المحتوى الرئيسى

«شهاب» يروى شهادته عن استرداد طابا: «مبارك» رفض الحلول الوسط مع إسرائيل.. وقال بالحرف «هنرجّع الأرض بالتحكيم أو غيره»

03/19 10:07

«لا يكفى أن تكون صاحب حق، لكن يجب أن تكون قادراً على إثبات حقك»، هذا هو الدرس المستفاد من الانتصار القانونى والسياسى الذى تحقق فى قضية استرداد أرض طابا، بعد رحلة تفاوض وتحكيم دولى شاقة استمرت لأكثر من 7 سنوات بين عامى 82 حتى نطق حكم مصرية «طابا» فى 29 سبتمبر 1988، ورفع العلم المصرى على آخر قطعة أرض تم استردادها فى 19 مارس 1989. فى ذكرى هذا الانتصار، عاد الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولى، عضو اللجنة القومية لاسترداد طابا، بالذاكرة إلى الوراء 27 عاماً، ليكشف عن شهادته حول هذه الرحلة، منذ أول اجتماع للجنة مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حتى لحظة النطق بالحكم لصالح مصر من جانب هيئة التحكيم فى جنيف.

عضو اللجنة القومية لاسترداد «درة سيناء»: جلسة النطق بالحكم استمرت 20 دقيقة فقط.. وهتفنا داخل المحكمة «الله أكبر وتحيا مصر»

«الرئيس الأسبق مبارك كان حريصاً على التأكد بنسبة 100% من أن أرض طابا مصرية قبل اللجوء إلى التحكيم الدولى. وقال لأفراد اللجنة صراحةً: أريدكم أن تدرسوا بعناية إذا كانت طابا مصرية أم لا.

وسأعطيكم مهلة لتقرأوا وتبحثوا، كلٌ فى تخصصه، فإذا جاءت الإجابة بأنكم على اقتناع بمصرية الأرض فسوف نخوض المعركة بكل بسالة وشجاعة. وسنكافح بكل الطرق عن طريق التحكيم -أو غيره- فى سبيل أن نسترجع الأرض»، أوضح «شهاب» فى شهادته لـ«الوطن» أن هذه كانت الرسالة الأولى التى وجهها «مبارك» لأعضاء اللجنة بكامل حضورهم فى اللقاء الأول قبل خوض معركة التحكيم الدولى، وبعد انتهاء المهلة جاء الرد جازماً بأن طابا جزء من أرض مصر، فكان القرار ببدء المعركة الثالثة من معارك التحرير على المستوى القانونى والقضائى، وذلك بعد الانتصار العسكرى فى 73، والانتصار السياسى فى مفاوضات السلام، يقول: «كانت هذه المعركة القانونية القضائية حلقة أخيرة من حلقات تحرير أرض سيناء بعد الحلقة الأولى والثانية، والرأى العام كان مسانداً قوياً وأتذكر كيف كان المصريون مهتمين جداً بمتابعة سير الأحداث على مدار 6 سنوات، وكل قيادات الدولة كانت متكاتفة لتقديم الدعم إلى اللجنة القومية لاسترداد طابا، على رأسهم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذى كان حريصاً على أن يتابع بنفسه كافة خطوات ومراحل التحكيم للاطمئنان على سلامة الموقف المصرى وحسن التنظيم وإدارة القضية».

«مبارك» أخبرنا بأن إسرائيل عرضت عليه التسوية بعد الشعور بضعف موقفهم لكنه رفض وردّ عليهم «مش ممكن»

«شهاب» أوضح أنه عندما بدأ يتبين لإسرائيل أثناء التحكيم أن موقفها أصبح ضعيفاً، عرضت تسويات ودية وسطية، وتحدث «مبارك» ذات مرة إلى أعضاء اللجنة قائلاً: «الإسرائيليين بيكلمونى عايزين حلول وسط، وطمعانين تبقى الأرض تحت الإدارة المشتركة أو نصفها لإسرائيل ونصفها لمصر.. لكن أنا رفضت تماماً. قلت لهم مش ممكن»، مؤكداً أن الرئيس الأسبق كان حاسماً فى رفض الحلول الوسطية وكافة التسويات التى تم عرضها، لأن الأمر يتعلق بتراب الوطن.

وزير الشئون القانونية الأسبق، يسترجع تفاصيل الـ20 دقيقة فى جلسة النطق بالحكم، يحكى عن أهم ثلث ساعة فى حياته كأنها مرت قبل أيام قليلة، وليس قبل أكثر من ربع قرن، فيقول: «يوم 29 سبتمبر الساعة 2 ظهراً، نطق رئيس هيئة التحكيم وكان نرويجى الجنسية الحكم بعد أن قرأ حيثياته بالكامل، وفى نهاية قراءة الحكم وحيثياته ظهرت ممثلة إسرائيل وقالت هذا حكم ظالم وغير قانونى، فرد عليها بصوت العاقل والحكيم قائلاً: أعلم أنك ترفضين الحكم، ولذلك أعلنت أنه صدر بأغلبية 4 أصوات مقابل صوت واحد هو أنتِ كممثلة لإسرائيل. وليس من حقك أن تعترضى ونحن ننطق الحكم، ولكن لكِ أن ترفقى وجهة نظرك فى شكل تقرير يرفق بالحكم يعبر عن وجهة نظرك لكن لا يغير من الأمر شيئاً. فكان كلامه قوياً وحكيماً وهادئاً، وشعرت المُحكِّمة الإسرائيلية بالحرج فاضطرت أن تلزم الصمت». شعور كبير بالفرحة عقب الحكم التاريخى، يتحدث عنه «شهاب»: «شعرنا بالفرحة الشديدة، فكنا نشعر بأن هناك من يحاول أن يغتصب حقوقنا أمام أعيننا بادعاءات باطلة ومستندات غير أصلية وغير دقيقة، كان يعترينا شعور الغيظ والقلق والألم، وكنا موقنين أننا أصحاب حق، وأن المحكمة تتميز بالكفاءة والعدالة، لكن كانت هناك نسبة من القلق ولم نطمئن إلا بعد النطق بالحكم. وخرجنا عن شعورنا وهتفنا الله أكبر وتحيا مصر وطابا مصرية داخل مقر بلدية جنيف فى القاعة التاريخية. كان عددنا 25 مصرياً، وفى الوقت نفسه ظهرت علامات الوجوم والخيبة والحسرة على وجوه الإسرائيليين». خلال فرحة الفريق المصرى داخل مقر المحكمة فى جنيف، التفت «شهاب» إلى بعض الهمس بين أعضاء الفريق الإسرائيلى، ما زال يتذكر تلك الكلمات: «سمعت بأذنى عضواً فى الفريق الإسرائيلى اسمه روزيل شبطاى، هو المستشار القانونى للخارجية الإسرائيلية، كان يقول: لقد كنا نعرف أن طابا مصرية، ولكننا عندما قررنا الدخول فى التحكيم كنا نعتقد أن المصريين لن يستطيعوا حسن الدفاع الموضوعى عن قضيتهم، وبالتالى لن يوفّقوا فيها. لكن المفاجأة أنهم التزموا الأسلوب العلمى والقانونى وفاجأونا. كان يتحدث بحسرة وانكسار مثل شعورهم بالهزيمة فى أكتوبر 73».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل