المحتوى الرئيسى

الخوف من أن يرث الإسلام الغرب دون طلقة رصاص (1) | المصري اليوم

03/19 00:59

كل شىء مسموح به في الحب والحرب والحملات الانتخابية، أو هكذا يبدو الأمر، فالتراشق الذي حدث بين أردوغان وسياسيين هولنديين يرجع إلى محاولة كل منهما كسب تأييد الناخبين بالعزف على أوتار العقيدة الدينية والمخاوف من المساس بها، خيرت فيلدرز السياسي الهولندي اليميني المتطرف كان حزبه «الحرية» ينافس على مقاعد البرلمان في الانتخابات التي أجريت مؤخرا في هولندا، وأردوغان يعمل بجد وحماس ليحصل على تأييد الأتراك، في الداخل والخارج، على التعديلات الدستورية التي سيتم الاستفتاء عليها منتصف الشهر القادم، والخاصة بتغيير نظام الحكم في تركيا، إلى النظام الرئاسي الذي يعطيه صلاحيات واسعة، وكلاهما استخدم الإسلام في حملته ليشيطن الآخر، فيلدرز طالب بطرد الإسلام من هولندا، وأردوغان اتهم قضاء الاتحاد الأوروبي بإطلاق «حملة صليبية» ضد الإسلام، الإسلام تحول، مع الأسف، لأداة يستخدمها الساسة لجمع أصوات الناخبين.

هل مخاوف اوروبا حقيقية تجاه الإسلام والمسلمين؟ الإسلام فوبيا أصبح ظاهرة لا يملّ أحد من تكرارها، كثرة ما يتم نشره من كتب ودراسات حول الإسلام وأخطاره على الغرب تشعرك بالريبة، تقرير معهد «بيو» الأمريكي Pew Research Center حول انتشار الإسلام وجد اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام الغربية، ويُذكر فيه أن الإسلام هو الدين الأسرع انتشارا في العالم، وأنه بحلول عام 2070 سيكون الدين الأكثر اتباعا، فيزيد أتباعه عن أعداد المسيحيين، لأول مرة منذ قرنين من الزمان، وهذا يعود إلى الزيادة في معدل المواليد بين المسلمين، وفى عام 2050 سيكون عدد مسيحيي بريطانيا وفرنسا أقل من 50% من السكان وكذلك أستراليا، ويتوقع أن يشكل المسلمون 10% من سكان أوروبا في نفس العام، ويتوقع أن يصبح شخص واحد بين 50 شخصا في الولايات المتحدة مسلما، هذه الأرقام تجعل من السهل على اليمين المتطرف في الغرب استخدامها وكأن الإسلام في منافسة مع المسيحية، وكأن المسلمين يزاحمون المسيحيين في أوطانهم ويكادون أن يرثوها دون جهد بذلوه، ويتناسى هؤلاء أن مسلمي الغرب مواطنون كاملو الأهلية، وأنه لا يوجد صراع هوية بين كونهم مواطنين غربيين وفي نفس الوقت مسلمين، أو هكذا يجب أن ينظر العقلاء إلى الأمر، الحديث عن المسلمين في ألمانيا أو بريطانيا أو فرنسا، يشعرك وكأن هؤلاء غرباء على البلاد وليسوا جزءا من المجتمع، وتكرار الشكوى من عدم اندماجهم في هذه المجتمعات بسبب الإسلام، يطرح سؤالا حول معنى الاندماج، فشأنهم شأن كل الأقليات في بلدان العالم، على سبيل المثال لا الحصر الهنود في بريطانيا، والصينيون ومواطنو أمريكا اللاتينية في الولايات المتحدة... إلخ، كل الأقليات تحافظ على جزء من موروثها الثقافي ولا يتم التعامل مع ذلك بانزعاج بل بالعكس يتم الترويج له باعتباره دليلا على التعددية واحترام الآخر، مادام ذلك يحدث تحت مظلة وطن واحد، يحترم فيه حرية العقيدة التي يروج لها الغرب، فلماذا لا يحدث ذلك في حالة المسلمين؟، المواطنة والإسلام لا تعارض بينهما، في الجيش الأمريكي جنود مسلمون حاربوا مع بلدهم ضد دول إسلامية، دون أن يجدوا تعارضا، فهم في الأصل امريكيون يدافعون عن مصالح بلدهم.

المسلمون في الغرب ملتزمون بقوانين البلاد، ويساهمون في نمو تلك الدول وازدهارها، وعقلهم أقرب إلى العقل الغربي منه إلى الشرقي نتيجة التعليم والثقافة، فالدين لا يؤثر في سلوكهم العام، وإذا تحدثنا عن المتطرفين منهم، فهم نسبة موجودة في كل الديانات والمجتمعات، لا فرق بين مسلم ومسيحي أو يهودي أو هندوسي أو بوذي أو ملحد.. التطرف واحد في كل الحالات.

المخاوف من التحولات الديموجرافية في أوروبا نتيجة تزايد أعداد المسلمين، يجب التعامل معها بحكمة ومنطقية، لو كان الغرب يصدق فعلا ما يصدره للعالم، عن احترامه للآخر، وحرية العقيدة والتعبير.

القارة العجوز حين فتحت أبوابها أمام المهاجرين بعد الحرب العالمية الثانية، لبناء بلدانها التي خربتها الحرب، استفادت من هؤلاء المهاجرين، الذين ساهموا في إعادة بناء هذه الدول، الحديث المتزايد عن الضيق من المهاجرين المسلمين في تلك البلاد، يضيف أسبابا جديدة لفشل الغرب في أن يقدم نموذجا أخلاقيا للعالم يحتذى به، وتبدو ازدواجية المعايير واضحة جلية، العولمة التي تم الترويج لها باعتبارها وريثة الأيديولوجيا، تبين أنها أكذوبة لا يراد بها سوى مزيد من الهيمنة الغربية على دول العالم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل