المحتوى الرئيسى

ألوان الوطن| بالصور| تاكسي على هيئة مكتبة.. "ناصر" يرفع شعار "القراءة خير من الرغي"

03/16 10:17

في وقت الذروة.. الزحام.. والمسافات الطويلة، يفرض الملل سيطرته على الجالسين داخل السيارة الأجرة البيضاء، وترتفع حدة الزفير، بينما يتسلل الضيق رويدا رويدا إلى نفس الراكب وهو يراقب زيادة المال في "العداد" فيما يستمع إلى ثرثرة السائق التي لا تنتهي و"غير المهمة" إلى أن تنتهي رحلته داخل شوارع القاهرة، ربما يعدّ ذلك أمرا يوميا معتادا بالنسبة للكثيرين من الركاب والسائقين، إلا أن "ناصر أبو المجد" قرر تحطيم تلك الصورة وتحويل سيارته الأجرة إلى "واحة للقراءة".

تختلف سيارة "ناصر" عن غيرها من السيارات الأجرة، فالكراسي الأمامية مغطاء بمكتبة بلاستيكية، تحتوي جيبوبها على مجلات وكتب تسلية وجرائد يحرص على تجديدها ليلا فور صدور الأعداد اليومية الجديدة قبل انتهاء عمله، فهي عادة ثابتة لديه منذ مايو 2011 وحتى الآن، بجانب الحلوى وزجاجات المياة، ليضفي جوا من التغيير والترفيه على الزبائن بدلا من الثرثرة ولكسر الملل والضيق في المسافات الطويلة وشوارع القاهرة المزدحمة.

لم يكن ذلك التغيير وليد الصدفة مع الرجل الخمسيني، فهي عادة اكتسبها وطورها من خلال عمله بالدول الخليجية منذ أكثر من 20 عاما، فبينما كان في الثالثة والعشرين من عمره عمل بمهنة "سائق التاكسي"، ثم انتقل إلى مندوب لتوزيع الجرائد بالسعودية ومنها إلى الكويت التي مكث فيها 11 عاما، عمل فيهم كسائق لدى إحدى الشركات الضخمة التي كانت تحرص على الاهتمام بموظفيها وتوفير وسائل الراحة لهم حتى في تنقلاتهم من خلال الجرائد والمجلات والكتب داخل سيارتها، وهو ما شجع "ناصر" على القراءة بشكل يومي أثناء انتظاره للعاملين، وسرعان ما أثار إعجابهم فحرصوا على منحه المزيد من الكتب بشكل مستمر.

حصيلة ضخمة من الكتب العلمية والترفيهية، كونها ناصر أثناء وجوده بالخارج وفور عوته سارع تطبيقها في مصر، في خضم أحداث ثورة "25 يناير 2011"، فعقب شرائه التاكسي حرص على الحصول على المكتبة البلاستيكية للمقاعد ووضعهم بها بجانب الجرائد والمجلات، الذين يشتريهم في طريق عودته ليلا إلى منزله بحدائق القبة من أقرب بائع للجرائد أو أثناء انتظاره في إحدى إشارات المرور، فيتصفحهم سريعا ثم يتركهم للزبائن كخدمة مجانية داخل التاكسي، على حد قوله.

بعد أن حوّل ناصر سيارته الأجرة إلى مكتبة، حاز على إعجاب كل الركاب الذين يبدون سعادتهم الشديدة بهذا الأمر "وأهو أريح من وجع الدماغ ورغي السواقين"، فينشغلون خلال الطريق في القراءة ومتابعة الأخبار، إلا أنه رغم ذلك لم يسلم من حوادث السرقة، حيث قال ناصر لـ"الوطن"، أنه في إحدى المرات اكتشف اختفاء كتاب ترفيهي من السيارة بعدما كان أثار إعجاب إحدى الراكبات بشدة ورفض إعطاءها إياه.

يحرص الرجل الخمسيني على قراءة الأخبار السياسية والعالمية والرياضية بشدة بين صفحات الجراءة لكي يظل "على الخط"، ومتابعا جيدا لآخر المستجدات بالبلاد ونقلها إلى أولاده الأربعة وزوجته، حيث لا يتسنى له مشاهدتها عبر شاشات التليفزيون.

أكد السائق ناصر أن الأمر لا علاقة له بمنافسة شركتي "أوبر" و"كريم"، مضيفا: "أنا بعمل كده بقالي أكثر من 6 سنين، إنما الشركات التانية دي لسه مبقالهاش سنة ولا حاجة"، خاصة بعد التأثير السلبي الضخم من قبل الشركتين على التاكسي الأبيض، قائلا: "الأرزاق دي بتاعة ربنا مش بإيديهم هما، وإحنا 92 مليون دلوقتي وربنا كريم".

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل