة في ظل اهتمام القيادة المصرية ودرايتها الكبيرة بالملف الأفريقي وهو ما يدعم جهود القيادة السياسية تجاه دول حوض النيل ويساند خطوات التقارب المصري - الافريقي‏، أيضا يقتضي الأمر تطوير برامج معهد تدريب الإعلاميين الأفارقة والذي درب قرابة أربعة آلاف متدرب أفريقي بشقيه الإنجليزي والفرنسي" منذ عام 1977، وكذلك اتحاد "الصحفيين الأفارقة" الذي استضافته مصر منذ 23 نوفمبر 1974 بعضوية 12 اتحادا أفريقيا.‏

وقد علت الأصوات خلال الفترة الماضية بين عدد من الإعلاميين للمطالبة بضرورة ربط مصر بدول القارة الأفريقية وهو ما يستلزم ضرورة التواجد بشكل فعال لشؤون قارة أفريقيا على الشاشات المصرية وهو أمر غير متوفر الآن بشكل مناسب‏.‏ فأفريقيا هامة كعمق استراتيجي لمصر وبصفة خاصة فيما يتعلق بقضية مياه وادي النيل ومنابع النيل، فهي إحدى القضايا التي يجب الاهتمام بها وإبرازها وقد يكون هناك برنامج وحيد بإذاعة البرنامج العام وهو برنامج أسبوعي يبث منذ سنوات ولكنه غير كاف لتغطية كل الأمور في الشأن الافريقي، كما يلاحظ القصور الشديد في التليفزيون المصري باستثناء قناة النيل للأخبار التي تقدم برنامجا أسبوعيا عن القارة الأفريقية وهو أيضا غير كاف، لكن يجب الاهتمام بقضايا أفريقيا على الشاشة وتدعيم العلاقات المصرية الأفريقية بشكل دائم وليس في المناسبات فقط.

ويبدو أن دور اتحاد الإذاعة والتليفزيون بوزارة الإعلام لا يجب أن يقتصر على عمل دورات تدريبية للأفارقة ليكتسبوا الخبرات ونساهم في تأسيس محطات إذاعية وتليفزيونية لديهم وعوامل أكثر من ذلك تشجع، لكن لابد من ربط التواصل معهم ولابد من التوجه لهم بقناة خاصة لتعميق العلاقات المصيرية الأساسية بين مصر ودول القارة الأفريقية.

Comments

عاجل