المحتوى الرئيسى

هل سيصدر قانون جديد لإيجارالأماكن؟ (1) | المصري اليوم

03/19 01:16

فيما أتصور فإن صانع القرار السياسى فى مصر يجد نفسه فى المرحلة الراهنة متأرجحا بين خيارين أحلاهما مر، فهو إما أن يحافظ على المكتسبات الموروثة من الحقبة الناصرية لصالح المستأجرين والتى ربما كانت فى أوانها تحقق بالفعل توازنا عادلا بين المالك والمستأجر وتحول دون أن يقوم الطرف الأقوى بينهما (وهو المالك فى ذلك الوقت) بفرض شروطه كاملة على الطرف الأضعف وتحديد قيمة الإيجار ومدته بما يحقق له أكبر عائد ممكن دون النظرإلى أى اعتبار آخر!.. وهى المكتسبات التى كرسها فيما بعد القانون 49 لسنة 1977الخاص بإيحارات الأماكن المعدة للسكنى، وتمثل هذا التكريس فى تجميد القيمة الإيجارية القائمة من ناحية، وعدم اعتبار العلاقة الإيجارية منتهية بوفاة المستأجر أو تركه للعين المؤجرة حيث يمتد عقد الإيجار إلى المقيمين معه من أقاربه من الدرجة الأولى، وإن كانت المحكمة الدستورية العليا فى حكم شهير لها صدر عام 2002 قد حصرت هذا الامتداد فى مرة واحدة بعد وفاة المستأجر الأصلى مع اعتبار المستأجرين وقت صدور هذا الحكم من المستأجرين الأصليين حتى لو كان الإيجار قد آل إليهم بالامتداد القانونى لعقد إيجار أصلى سابق، ورغم أن تلك المكتسبات كان يراد لها فى الأصل أن تكون حماية للطرف الأضعف من استبداد الطرف الأقوى كما سلفت الإشارة، إلا أنها مع مضى الوقت، ومع الارتفاع المستمر فى المتوسط العام للأسعار، وبوجه خاص تكلفة المبانى سواء على مستوى الإنشاء أو الصيانة نتيجة للزيادات المتلاحقة فى أسعار مواد البناء وتكلفة العمالة، مع مضى الوقت ترتب على قانون إيجار الأماكن انقلاب موازين القوة بين طرفى العلاقة الإيجارية، فأصبح المستأجر بفضلها هو الطرف الأقوى الذى يمارس عمليا من الصلاحيات فى كثير من الحالات ما يفوق صلاحيات المالك الأصلى!!، بما فى ذلك التأجير من الباطن الذى يصعب عمليا إثباته حتى وإن كان يحظره القانون، فى حين لم يعد أمام المالك سوى أن يقنع بالإيجار الذى تتضاءل قيمته الحقيقية يوما بعد يوم!، ولم يعد أمامه سوى أن يتوقف عن صيانة المبنى بعد أن لم تعد له مصلحة حقيقية فى استمرار قيامه، بل إن مصلحته فى الواقع قد أصبحت تتمثل فى العكس تماما وهو انهيار المبنى فى أقرب توقيت ممكن!، ولم يعد من المقبول ـ لا من منطلق العدالة المجردة، ولا من منطلق الإمكانية العملية ـ إلزامه بأن يتحمس لدفع نفقات صيانة قد تبلغ قيمتها عشرات أضعاف قيمة الإيجار السنوى وربما المئات فى بعض الحالات!!.. أما من ناحية المستأجرين فقد استكانوا بطبيعة الحال إلى الوضع الذى وجدوا أنفسهم فيه، وأصبح المبرر الذى يرضون به ضمائرهم هو أن المالك قد استرد ما يزيد على تكلفة المبنى من خلال الخلوات التى تقاضاها، وهو مبرر قد يكون صحيحا فى بعض الحالات بالفعل، لكنه لا يصدق عليها جميعا، خاصة إذا ما تذكرنا مافعله اللواء سعد زايد الذى تولى فى ستينيات القرن الماضى منصب محافظ أسيوط وبعد ذلك محافظ القاهرة والذى عرف بأنه مؤسس مدرسة تتسم بالخشونة فى اللفظ والفظاظة فى السلوك كان من أبرز تلاميذها اللواء زكى بدر، الذى شغل أيضا منصب محافظ أسيوط!!، فقد أعلن أنه لا يعترف بشىء اسمه الإجراءات القانونية، وأنه سوف يسترد كل مليم تقاضاه مالك من مستأجر بالجزمة القديمة، وقد نجح اللواء سعد زايد وحذا حذوه بعد ذلك عدد من المحافظين الذين قاموا برد الخلوات إلى من دفعوها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل