المحتوى الرئيسى

تحميل طهران المسؤولية عن مصائب المنطقة كافة

03/17 18:03

رأت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" أن الورقة الإيرانية هي الورقة الأولى، التي قررت إدارة ترامب لعبها في المنطقة؛ مشيرة إلى سعيها لتشكيل تحالف عسكري-سياسي جديد ضد طهران.

تذكِّر الخطوات الأولى، التي بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاء الشرق الأوسط، بحركة لاعب قليل الخبرة، ولكن كثير الوثوق بنفسه. وعلى الرغم من أن فريقه لم يحدد تماما جميع نقاط جدول الأعمال الشرق الأوسطي، تسارع إدارته إلى بدء لعبتها الخاصة، وبمراهنات عالية. إذ إن الورقة الأولى، التي قررت أن تلعبها، هي – الورقة الإيرانية.

يجب القول إن ترامب كان قد أعلن عن موقفه السلبي والحاد من طهران مرارا أثناء حملته الانتخابية. وإذا كان باراك أوباما قد وضع روسيا في خانة الأعداء الرئيسين للولايات المتحدة إلى جانب "داعش" و "القاعدة"، فإن دونالد ترامب وضع إيران والإرهاب الدولي على قدم المساواة، وأكد أنهما – العدو الأساس للولايات المتحدة، وأعلن أن إيران تكاد تكون مذنبة في جميع مصائب المنطقة.

وقد انتهزت الإدارة الأمريكية فرصة اختبار إيران صواريخها المتوسطة المدى، لكي تفرض على الفور عقوبات جديدة ضدها، بذريعة خرقها شروط الاتفاق النووي. هذا، على الرغم من حقيقة عدم وجود أي خرق للاتفاق، وتأكيدات المختصين الأمريكيين وممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام إيران الدقيق والصارم بكل الشروط، التي أخذتها على نفسها. فقد صدَّرت إيران إلى الخارج وباعت 95% من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب. كما وضعت تحت مراقبة الوكالة الدولية ثلثي أجهزة الطرد المركزي، لكن ذلك كله، لم يحل دون تزايد حملة النقد القاسي والتهجمات غير العادلة ضد طهران من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

بيد أن أسباب المشكلات الإيرانية الحالية لا تكمن فقط في الحقد، الذي تكنه الولايات المتحدة لهذا البلد منذ أربعين عاما. فبعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979، تحولت إيران من حليف أمين لواشنطن وحلفائها على مدى أعوام طويلة، إلى عدو لدود للغرب. وأحدثت الثورة في إيران تغييرا جديا في ميزان القوى في المنطقة لم يكن في مصلحة الولايات المتحدة، وعمقت مشاعر الذل والهزيمة لدى الأمريكيين، بما يشبه تلك الحالة، التي مرت بها الولايات المتحدة بعد الهجوم الياباني على بيرل هاربور، وهزيمتها في فيتنام.

وعندما استولى حشد من المتعصبين على السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا الدبلوماسيين في داخلها، لم تستطع واشنطن أن تفعل شيئا لإنقاذ مواطنيها هناك. وباءت بالفشل العملية العسكرية، التي نظمها الرئيس الامريكي آنذاك جيمي كارتر لتحرير الرهائن. وفقدت القوات الأمريكية عدة مروحيات، بحيث أن القوات الخاصة الأمريكية، التي أُرسلت لإنقاذ الرهائن، كانت بحاجة إلى قوة أخرى من أجل إجلائها هي، ولم ينته ذلك من دون خسائر فادحة. لذلك، لم يغفر الأمريكيون والعسكريون منهم بالذات لإيران ما فعلته منذ ذلك الزمن. وهذا لا يعني بالطبع أننا نبرر هنا للإيرانيين ملهاتهم الشريرة إزاء السفارة الأمريكية.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الرؤساء الأمريكيون يصبون جل اهتمامهم على الانتقام من آيات الله، وإسقاط نظامهم، ومعاقبة إيران بطريقة ما. ومن أجل الانتقام، لجأوا الى تدبير الحرب الإيرانية-العراقية، وألبوا على طهران صدام حسين كقوة رادعة. وضخوا الأموال والسلاح إلى العراق بسخاء لا حدود له. بيد أن بغداد، التي أصبحت على خلفية هذه الحرب دولة إقليمية كبرى، خرجت عن طاعة محرضيها في حرب الأعوام الثمانية مع إيران. وفي محصلة الأمر، أدت تهديدات صدام حسين لإسرائيل والسعودية واحتلاله الكويت في عام 1990 إلى انهيار العراق ومقتل صدام حسين نفسه. وقد أدت هذه الأحداث أيضا إلى ظهور "داعش".

ومن نافلة القول إن الرئيس الأمريكي الوحيد، الذي فضل التفاوض مع إيران والاتفاق معها ضمن الحدود الدنيا، و "بالحسنى"، هو باراك أوباما، الذي توصل مع قادة أوروبيين آخرين وبوساطة روسية حثيثة إلى صفقة مع طهران حول برنامجها النووي. ولكن الاتفاق، منذ لحظة الإعلان عنه لم يتعرض فقط للنقد الشديد داخل الولايات المتحدة نفسها، بل وأدى إلى تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل - للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين. ولم يكن الإسرائيليون وحدهم المستائين من الاتفاق، بل شاطرهم هذا الموقف السعوديون.

وفي المقابل، لقي موقف ترامب السلبي من إيران ترحيبا في إسرائيل، التي وضعت دائما مسألتها الأمنـية في المقام الأول. إذ إن الإسرائيليين يرون أن الصفقة النووية مع طهران لم تأخذ بعين الاعتبار المصالح الإسرائيلية، وأن إيران سوف تصنع قنبلتها النووية في أول فرصة سانحة. وتل أبيب لا تثق بالوعود الإيرانية بشأن تخليها عن برنامج السلاح النووي. وهذا الموقف الإسرائيلي من إيران تطابق وللمرة الأولى بالكامل مع موقف السعوديين، حيث صرح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في مؤتمر الأمن، الذي عقد مؤخرا في ميونخ، بأن إيران تقوض مواقع السعودية في المنطقة. وبدوره، وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إيران بأنها "الممول الوحيد للإرهاب في العالم".

ومن الواضح أن موسكو لا توافق على هذه التقييمات، أو بنحو أدق على الهجمات، التي تتعرض لها حليفتها، التي بذلت الكثير من أجل دحر الإرهاب العالمي. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف بأن موسكو "لا تعدُّ إيران دولة إرهابية"، وبأن روسيا تقف ضد إلغاء الصفقة النووية مع إيران. ويساندها في موقفها هذا، كل من ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، الصين والأمم المتحدة على الأرجح.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل