المحتوى الرئيسى

شعبان يوسف يكشف لـ"محيط" خطايا يوسف إدريس!

03/16 04:35

الكتاب يكشف نرجسية يوسف إدريس

الراحل ألّف كتابين لأنور السادات.. وساهم في إقصاء مصطفى محمود

تشاجر مع كرم مطاوع..واستقوى بالسلطة

“دوماً يلقي حجراً مياه راكدة”، هذا بالضبط ما يفعله الشاعر والناقد الكبير شعبان يوسف بكتاباته الأخيرة، فها هو كتابه الصادر مؤخراً “ضحايا يوسف إدريس وعصره” يثير جدلاً كبيراً بين المثقفين خاصة في المناقشة التي أقامها المجلس الأعلى للثقافة للكتاب.

“محيط” حاور صاحب الكتاب الذي أكد أن الهدف من الكتاب هو إنزال يوسف إدريس على الأرض بعيدا عن كونه أسطورة أو شخص مثالي أو كما يحب أن يروج محبيه أنه لم يرتبط بالسلطة وهذا غير حقيقي.

وعبّر صاحب الكتاب عن دهشته لأن المثقفين لا يزالون يختلفون حول أن وجود إدريس لم يظلم أحد وأن الموهوب يقاوم أي شئ، نافياً ذلك بقوله: هذا لا يحدث بالطبع فهناك كتاب يعيشون بين ظهرانينا ولا يزالون يعانون من التهميش.

ويؤكد أن الملفات الساخنة يجب أن تفتح وتناقش، لأنها ليست ابنة الماضي فلا زالت تلقي بظلالها على الحاضر فهو يكتب للحاضر والمستقبل كما يقول.

وعن جديده المنتظر كشف أنه بصدد إصدار سلسلة صور عن كتاب مجولين، فهو مشغول بالمهمشين، وكتابه القادم سيكون عن “أدباء أسقطهم التاريخ”.

في البداية سألناه عن اختياره لشخصية يوسف إدريس للكتابة عنها فقال: كان عام 1954 عاما ثريا فى إصدارات القصة القصيرة منها على سبيل المثال لا الحصر “العشاق الخمسة” ليوسف الشارونى، و”عمّ فرج” لنعمان عاشور، و”أرخص ليالى” ليوسف إدريس، ثم توالت على مدى العقد مجموعات قصصية منها “جنة رضوان” لمحمود السعدنى، إلا أن أشهرها كانت مجموعة إدريس بما لها من ذيوع وتناول من النقاد آنذاك ومن الباحثين الأكاديميين ودارسى القصة القصيرة حتى الآن.

كانت مجموعته “أرخص ليالى”، البوابة الكبرى التى دخل منها يوسف إدريس إلى ساحة المجد، وعندها توقف نقاد كثيرون، وكتبوا مقالات ودراسات، وعقدوا ندوات ومناقشات، وبدأت الدولة نفسها تلتفت لهذا الصوت الذى صعد من بين كافة الكتّاب بهذا الشكل.

السؤال لماذا تصدر يوسف إدريس المشهد بكل هذا الحضور الطاغى وصار الآخرون برغم مواهبهم التى لا تقل عنه مجرد ظلال؟!.

يتابع: يوسف إدريس حالة وحده لم يتكرر، فهو كاتب قصة مهم، استطاع استقطاب واستبعاد كتاب كُثر، لذلك فهو ظاهرة خاصة منذ بدايته عام 1950 حين نشر أول قصة له بعنوان “أنشودة الغرباء” وبالتحديد عام 1949.

فهو ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية في نفس الوقت، وعن إثارة الكتاب للجدل يقول شعبان أن الكتاب لاقى ترحيباً وليس هجوماً فقط، حتى أن البعض اعتبره مديحاً بحق يوسف إدريس، قائلاً أن الكتاب يمتدح بالفعل إبداعه، فلا يوجد فصل من فصوله الـ16 إلا ويؤكد على موهبته.

الأمر يتلخص في أن النقاد والكتاب والباحثين ركزوا فقط على يوسف إدريس وهمشوا الآخرين، لأن السلطات السياسية اختارته ليكون وجهتها وهو ارتضى، وبالتالي أصبح في بؤرة الضوء والباقين مجرد ظل!. فكان الاهتمام به 100%.

حتى أن النقاد وضعوا تقويماً للقصة القصيرة؛ قبل يوسف إدريس وبعده، وتم التأريخ لكتابة القصة القصيرة بدءاً من كتابات يوسف إدريس، رغم أن هذا ليس صحيحاً.

اليسار كذلك ساهم في تهميش الآخرين، فقد كان يعلي من شأن اليساري يوسف إدريس ويحتفي بكتاباته ويتعامل معه باعتباره أسطورة لم تتكرر.

ويدلل يوسف على الاحتفاء بإدريس دون سواه، بصدور مجموعة “أرخص ليالي” في أغسطس 1954 والدعاية التي تمت لها خاصة في صحيفة “روزاليوسف” الذي كان إدريس مشرفاً على القسم الثقافي بها، مقارنة بمجموعة يوسف الشاروني المهمة “العشاق الخمسة” التي صدرت في ديسمبر من نفس العام ولم يلتفت إليها أحد. قائلاً أن إدريس كان مقرب إلى السلطة فكان دوماً في دائرة الضوء، فقد كان السلطة تستقطب المثقفين و”تبروزهم” ليكونوا واجهتها في المؤتمرات.

بالبحث يكتشف شعبان يوسف مغالطات تاريخية فيصححها في كتابه المثير، منها ما قاله الناقد فاروق عبدالقادر من أن قصص يوسف إدريس مصرية خالصة، وما سبقه من قصص كان يدور في القصور المخملية ولا يعبر عن واقع مصر، وهو أمر غير حقيقي، مثله مثل من يقول أن إدريس هو أول من استعمل العامية في قصصه، وهوأمر غير صحيح بالمرة، فهناك كتاب تعاملوا بالعامية من قبله.

وضمن المغالطات التاريخية أيضاً – كما يكشف شعبان يوسف - ما جاء في ببلوجرافيا التي أعدها حمدي السكوت ونسب فيها قصة لإدريس وهي في الأصل من تأليف يوسف الشاروني!.

ومن أكبر المغالطات التي يكشفها الكتاب ما ذكره مؤرخ ثورة يوليو أحمد حمروش أن السلطة أعتقلت يوسف إدريس عام 1955 بسبب قصة “الهجانة” التي رأت السلطة أن بها هجوماً عليها، ويزعم حمروش أن إدريس سُجن عاماً، رغم أنه لم يغب عن الحياة الثقافية سوى أسابيع قليلة، حتى أن التاريخ الذي ذكره حمروش لاعتقال إدريس، كان حينها إدريس يمثل الدولة في مؤتمر بدمشق!.

ويروي شعبان أن إدريس استقطب للسلطة منذ عام 1956، حتى أنه عمل مع أنور السادات وألّف له كتابين، أحدهما عن الاتحاد القومي، والثاني عن قناة السويس باللغة الإنجليزية، حى أن إدريس قال في حواره مع رشاد كامل والذي ضمه كتاب بعنوان “ذكريات مع يوسف إدريس” أنه ربطته علاقة قوية مع السلطة وتم حمايته من قبلها بشكل ما.

وهو الحوار الذي وصف فيه نفسه بأنه الثاني في التاريخ بعد تشيكوف في كتابة القصة القصيرة.

أمر آخر يرويه شعبان عن يوسف إدريس، وهو أنه لم يرفض جائزة مجلة “حوار” اللبنانية التابعة للمخابرات الأمريكية، والتي اختارته للفوز بجائزتها التي هاجمها الكثير حينها، إلا بعدما وفرت له السلطة المصرية مبلغ الجائزة وهو 2500 جنيهاً وهو مبلغ طائل عام 1965.

واعتبر صاحب الكتاب أن مسميات من قبيل “أمير القصة القصيرة، وملك القصة” وغيرها من الأسماء هي محاولة “لأسطرة” إدريس، مؤكداً على أهميته ككاتب أحدث رافداً مهماً في القصة القصيرة، لكنه لغى آخرين ليس بفعل إبداعه بل بفعل سياسي شديد واستقطابي.

ويؤكد شعبان أن الكتاب يتحدث عن الذين سقطوا في فضاء يوسف إدريس، منهم فاروق منير وسليمان فياض وكاتب مهم اسمه “محمد صدقي” صاحب مجموعة “الأنفار” وهي مجموعة مهمة قدّم لها محمود أمين العالم، لكن تم تهميشه واستبعد.

ويحكي شعبان أيضاً عن د.مصطفى محمود الذي ظُلم كثيراً بسبب طغيان يوسف إدريس على الحياة الأدبية، فمصطفى محمود لم ينتم لشلة سياسية، وكان مع نعمان عاشور وألفريد فرج ممن انسحبوا من كتابة القصة بسبب الاحباط من التهميش لصالح يوسف إدريس.

ويرى شعبان أن إدريس مسئول عن تهميش غيره لأنه كان يستقوى بالسلطة أحياناً، كان عصبياً أيضاً فيروي صاحب الكتاب أنه حين اختلف مع كرم مطاوع مخرج مسحريته “الفرافير”، إذا به يوم العرض الأول للمسرحية يصطحب مقعداً ليضعه فوق المنصة ويجلس لمنع بدء العرض!.

كما أنه هاجم نجيب محفوظ بعد حصوله على جائزة نوبل، وقال أنه فاز بها لقبوله معاهدة السلام وليس بسبب إبداعه.

واعتبر شعبان يوسف أن وجود إدريس في صحيفة “الأهرام” بجانب محمد حسنين هيكل وكبار الكتاب حينها عضد من شأنه، فقد ساندوه كثيراً، بالإضافة إلى المناخ غير الديمقراطي والاستقطابي حينها، كما أن المجتمعات العربية تميل لصنع “أسطورة” لبعض الكتاب. وحظ يوسف إدريس هذا ناله أحمد عبدالمعطي حجازي في الشعر، وعبدالحليم حافظ في الفن، وموجودة في المسرح بدرجات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل