المحتوى الرئيسى

أسيوط: خطف الأطفال «كابوس» الآباء والأمهات.. والمسيحيون «الصيد الثمين»

03/17 10:10

ما زالت جرائم خطف الأطفال بأسيوط واحدة من أهم القضايا التى تؤرق المواطنين بالمحافظة، خاصةً الأثرياء منهم، حتى تحولت إلى ما يشبه «الكابوس المزعج» للآباء والأمهات، بعد أن انتشرت كالنار فى الهشيم، عقب «ثورة 25 يناير 2011»، وما تلاها من فوضى وانفلات أمنى، وزادت فى السنوات الثلاث التى تلت الثورة، حتى بلغت ذروتها عامى 2012 و2013، ووصلت لدرجة مكالمات التهديد عبر المحمول، وتطورت إلى حد عثور «الشخص المستهدف» على خطابات تهديد تضعها «عصابات» الخطف فى محله التجارى، لمطالبته بدفع مبلغ مالى «فدية»، مقابل سلامته، واستمرت معدلات الجريمة فى الارتفاع حتى عام 2015، لأسباب عديدة، أولها انشغال الأمن فى «محاربة الإرهاب»، إلى أن بدأت هذه المعدلات فى التراجع مع بداية عام 2016.

وتشكلت فى أسيوط العديد من عصابات الخطف، غالبية أعضائها من المسجلين خطر والخارجين عن القانون، كوسيلة لابتزاز الأثرياء وميسورى الحال، بل وحتى محدودى الدخل، وعلى الرغم من تحرير عشرات المحاضر، والقبض على عشرات التشكيلات العصابية التى تخصصت فى هذه الجرائم، إلا أن هذه الجرائم ما زال الكثير منها مستمراً، كما أن بعض هذه العصابات ما زالت تزاول نشاطها حتى الآن، وبحسب ما أكد مصدر أمنى لـ«الوطن»، فإنه منذ ثورة يناير وحتى الآن تلقت الأجهزة الأمنية المئات من بلاغات الخطف، أغلبها يكون ضحيتها من الأطفال من عمر 5 إلى 11 سنة، واحتل الريف المرتبة الأعلى فى معدل انتشار الظاهرة، نظراً لتدنى مستوى الخدمات، وتفشى الفقر مقارنة بالمدن.

مصدر أمنى: بلغ ذروته فى 2013 لابتزاز الأثرياء ووصل إلى محدودى الدخل وتقلص فى 2016.. والفدية والانتقام والخلافات الشخصية أبرز الدوافع

ومع تزايد حالات اختفاء وخطف الأطفال فى مختلف مراكز أسيوط، لجأت بعض السيدات إلى إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعى، تحت عنوان «أولادنا خط أحمر»، بهدف توعية غيرهن من الأمهات بكيفية المحافظة على أطفالهن وحمايتهم من الوقوع فريسة لجرائم الخطف، التى تعددت أسبابها، وإن كانت نتيجتها فى معظم الأحيان واحدة، فمنها ما يكون بقصد الحصول على «فدية»، وهى السمة الغالبة فى معظم الجرائم، ومنها ما يكون انتقاماً من المخطوف أو أحد أقاربه، أو قد تكون بسبب خلافات مالية فى بعض الأحيان الأخرى.

وبالنسبة للجرائم التى يكون دافعها «الفدية»، فإنه فى حالة رفض الأهل دفع المبلغ المطلوب، غالباً ما يكون مصير الضحية القتل، مثلما حدث فى واقعة اختطاف الصبى «ع. أ. م»، 15 سنة، طالب بالصف الثالث الإعدادى، عندما قامت مجموعة من أصدقائه باستدراجه، لمساومة أهله عليه، وطلب فدية نصف مليون جنيه، بعد معرفتهم بأن والده يعمل فى إحدى دول الخليج، وخوفاً من افتضاح أمرهم قاموا بذبحه وإلقائه على أحد الطرق القريبة من قريته «كودية الإسلام»، التابعة لمركز ديروط، إلا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف جريمتهم وإلقاء القبض على عدد منهم، وتواصل ملاحقة باقى المتهمين.

كما يُعد المسيحيون فى أسيوط الأكثر عرضة لجرائم الخطف، خاصةً فى مركزى ساحل سليم ومنفلوط، حيث تقوم العصابات بمساومة أسر الضحايا للحصول على مبالغ مالية طائلة، وفى بعض الحالات انتهى مصير بعض الضحايا بالقتل، إما بسبب عدم قدرة ذويهم على تدبير الفدية المطلوبة، أو تأخير دفعها عن الموعد المتفق عليه، وتُعد «عصابة أشرف حلاقة» أشهر عصابات خطف وابتزاز المسيحيين فى ساحل سليم، حيث بلغ عدد الجرائم التى ارتكبتها تلك العصابة، منذ «ثورة 30 يونيو 2013»، وحتى إلقاء القبض عليه فى مارس 2015، نحو 20 قضية متنوعة ما بين خطف وقتل وسرقة بالإكراه وحريق عمد وإطلاق أعيرة نارية، وأكثر هذه الجرائم كان المجنى عليهم من المسيحيين، ومن أبرزها جريمة اقتحام منزل عائلة «لطفى دميان»، بعدما رفض أبناء العائلة دفع «الإتاوة»، التى كانت تفرضها عليهم العصابة، وكانت النتيجة اقتحام المنزل، وقتل اثنين من أفرادها، وهما «عماد لطفى دميان»، عضو اللجنة العليا بالحزب المصرى الديمقراطى، وابن عمه «مدحت صدقى دميان». كما ظهرت بعض التنظيمات الإرهابية التى اتخذت من خطف وابتزاز المسيحيين وسيلة لها لتمويل نشاطاتها الإجرامية، وكشفت جريمة اختطاف «أمير موريس»، صيدلى، من داخل صيدليته بقرية «تاسا»، بمركز أسيوط، عن إحدى هذه الجماعات. ولم تكن الفدية وحدها السبب وراء جرائم الخطف، ولكن قد يكون الانتقام سبباً رئيسياً وراء وقوعها، بل كانت فى أحيان أخرى لخلافات مالية بين أهل المخطوف والخاطفين، ومن هذه الجرائم ما حدث مؤخراً، عندما أقدم مهندس وشقيقه، طالب بكلية الهندسة، على خطف صاحب محل مجمدات، لمساومة شقيقه على سداد مبلغ 1.5 مليون جنيه كان قد اقترضه من المختطف وامتنع عن سداده، رغم صدور أحكام قضائية ضده بأبوتيج فى محافظة أسيوط.

وقد يكون دافعها أيضاً خلافات عائلية وأسرية، مثلما حدث فى الواقعة التى شهدتها منطقة «فريال» بدائرة قسم ثان أسيوط، فى سبتمبر الماضى، عندما قام شخص يدعى «أحمد. ش»، بمعاونه شخصين، باقتحام عمارة سكنية تقطنها زوجته وأهلها، وقت صلاة الجمعة، وخطف نجله، وقام بعض الأهالى بالاتصال بالنجدة، ولكن دون جدوى. كما أن السينما كان لها دور بارز فى تطور جرائم الخطف، خاصةً التى تكون بقصد الفدية، وظهر ذلك جلياً عندما قام شقيقان جامعيان من القوصية، بتكوين تشكيل عصابى مكون من 4 أشخاص، واختطفا طفلاً على غرار فيلم «أولاد رزق»، حيث قطعا جزءاً من إصبعه، ووضعاه أمام أحد المساجد، لإجبار جده على دفع فدية مليون جنيه، وتم تحرير الطفل المخطوف عقب اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن وأفراد التشكيل العصابى، بمدافن قرية «الزرابى»، التابعة لمركز القوصية.

عصابات تخصصت فى خطف الأطباء فى ساحل سليم.. وأخرى تخطف حديثى الولادة من المستشفيات.. وسيدات المحافظة تطلق حملة «أولادنا خط أحمر»

وظهرت فى أسيوط عصابات تخصصت فى خطف الأطباء، خاصةً فى ساحل سليم، وبدأت بقيام ملثمين باختطاف الدكتور «محمد القبانى»، إخصائى الجراحة بمستشفى ساحل سليم، من داخل عيادته المجاورة للمستشفى، عقب توثيقه بالحبال وإطلاق أعيرة نارية بطريقة عشوائية، فى ظل غياب الأمن، وطالب الأطباء وقتها بتوفير الحماية الأمنية لهم داخل المستشفيات، وتكثيف الوجود الأمنى بشوارع ساحل سليم.

ولم تقتصر جرائم الخطف بأسيوط على خطف الأطفال فقط، بل امتدت إلى حديثى الولادة، ومن بين هذه الحالات ما وقع بمستشفى صحة المرأة، التابع لأسيوط الجامعى، فى أغسطس الماضى، من وقوع حادث اختطاف لمولود عقب ولادته بيوم واحد، أثناء احتجاز والدته بالعناية المركزة ووجوده بصحبة جدته، بينما نفى المستشفى وأكد أنه قام بتسليم المولود إلى والده، ويدعى «سيد أحمد محمود»، عامل باليومية، يقيم بمركز أبنوب، الذى أكد أن ابنه اختطف من مستشفى المرأة بأسيوط، بعد ولادته بيومين، حيث تم اختطافة من جوار جدته، وأن جريمة الخطف وقعت رغم وجود أطباء وعاملين داخل المستشفى، وأن أحد شهود العيان من داخل المستشفى أكد أن هناك سيدة شوهدت وهى تخرج من الحجرة، التى كان يوجد فيها المولود.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل