المحتوى الرئيسى

النبي يوسف.. هل بنى مدينة الفيوم أم عاش في الجيزة؟

03/17 12:29

اختلف المؤرخون والأثريون حول المكان الذي عاش فيه النبي يوسف، والذي جاء إلى مصر فتى، وكبر وترعرع ثم تقرب من عزيز مصر إليه وجعله حارساً على خزائن الأرض، ولكن أين عاش سيدنا يوسف، وأين تكمن الحقيقة..

يرجّح البعض أن النبي يوسف عاش في مدينة بر رمسيس القديمة، وهي الآن محافظة الشرقية لأن يوسف جاء إلى مصر عن طريق حورس وهو طريق حربي قديم كان يمتد على طول الساحل الشمالي لسيناء في عصر الهكسوس الذي يعتبر عصر الانتقال الثاني، وأقام بمدينة بر رمسيس القديمة التي كانت مركزاً لهم، إذ أنهم لم يبسطوا نفوذهم على كل ربوع مصر، ويدلل هذا الرأي بأن يوسف بيع بدراهم وهي عملة الفرس في ذلك الوقت، وليست عملة المصريين الذين كانوا يتعاملون بالمقايضة.

أما الحاكم الذي قرّب يوسف له لم يكن مصرياً، وإنما كان من الهكسوس ولقبه كان عزيز مصر كما ورد في القرآن، ولو كان حاكماً مصرياً لقيل له فرعون مثل فرعون موسى، وهناك اجتهادات عن المكان الذي عاش فيه النبي يوسف، ففي الأقصر توجد مجموعة من مباني الطوب اللبن قيل إنها مخازن كان يخزن فيها يوسف الحبوب أثناء المجاعة، بالإضافة إلى مبان أخرى في منطقة العزيزية بالجيزة، وهو ما عززه اكتشاف لوزارة الآثار عن اكتشاف مجموعة من المباني المتجاورة في عاصمة الهكسوس القديمة، مما دفع أثريين للقول إن هذا الاكتشاف ربما يفك لغز إقامة النبي يوسف في مصر.

لكن بعض المؤرخين ذكروا أن يوسف وصل إلى مصر في عهد الملك أبو فيس أشهر حكام الهكسوس، وادعوا أنه ظل في الحكم لمدة 26 عاماً وبالتحديد من عام 1876 إلى 1850 قبل الميلاد، وهؤلاء وقعوا في خطأ لأن الملك المذكور كان معاصراً للملك المصري سقننرع، أي من عام 1574 حتى عام 1560 ق.م، ما يعني أن هناك خطأ يقرب من ثلاثة قرون من التاريخ الذي ذكره هؤلاء المؤرخون.

و دخول يوسف كان في نهاية حكم أسرة مصرية صميمة، وكان ذلك قبل بدء المجاعة والجفاف، مما يعنى أن يوسف جيء به إلى مصر قبل حكم الهكسوس، وكان دخوله إلى البلاد طبيعياً في ظل ظروف سياسية غير مضطربة، والأرجح أن يكون الهكسوس اجتاحوا مصر أثناء وجود يوسف في السجن، ويبدو أنه كان هناك اضطراب في الحكم المصري، بدليل وجود ساقي وخباز الحاكم بالسجن، في إشارة إلى مؤامرة لتسميمه.

وبعض المؤرخين يروا أن النبي يوسف عاش في الفيوم، لأنه عاش في مصر في عصر الدولة الوسطى التي كانت في حالة من الازدهار، وفي ذلك الوقت كانت الفيوم مليئة بخيرات الأرض وبها كثير من مخازن الغلال، ولكنها اجتهادات غير موثقة، علماً أن فرضية أن النبي يوسف كان يعيش في مدينة الفيوم تتفق مع مرويات شعبية أوردها كثير من الرحالة والمؤرخين العرب في هذا السياق، بعدما تأثروا بالموروث الشعبي المتخم بالحكايات التى ربطت بين المدينة ويوسف.

ويقول الرحالة التركي أوليا جلبي الذي زار مصر في سبعينيات القرن السابع عشر في كتابه سياحتنامه مصر إنه لما كانت مصر أرض الجبارين، فقد غادرها يوسف إلى وادي الفيوم حيث الهواء المنعش والجو اللطيف، فسر بها واعتزم الإقامة فيها، وبنى المدينة في ألف يوم، فسميت الفيوم تصحيفاً من الف يوم.

وذكر المؤرخ المصري ابن إياس في كتابه بدائع الزهور أن يوسف بنى مدينة الفيوم، وقيل إنها بنيت بالوحي إليه على لسان جبريل، ثم عمرّها في مدة يسيرة، فلما تم بناؤها، ركب ونظر إليها الملك وصار يتعجب، فقال ليوسف هذا كان يعمل في ألف يوم فسميت بذلك الفيوم، ولكن يرى البعض أن إن المصريين عرفوا تخزين الحبوب قبل مجيء يوسف إلى مصر بزمن طويل، إذ عثر على وثائق من عصر الأسرة الحادية عشرة تذكر أن مجاعة حدثت في مصر، وأن المصريين احتاطوا لذلك فبنوا مطامير لتخزين الحبوب في مدينة الفيوم، بلغ عددها 165 مخزناً يعود تاريخها إلى الألف الخامسة قبل الميلاد.

كما عثر في مكان آخر بالمدينة على مطامير أخرى يعود تاريخها إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وكانت هذه المطامير ذات سعة محدودة وتخص إنسان ما قبل التاريخ، وكانت سعة الواحدة منها لا تكفي سوى أسرة واحدة لبضعة أيام..

على صعيد اخر يرى بعض المؤرخين والأثريين أن النبي يوسف عاش في منطقة سقارة، مستندين في ذلك إلى قصة المجاعة التي حدثت في أيامه، لأن الملك بطليموس الخامس دشن نصباً حجرياً في جزيرة سهيل بالقرب من جزيرة إلفنتين في أسوان عام 187 ق.م، وعليه نقش يروى قصة مجاعة حدثت في عهد الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة، عندما روى همومه من جراء تردي الأوضاع في مصر.

وربط البعض بين هذا النقش وهرم زوسر المدرج في سقارة واعتبروه بمثابة مخازن الغلال التي استخدمها يوسف، إذ يُشبّه مبنى الهرم المتعدد الدرجات بسلة القرابين اليومية التي ظهرت في الحياة اليومية في عصر الفراعنة، وكانت مصممة على شكل هرم وتوضع فيها القرابين من خبز وفاكهة، واستند الأثريون في رؤيتهم هذه إلى أن الهرم لم يكن قبراً، وأن عدد الغرف داخله بلغت عدة آلاف، وجميعها خصصت للتخزين..

ولكن يشير البعض أن الهرم المدرج عثر بداخله في وقت لاحق على تابوتين من المرمر، وآلاف الأواني الحجرية الخاصة بالدفن، وكذلك أربع حجرات مخصصة للدفن، وباقي الفراغات عبارة عن ممرات خصص معظمها لتخزين الأواني الجنائزية، كما أن علماء الآثار والحفارين الذين عملوا بالهرم لم يكتشفوا أي أثر لحبة قمح فيها..

ويمكن القول ان النبي يوسف كان يتنقل فى أرجاء مصر، لأن فرعون عيّنه حارساً على خزائن الأرض، ولا توجد نصوص تاريخية أو نقوش أثرية توضح أين كان يعيش بالضبط، ولا يوجد في علم الآثار ما يشير إلى شخص اسمه يوسف من الأساس، وبالتالي فإن البحث عنه يعد نوعاً من العبث.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل